(٣٤ ) وفُتحت أبواب الماضي

ابدأ من البداية
                                    

ولم يشعر إيفان بالوقت الذي جلس به هكذا حتى وجد أحد الأجساد تجذبه صوب صدر حنون وصوت هامس يخبره :

" عزيزي هل أنت بخير ؟!"

رفع إيفان عيونه ببطء صوب ذاك الصوت ليبصر سالار، صديقه المقرب والذي كان يرمقه بشفقة وحنان، في هذه اللحظة لم يجد إيفان أنسب من صدر سالار لينفجر في البكاء عليه بحسرة وقد رنت اصوات بكائه في المكان بأكمله ...

وكأن ما حدث بالماضي داخل عقل إيفان، انعكس في الحاضر، إذ تحرك سالار بسرعة يجذبه لصدره وهو يشعر بما يمر به فهو منذ طفولته لم يهنأ بحياة عادية هادئة، جذبه له يقول بصوت منخفض :

" إيفان يا عزيزي "

رفع إيفان عيونه لسالار يهتف بنبرة امتلئت بوجع يكاد سالار يقسم أنه لم يسمعه بصوت إنسان من قبل، نبرة من أدرك للتو ما حدث حوله وما يدور، عقل إيفان حسبها بشكل سريع وهو يجمع كل الخيوط يتحدث بوجع متمنيًا أن يكون ما فهمه خاطئًا :

" لو أن ما افكر فيه صحيح، إذن والدتي كانت حية بين أيديهم كل تلك السنوات، و...تلك الفتاة إن كانت هي نفسها الطفل الذي كانت تحمله وقت الهجوم إذن هي تماثلني بالعمر تقريبا، لكنها ...لكنها تبدو أصغر من ذلك، هي اصغر من أن تكون في عمر الثلاثين، و...هي إن لم تكن شقيقتي من أبي إذن هي شقيقتي من والدتي و........."

ازداد احمرار وجهه ليهتف قبل أن ينهار باكيًا بإدراك لفكرة كونها عقله في ثواني :

" كانت بين أيديهم وانتهكوها، يا ويلي "

انهار إيفان ارضًا بعنف بينما سالار انهار معه يضمه له بقوة وصوت صرخات إيفان وبكائه ترن في المكان وهو فقط يضمه كما الماضي، صورتان متجاورتان لنفس المشهد، لكن الوجع اختلف، الوجع أضحى اسوء أعمق .

وصوت بكاء إيفان اختلف بكلماته المكسورة :

" انتهكوها وكسروني، يا ويلي "

ضمه له سالار بقوة وهو يربت على ظهره بصمت وقد شعر بالوجع والدموع تحرق عيونه، يبصر قهر الرجال قولًا وفعلًا، صديقه الشامخ الذي كان يأبى طوال حياته منذ نضج أن يظهر فقط نظرة ضعف لأحدهم، ها هو ينتحب بين أحضانه بقهر ووجع .

فاللهم نعوذ بك من قهر الرجال .

تنفس وهو يحاول أن يهدأ إيفان بكلمات هو نفسه غير مقتنع بها :

" إيفان، هل سنفترض افتراضات الآن ونتوجع منها ؟؟ علينا التأكد في البداية من كل ذلك، أنت لم تستبق حكم شيء من قبل فما لك تفعلها الآن ؟؟ "

رفع إيفان عيونه له يقول :

" كل شيء يقود لتلك الحقيقة، يا ويلي لو صدقت سأتحطم لاشلاء "

رفض سالار تلك الكلمات وهو يضمه أكثر:

" الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ولو حدث وصدقت كل تلك التكهنات، فهذا لأن الله اعلم مني ومنك وكلفك ما تستطيع تحمله، والآن انهض لنفهم ما يحدث هنا "

مملكة سفيد " أول الآثمين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن