(١٩) فتنـة وصفعـة

34.4K 3.9K 2.6K
                                    


تصويت للفصل قبل القراءة ...

صلوا على نبي الرحمة .

مساء الخير..
«وإنَّ المَرْءَ في دُنْيَاهُ ذِكْرَى
فَدَعْ للناس خَيْرَ الذِّكْرَيَاتِ!».

___________________

وعدتُكِ..أنْ لا أعودَ .. وعُدْتْ.

وأنْ لا أموتَ اشتياقاً..ومُتّ.

وعدتُ بأشياءَ أكبرَ منّي فماذا بنفسي فعلتْ؟

لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصدقِ، والحمدُ للهِ أنّي كذبتْ....

— نزار قباني

أن تظل تركض حياتك كالاعمى تتخبط في الجميع بحثًا عن روحٍ فقدتها في زحام الآلام، روحٌ سُلبت منك دون إرادتك، روح أبت الحياة أن تتركك تحتفظ بها، تركض ركض الوحوش في البرية لأجل أن تعثر على نصفك المفقود، وفجأة تشعر بصاعقة تضربك حين تراه ...

من عشت حياتك بأكملها تركض بحثًا عنه كان هناك يراقبك من بعيد، ما يزال في نقطة البداية يلاحقك بعيونه، كان جوارك دون أن تلاحظه، أو يحاول حتى هو تنبيهك بوجوده وكأنه استمتع برؤيتك تتخبط، استمتع برؤية معاناتك...

ارتجفت يد برلنت بين أصابعه وهو يحدق بعيونها التي تظهر من اللثام، وإن تغيرت جميع ملامحها كيف تفعل عيونها ؟!

وتلك الشامة على معصمها ..

كيف، كيف استطاع تجاهل هذه الأعين حتى لو لم يرها يومًا عن قرب، كيف لم يشعر بها ؟!

بيرلي كانت أمامه؟؟ أمامه ومنذ سنوات طويلة، سنوات لا يدرك حتى عددها؛ لأنها ببساطة لم تشفق عليه و تظهر أو ينتبه لها إلا منذ اسابيع فقط .

كان يشدد دون وعي على ذراعها، ينظر لعيونها وهو يرتعش من هول ما يعيش به، زوجته التي عانى أربعة عشر عامًا يتجرع مرارة فراقها كانت على بُعد خطوات منه تعيش حياتها دون أن تفكر يومًا في الاقتراب منه وأخباره عنها ؟؟

ارتجفت شفاهه لا يصدق أنه ينطق اسمها أمامها بعد كل تلك السنوات  :

" بيرلي ؟!"

أغمضت برلنت عيونها بقوة تبكي وهي تنفي برأسها، تنفي ما أكدته جميع حركاتها وردات فعلها، تنفي ما أثبتته نظراتها تحاول الحديث من بين شهقاتها تجذب يديها منه بصعوبة، تحاول الهروب منه وكأن أربعة عشر عامًا لم تكن مدة كافية للهرب :

" لا، لا لستُ... لستُ ..."

ولم تتمكن من إكمال جملتها تلك، بسبب شهقاتها التي قطعت حديثها وهي تنهار ارضًا بقوة ليترك هو ذراعها وقد أصابته صدمة جمدته ارضًا يراها تنحني ارضًا باكية بصخب :

" أرجوك... أنا آسفة تميم .. أنا آسفة، اغفر لي..تميم أنا آسفة "

تراجع تميم للخلف بصدمة كبيرة وهو يشعر بالوجع، وجع كبير ينخر قلبه، نظر حوله متمنيًا أن يكون حلمًا، الفتاة التي عاش حياته يحلم فقط بأن يلقاها ولو صدفة.

مملكة سفيد " أول الآثمين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن