(٣٤ ) وفُتحت أبواب الماضي

ابدأ من البداية
                                    

" لصة "

كلمة نطقها العريف بأعين معاندة مصرة دون أن يخشى شر إيفان المرعب الذي يلتمع في عيونه، يبتسم له مكملًا :

" هذه المرأة مجرد مجرمة لصة سرقت طفل من والدته ومن بعدها تخلصت منها، أي أنك الآن تنادي امي للمرأة التي قتلت والدتك بدم بارد ."

شحب وجه إيفان وقد بدأت يده تترك ثياب العريف ببطء، يشعر أن المكان يدور حوله، هو يكذب عليه ؟؟ لكن كيف والعريف لم يفعلها يومًا هو ليس ذلك الغر أو المخادع و...هي أمه ؟؟ هو يتهم والدته الآن بأنها لصة وقاتلة ؟؟

دارت الغرفة بإيفان حتى أنه كاد يسقط ارضًا لولا يد العريف الذي امسكه بسرعة وهو يهمس له برعب :

" مولاي .."

نظر له إيفان يحاول إبعاده عنه بعناد :

" أنت فقط تحاول خداعي؟؟ أنت فقط تلفق تهم لا يتقبلها أي عقل فقط لتصل لهدفك "

نظر له العريف بشفقة وقد أبصر في عيونه نظرات توسل ورجاء، يترجاه بصمت أن يجيب بالموافقة ويخبره أنه محق وأن كل تلك الكلمات لا تعني شيئًا .

لكن العريف في هذه اللحظة كان مصرًا على تحطيم ذلك السور من الأوهام الذي احاطته به شهرزاد .

" كل كلمة قلتها هي حقيقة مولاي، والدتك ليست شهرزاد اللعينة، بل هي الملكة آمنة "

شحب وجه إيفان أكثر يستدير صوب العريف يهمس بصدمة أخرى:

" آمنة ؟! زوجة أبي الثانية !!"

" ووالدتك، الملكة آمنة هي نفسها والدتك الحقيقية "

شعر إيفان أنه عاش عمرًا طويلًا كالمغيب، المرأة التي كان يسمع كل ليلة شهرزاد تبكي وتلعن بها، وتتهمها أنها سرقت منها زوجها وحتى بعد موتها لم ينسها وصنع لها محراب لعشقها، كانت دائمًا تردد أنها فقدت تقيّ الدين يوم فقد هو آمنة، تلك المرأة التي مقتها لأنها سلبت سعادة شهرزاد هي نفسها والدته ؟!

المرأة التي كان يسمع والده يصف حبها ليل نهار والدته ؟؟ المرأة التي رحل والده مبتسمًا فقط لأنه علم أنه سيلقاها في الحياة الأخرى والدته ؟؟

سقطت دموع إيفان واخيرًا ينهار ارضًا ببطء وقد جاءت كلمات العريف التالية من بعيد وكأنه يتحدث له على بعد أميال كثيرة :

" إن لم تصدقني سآخذك للمرأة التي بدلت بينك وبين شقيقتك من شهرزاد، هي ستخبرك بكل ما خططت له شهرزاد، تلك القذرة وضعت ابنتها المريضة والتي ولدتها مبكرًا عن قصد في فراشك لتقنع والدتك أنها أنجبت فتاة، واخذتك هي لتربيتك، ومن ثم تخلصت من والدتك ولم تهتم أن ابنتها الحقيقية قُتلت ذلك اليوم أيضًا وكاد والدك يُقتل في نفس اليوم كذلك "

كانت كلمات كثيرة تحدث بها العريف وهو يرى إيفان الساقط ارضًا مستند على الفراش ينظر أمامه بنظرات غريبة، يحدق أمامه بشكل بدا له كما لو أنه انفصل عن الواقع .

مملكة سفيد " أول الآثمين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن