(٣٣) جميعنا آثمون

ابدأ من البداية
                                    

ابتسم له أرسلان ببساطة :

" لك كلمتي ألا يمسك سوءًا مني أو رجالي حتى تخرج من المملكة "

وهذا كان أكثر من كافيًا لتنتفض أجساد الرجال راكضين بسرعة مخيفة خارج القصر غير مصدقين لما سمعوا، لكن حتى ولو كان فخًا فسوف يحاولون الفكاك منه، كانوا من اليأس الذي جعلهم يفتحون ابواب القصر الداخلية وينطلقون للساحة دون أن يمسهم أحد رجال أرسلان كما وعدهم .

كل ذلك وارسلان يراقبهم من نفس الشرفة التي كان يتخذها بافل نقطة ليراقب بعيونه معاناة شعبه، ها هو يقف يراقب بها نهاية قومه .

اتسعت افواه الرجال بسعادة كبيرة يبصرون باب القصر الخارجي يقترب منهم، وأصوات الحرية تناديهم من خلفه، لكن لم يكادوا يصلوا صوب تلك البوابات حتى وجدوها فُتحت فجأة، وكأن ابواب الجحيم فُتحت عليهم ليروا سيل من شعب مشكى ينتظرونهم أمام بوابات القصر بنظرات قاتلة وعيون متقدة بالكره والغضب والمقت، أجساد مشتدة وعروق نافرة وثأر يلتمع بالاعين، الآن وقد حان وقت القصاص، جاء كل من فقد عزيز ليأخذ بثأره، الصدور كانت ممتلئة بغضب لا مثيل له ..

صدح صوت أرسلان الجهوري في المكان وهو يتمسك بإطار الشرفة :

" اخبرتكم أن ثأري ليس معكم، ولا أنا أو أحد رجالي سيمسكم بسوءٍ، لكن هم ....هم ثأرهم معكم وهم شعبي وليسوا جنودي، لذا لعنة الله عليكم جميعًا إن ظننتم أنني سأسلب شعبي حق القصاص لذويهم، لتحترقوا في الجحيم مع امثالكم من الكفار "

صمت ثم أطلق صرخة غاضبة :

" خذوا ثأركم، لا تدعوا تضحية ذويكم تذهب هدر "

وبهذه الكلمات أعلن أرسلان بداية طوفان شعب مشكى، الذين عانوا لشهور طويلة، حتى فاضت كؤوس صبرهم.

بكاء الليالي ودعوات القهر وصرخات الوجع ومشاهد الموت كلها مرت أمام أعين شعب مشكى الذين فاضوا كالسيل على من تبقى من رجال بافل .

صرخاتهم التي كانت تصل لارسلان في الاعلى جعلت ملامحه تزداد تجمدًا حتى سمع صوت بارق خلفه يقول :

" والآن ماذا أرسلان ؟؟"

طالت نظرات أرسلان لبلاده التي تحولت لخراب، دمار ومنازل مهدمة، لقد جعلوا البلدة كبلدة اشباح، بلاده التي كانت عنوان الرخاء أضحت مقابر جماعية لساكنيها ..

استدار أرسلان ينظر خلفه لرجال شعبه الذين تحولوا لجنود ومقاتلين بتدريب من المعتصم والذي كان أحد قادة جيش سفيد الأقوياء، ابتسم له أرسلان يقول بنبرة ابعد ما تكون عن بسمته :

" الآن سنعيد بناء مشكى على أنقاض رجال بافل..."

___________________

" قائد الجيوش يطلب الأذن في رؤيتك مولاي "

مملكة سفيد " أول الآثمين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن