١

27.4K 413 54
                                    

الشرقية - الخُبر

الفجرية
رفع نظره لسماء الصافية و خيوط الشمس الدافئة ، وانزل نظره على الشبّك اللي قدامه مايتكلم ولا يهمس بهمس يضمن بقاء السمك ، لين مضى فيه الوقت وشاف التيّار معود وابتسم يناظر لسمك يبدأ يحاول يتحرر من الشِباك لكن بيدينه وقوته رغم كبره وشيب شعره قدر يسحب الشِباك ويتعنى بتعب وظيفته من كان شاب لين غزى الشيب شعره ، ردد باتساع : يالله يا كريم عسى التيّار ماخيب امالي
سحب شباكه بتعب وابتسم وقت انزلها على قاربه الصغير اللي عاش و عمر معه يشوف انواع الاسماك فيه ويردد : ضحك لك الموج اليوم يا عُمر ماخيب امالي البحر ويوم خيبها رجع باكر يعتذر ..
عود ادراجه ينظف شباكه ويجمع اسماكه قبل مايروح يبعيهم وقبل مايبيعهم لازم ينتظر الرجل اللي كل هالعُمر ماخيبه وخيره سابق عليه يعطيه دوم قبل كل الخلايق وقبل مايعودّ لدياره ..

وقف يحمل ربحه من البحر ، ربحه الحلال ثمنه عرق جبينه وتعبه ، وابتسم وقت وقفت امامه سيارة سوداء خلفها سيارتين ونزل السواق يفتح الباب قبل ما يبان له زول الرجل الشديد ذو السُلطة والمكانة الكبيرة الواء السابق سِطام آل بارق صاحب ثلاث ارباع التجارة والمعروف في كل مكان يذكر خيره قبل اسمه ..
ابتسم عُمر يتقدم له مردف : ليه تتعب نفسك اروح لك انا قبل الخلايق
ابتسم بهدوء يرد عليه بصوته الجهوري : مابه تعب يا ابو ماسّة
ابتسم يقدم للحارس انواع السمك اللي يحبها مردف : خابر اللي تحبه التّيار اليوم ماخيب امالي
كيف ابتسم سِطام بهدوء همس : ما يخيب تيّار الأمل عُمره ما خيبه ..
عطه حقه رغم رفض عُمر الدائم يردد : جمايلك غطت طولي اعتبره حق اللي عطيتني
لكنه رفض يناوله حقه وغادر وابتسم عُمر يرفع نظره لسماء ويرفع جواله العربي الصغير بيده يحاول يدور على رقمها يتصل وابتسم وقت همس : مرجاني ؟

في الجانب الاخر ..

ذاك البيت الصغير العتيق بجدرانه اللي كانت مطليّه بالمودة و الآلفة والمحبة ، بيت يسكنه البنات ماتطيح جدرانه .. ابتسمت مرجان ترد على زوجها عُمر اللي كانت من أعظم الصدف ان ياخذ الصياد مرجان !
ونطقت بعد كلامه : ماودك تمّر تآكل معانا وتعودّ تبيع السمك ؟
ابتسمت لانه نطق باتساع : مرجاني ودها مايردها الصياد
قفلت وهي تبتسم من رقة الحياة معه لانها راهنت عليه عند اهلها ، راهنت ان الصياد بيعيشها افضل من عيشة ولد الاكابر و ماخيب املها طول الثلاثين سنه الماضيه ..
رفعت نظرها لماسّة اللي دخلت تفك حجابها وبيدها بنتها الصغيرة وابتسمت تنطق : حي الله حفيدتي ليونه
كيف اشارت ماسّة لبنتها بيدها تنطق : وين سماعتك !
وبدأت تدور في شنطتها وناولتها لبنتها اللي كانت تبلغ من العمر سبع تعاني من ضعف شديد بسمع وسبب لها ضعف بالكلام لانهم اكتشفوا متأخر مشكلتها ، لبستها والتفتت لجدتها اللي عادت الكلام : تعالي ليان تعالي
ركضت لها وابتسمت تحضنها تقبل خدها مردفه : زوجك داوم بدري اليوم ؟
تقدمت ماسّه تكفكف بلوزتها بعد ماكشرت : اي وظيفته المئه عساها ثابته بس تعبت يمه تعبت لا هو اللي عيشنا زين بماله ولا هو اللي خلاني اشتغل
تنهدت مرجان مردفه : الله كريم يمه مصيره يتعدل طلعي الطماطم قطعيها بسوي لابوك شكشوكة بطماطم يحبها
ابتسمت ماسّة مردفه : البنات نايمين ؟
رفعت نظرها مرجان لساعه المعلقة ونطقت بضحكة : خمس دقايق وتسمعين الصراخ
وقبل ماتمر حتى انتشر صوت لؤلؤة اصغرهم اللي كانت باخر سنه بثانوي تدخل بتذمر : ليه حنا ندرس ؟ ليه نصحى سته ليه ليه ؟ مين قال سلاح المرأة شهادتها ليه مو سكين ليه مو مسدس ليه شهادة يعني اذا هجم علي حد بطعنه بورقه مابي ادرس مابيييي
ضحكت مرجان بفقدان امل : نفس الاسطوانة كل يوم روحي صحي اختك بس
ابتسمت ماسّة مردفه : يا زينها نوني الوحيدة اللي درست بحب وشغف وتوظفت يارب اشوفها محققه كل احلامها
تقدمت لؤلؤة تفتح الباب لابوها وقت كانت بتحضنه نطق : لالا ثيابي متوسخه ولابسه حق المدرسه يبه خليها بوسه من بعيد
ضحكت تساعده ودخل مبتسم يشوف بناته و زوجته وهمس : وين مَنارتي ؟
ضحكت ماسّة : مَنارتي بعدين يقول انا اعدل بين بناتي
ضحكت لؤلؤة مردفه : اللي اعرفه اخر العنقود اللي هو انا يتدلل الا ببيتنا الوسطانيه تدلل
ضحك وقت نطقت مرجان : معليك منهم عُمر روح بدل ثيابك و مَنارتك تصحى من نفسها ..

أعظم من مُوجز الأخبار بعين المغترب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن