أشارت مسعدة باتجاهٍ مخالف تقول بتلعثمٍ : - لاه يا نضري بس دارنا جريبة من إهنه، وكت محتاچة أفوت أچيب حاچة لزماني ضروري من إهناك وهتدلى الوحدة طوالي.

أومأت همس بتفهمٍ، تقول باهتمامٍ:
-As you like Honey
-بس بليز خدي بالك من نفسك.

ابتسمت عينا مسعدة عاكسة تلك البسمة العذبة التي ارتسمت على ثغرها وأخفاها نقابها عن الأعين، تقول بمحبةٍ وود:
-وأنتِ كمان خلي بالك من نفسك وما تعوجيش علينا.

وهناك مَن فتح الباب المجاور له يتحين ترجل تلك المنقبة التي لم يعرف عنها سوى اسمها الذي رددته همس، وبالأساس هو غير مهتم لمعرفة المزيد.
كل ما يهمه الآن هو معاودة الجلوس إلى جوار همسه كما كانا طوال رحلة قدومهما إلى هنا حتى توقفا لدى مجيئهما بالأمس عند الاستراحة التي عاهدها بها أنه سيخرج من حياتها إلى الأبد بعد أن طالبته بتنفيذ وعده بتطليقها.

عازمًا على أن يصنع ذكرى أخرى لهما بنفس المكان ليمحو قسوة الأخرى فبالرغم من أنه هادنها حينها إلا أنه لم يكن على استعدادٍ لتنفيذ ما عاهدها عليه ولو وضع السيف على نحره، سيموت ولكن سيظل اسمها مرتبط باسمه لآخر نفس له بالحياة، وكانت هذه أول مرة يقطع فيها وعداً على نفسه وداخله عاقد النية على التنكيس بما عاهد.

شعر مصطفى بالغيرة لما لقبت به مليكته رفيقتها الجديدة ولكنه بادر بالصعود إلى جوارها ما إن رحلت مسعدة، يجلس بوجهٍ متجهم مما أثار دهشة همس التي سألته باستغرابٍ : - مالك يا مصطفى؟! مش أنت اللي طلبت نرجع إسكندرية عشان نبلغ مامي نجوى وعمو، وتقولهم ينزلوا معانا البلد هنا عشان يحضروا الفرح.

ناظرها مصطفى بطرف عينيه يومأ بعبوسٍ لذيذ، ومن ثم أشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى عاقدًا ذراعيه أمام صدره يتجاهل الرد على استفسارها بالكلمات مما جعلها تعاود التفكير بالأحداث القليلة الماضية علَّها فعلت ما ضايقه عن غير عمدٍ، ولكن حساسيته الزائدة باتت تقلقها.
بينما انطلق بهما السائق يعلم وجهته، في حين أن أخذ مصطفى يختلس النظر إليها عبر المرآة الأمامية التي عكست تشتتها وعندما احتارت كي تجد تفسيرًا لتحوله هذا، عاودت سؤاله بحيرة:
- ممكن أفهم أنت مقموص ليه دلوقتي؟

اقتربت السيارة من الاستراحة ذاتها المتواجدة على مشارف كفر الزيدي الواقع بحدود المحافظة على أول الطريق الصحراوي، فأجفل السائق عندما أمره مصطفى بصوتٍ أجش :
-على إيدك هنا يا أبو الأسطوات هننزلوا الاستراحة نجيبوا شوية تسالي لزوم الطريق.

السائق بسماحةٍ : - عنينا ليك يا كبير.

صف السائق سيارته تحت تململ همس، ومن ثم فتح مصطفى الباب المجاور له يترجل من السيارة دون التفوه بكلمة، فزفرت همس بإحباطٍ، تهم بالنزول وهي تناديه : - مصطفى!!

ابتسم هذا المشاكس بلؤمٍ محبب وتوقفت خطاه استجابة لندائها بل كل ذرة به كانت في حالة انتباه.

وعد ريان بقلم أسماء حميدة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن