31

447 11 0
                                    

،



الجزء الواحـد والثلاثـون



كانت نائمة على يمناه.. يتأمل وجهها المسالم والهادئ جدًّا
لحظات نومها.. هي اللحظات الوحيدة التي يعيشها معها بهدوء

فهي شديدة المشاكسة، والمرح، والدلال.. وكأنها دخلت حياته لتنفض الغبار عن ثلاثينه الماضية، وزواياها المملة والرتيبة


مرر أصابع يده اليسرى على وجهها.. يتأملها بابتسامة وحب بالغ

بشرتها شديدة البياض، تعكس عرقها الشامي.. وجنتيها الورديتين، وشعرها البني بتعرّجات خفيفة.. أعجوبة

ولو أنها لا تلبّي معايير مجتمعه الجمالية.. والتي تتلخص بالعيون السوداء الواسعة، والأنف البدوي الشامخ

إلا أنه يراها فائقة الجمال.. تعجبه.. تلائم ذوقه
يشعر بأنه واقعٌ تحت سحرها الشامي
ملامحها ناعمة جدًّا.. وكأنها وردة نديّة

كان يمرر أصابعه على وجهها باندماج تام وخفة.. وكأنه إن ضغط سيجرح ناعم خدّها الوردي



صرخت فجأة: بووووووووو

فز غديّر برعب: بسم الله الرحمن الرحيم.. ولعـ.... الله يغربل الشيطان اللي فيج.. انتي تبين تذبحيني

ماتت من الضحك: ههههههههههههههههههههههههه هه ويهك ههههههههه مستحيل

قال بغضب: انتي مينونة؟ مب صاحية؟ فيج شي؟ صدقيني مب صاحية

ريّان تمسح دموعها: هههههههههههههههههههه آآه قلبي بموت من الضحك شو هاااد

أمسك بها يثبّتها ويعضها: تضحكين هاه

صرخت بألم: آآآآآه غدووووور وجعتني

عض خدها: ولا كلمة.. اشوفج انتي اصغر عن عفاري اختي.. لازم اعاملج نفس معاملة اليهال

كانت تحاول دفعه بعيدًا.. ولم تستطع زحزحته أبدًا لثقله: قوووووم يااا دب والله بخبر عمتو

غديّر: خبريها قوليلها غديّر يعضني

نظرت إليه بمكر: تراني بسويها لا تعصب بعدين وتقول فضحتيني

غديّر قام عنها: ليش خليتي شي أنتي


سمع هاتفه يرن.. فالتقطه بسرعة وهو يستلقي بجانبها

غديّر: مرحبا السااع حي الله أم غديّر.. تونا على طاريج

أم غديّر: مرحبا مليون يالغالي.. ان شاء الله على خير؟

غدير: محد كفو يطريج بالشر يالغالية

أم غدير: شحالك أنته وحرمتك طمني عنكم

غديّر: طيبين ولله الحمد من صوبج يالغالية؟

أم غديّر: الحمدلله رب العالمين.. علوم السفرة

غديّر: علوم الخير يا أم غديّر.. كل يوم طلعات خفيفة سيرة وردة.. يعني.. مغامرات

أم غديّر: ان شاءالله ما تعبتك ريّان

غديّر ينظر إلى ريّان المترقبة: لا الحمدلله مصطلبة.. يالس لها بعصاه

ضحكت أم غديّر: طوّل بالك على البنت تراها دلوعة وأرق عن الورد

غديّر: لا تحاتين ريّان في عيوني.. عيل بعطيج اياها ترمسينها




.
،





فتح عينيه بفعل شعاع الشمس القوي المسلّط على وجهه
رفع رأسه عن الوسادة ليشاهدها تقلّب قنوات التلفاز بالجهاز بملل

رمى الغطاء واتجه إليها بابتسامةٍ ناعسة: صباحي هالويه السمح

ابتسمت له: صباح النور حبيبي

قبّل رأسها: واعية ماشاءالله

سوادة: هي توهم غيّرولي المغذي

حرّك بصره إلى الإبرة المثبتة في يدها: أجر وعافية حبيبي.. كيف أصبحتي؟ ان شاءالله أحسن

سوادة: الحمدلله خف عني الصداع وأحس عمري أحسن.. بس هالابرة لوعت بچبدي.. كل ما حركت ايدي صوب نغزتني

قرواش: أجر وعافية يا قلب قرواش.. فيني ولا فيج يالغالية

سوادة: بسم الله عليك.. كله بأجره على قولتك

تمتّح/تمدد قرواش بكسل: أنا جسمي تكسّر من هالكنبة.. حشى طول الوقت لاف جسمي ولا بطيح

سوادة: قلتلك ارقد في الشبرية اللي برع اريح لك.. بس معاند.. الله موسّع علينا هالجناح ليش راص عمرك هني؟

قرواش: أنا مضاربنهم ومزلزل المستشفى البارحة عشان أبات وياج.. شو الفايدة ابات برع

سوادة: راسك يابس

قرواش اتجه إلى صينية الفطور: عشانج بس.. تريقتي؟ اييبلج ريوقج

سوادة: لا ما تريقت.. اسحب الصينية هنيه بنتريق ويا بعض

قرواش: زين حبيبي

قالت: مرت علي الدكتورة.. مال الشفت الصباحي

رفع نظره إليها باهتمام: هي.. وشو قالت؟

سوادة: ماشي تقول بنتم تحت الملاحظة لين يستقر ضغطي ويهدا نبضهم

قال بقلق: ما قالت شي ثاني؟ أنتي شو تحسين؟ عادي ما يخوّف الوضع؟

سوادة: ان شاءالله ما يخوف.. لا تحاتي أنته قو قلبك

قرواش قهقه: أنا اكتشفت إن الموضوع يوم يكون يخصج مافيه قوة قلب أبدًا

سوادة ضحكت: ههههههههههههه ما توقعتك خواف بصراحة.. بدال لا تهدّيني أنا اهدّيك

قرواش بمزح: انااا وبعدني!!! .. شو بعد خواف.. احترمي نفسج

سوادة غمزت له: هههههههههههه عادي محد يسمع

قرواش تنهد: ان شاءالله يطلعونج بسرعة.. اليلسة في المستشفيات اتييب الهم

سوادة: والله تبا الصدق يلستك ما لها داعي.. أنا يتابعوني ويعالجوني أنته على الفاضي
سير تمشى اطلع ويا ربعك ورد عقب.. حق شو حابس عمرك عندي؟


قرواش: اششش.. بيلس عندج لين تطلعين ان شاءالله.. بس بسير اييبلنا ثياب وبرد ان شاءالله

سوادة بحب: ما انحرم منك يارب





*
،






كنَّ جالسات بعد صلاة العصر في أحد المجالس الداخلية للفيلا، والمطلة على الصالة الرئيسية، ويحول ما بينهما باب زجاجي مزخرف

صحيح بأنهم في بلاد الغرب، وأغلب ما حولهم لا يتنساق شكليًّا مع ما يأكلون.. إلا أن المأكولات الإماراتية التقليدية كانت حاضرة بشكل يومي على مائدتهم

خصوصًا في هذا الوقت، مع دلات الشاي والقهوة

كان الوقت بعد صلاة العصر، بعد أن تفرّقت أغلب العائلة، ولم يتبقّى سوى نساء عائلة بو سلطان، ووالدته



قالت سلامة تحادث صغيْرة: وانتي متى بتردين لريلج؟ مب چنج مصختيها؟



رفعت صغيْرة عيونها بتوتّر لسلامة.. ثم أخفضتها مجدّدًا.. لا تحب الحديث عن زواجها مع أي أحد.. وخصوصًا نساء العائلة

لا زالت من الأساس لا تصنّف نفسها امرأة متزوجة معهن.. ولا تستطيع مشاركتهن الأمور النسائية كما تفعل أغلب النساء المتزوجات




قالت أم سلطان: خليها هذي لحد يرمسها ولا بتاكلنا بقشورنا هي وابوها



عقدت صغيرة حاجبيها برفضٍ لما تقول.. لا يُعجبها أن الانتقادات بدأت تطولها بسبب حياب، وهي المنزّهة!



سلامة بامتعاض: البزا هذا أعوذ بالله منه "أردفت وهي تنظر إليها بنبرة قليلة الحدّية" ترا مافي ريال زين، تحملي مينونج لا ييج اللي أين عنه

أم سلطان بهدوء: في رياييل زينين وفيهم الخير يا بنتي.. لا تخربين مخ أختج بهالرمسة.. تراها مب ناقصة

سلامة: وينهم هالرياييل الزينين؟ أنا ما اشوفهم بصراحة.. كلنا ندري إن مافي قاعدة تتعمم لكني لليوم ماشفت ريال زين.. كل الحريم يشتكن مافي وحدة مرتاحة

الجدة: وأنتي تاخذين برمسة الحريم؟ هالحريم مكّارات أمكر عنهن ماشي.. ما يطلعن الا الشين والعيب، وتخش الزين عندها تخاف من الحسد

ضحكت لطيفة: ههههههههههههههه والله صدقج امايه.. خاطري أشوف وحدة تمدح ريلها من بوالخيول

الجدة: هي والله.. منو ياخذ برمستهن؟
يوم بتخبرج عن مشكلة ويا ريلها.. يالله عاد اسمعي الخريط "الكذب" بتطلع عمرها الزينة وهو فيه كل العيب
هذا وانتي تعرفينها أم لسان ومعاشرتنها.. لكن يوم تستوي مشكلة وياه هو بالذات سبحان الله تطلع عمرها البريئة "أشرت على صغيرة" شرات هذي هاه


قالت صغيرة بزعل وبصوت منخفض: أنا شو يخصني الحين!


قالت لطيفة بتفكير: هو اكيد مافيه ريال مافيه عيب، لكن في الريال الزين بعيوب تتحملينها وفي اللي ما يتعاشر

سلامة: هي بس في النهاية مجبورة تتحملين عيوبه عشان تعيشين

أم سلطان: مثل ما هو متحمل عيوبج.. كلنا فينا عيوب محد خالي

كانت سلامة تتحدث بحساسية بالغة: بس ساعات تكون عيوبه هو أكثر بوايد.. بس تتحملين لأن الحياة چذي.. صعبة ويبالها صبر.. مب كل ما استوت لج مشكلة ركضتي بيت أهلج
لو لا الصبر چان ما قام أي بيت


أم سلطان أيدتها: عين العقل.. الصبر مفتاح الحياة
الدنيا كلها ابتلاءات
إذا ما كان البلاء في الريل يكون في الأهل، ولا في العيال، ولا في المال، ولا الصحة
الواحد ما يروم يشرد عن أي مشكلة تستوي له ولا ما بيعيش



شاهدن سلامة تقطع الحديث، وتركض فجأة إلى الباب الزجاجي

قالت أمها: بسم الله شو ياج؟

سلامة تؤشر على الخارج: سلطان


حاولت اللحاق به، رأته يمشي مع وديمة وكأنها تودعه

قالت سلامة بابتسامة: سلطان حبيبي حياكم داخل.. محد غريب بس نحن وأمي صغيرة

لفّ نظره عنها وقال باختصار: مستعيل

سلامة أمسكت بعضده توقفه: سويت كيكة التمر اللي تحبها.. تحيد؟ "تذكر"
كنت دوم تقوللي أسويلك اياها

نظر إليها نظرة مطولة، ثم ابتسم بسخرية وهو يمشي: توج تتذكرين

لحقت به وديمة ولكنه اوقفها بكلمة: لا تتدخلين


واتجه إلى باب الفيلا ليخرج منها



زمّت وديمة شفتيها: لا تزعلين حبيبتي شوي مستعيل هو

سلامة بهدوء: ما قال شي غلط.. صدقه.. توني اتذكر إن عندي أخو؟

صمتت وديمة

سلامة بتفكير: دامه تكلم يعني متويّع (متوجع) وايد.. أدريبه

هزت رأسها بإيجاب: قبل ما كان يخبركم بعد؟

سلامة: أبدًا.. من يومين استوت لي مشكلة ويا ريلي.. وهو دافع عني.. ما قال شي لكن مجرد إن ريلي شاف سلطان واقف وياي زاغ، وما اتوقع يقدر يأذيني
حس إن عندي سند

قالت وديمة وهي تربّت على يدها برقة: الاخوان لبعض يا حبيبتي.. مهما استوت بينهم مشاكل ما لكم غير بعض.. الله يصلح ما بينكم

سلامة: ادري بتقولين ماحسيتي بقيمته الا الحين.. بس والله لا.. عمري ما نسيته
امايه يابتنا أنا وسلطان ومايد الله يرحمه ورا بعض، يعني كبرنا ويا بعض
كيف انسى اخوي؟ والله مانسيته، ولا يهون علي

"تنهدت" لكن شسوي.. عشان عيالي
ريلي وسلطان مايطيقون بعض أبدًا.. ومن طاح سلطان ريلي استغل هالشي وجبرني اقاطعه ولا يهددني بعيالي.. بيشلهم عني لان بيتنا على قولته بيت ميانين

أنا عشان عيالي بسوي أي شي ودوم.. اي شي.. عيالي قبل كل حد

يمكن تقولين أنانية لكن والله ماقدر.. ماتحمل أعيش بدونهم ولا يوم ولا دقيقة.. بسوي أي شي عشانهم


تنهدت وديمة: الله ييسر أمورج ويا ريلج ويهديه يارب



مشت سلامة معها إلى الجلسة الخارجية وهي تبتسم بسخرية: استغفر الله هذا ماظن بيهتدي في يوم


صمتت وديمة.. لا تحب لا الحديث عن المشاكل الزوجية، ولا الاستماع إليها.. ولكنها لا تستطيع إسكات سلامة



أردفت سلامة: راعي بنات.. ما يتوب.. "نظرت إلى عيون وديمة المصدومة" لا تحاتين تراني ما فضحته
هو فاضح عمره.. كل حد في العايلة يعرف هالشي عنه.. بس يمثلون إنهم مايعرفون

وديمة بصدق: الله يهديه يارب

عادت سلامة بالذكريات: أول مرة زخيته مت من الصياح.. ما كنت مصدقة
ليش يخونني! أنا ماقصرت وياه بشي.. شكثر يلست اراجع نفسي وافكر.. شو سويت عشان يخونني

أشفقت وديمة على حالها: اللي يبا يخون ما يتريا عذر

سلامة: ما كنت أبات الليل من الحزن والزعل.. قلت ما لي الا الطلاق.. قلت مثل كلام البنيات الصغار.. اسامح في كل شي الا الخيانة

وأخواني وقفوا وياي.. سلطان ومايد الله يرحمه
وقفوله عظمة في البلعوم.. سلطان قاللي اذا تبين تتطلقين منه انا بطلقج غصبًا عنهم كلهم.. وريلي يدري وعشان جي ما يدانيه

أنا زعلت زعل قوي وهو تم يحاول شكثر فيني يراضيني ما تم طقم ذهب ولا فلوس الا ويابها لي
لكني في النهاية رديت عشان عيالي.. وما انكر إنه قص علي بكلمتين "قالت بسخرية" وعدني يتغير اونه.. ولا شفت شي منه
وكل مرة ازخه أشوفه يستقوى أكثر.. الحين ما قام يستحي حتى
يقولها في ويهي

وإذا زخيت عليه شي يهددني بعيالي.. نقطة ضعفي.. مثل ما يقولون يعرف مكان الجرح ويضغط عليه




قالت وديمة بقهر: ليش تامة وياه؟

سلامة بواقعية: شو الحلول الثانية اللي عندي؟
نفرض إن الحياة كانت سهلة وأهلي خلوني اتطلق.. وبعدين؟
الحرمة يوم تستوي أم ما تفكر باي شي فهالحياة الا عيالها

الحياة وياه أحسن لعيالي
ماقدر أقول بختار نفسي وبنفصل عنه، لأني أدري إني مستحيل أعيش مستانسة وأنا أشوف عيالي يعانون ومشتتين

ريلي خاين وقوي عين، ويموت في البنات.. لكنه أب زين وعياله يحبونه.. وأنا مب متحملتنه إلا عشان هالشي



هزّت وديمة رأسها بتفهّم


سلامة: ماشاءالله عليج ودوم أنتي دكتورة ومثقفة أكيد تقولين شو هالتخلف اللي عايشة فيه أخت ريلي

ابتسمت وديمة: بالعكس.. ماقدر احكم.. شي ما جرّبته ماقدر احكم فيه
الشخص يوم يكون بعيد عن الصورة وايد سهل يحكم ويقول ليش وليش.. لكن إذا انحط في الموقف وكان يمسّه مباشرة كل شي يتغير

سلامة: يعلّج ما تذوقينه

وديمة: آمين.. يا سلامة.. وصدقيني لو تيلسين ويا المتعلمين والدكاترة وتناقشينهم بتنصدمين من العقليات المتحجرة الموجودة
مب الكل طبعًا لكن والله إن الشهادة والعلم مول مايخصهم بالتفكير المنطقي والعقلاني

ياما ناس جهلة بشهايد، وياما شفنا ناس تبارك الله بعقل يوزن بلد وماعندهم أي شهادة

على وطايا الخيلWhere stories live. Discover now