17

600 11 1
                                    

.
،


الجزء السابع عشرة



في أحد جامعات لندن


انتهت حصصها الدراسية.. وقررت أن تمر بجانب مكتبه مرور الكِرام.. لإلقاء نظرة فقط.. تُشبع بها عيونها.. فلقد سبق وحذّرها كثيرًا بشأن علاقتهم وحدودها في الجامعة

كان جالسًا على مكتبه، وأمامه طالبتين.. أحدهن قد استندت بكوعيها على مكتبه.. واقتربت كثيرًا.. بينما كان هو بحال سبيله.. يحادثهنّ "كما يبدو" باحترام

شعرت باشتعال شديد في وجهها.. أي أحد يرى هذا المنظر سيعلم بأنها تتملق إليه وتغازله.. هذا واضح جدًا
ألا تعلم هذه المعتوهة بأنه متزوج؟ تمنت لو تستطيع صفعها بالكتاب الذي بيدها.. أو نتف شعرها الأشقر.. كيف تجرؤ على هذا الفعل في مكان رسمي كالجامعة؟

ثم حولت النظر عليه.. كانت نظراته هادئة.. مما زاد اشتعالها.. كيف لم يبدِ لها أي انزعاج؟ كيف سمح لها بالتمادي.. لم تستطع التحمل
طرقت الباب طرقة وحيدة ودخلت بعنجهية: مرحبا دكتور غديّر


رفع عينه لها.. وأغمضها مباشرة بضيق.. يعلم بأنه وقع في مشكلة كبيرة
رد بالانجليزية: مرحبا ريّان تفضلي.. غريب أن أراك هنا.. أهنالك أمر ما؟

ارتبكت ريان.. ليس لديها ما تقول: اممم نعم لدي سؤال بخصوص الاقتصاد

غديّر: تفضلي "حادث الفتيات" هذه أحدى طالباتي السابقات أيمكنكن السماح قليلًا؟

قالت الفتاة بخفة: ههه اكيد دكتور.. يمكننا الانتظار إلى المساء

إن كانت العيون تُصيب.. لسقط غديّر في مكانه
قالت ريان ببرود: سؤالي سيطول احتاج شرحًا مطوّلا

ردت الفتاتين دفعة واحدة بابتسامة ونبرة ضاحكة: اذا يمكنك القدوم في وقت آخر!

نهض غديّر بتوتر يحاول إخفائه: يا فتيات.. لقد راجعت مشروعكن.. ويبدو جيّدًا.. أعطيتكن الملاحظات المهمة ولاحظت أن سؤالكن تكرر لدى كثير من الطلاب، ولذلك ساتحدث عن المشاريع بشكل عام مرة أخرى في الحصة القادمة.. يمكنكن الانصراف الآن

حاولن الاعتراض.. فرد برسمية: لقد طالت المراجعة عن الساعة المفروضة، ولذلك سنتحدث لاحقًا

انسحبن بإحباط.. بينما تكتّفت ريان ورفعت حاجبها له

قال غدير برسمية: نعم يا ريان.. تفضلي.. يمكنك السؤال

ردت بصوت منخفض: تمزح صح؟

غديّر بصوت منخفض: بعدين نتفاهم.. مب بروحنا هني "ثم عاد إلى نبرته العادية" إذا اعطيني سؤالك



.
،




عاد إليها مساءً.. وقد كانت تشاهد فيلمًا
قرواش: السلام عليكم

ردت: وعليكم السلام.. طولت اليوم

قرواش: كنت عند الشباب في الشقة.. وسرت عقب قضيت شغلة

سوادة بلا تفكير: كل يوم عند الشباب ماشاءالله

ابتسم قرواش: هيه كل يوم.. عيال عمي لازم اسلم عليهم وأيلس وياهم
"رفع حاجبه وهو ينظر إليها" شو في خاطرج تنكدين علي نكد الحريم؟ "رقّق صوته بتقليد درامي" انته كله عند ربعك انته ما تهتم فينا انته ما تحبنا

ضحكت بصدمة من تقليده: هههههههههههه أنا ما قلت كل هذا.. بس استغربت

قرواش اقترب وجلس على الطاولة أمامها: ما علينا من كل هذا.. يبت لج هدية

سوادة انصدمت: هدية.. لي أنا! شو المناسبة؟

قرواش: ما شي مناسبة "مد لها مكعب مغلف"

فتحته وهي تنظر إلى قرواش بامتنان شديد.. قبل أن تعرف المحتوى حتى.. يكفي بأنه تذكّرها بهدية، وبدون مناسبة
تصنمت ما أن فتحتها.. قالت بصوت متقطع: قـ ر وا ش؟

ابتسم لها: هذا حقج وأبسط شي اقدر اعطيج اياه

لم تستطع تمالك نفسها.. رمت بنفسها عليه ودموعها تنبؤ بالسقوط.. كل هذا كثير يا قرواش.. كثير جدًّا
لم تره هاتفًا وحسب.. تراه جزءًا من حريتها المسلوبة
لقد عاشت بوحدة عظيمة، وكانت نافذتها الوحيدة للعالم هي الهاتف.. ولكن قرواش الآن يعيد لها كل شيء بالتدريج

قالت بامتنان شديد: شكرًا.. شكرًا ما قصرت.. ليتني اقدر ارد لك شي بسيط من اللي تسويه لي.. ما تقصر.. شكرا.. ماتقصر

مسح على ظهرها: ما سويت شي يا سوادة.. هذا حقج مب كرم مني

سوادة: ادري اني ما استاهل.. لكنك ماتقصر قرواش

قرواش قبل رأسها: ولا كلمة.. هالكلام لا تعيدينه.. انتي حرمتي.. مهما صار ومهما استوا.. كرامتج من كرامتي
"أردف بعفوية تامة، وبلا تفكير" مادري إذا بقدر ارضيج وافرحج في يوم.. لكني اتمنى هالشي

سوادة: سويت اللي يفرحني وزيادة.. شكرًا

ابتسم: خلاص يا بنت واحنا بنقضيها شكر.. هذي شكرًا تقولينها لحد غريب مب لي أنا

احتضنته مرة أخرى: ماتعرف شكثر فرحتني.. ما تتخيل

قبّل خدها: قلتلج تستاهلين يا سوادة.. تستاهلين "استنشق شعرها" مدخنة شعرج؟

ابتعدت عنه قليلًا: هيه

مد يده إلى شعرها الأسود.. واحمرّت هي خجلًا وكأنها تستوعب الموقف للتو.. حاولت التراجع ولكنه أمسك بها
قال قرواش: هااااه وين؟

أبعدت عيونها عنه وقالت بتوتر: اممم بطالع التلفون

قرواش: زين ما بعكر فرحتج.. خذي راحتج.. بس طلبتج شعرج دخنيه دوم.. عيبتني ريحته


راقبها وهي تبتسم والفرح بادٍ على وجهها
حمدالله أنه استطاع رؤية الفرح بعينها.. يعلم بأن العيش بدون هاتف في زمنٍ كهذا هو من أصعب الأمور.. بل العيش بدونه ساعات يعتبر مستحيل، فكيف بهذه المدة؟
كان يدرس الأمر في ذهنه أيامًا عديدة.. وفي النهاية استقر على أنه حقٌّ من حقوقها
صحيح بأنها اخطأت وعوقبت ولكن الأمر الآن بعهدته سيعود كما كان
اشتراه لها وهو يعلم بأنها ستفرح به.. ولكنه لم يتوقع ردة فعل بهذه الحميمية.. ليست هذه سوادة التي سمع عنها، وليست هذه التي عرفها في أول الايام.. ولكن.. لعلّ التجارب الصعبة، والغربة جعلوا منها إنسانةً أكثر رقّة



أما هي.. فابتعدت عن نظاريه بإحراج شديد.. وهي تزجر نفسها.. كيف رمت نفسها بحضنه بهذه الخفة؟ تخاف أن يتأمل بها أكثر، ويتعلق أكثر
تخاف عليه من نفسها.. حتى هي لا تستطيع أمنَ شخصيتها الصعبة

فتحت الهاتف برجفة شديدة.. هجمت عليها ذكريات كل الغالين على قلبها.. والدتها، والدها، صغيرة ووضحى واليازية.. هؤلاء اهم الاشخاص حاليًا
وأخيرًا.. ستستطيع التواصل معهم!


.
،
*




أرسل لها: إن ما رديتي الحين بي بيتكم
واتبع رسالته باتصال.. واجه الرد هذه المرة

غديّر بعتاب: شو هالتغلي؟

لم ترد

غديّر: يالله عاد غناتي شو سويت انا عشان تزعلين مني؟ هن ماصخات وأنا مالي ذنب

ريان بزعل: لا والله ودام تعرف انهم ماصخات ليش ما وقفتهم عند حدهم؟؟

غديّر: في مقر عمل أنا شو تبيني أسوي؟

ريان: كل الدكاترة في مقر عملك يهزؤونا ويسفلون فينا بدون سبب.. وأنت عندك حق وشفتهم تمادوا وساكت تقوللي شو تبيني أسوي؟

غديّر: هذا أسلوبهم مش أسلوبي

ريّان بزعل: طيب خلاص كيفك ما بتدخل

غديّر: يا الله.. ريان يا عيوني أنتي.. شفتيني طردتهن شو أسوي أكثر؟

ريّان: ما تلعب على عقلي.. أنت طردتهن يوم أنا دخلت ومش على طول كمان

تنهد: انزين.. أنا آسف.. وحقج علي

ريّان بإصرار: اعترف إنك أنت سمحت لهم يتمادون

غديّر يبغي يفتك من هالسالفة: صح لو كان أسلوبي أكثر صرامة ما بيتمادون.. لكن ما يعني إن الوضع كان عايبني

ريّان صمتت فجأة ثم قالت بقلق: دقيقة حبيبي بشوف ماما


سمعت نداء والدتها المتكرر.. بصوتها المُتعب.. وذهبت إليها مسرعة
لقد كانت متعبة الفترة الأخيرة ولكنها عللت تعبها بالإجهاد
رأتها على الأرض.. غائبة عن الوعي.. صرخت بخوف: مامااا

شعرت بخوف شديد.. ليس لديها أغلى من هذه الأم.. كانت تدعو الله أن يحفظها بينما تحاول ايقاظها.. بدأت بضرب وجهها بخفة: ماما.. حبيبي قومي.. بسم الله عليكي "بدأ صوتها يرتجف" مامااا شو بك

ركضت إلى غرفتها لتأتي بزجاجة عطر وترشه عند أنفها ولكن والدتها لم تنهض: يا ويلي عليكي يا ماما.. اصحي.. يا ماامااا.. يا الله

ركضت مرة أخرى إلى هاتفها واتصلت به.. ليس لديها بعد الله سواه.. ورد هو بسرعة
قالت بصوت باكي: غدييير الحق علي.. ماما مابعرف شو صار لها.. اغمى عليها

قال كلمة واحدة: ياينكم

دقائق قصيرة ووصل غديّر بأقصى سرعته.. حاول إيقاظها أيضًا.. ولم تنهض
اتصل بالإسعاف مباشرة

كان يحاول تهدئة ريان إلى وصولهم.. كانت ستُجن.. لأول مرة ترى والدتها بهذا الضعف.. لطالما كانت قوية..ونشيطة
حتى وإن مرضت لا ترتاح أبدًا.. شعرت برعب شديد، وخوف من فقدانها.. عندما رأتها بهذا الضعف لأول مرة


تم إسعافها بسرعة.. ولحق بهم غديّر وريّان إلى المستشفى


أمسك بيدها غديّر: لا إله الا الله اذكري الله يا بنت شو فيج چيه؟ ان شاءالله مافيها الا العافية يمكن تعب بسيط.. هلكتي عمرج من الصياح

لم تنفك ريان تبكي: اول مرة اشوفها جي.. يا عمري هي.. والله وايد تعبانة.. يارب تشفيها

غديّر: ان شاءالله خير.. ما عليه الانسان يتعب ويمرض.. ان شاءالله بتقوم بالسلامة ومافيها الا العافية

ريان بقلة صبر: بس كأنهم طولوا؟؟؟ غديّر بليز روح شوفهم.. مو قادرة اصبر.. بموت

غدير: لا إله الا الله.. بسير أشوف مرة ثانية.. انتي ارتاحي هنيه


كانت لحظات الانتظار صعبة على الاثنين.. هي قلقة على والدتها، وهو قلق على الاثنتين
هنا والدة زوجته، مُتعبة ولا يعلم بأمرها.. ومن الجانب الآخر زوجته.. ومحبوبته خائفة، ولا يستطيع طمأنتها


رأت الطبيب يخرج من غرفة الطوارئ فهرعت إليه بقلق شديد: دكتور مالذي حدث لوالدتي؟ أهي بخير؟

قال: أنتِ ابنتها؟

تدخل غديّر: تفضل دكتور، مالذي حدث للسيدة؟

قال: لقد أجرينا بعض التحاليل وتبين لنا بأنها كانت تعاني من الزائدة الدودية وكانت على وشك الانفجار

شهقت ريان والتفتت على غدير: انفجار!

الطبيب: نعم إن لم يتم العلاج السريع يمكن للدودة أن تنفجر.. وتصبح الحالة أصعب بكثير

ريان كتمت بكائها: يا عمري على مامااا شو صار لها وأنا ما بعرف!

غديّر: هل يمكنك التفصيل أكثر.. مالذي يحدث في هذه الحالة؟ وهل تعتبر حالتها خطيرة؟

الطبيب: لو تأخرنا قليلًا لكانت حالة خطيرة، خصوصًا إن لم تعالج فورًا.. لأنها قد تسبب تلوث وتسمم في المعدة.. ولكن لحسن الحظ أنها فقدت الوعي بسبب الألم.. نعم لقد عانت السيدة آلامًا كثيرة بصمت.. بقدر سوء الخبر إلا أنه جيد في حالتها لأننا سنستطيع ادخالها غرفة العمليات حالًا قبل أن يسوء الوضع أكثر

غديّر: أهي عملية صعبة؟

الطبيب: سنستأصل الدودة، ليست عملية صعبة ولكن علينا رؤية حال الاعضاء من الداخل لنحكم بشكل افضل

غديّر مد يده يسلم عليه: رجاءً افعل كل ما بوسعك.. نحن نثق بكم

الطبيب: بالطبع هذا واجبنا.. يمكنكم الحديث معها اعتقد بأنها قد أفاقت.. ولكن حاولوا عدم إجهادها


عاد بضع خطوات إلى ريّان.. وأحاط بكتفها: تعالي ندخل عندها.. يقول الدكتور واعية لكن حاولي ما تتعبينها وايد بالكلام.. بيدخلونها العمليات قريب

رفعت عيونها الدامعة إليه: يا عمري يا ماما.. ولا قالت لنا انها بتتوجع

غديّر مسح دموعها: ماعليه حياتي.. كل الأمهات جذي صعبات في المرض.. الله يعطيهن طولة العمر والصحة والعافية

ريّان: خايفة عليها.. ما عندي الا هي

قال بابتسامة يلطف الجو: افااااا وأنا وين سرت؟

استندت عليه بكتفها: وأنت.. بس هاي ماما.. غير

غديّر: الله يشفيها ويقومها بالسلامة.. يالله امسحي دموعج وتعالي ندخل عندها



.
،




كان يلبس لباسه العسكري.. بينما تنظر إليه هي.. كان عمله صعبًا عليها.. مناوبات طوال الوقت.. وأحيانًا يتلقى اتصالات خارج ساعات العمل، تطلب منه الحضور فورًا.. مهما كان مكانه وانشغاله
الأمر صعب، ولكنها بدأت بالتعود.. خصوصًا وهي ترى تقدير حامد الشديد لصبرها على هذا العمل الشاق.. وقلة تذمرها منه
بل وأنه يُثني عليها في كل مكان.. وضحى رغم سنّها تعتبر امرأة قوية ويمكنه الاعتماد عليها في بعده، وهي خير سندٍ له كرجل بهذا المنصب وهذا العمل

مدّت يديها حول ظهره ولصقت به معيقةً عمله.. قالت بحب: حامد

حامد: عيونه

وضحى: متى بتسوي لي العرس؟

وضع يده على شعرها: يوم بتيبين لي أول ياهل


وضحى التي بدأت تُظهر معالم شخصيتها الحقيقة.. وقفت أمامه وتكتفت: لا والله.. يزفوني وأنا أم.. وين استوت هذي

ابتسم لها: أسولف وياج.. يمكن نهاية الشهر أو بداية الشهر الياي.. على حسب بشوف متى بقدر آخذ اجازتي

وضحى بوزت: اف وايد بعيد.. شو هالدوام!

حامد بمزح: شفتي.. هذا اللي يعاند بوالخيول قالولي ادخل ويا عيال عمك وأنا ماطعت.. وكاديني كد هني (كاديني=اجهدوني)

وضحى ضحكت: ههههههههه اعوذ بالله

حامد: الحمدلله رب العالمين.. اصبري علي شوي بس زيادة.. ممكن؟

وضحى: أكيد ممكن.. بس.. اممم مب لازم نسويه خلال الاجازة! خلاص بنسويه في ويكند

حامد: ماتبين تسافرين عقبه؟ بس عرس وتردين هني الدانة

وضحى بوزت: لا طبعًا

ابتسم لها: عيل اتريي الاجازة.. شو هالعيَلة (العجلة) فجأة؟

وضحى بإحباط: افكر لو بعدني حامل والعرس ماستوى.. كيف بيكون وضعي.. مايستوي ألبس فستان عروس

حامد: عادي عروسي انا سبشل

وضحى برفض: لا مابغي

حامد قبل رأسها: على راحتج.. بحاول بأسرع وقت.. يالله لازم اطلع.. استودعتج الرحمن



.
،





كانت مستلقية على سرير المستشفى بلباس العمليات
حين رأت ابنتها وزوجها.. وابتسمت لها بتعب: خبرتوا ريهام؟

ريان: لا لسى

أم ريان: لا تخبروها.. من زمان وهي بترتب لهالسفرة حرام.. خليها تنبسط

ريّان امسكت بيدها: طيب.. انتي كيفك؟ متوجعة؟

أم ريان: لا ياعمري حاطين لي مخدر "التفتت عليه" غديّر ابني

غديّر: لبيه.. ماتشوفين شر ويارب تطلعين منها بخير وسلامة

أم ريان: بنتي يا غديّر.. أمانة عندك

التفت على ريّان: في عيوني

أم ريان: ما بعرف إذا رح اطلع من هاي العملية.. وما بعرف اذا طلعت ايمتى رح ارجع للبيت.. لكن بنتي امانة عندك.. أنت بتعرف أنو ما عندنا حدا.. وريونة صغيرة كتير.. اهتم فيها دخيلك.. واصبر عليها

غديّر قبّل رأسها ووضع يده على يدها يطمئنها: ريان في عيوني.. لا تحاتين.. فكري بعمرج وبس

ريان: ايه ماما لا تفكري بشي.. انا راح اظل في الشقة واذا احتجت شي بحاكيه

أم ريان: غديّر بعرف ان طلبي كتير تقيل بس بتقدر تيجي شقتنا أو تاخذها لعندك؟ ما بأمن خليها لحالها.. بتعرف الدنيا هون كيف

غديّر بتأكيد: مرة لا تحاتين.. ريان مسؤوليتي مستحيل أخليها بروحها


جاءت الممرضة تطمئن على أم ريان، وتتأكد من جاهزيّتها للعملية.. وما أن بدؤوا بتحريك السرير حتى بدأت مناحة ريان مرة أخرى

أبعدها غديّر وعاتبها بصوت منخفض: خلاص ريان مب زين جيه بلاج انتي؟ توقعتج أقوى

ريان تجاهلته وأمسكت بيد والدتها: ماااماااا ما اقدر

غديّر همس: لا حول ولا قوة الا بالله.. اسمعي.. يودي (امسكي) عمرج شوي بس لين تدخل.. بتتعبينها أكثر تراج

نادتها والدتها ثم وتحدثت وهي تحاول كتم بكائها: ريان.. إذا ما طلعت أنا لا سمح الله أو صارلي شي

ريان اقتربت ببكاء شديد: ماما بليز ما تكملي

قاطعتها والدتها والتي بدأت بالبكاء هي الأخرى: اوص.. اسمعي.. بوصيك تهتمي بحالك.. وكملي حياتك مع جوزك غديّر.. لا تتركيه.. هاد رجال أمين وما راح تلاقي مثله.. حتى ولو كان مشدد أكتر منا.. طيب ماما؟
اهتمي بحالك.. رح تظلي معه هالفترة.. اهتمي بحالك بليز يا ماما.. طيب عيني؟ ما تلبسي مشخلع قبل الزواج

ضحكت ريان وسط بكائها وتعلقت بها: مااااماااا.. بتطلعين بالسلامة ان شاءالله لا تقولي هاد الحكي.. ربي يحفظج


فُتح الباب.. واستقبلها طاقم غرفة العمليات.. تبادلوا الأوراق وجرّوا السرير إلى الداخل وسط دموع ريّان ودعوات غديّر

أمسك غديّر بريّان وأعادها إلى جانبه.. واحتضنها من كتفها
غديّر: شو قالت امج عشان تضحكين؟

ريان قهقهت وسط دموعها مرة أخرى: تقول لا تلبسين مشخلع قدامه

غديّر: شو يعني مشخلع؟

ريان: مفصخ يعني

ابتسم غديّر: صح كلامها.. خلج عاقلة.. ربي يقومها بالسلامة يا رب ويبشرج بشوفتها بأحسن حال.. قولي آمين

ريان بصدق: آمين يارب

غديّر: تعالي الحين شوي ريحي (ارتاحي).. اييبلج شي تاكلينه؟ شو فخاطرج؟

ريان: مالي نفس

غدير: لازم تاكلين شوي.. بتيلسين تتريينها (تنتظرين) على معدة فاضية؟ بتعذبين عمرج على الفاضي.. هي في وداعة الرحمن وحفظه بإذن الله

ريان بعيون دامعة: والله خايفة يا غدير.. مب قادرة الافكار السودا تدور في مخي

غديّر: طبيعي إذا خفتي على حد تتخيلين تخيلات مب زينة.. لكن تعوذي من ابليس ولا تستسلمين له
موضوعها بسيط ان شاء الله.. الحين تعالي بننزل تحت تعشي واشربي لج قهوة تصحصحين لين تطلع من العملية بالسلامة ان شاءالله

تنهدت: يارب



.
،




عاد من عمله إلى شقّتهم.. وشعر بوجود أحد.. أخبرته بأن وقت عملها ينتهي متأخرًا اليوم.. فمن سيكون هنا؟
بدأ المشي تجاه الغرفة بحذر شديد.. ما أن فتح الباب حتى رآها مستلقية على بطنها.. شعرها متناثر على الوسادة.. وحولها الكثير من الادوية

هرع إليها: بسم الله الرحمن الرحيم.. حبيبي شو فيج.. سلامات؟ "وضع يده على وجهها" خيييبة ضو
"هزها" حياتي قومي.. بسم الله الشافي.. بسم الله المعافي.. حبيبي.. شو ياج بسم الله

فتحت نصف عينها: سلطان

نزل على ركبه: عيونه وقلبه.. تعبانة؟ فديت قلبج أنا.. فيني ولا فيج
كيف رديتي بروحج؟ ليش ما اتصلتي تخبريني؟ "لمسها بخوف" يا الله جسمج وايد حار.. متى خذتي الدوا؟

وديمة: همممم.. مادري

عدّل وضعية استلقائها وهو يفكر: استغفر الله العظيم.. الحين شسوي.. تعالي.. تسبحي بتخف الحرارة

وديمة بتعب: برتاح شوي

سلطان: لازم.. عشان تخف حرارتج.. لا حول ولا قوة الا بالله.. شكله تعب الثلج طلع الحين.. يالله قومي بساعدج


كان يحاول إجلاسها.. بينما كانت هي مرتخية بشكل كبير.. كلما أقام رأسها عاد بالسقوط
فتح قنينة الماء وقرأ فيها الفاتحة ثم نفث وصب قليلًا منه على يده، ومسح وجهها: بسم الله عليج.. قومي

اقشعرّ بدنها من برودة الماء همست: باارد

سلطان مسح وجهها مرة أخرى: مب بارد بس انتي لابقة (مشتعلة).. تعالي تسبحي.. بسير أشوف الماي وبرد

ذهب مسرعًا إلى دورة المياه، ضبط حرارة المياه.. وعاد إليها حملها إلى الحمام وعاونها إلى أن شعر بحرارتها تخف

استلقت على الفراش بتعب.. فقال هو: بسويلج شوربة وبرد.. لا تتحركين من مكانج.. ارتاحي بس.. وإذا بغيتي شي ازقريني (ناديني) بخلي الباب مفتوح.. انزين؟

هزت رأسها بالموافقة.. بينما ذهب هو إلى المطبخ يباشر عمله.. وعاد بعد مدة قصيرة


وضع صينية الحساء على الطاولة، وجلس بجانبها على السرير يجفف شعرها بالمنشفة
قال: ماعرف استخدم المجفف مال الشعر ولا جان سويتلج

قهقهت وديمة، ثم سعلت

ربّت على ظهرها: هاااه.. صحة صحة.. مابا اسمع ولا صوت.. ولا ضحكة.. ارتاحي اليوم "نهض" بقوم اشوف الشوربة إذا بردت شوي

تذوقها.. ثم عاد إليها، جلس أمامها على السرير ووضع الصينية على فخذه.. حادثها كالأطفال: يللا قولي آآآآه.. سويتلج شوربة دياي كلها بروتين وخضروات عشان تصحّين

ابتسمت وديمة ثم قالت بصوت متحشرج: بشرب بروحي.. تعبتك وايد اليوم

سلطان بامتنان: أنتي من يوم ييتي بريطانيا وأنتي مجابلتني وعرّسنا وبعدج مجابلتني زوجة ودكتورة بعد.. الحمدلله اللي عطاني فرصة أرد لج شوي من الدين.. يالله افتحي حلجج وخليني أأكلج.. منها نكسب أجر بعد

أطاعته وديمة.. وبدأت بالأكل من يده

قالت بعد أن انتهت: تسلم ايدك.. حلوة شوربتك

سلطان: انتي الحلوة والله.. بالعافية عليج.. ارتاحي يالله.. صوتج رايح فيها من الاحتقان.. يبتلج دبات ماي زيادة اباج تخلصينهن كلهن تسمعين؟؟ لازم عشان تتعافين

قالت وديمة: انت دكتور متخفي؟ كيف عندك كل هالمعلومات؟

سلطان: عشت في مستشفى 6 سنين أكيد بتكون عندي كل هالمعلومات.. يالله اسمعي رمستي ولا تتعبين عمرج بالكلام

على وطايا الخيلWhere stories live. Discover now