الحَــقِيقَة الكَــامِلة

20 6 0
                                    

أخذت آڤيلا وقتها في محاولة التبرير أو الاستيعاب؛ وقتا طويلا لحد سمح للواقفين خارجا بالدخول للمنزل قصد "توضيح الأمر" ربما، تنظر إلى تاي بعدم ثقة قبل أن تنبس

- أنتَ... تلاعبت بي... خ. خدعتني؟

- آڤ أنا...

- كلا لا تنطق اسمي أبدا حسنا؟؟ أنتَ مجرد كاذب! -رفعت بصرها إلى السماء-تنتظر اكتمال القمر؛ صحيح؟ أنتَ لم تحاول إنقاذي... بل استغلالي؛ وأنا وبكل حمق أحببتك! -ترقرقت الدموع في عينيها لتنبس-أنت هو الكيان الذي رأيته تلك الأمسية بالفعل... لم أشكَّ فيك للحظة واحدة بل ومنحتك ثقتي الكاملة حين أخبرتني أنني سأكون في أمان؛ وفي نهاية المطاف... تبين أنك السبب الذي جعلني أحجب عن العالم لسبعة عشرة سنة؟ لماذا؟؟ أخبرني فقط لماذا؟ هل ترى أن هذا عادل؟ حسبما أخبرتني؛ وما أراه؛ أنت أيضا عانيت من مشاعر سيئة لكونك شيطانا سفليا؛ هل تسمح لك نفسك بجعلي أعاني أيضا؟ -مدت كفيها لتمسح دموعها-كنت أستعد لأعترف لك بكم أني أحببتك؛ كنت لأخبرك بما شعرت به في الكهف تلك الليلة؛ وكم شعرت بالدفء فيك حين كنت تربت على رأسي حتى أنام، حين كنت تحضر لي طعامي إلى سريري وحين كنت تعدني بأنك ستعتني بي جيدا بينما تمسك يدي؛ كنت سأخبرك أني على أتم الاستعداد لأتم حياتي معك، كيف تمكنت من ......

بترت جملتها ثم شهقت باكية لتركض خارج المنزل باتجاه الغابة، كانت تبكي باضطراب وتيه؛ كانت خائفة وحزينة جدا؛ أمكنها سماع صوت قلبها وهو يتحطم إلى قطع ضئيلة داخل صدرها للدرجة التي جعلتها لا تنتبه إلى أنه كان يلحق بها

- آڤ توقفي أرجوكِ، أعطيني فرصة لأشرح

- لا يوجد ما بوسعك شرحه البتة؛ كل شيء واضح

كان أسرع منها بأضعاف كثيرة، لم يستغرق الأمر منه وقتا ولا جهدا ليصبح مقابلا لها ويمسك ذراعيها بقوة متخذا قماش ملابسها حاجبا بينهما؛ وما كان منها إلا أن صرخت بقوة وسط دموعها

- اُتركني لا تلمسني أبدا، لا تلمس شعرة مني؛ أعدني إلى منزلي فقط دعني وشأني

- أرجوكِ ثانية واحدة فقط

- ولا نصف ثانية ابتعد عني!

أبعد يديه عنها بيأس وعيناه على ملامحها المرتعبة؛ في العادة لم يكن يهتم لنظرات الفزع التي يراها على وجوه البشر؛ لكنه أصبح يجزم أن "آڤ خاصته" مختلفة تماما؛ لقد أذابت جليد قلبه

- أنا... لا أنكر أني كنت أفكر كما قلتِ، لكنكِ الوحيدة التي استطاعت تغييري؛ طيلة سنوات حياتي الطويلة جدا، كنتِ الوحيدة التي أشعرتني أن لوجودي قيمة؛ أقسم أني لا أنوي إيذاءك البتة، خوفك هذا مني يقتلني داخليا

- يقتلك؟ أنت قتلتني بالفعل؛ لا تلعب دور الضحية الآن ودعني فقط أعود للمنزل

- أرجوكِ ابقي معي وأعدكِ أني لن أؤذيكِ أبدا؛ أقسم أني لن أسمح لمكروه بأن يصيبكِ البتة

- لقد وعدتني بهذا أيضا حين كنت تكذب، لا يمكنكَ أن تكسب ثقتي مجددا؛ مجرد التفكير في أنني كنت أنام بحضنك وأعانقك.... حقيقة أنني بادلتك قبلة تشعرني بالتقزز من نفسي بل ومنك، لا يمكنني تقبل كوني كنت أتأمل ملامحك بكل ذلك الهيام؛ ملامحك الوضيئة التي لم تستحق أن تكون ملامح شيطان يوما -ختمت كلامها بابتسامة متألمة بين دموعها

- أرجوكِ...

أشاحت بوجهها بعيدا تحاول بيأس منع دموعها من النزول، تنهد الآخر بقلة حيلة؛ نظر إلى يديه لفترة قبل أن يمزق كم قميصه ويربط تلك الخرقة حول عيني آڤيلا من غير أن يلمسها

- ما ... ما الذي تحاول فعله، اُتركني لا تتجرأ على إيذائي

تجاهل صراخها المرتعب لأنه كان يعلم أنه لا ينوي إيذاءها؛ وبإشارة أخرى من أصابعه... كانت في حديقة قصرها... مدت كفها لتزيل العصابة عن عينيها وتجول بنظرها حولها

- آنسة آڤيلا... كان شرفا حقيقيا لي أن قضيت كل ذلك الوقت برفقتكِ وأنتِ تَرَينَنِي وتحدثينني؛ لقد فهمت تماما ما قصدتهِ حين قلتِ أنكِ تبحثين عن الحب لا عن القوة، وربما... سأحاول ألا تريني مجددا؛ لكن لن أعدكِ أن أختفي من حياتكِ للأبد؛ لأن اشتياقي لكِ لن ينقص أو يتلاشى يوما... اعتني بنفسكِ جيدا

انحنى بلباقة كفارس نبيل انسحب من معركته قبل أن يهزم فيها؛ لأنه علم أن عدوه يملك أخطر تهديد عليه: قلبه... عدوه ليس عدوا. بل هو حبيب الروح ولو كان عديم الروح، قبل أن يختفي بلا تفسير منطقي

بقيت الأميرة واقفة مكانها؛ كانت ترغب بالصراخ بوجهه "اسمي آڤ خاصتك لا الآنسة آڤيلا"؛ لكنه نجح في أن يشعرها بكم أنه أصبح بعيدا عنها؛ وأنها لم تصبح آڤ خاصته...

تنظر إلى قطعة ثيابه المستقرة بين يديها؛ ضمتها في راحة ذراعيها ثم سارت بصمت نحو الداخل. كانت الفرحة تشع في القصر بعودتها سالمة؛ لكن هي... كانت باهتة تماما

 لقد أخذ روحها وهي في أتم اليقظة والرضا

Moonlight's Devilsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن