غاضبَة

2 1 0
                                    




-





أخيراً، بعَد شهرٍ ونِصف، الليلَة سأكتُب، قلتهَا لنفسِي الآن وأنَا أهربُ عن سريرِي بجزعٍ وحرقَة، ما اللَّعنة التي قدَّمها لِي غيرَ الألَم؟ أتسَائل وفِي جوفِي أدفنُ الكثِير من الشتائِم، لَم يبقَى شيءٌ لقولِه، لقَد عبَّرت عن حزنِي بشتى الطُّرق، كتبتُ عن لعنةِ الأرق وعَن أفكَاري السوداويَّة، حاولتُ أن أجمعَ جلَّ الكلمَات التِي قد تعبِّرُ عن حياة شخصٍ بائسٍ محطَّم و منهَار، شخصٌ ملعونٌ مثلِي قَد نال منهُ كلّ شَيء، حاولتُ تجسيدَ العذَاب الذِي أعيشَه بحروفٍ و أسطرٍ عدَّة

آخرَ مرَّة حينمَا لجئتُ للكتَابة بليلَة تعيسَة كهذِه قلتُ أنَّني لن أنتهِي من الكتَابة، هاتِه الأنَامل لن تتوقَّف عن تدوينِ كلِّ شعورٍ قاسٍ يداهمنِي ويسلبَني سعادتِي وطمأنينتِي، لَن أتوقَّف حتَّى يكونَ لي نصيباً من الرَّاحة، قلتُ وتعهَّدت وفي الآخَر بحسرَة بائسَة قد وجدتنِي أنَا من إنتَهيت

إنتَهيتُ أنَا ولَم تنتهِي كلمَاتي، إنتَهيت و لم تنتهِي مشاعرِي، لم ينتهِي عذابِي ولا ألمِي، هنَاك حيثُ تيقَّنت أنَّه لا جدوَى، حرفياً لا جـ د وَ ى من كلِّ هذَا، وقتهَا جلستُ خاويَة وأنَا لا أملكُ ذرَّة إحترَام لنفسِي، كلَّما شعرتُ بِه حينهَا أنَّه ومهمَا فعَلت لن أتحرَّر، لن أتحرَّر من هذَا القَفص الأسود اللَّعين الذِي يحتجزنِي وسَط كلَّ شعورٍ بائسٍ في هذَا العَالم

بتلكَ اللَّيلة إزدريتُ وتهزَّأت على نفسِي ضاحكَة ولكن اللَّيلة أنَا غاضبَة! غاضبَة منِّي ومن سريرِي، غاضبَة من ألمِي الذِي لا يفارقنِي ومن كلِ شيء قاسٍ في هذَا العَالم، غاضبَة لأنِّي منهَارة بهذَا الشَّكل البشِع ولاَ يسعنِي مساعدتِي، غاضبَة من هذَا اللَّيل الموحِش الذِي يأتِي دوماً بظلمتِه ليذكَّرنِي مراراً وتكراراً بمَا سُلب منِّي لسنوات، غاضبَة من كلِّ آدمِي وكلّ شَيء لأنَّ لا شَيء ولا شخص يُسرنِّي

لا أكذب حينمَا أقُول أنَّ أمرَ بهجتِي قد نسيتُه بالفِعل، أنَا غاضبَة لأجلِ شيءٍ واحِد!

شيءٌ واحِد فقَط

لمَا لا يزورني يوماً واحداً على الأقلّ وأنَا بطمأنينَة وسكينَة؟ هَل الأربَع وعشرون ساعَة كثيرَة عليّ؟ أعليَّ أن أظمئ بنصِفه فقَط! أم عليَّ أن أتخلَّى كلياً عَن الرغبَة الوحيدَة المتبقيَّة لديّ؟ أن ألقيَ بآخرَ خيطَ أملٍ تمسكتُ بِه وأتنَاسى أمرَ راحتِي أيضاً؟










-

مشَاعرِي المكبوتَة.Where stories live. Discover now