أمنيتِي

31 4 0
                                    




-




قرأتُ كتابًا منذُ فترَة شدَّتني إلَيه بضعةُ أسطر  " مَا فائدَة اللَّيل فِي حِين أنَّه يجعَل المَرء تعيسًا؟ " حسنًا لَو إختارنِي اللَّيل لذَلك فأعتقِد أن الأمُور ستكون أحسَن فشعورِي بالتعاسَة كلّ ليلَة أفضَل من أن تستنجِد روحِي من هذَا الألَم الغَير مرئِي، من هذَا التَّعب و البؤس اللذَان يلتهمانِي، من هذَا اليأس و الإحبَاط، من هذَا الإستيَاء و هذَا الوَجع، من هذِه الحسرَة و الحُرقة، من هذِه الوحشَة و الغصَّة، من هذَا الإغتمَام و الكئَابة، من مَاذَا أيضًا؟ حتَّى الكلمَات المعبِّرة قَد نفِذت من قامُوسي، أينَ عليَّ إيجَاد أكثَر من هذِه ليشعُر العَالم بعذَابي؟ كَم أسطرٌ لعينَة وكَم نصًّا عليَّ أن أكتبَه لأعبِّر عن ربعِ قسَاوة مَا أعيشَه؟ كَم من ليالٍ ٱخرَى عليهَا أن تغلبنِي وتسلبَ حقِّي من النَّوم حتَّى يصبحَ لِي حقٌ فِي الشعُور بالرَّاحة و الطمأنينَة؟ كَم من المرَّات يتوجَّب عليَّ أن أبكِي وأنهَار فيهَا بمفردِي وسطَ جدران غرفتِي حتَّى يزُول بعض الألَم عنِّي؟ تعَاسة؟ ماذَا!! تعَاسة بجديَّة! أتخِيفكم التَّعاسة لذلكَ الحدّ يا رفَاق؟ لا أستهِين بحزنِ أحَد ولكِن يصعبُ عليَّ تفهم ذلكَ السَّطر الذِي قرأتَه بعقلانيَة! أنَا أفقِد نفسِي هنَا بينمَا أقَاوم أكثَر مما يسمَّى بالتَّعاسة ولكنِّي لا زلتُ أجِد فائِدة فِي هذِه الليَال. علَى الأقلّ لَم يشهَد ضعفِي أحدًا سوَى الأشيَاء الجامدَة بغرفتِي و التِي بنقطَة مَا أشعُر بمواساتهَا لِي، علَى الأقلّ تمكَّنت من كونِي أنَا وتجرَّدت من تلكَ الشخصيَات السعيدَة الغبيَّة التِي أتقمَّصها بمثاليَة طيلَة النَّهار، علَى الأقلّ شعَرت بهدُوء جمِيل يعمُّ المكَان ويحتوي أعمَاقي، الليل الذِي تقولُ أنَّه لا فائِدة مِنه على الأقلّ لَم يسلب منِّي حريتِي، لا مزيدَ من  الإبتسامَات المزيَّفة ولا عليَّ تحمُّل أولئك البَشر الأغبيَاء كونهُم يحضونَ بالشَّيء الذِي سُلب منِّي، أعتَقد أن جانبِي السيِّء ظهَر في هذِه الأسطرِ الأخيرَة، أبدوتُ كمَا لو أنَّني أحسِد الأشخَاص الذِين يحضونَ بنومٍ هنِيء؟ صحِيح! ذلكَ صحِيح وبشدَّة! لا يسعنِي سوَى الإعترَاف الآن أنَا أحسدُ كلّ مَن ينَام على وجهِ هذِه الأرض! أنَا أحسد وسادَاتكم التِي تستنِدُ عليهَا رؤوسَكم وأنتُم نائمِين! أحسدُ سريرَكم و أحسدُ غطائَكم، أنَا أفعَل أجَل! ألاَ زلتم الآن تتسَائلون عن فائدَة اللَّيل بينمَا هنَاك أشخَاصٌ فِي هذَا العَالم لا يستطِيعون حتَّى أن يتمتَّعوا بحقٍّ من حقوقِهم الإنسانيَة ألازلتَ تتسائل يا هذَا؟ إن كنتَ تشعُر بالتعَاسة فقَط فلتشعُر لن ينتهِي عالمكَ ولن تنتهِي أنت بمجرَّد شعُورك بذَلك، هنَاك أكبَر ممَا يسمَّى بالتعَاسة، هنَاك أشخَاص يأملُون لَو كانَ فِي وسعِهم الشعُور بالتعَاسة فقَط و التسائل مثلكَ عن فائدَة اللَّيل، ولكِن أتعلَم العذَاب و القسَاوة التِي يعيشهَا أمثَالي تجعلنَا نتسائَل عن فائدَة الحيَاة بأسرهَا، هَل يمكِن لأحَد أن يجيبَ تساؤلاتنَا أيضًا؟ ما فائدَة الحيَاة إن كَان أحَد الحقوق الإنسانيَة التِي لا تعنِي لمعظَم النَّاس شيئًا تكُون أمنيَتي؟

ألَم أخبركم أمنيتِي؟

أتمنَّى لَو أنَّه يمكننِي النَّوم

تلكَ أمنيتِي

أمنيتِي التِي أسخَر منهَا

أمنيتِي التِي تبدُو كمَا لو أنَّها لَن تصبحَ حقيقَة أبدًا

أمنيتِي التِي لو بوسعِي أن أبكِيَ عليهَا دهرًا كاملاً
تلكَ كانَت أمنيتِي.

-
م.خ
2022/11/09
3:16AM

مشَاعرِي المكبوتَة.Where stories live. Discover now