أمِّي.

13 1 0
                                    



الشَّخص الوحِيد الذِي أحبَّني رغمَ سوءِي كان هيَ
الشخصُ الوحِيد الذِي تقبَّلني كمَا أنَا كانَ هيَ
الشخصُ الوحِيد الذِي باتَ يتألَّم بدلاً منِّي كانَ هيَ
الشخصُ الوحِيد الذِي يتفهمنِي و جاهَد بفهمِي كانَ هيَ
الشخصُ الوحِيد الذِي سهرَ ليالٍ عديدَة يتقاسَم معِي ألمِي كان هيَ، الشخصُ الذِي حزنَ لتعاستِي و تألَّم لمرضِي وبكَى لنحيبِي كانَ هيَ ودومًا هيَ! كانَت و ستظلُّ بأعلَى القائمَة دائمًا

الشخصُ الذِي لم يبتَر جزءًا من روحِي يومًا وكافحَ بجعلِ إبتسَامتِي الشقيَّة لا تفارقنِي كانَ هيَ أيضًا
لَم يكُن غيرهَا، ولَم يكُن سواهَا

أمِّي العزيزَة التِي لَم يغمض لهَا جفن منذُ رؤيتِي بهذِه الحَال أعانِي معَ مرضِي، الساعةُ تشيرُ للسادسَة ونصف صباحًا السمَاء زرقَاء صافيَة تشعُّ بنورهَا وتلكَ العصافِير تطربنَا بلحنهَا وهنَا أمِّي تأبَى النَّوم بسببِي أنَا!

بحقّ ٱجَاهد أن لا أذرفَ دموعًا و أرتميَ في حضنهَا منتحبَة كونِي ضعيفَة لا حولَ ولا قوَّة لِي، ٱجَاهدُ بتحمُّل ذلكَ الألَم الفحِيح الذِي يسيطرُ عليّ، ٱجاهِد بجعلِي هادئَة رغمَ كونِي أختَنق لفترَة

أنَا ٱكَافح نفسِي و مرضِي و أكبتُ رغباتِي لعلَّها تخلُد للنَّوم بهنَاء هذِه المرَّة، لكنِّي وكمَا عهدتهَا ٱمِّي العنيدَة تهروِل نحوِي مسرعَة بمجرَّد أنَّها حينَ تفقَّدتني كشفتنِي هنَا بسرِيري لا زلتُ ٱعانِي..

أعينهَا المتلألأَة البائسَة، رجفَة نبرتهَا، ضعفُ ورهَافة جسمهَا، ملامحهَا الذابلَة و التعيسَة خلَّفت في قلبِي جرحًا و ألمًا أكبَر من معانَاتِي فرؤية حالهَا كانَ كثيرًا عليَّ بحقّ

لا أملِك الحقّ بجعلِك حزينَة أكثَر مما أنتِ علَيه يا ٱمِّي، لا أملِك الحقّ ولا الرغبَة بجعلِ عينَاك تذرفُ دموعًا، لا أريدُ رؤيَتك و أنتِ تذوقِين طعمَ العذَاب معِي، لا أحبَذ أيٌّ من تلكَ الأفكَار يا أمِّي فلتخلدِي للنَّوم و اتركينِي هنَا أعانِي بمفردِي!

السادسَة و أربعون دقيقَة لا زلتِ تتفقدِيني ألَم تخِر قواكِ، ألَم ترهَف أعينكِ الذابلَة التِي لم تجِد نصيبهَا من النَّوم هذَا اليَوم بسببِي! لا زلتُ ٱخبركِ و بألمٍ قارص أن تخلدِي للنَّوم يا أمِّي لكنَّك عنيدَة فمَا العمَل؟





-
م.خ

مشَاعرِي المكبوتَة.Where stories live. Discover now