التاسع عشر " الاخير "

22 3 0
                                    

زهراء سعد
~~~~

فجر واحد اكتوبر عام 1973
منذ ان هل رمضان انقطع دابر الحاخامات جميعاً وكبيرهم الملعون وواضبت انا على قيام الليل عندما تيقنت من امكانيه انتصاري عليهم

أصبح البيت شبه خالي وقد صار عصام في السنة الأخيرة بكلية الطب ، جلستُ في انتظار الفجر اسبح وافكر

هل يكون كل ما اراه وهماً صنعه عقلي لكنني في كل الاحوال لم اعد اخاف منهم ، فمن كنتُ اخاف عليه قد رحل وارتاح من عناء رحلته

لم اعد ابالي بشيء او بأحد حتى جلال لا اذكره كثيراً الا عندما اتذكر كلمات جدي الاخيرة قبل ان يعذبه الحاخام ويلقى حتفه

هل حقاً عذبه ؟
عقلي يفكر كل يوم في ماكتبه جدي لأبي في خطاباً لم يحتوي الا بضع كلمات ، انا على يقين انها رسالة هامة وليست هذيان غيبوبة كما تقول امي

" اغلى مانملك في اغلى مانملك "
ماذا تقصد يا جدي

استيقظ والداي لتناول السحور وبعد أن أذن الفجر صلينا وبقيت انا جالسة افكر في البلكون بعد أن خلدا للنوم وفجأة تذكرت كلمات جدي وهو يقولها اثناء حكاياته لي انا وجلال

" الوقت هو اغلى ما نملك "
كان يؤكد على هذا وكأنه يحاول أن يمنعنا من النسيان او احتماليه وجوده ، كانت تلك الجملة هي مفتاحة في الحديث وكثيراً مارددناها ورائه انا وجلال كنوع من انوع المزاح

لكن ماهو اغلى ما نملك ؟
وكيف نضعه في الوقت اذا صح ظني ؟
بقيت افكر ولا شيء يخطر ببالي حتى بدأت اتثاوب في ارهاق وبدا لي أن اذهب للفراش بعد ان لفحتني نسمات برد قوية واثناء ذهابي لغرفتي ، دقت الساعة العتيقة

وقفت منتبهة " الوقت _ الساعة " قد تكون الساعة لطالما رأيته عندها لكنني لم اعر الامر اهمية قط

هرعت الى الساعة ووقفت امامها انظر اليها في دهشة الى ان توقفت دقاتها الست ففتحت بابها الزجاجي الكبير وبدات استكشف لأول مرة ما بداخلها

تبدوا فارغة لكني ادخل يدي فلا اجد شيئاً
بدأت اشك في خطأ اعتقادي ، اغلقت بابها فتحرك شيء بداخلها بسرعة اعدت محاولتي واذا بي امسك بشي خشبي وقع طرفة بدأت احركه يميناً ويساراً حتى اخرجته من الساعة  ، انه صندوق خشبي

جلست وفتحته في لهفة فوجدت الكثير من الخطابات القديمة الخرائط ، خريطة تقسيم فلسطين
ما كل هذا ؟ الوثائق باللغة العبرية والأنجليزية
مذكرات يومية ، صور قديمة لشابين كتب عليها
" بداخل مستعمراتنا اليهودية في فلسطين "

صور اخرى في عرسهما ، صور اطفال وشباب
اقلي اكثر فأجد كلمات بخط جدي ملصقة بخطاب بينهم يقول

" في 1957 جلست على الكرسي المتحرك في البلكون قبيل الفجر اترقب حركة المارة القلائل واترقب الزمن يزحف بسرعة وثبات لأتم عامي السبعين ، لا استطيع أن ارجوه ليتمهل قليلاً او اسرعه فينقضي زماني في هدوء ، كل ما امتلكه الان هو الترقب والانتظار ، استغرقت عمرتً كاملاً لأستوعب الاعيب الحياة ومع ذلك لازالت تخدعني ، سمعتُ صوت الفرج في الفجر فلبيت النداء ثم قرأت ما تيسر لي من القرآن فسمعت الساعة العتيقة الخربة تدق دقتين فقط وقد اصبحنا في الرابعة فجراً ولم تكن اول مرة فعزمت على إصلاحها ، وعندما فككت البندول رأيت ورأه طرفاً خشبياً مثلثاً حسبته جزءً من الساعة في البداية وكدت اغلقها لكنه تحرك الى الأسفل عند تركيب البندول مرة ثانية اردت أن اقيمه مكانه فوجدته متحركً غير ثابت تحسسته فعلمت إنه ربما صندوق فأخرجته بحذر ، اغلقت باب الساعة الزجاجي وجلست وحدي في البلكون اتفحص الصندوق الذي احتوى على رسائل لم تكن لتخطر ببال احد

السر القديم Where stories live. Discover now