تشويق ٣

2.1K 105 20
                                    

وصل إلى مسامع الجميع صوت تحطم شئ ما، ليهرولوا جميعا تجاه مصدر الصوت والذي كان يأتي من غرفة صغيرة في جانب الحديقة.

دلف الجميع ومنهم "ملك" وبناتها الأربعة نظرا لإختفاء خامستهم والصغرى بينهم، خوفا عليها من أن يكون أصابها مكروه، ليجدوها تقف بقوة تناظر ذلك الشاب الذي تنزف رأسه بقوة وغضب شديد.

شهقة قوية خرجت من فاه والدة ذلك الشاب وهي ترى الدماء تنساب على جبينه وهو يقف يتنفس بقوة وغضب، لتتقدم له سريعا لترى جرحه وهي تصيح:

-مين إللي عمل فيك كدا! أنا بسأل ليه أصلا كأنه مش باين مين إللي عمل فيك كدا، هتوقع إيه من تربية الشوارع غير كدا.

-إللي بتقولي عليها تربية شوارع دي متربية أحسن تربية، متربية تربية إبنك مشافش ربعها حتى.

-"منه".

صاحت "ملك" في إبنتها الصغرى بقوة، لتلتفت لها "منه" ناظرة لها بنظرات قوية ورثتها منها هي، متحدثة:

-لو سمحتي يا ماما سيبيني أنا أتصرف.

-أنتوا هتسكتوا! هتسيبوها بعد ما فتحت دماغ الواد.

صاحت والدة الشاب الذي رأسه تنزف بشدة وهو واقف أمامها بلا حرف حتى.

-وريني راسه.

تحدثت "مريم" وهي تتقدم من الشاب، لتقوم والدته بدفعها بقوة جاعلة إياها تسقط أرضا على يدها التي إلتوت بقوة ألمتها، لتهرول لها والدتها وأخواتها سريعا يساعدوها على النهوض، بينما ملامحها منكمشة بألم شديد وهي تمسك بيدها، لتلتفت "ملك" إلى كبير العائلة متحدثة معه:

-من البداية وأنا قولتلك بلاش نرجع وأنت إللي أصريت، شوفت نتيجة إصرارك! أنا مش هقف أتفرج على بناتي وهما بيتأذوا واحدة ورا التانية.

-بنتك هي إللي تربية شوارع وفتحت دماغ إبني.

-لو أنا تربية شوارع يبقى إبنك تربية حواري ده لو كانت كلمة تربية عدت عليه أصلا لما يقولي الكلب ده أغلى من إللي جابوكي، ونسي للحظة إن إللي جابني يبقى عمه أخو أبوه من الأم والأب، نسي إنه قبل ما يهني هان عيلته كلها وهان نفسه هو كمان.

-خلاص يا "منه".

صاحت "مريم" وملامحها منكمشة بألم، لتنظر لها أختها وتصاب بالغضب أكثر عندما رأت ملامح أختها المتألمة، لتصيح مرة أخرى:

-لا مش خلاص يا "مريم"، إحنا من ساعة ما جينا هنا والكل حاططنا فوق راسه، إحنا عمرنا ما طلبنا حسنه من حد ولا إحتكينا بحد، إحنا حتى مطلبناش إننا نيجي في خير العيله إللي مكناش عارفين إنهم موجودين أصلا، إحنا كنا مكتفيين باللي كنا فيه، الكل كارهنا ليه وإحنا مأذيناش حد.

-إحنا كارهينكم يا "منه"!

تحدثت تلك المرأة البشوشة والتي تكون زوجة عمها الكبرى، لتتحدث "منه" سريعا:

-حضرتك على راسي يا طنط، بس إحنا من ساعة ما جينا وإحنا محدش طايقنا كأننا قاتلين ليهم قتيل.

-كفايه يا "منه".

صاحت "مرام" هذه المره وهي تمسك بذراع أختها تحاول ثنيها عن إكمال حديثها، ولكن "منه" أبت الصمت أكثر من هذا، لتكمل حديثها:

-لا مش كفاية يا "مرام"، طالما فتحنا الكلام يبقى نقول كل إللي جوانا بقا علشان منندمش بعد كدا إن كان في إيدنا نتكلم وسكتنا، إحنا مش بنشحت من حد ولا طلبنا من حد يصرف علينا ولا عمرنا عينا كانت مكسورة، أمنا ربتنا أحسن تربية وفضلت محاوطة علينا لحد ما كبرتنا وخلتنا زي ما أنتي شايفة والكل شايف دلوقتي، وبابا الله يرحمه سايبنا مستورين والحمد لله، يبقى مفيش داعي إن حد يعاملنا على أساس إننا شحاتين أو مستنيين صدقة أو عطف من حد.

-ماشي يا "منه"، خدي أمك وأخواتك وأطلعوا الشقه دلوقتي، ولما أجي من المستشفى نبقى نتكلم مش هنسيب الولا يتصفى يعني.

تحدث عمها الأكبر بهدوء، لتنظر له "منه" قليلا محولة نظرها إلى أختها التي مازالت تمسك بيدها متحدثة بهدوء:

-إحنا هنروح المستشفى نتطمن على إيد "مريم" الأول ونرجع نلم هدومنا علشان نرجع بيتنا تاني يا عمو تكون حضرتك رجعت علشان نسلم عليك قبل ما نمشي.

-طيب تعالوا معايا إحنا كدا كدا رايحين المستشفى.

-لا يا عمو إحنا هنتصرف لوحدنا زي ما كنا بنتصرف لوحدنا السنين إللي فاتت دي كلها، وكمان مينفعش نتساوي بإبن الأكابر، ومتخافش عليه أوي كدا يا عمو، الخبطة كانت خفيفه بس هو إللي خرع، يلا يا "مريم" نروح المستشفى أنا وأنتي و"مرام"، وماما و"ماريا" و"ميرنا" يطلعوا يلموا الهدوم على ما نرجع.

أنهت "منه" حديثها ممسكة بيد أختها الكبرى متحركة معها برفقة "مرام" حتى خرجوا خارج حدود المنزل نهائيا، لتتحدث "منه" بصدمة:

-ماما هتشلوحني، صح!

-دي هتعمل من فخادك بانيه.

صاحت "مرام" معلقة على حديث أختها، لتتحدث "مريم" هي الأخرى:

-بعيدا عن إن ماما هتعملك لحمه مفرومه، بس إنتي عجبتيني إنك مسكتيش وأخدتي حقك من عنيهم وكمان قولتي كل إللي إحنا عايزين نقوله، بصي هو لا مفر من عقاب ماما بس إحنا هنساعدك في الخباثه.

إبتسمت "منه" على حديث أختها، مشيرة إلى تاكسي حتى يتوقف ويذهبن جميعا إلى المشفى.

**

"يتبع💙"

أم البناتWhere stories live. Discover now