الفصل التاسع عشر!.

9 2 40
                                    

نامت بعد تفكير طويل ، وحقاً لم تر ذلك الفتى! ، كيف للخيالات المرعبة أن تختفي فجأة؟ ، ومالسبب؟ ، أيمكن للكوابيس أن تختفي فجأة؟ دون عناء ولا ألف عام من العذاب كما خُيّل لنا حينما كانت تلطم على جباهنا؟،  استيقظت بعد أن داعبتها أنامل الشمس ، قضت بداية يومٍ عادية ، إلتفت حولها الخادمات كالعادة ، وتبادلن الحكايا والضحكات ، تناست أمر ذلك الرجل الأسود الذي بان البارحة من العدم ، وتواجدت كايا ، وحدثتها فيوليت عن ما أنهت من إجراءات لشراء المبنى ، ومن ثم اعتكفت بقية اليوم في المكتبة تقرأ وتقلب ، قرأت كما من الكتب ، حتى تعبت ، فقررت أن تخرج وترى ما حولها ، وقفت وعدلت ناصيتها الذهبية ، نظرت حولها قليلاً فرأت باباً من أحد أبواب المكتبة يؤدي إلى ممرٍ غير الذي أتت منه ، فإنتابها الفضول ، وقررت أن تمضي ، دفعت مقبض الباب الكبير المزخرف برفق ، ففتح بسهولة ، مشت عبر الممر ، كانت إضاءته خافتة ، والنوافذ مفتوحة بشكل قليل جداٍ للتهوية ،  مشت قليلاً أكثر ، وإنتهت عند بابٍ آخر ،

-لا يبدو أن هناك أحد .

لذا قررت أن تلقي نظرة ، دخلت فوجدت غرفة خافت الضوء خفيفة التهوية حالها كحال الممر ، ووجدت كماً هائلاً من الصور التي رتبت على طاولة وغُطيت .

- قال أليكسيس بأن جيمان كُلها وسيدها لي.

رفعت الغطاء من على إحدى الصور ، رأت صورة لشخصٍ إقشعر منه بدنها ، ليس خوفاً ، وبل ربما شيء من الوحشة أو شعور غريبٌ بالفراغ ، كان رجلاً عريض المنكبين حنطي البشرة ، أزرق العينين ، وفضي الشعر ، كان رجلاً يمكنك أن ترى قوته والأهوال التي كابدها من محياه ، كما لو أنه يبدو لها واقفاً ، ويهتف في حب الوطن ، وبالرغبة العارمة في حمايته ، شردت للحظات ، ثم قالت:

- كلي يقين بأنهُ الملك ألبرت جيمان ، والد أليكسيس.

أرادت أن تتابع التقليب لكنها تذكرت أنها أطالت اختفاءها وقد يقلق أحدهم ، غطت اللوحة ، وخرجت موصدة الباب ، عادت إلى المكتبة وأخذت كتاباً لم تنتهي منه بعد ، عادت تتمشى ببطئ في الممرات متوجهة لغرفتها وعندما جلست سمعت طرق أحدهم .

- تفضلي.

- أنا روز ، حضرة الدوق الوعد السيد كريس يود لقائكِ.

- أوه أهلاً ، به أخبريه أن يدخل.

أخذت الكتاب الذي يتكلم عن السحر وخبأته تحت وسادتة الأريكة مسرعة ، دخل كريس وألقى التحية ، كان يرتدي زي فرسان كعادته ، وكان شعره الأشقر الطويل مربوط يتدلى على كتفه الأيسر ، كان كريس دافئاً ومخيفاً في الوقت نفسه ، وكانت فيوليت تعتني به دائماً كأنها الكبرى.

- تبدين غريبة هذه الأيام .. فيو كيف حالك؟.

- مالذي تعنيه بالغريبة أنا مثل الفل!، وبكل خير يا أخي وأنت؟.

-لقد عدتِ إلى القراءة بنهم .

إنتفضت وقالت:

- كيف علمتَ ذلك يا كريس؟ ، أخبرتك روز؟؟.

تبسم كريس وقال:

- كلا لقد إنتظرتكِ لأربع ساعات.

- أربع ساعات؟ ،ولمَ لم تنادني؟!، كنتُ لأخرج لك!.

- لقد حاولت الفارسة تكليمك ولكنكِ كنتِ غارقة في قراءتكِ.

تذكرت أنها كانت تبحث بشدة وقلق ، لدرجة أنها غفلت عما حولها حقاً ؛ حاولت أن تغير الموضوع وقالت:

- من الغريب أنك لم ترافق أليكسيس يا أخي اللطيف ، فأنت تحب القتال.

جفل كريس وتوسعت عيناه ووقف قائلاً:

- فيو.... كيف علمتِ؟!.

لقد عثر لسانها ، وزاغت كلمة ماكان ينبغي أن تقولها فهذا ما علمته من ذلك الفارس الذي يسمى قسورة ، لم تجد بُدّاً وحدجته بجدية وقررت استعمال مهاراتها الدرامية وقالت بعد أن ذرفت دمعتين وغطت فمها بكفها من ضمن بروتوكولات البكاء المزيف :

- أنت وأليكسيس سيئان حقاً ... لكم أكرهكما ! .

إنطلت الحيلة على الآخر وسأل مصدوماً :

- لمَ؟!.

استغلت فيوليت الأمر لأن هذا التكتيك دائماً ما ينفعها ، وأجابت:

- أتعتقدون أني لن أنتبه ؟! ، وأني مجرد دمية غبية وجدت للزينة؟ ، تفعلون ما تريدون وتكذبون طيلة الوقت ، وبل لم يمر شهر واحد على إرتباطي به لكنه ذهب ليحارب سراً مع ملكٍ عجوزٍ قد يموت بعد يوم!.

إقترب منها وقال بجدية وقلق ونبرة خافتة:

- الملك... الملك ليس عجوزاً يا أختي إنه أصغر من أليكسيس بعامين!.

استفزها الأمر حقاً فإنتفضت صارخة لينتفض الآخر مفزوعاً منها:

- أهذا هو المهم الآن؟!.

كان مظهره وهو فارسٌ طويل عريض مفزوع إثر رد فعلها مضحكاً حقاً ، غطت فمها وهي تحاول كبت ضحكتها ، وتسائلت: لمَ كان علي أن أبلغ هذه المرحلة فقط من أجل سر قسورة ذاك؟ ، حتى لو كان وريث عرش مملكة قوية سريّ ، ما كنت لأبلغ هذا الحد... أعتقد بأني أفعل ذلك لأنه أفادني.

- أختي ، لم أكن أعلم أنكِ تفكرين هكذا .

كانت في أوج حزنه وندمه ، فقامت بحضنه وقالت:

- لا عليك يا أخي ، أتمنى فقط أن تتوقفا عن الكذب ، لأنه من المحرج أن يكون ابن الدوق وملك جيمان عبارة عن وغدين كاذبين.

فِينا!.Where stories live. Discover now