••عندما أغلقت أجفانها بعد طول أرق ، رأت ذلك الطفل الذي كانت تراه في أحلامها كل يوم ، رأته يبتسم ، حكت له قليلاً كالعادة ، ولكنها استغربت عندما توقف الفتى عن الإبتسام ، أزلمت ملامحه وبكى وقال:
- أهذا وقت الراحة حتى؟.
- ماذا تعني؟.
- فينا ، إن الهم فينا.
- ماذا؟!.
استيقظت مفزوعة مستغربة ، وقفت من فراشها وشربت بعض الماء ، ألقت بنظرها ورأت الكتاب الذي كانت تقرأه صباح الأمس ، وكان يتكلم عن اللعنات ، حاولت أن تهدئ نفسها وكذبت ظنها وكابوسها ، وعادت للنوم ، استيقظت بصعوبة واستعدت والتعب يبدو على وجهها ، ثم تناولت الفطور مع أليكسيس بهدوء ، لكنه استغرب حالها وسألها:
- ألم تنامي بالأمس؟.
كان متيقناً بأن حدث البارحة جعلها تتوتر ، وإزداد قلقه وتعكر صفوه ، فأجابته :
- لم استطع ذلك.
-لمَ؟.
- لا شيء مهم للحق...
لم تستطع إخباره بأنه بسبب غرابة يوم الأمس والكابوس لكنه كان قد لاحظ بالفعل.
- أميرتي تخفي الأسرار ولا أدري منذ متى أصبحت تفعل هذا ، عليكِ أن تطمئني قلب زوجك البائس يا امرأة.
استغربت وضعه وقالت منتفضة:
- ماذا؟ ، أنت مالذي تقوله؟!.
نظر إليها بثقة وقال:
- رأيتِ كابوساً ، أوليس كذلك؟.
جفلت وقالت:
- لم يسبق لي أن رأيت ملكاً وعرافاً في الوقت نفسه... هذا فريد.
- لا تستغربي فقريبي ملك ورجل عصابات ويقاتل بالخناجر والنار .
ضحكت وقالت:
- لكم هذا غريب.
- أكان كابوساً سيئاً؟.
-أجل ..
- عندما تنزعجين أو ترين كابوساً أو يؤرق ليلك ، تعالي إلي سأكون دائماً موجوداً في ساحة التدريب .
- دائماً؟.
- أجل.
كانت دائماً تتكلم بطلاقة وثقة ولا تصدم بأي رد لكن هناك شيء داعب قلبها وجعلها تخجل وتصمت ، عادت إلى غرفتها ، وحاولت قراءة الكتاب الذي لم تنهه من الأمس ، بقيت حتى نعست ، كانت قد شعرت بالغثيان بسبب قلة النوم ، حتى إنتشلها صوت روز التي نادتها قائلة:
- أميرتي؟... هل نمتِ؟.
- أوه روز ، إني مرهقة قليلاً ، لم أنم جيداً و...
- أرجوكِ إنتبهي إلى نفسكِ وقولي من البداية ، أتودين أن ترتاحي؟.
- كلا ، موعد الغداء قريب .
- سمعاً وطاعة.
أتت أولاً ثم أتى بعدها بلحظات ، وقال:
- سمعت من روز أنكِ متعبة قليلاً.
ضحكت وأحست بالإحراج الشديد وقالت:
- لم أكن أعلم أن الفرسان يتناقلون الأخبار بهذه السرعة.
-حسناً ماذا أقول؟ ، نحنُ بغاية القلق على سيدتنا... وإن دعوتِ إلى جلّى ومكرُمة يوماً سراة كِرَام الناس فادعينا.
قال بيتاً شعرياً في الفخر وهو يتبسم في قلق ، أجابته:
- إنكم حقاً من يستحق الجلى والمكرُمة .. لقد أُرق ليلي لذا توعكت قليلاً.
- إرتاحي ، فما رأيته بالأمس كان كفيلاً بإصابتكِ بالأرق.
- سأفعل.
بقيت تفكر في فراشها وسرعان ما أغشاها النوم وأخذها ، نامت لساعات حتى حان موعد غروب الشمس وصحت مثقلة ، وكانت قد رأت الكثير من الكوابيس ، أرادت حقاً أن تحضر وجبة العشاء معه ولا تزعجه وتغيب ، مازالت ثلاث ساعات وحسب ، إرتدت فُستاناً بنفسجياً يليق بعينيها بمساعدة كايا و روز .
- روز.
- سمعاً وطاعة يا أميرتي.
- أخبرتِ جلالته عني بسرعة حقاً..
- أوصاني جلالته بذلك فماذا أفعل؟ .
- هو ؟.
-أراد أن أكون صلة بينكم... وأصر على إبلاغه بالأمور المهمة آمل أن لا يزعجكِ هذا ، إن إعترضتِ فسأخبره.
- لا بأس فهذا بسيط.
YOU ARE READING
فِينا!.
Historical Fictionنصف الكوابيس تأتي من النفس ، إذن ماذا لو كانت كل تلك المشاكل فينا؟ ، ماذا لو كنا قد صنعنا وشكلنا مشاكل حياتنا بأنفسنا ، ونسينا ثم إنتبهنا لها لنكتشف أنها تقهرنا وتؤرقنا ، ونسينا أننا صانعوها؟.