" شجن "

الفصل السادس عشر

الأيام تجري تباعاً مجبرة الشتاء على لملمة حقائبه مستعداً للرحيل ، شيء من الخُضرة طال الأرض والشجر لتعود الى صورتها البهية مختالة .
يوم جديد أطل على تلك الفتاة كانت تعمل فيه كالمعتاد حتى دخل أحد زملائها حاملاً أكواب القهوة الورقية ليقدمها لهم كضيافة منه
أخذت كوب القهوة خاصتها بامتنان وما كادت تشرب القليل منها حتى نادها المدير ليخبرها انها المسؤولة عن رحلة العمل الخاصة بالرئيس التي ستكون في نهاية الاسبوع الى مدينة بوسان كما انها سترافقه اليها

وحالما انهى مدير القسم كلامه معها سحبت نفسها وعجلت الى مكتبه لتزف اليه الخبر بسعادة
وجدته يجلس هناك كعادته خلف مكتبه فتبسمت ملامحها وهي تتقدم منه بخطوات بطيئة اجبرته على رفع بصره نحوها

تكلم متعجباً : ما سر هذه السعادة التي تعلو وجهك ؟

بدهاء رددت : لقد تم التجهيز لكل امور رحلة العمل في نهاية الاسبوع والتي ستدوم ليومين فقط ؛ اتيت لاخبرك ان المدير سيرافقك بهذه الرحلة بنفسه .

ضيق عينيه بشك مندداً : محاولة جيدة انستي ؛ لكنني سبق وأشرت عليه بجعلكِ رفيقتي في هذه الرحلة ولا اعتقد انه سيخالف اوامري !

رفعت كلا حاجبيها بتعجب : هل انت من اختارني حقاً !!

ابتسامة صغيرة سحبت زاوية شفتيه كانت رداً كافياً منه لجعلها تضيق عينيها وتتراجع للخلف مدعية القلق : ما الذي تخطط له ايها الرئيس اللعوب عندما تأخذ حبيبتك معك الى رحلة العمل هذه ؟

أشرقت جميع ملامحه لهفة لكلمتها تلك قبل ان يجيب بهدوء : بدلاً من التفكير بها والاشتياق لها طيلة الوقت ، أليس من الأفضل ان تبقى معي وبجواري ؟

ضحكت بنعومة مخفية خجلاً تفتح كالورد على وجنتيها ؛ بأناملها التي ارتجفت حباً تمسكت جيداً بكوب القهوة الذي بيدها وشربت منه بسرعة غافلة عن شدة سخونتها حتى احترق لسانها فصاحت في ألم وهي تبعدها

انتفض في مكانه قلقاً عليها وتساءل وهو يتفقدها : ما بكِ ؛ هل انتِ بخير ؟؟

اشارت موافقة بابتسامة محرجة : لقد شربت من القهوة دون ان ادرك مدى سخونتها ، كان علي ان اكون اكثر حذراً .

اضافت بنوع من المكر : قدمها لي زميلي وانشغلت عنها بسبب قدومي اليك ولذلك لم ادرك مدى سخونتها !

رفع حاجباً دون الاخر وردد بخفوت : زميلك !

اعادت خصلات شعرها الخيلي للخلف وعينيها تتصيد ردات فعله بدقه : كان ذلك لطفاً منه ؛ كدت أسقط نائمة لفرط شعوري بالنعاس لكنه انقذني ..