الفصل الثالث

419 50 63
                                    

انتصف الليل بالفعل ؛ وفي وقت متأخر من الليل كهذا لا احد من سكان المنزل بدا مستيقظاً عند وصولها
اتجهت مباشرة نحو غرفتها لتخلع معطفها الثقيل ؛ وضعت حقيبتها جانباً واسرعت نحو مكتبه لتضع التقرير عليه كما طلب منها

لم تتوقع ان يكون مستيقظاً في هذا الوقت ؛ لكنها لن تنجو من لسانه اللاذع صباحاً اذا لم تسلمه التقرير لذلك اتخذت قرارها بوضعه على مكتبه
دخلت المكتب بحذر وهي تنظر في جوانبه فلم تجد له أثراً ؛ تنهدت براحة وتقدمت نحو طاولة المكتب تنظر اليها بسكون قبل ان تهرب ابتسامة خافتة على شفتيها

لازال هو دونغهي نفسه كما عهدته ؛ يحب ان يكون كل شيء حوله منظماً ، مهووس بالترتيب والنظافة ولا يترك شيئاً في غير مكانه !
كيف له ان يبقى راسخاً على قواعده ثابتاً دون تغيير كل هذه المدة ؟!
هذا ما فكرت به وهي تضع التقرير بحذر متأكدة انه وضع بشكل مرتب وانيق ومستقيم كي لا تثير غضبه

وما ان اعتدلت بجسدها حتى اتاها صوته الهادئ كنسيم البحر معلقاً : ما الذي تفعلينه ؟

استدارت بفزع تنظر اليه وسرعان ما ابتلعت خوفها وتنهدت براحة عند رؤيته وهمست : لقد أخفتني !!

كرر سؤاله عليها دون اي مبالاة لخوفها ذاك : ما الذي تفعلينه في مكتبي وفي هذا الوقت المتأخر من الليل ؟

نظرت اليه بامتعاض في حين كان هو يلتقط أدق تفاصيلها بحذر ؛ يتقصى ملامحها التي ازدادت جمالاً ونصجاً عما يذكرها
عينيها الواسعتين ذات اللون الرمادي الآسر الذي كان نقيضاً باذخ الجمال للون شعرها الأسود الحريري وخصلاته الليلية وهي تحيط وجهها الصغير بحب
بشرتها البيضاء الناصعة ؛ شفتيها الحمراء كالدم وانفها الصغير ، انوثتها المتقدة ونعومة تفاصيلها ...

تكلمت بارتباك تحاول التهرب من عمق نظراته الفاتنة : لقد احضرت النقرير الذي طلبته بعد ان اصبح جاهزاً .

التقطت التقرير من على مكتبه بنهاية كلماتها ؛ ولغفلتها لم تشعر به وهو يقترب منها حتى أصبح امامها مباشره يحاصرها بين جسده الطويل مقارنة بقصر قامتها الأنثوية البحتة
اخذ التقرير من يديها وألقى عليه نظرة يبحث فيه ليتأكد منه دون ان يلاحظ نظراتها التي تعلقت به ..

بدون ان تشعر كانت غارقة بغياهب رجولته ؛ بداية من خصلات شعره السوداء المبللة والمنشفة التي يمسكها بيديه كأنه كان يحاول تجفيف شعره
بثيابه البيتيه المريحة ؛ بنطال رمادي واسع قليلاً ؛ وقميص قطني أسود يبرز تفاصيل جسده الرياضي .
عينيه الداكنتين بطبعهما الحاد ؛ ملامحه الوسيمة التي اتخذت من الكمال مثالاً ، خط فكه المستقيم وشفتيه المنفرجتين
كل تفاصيله الوسيمة التي وقعت في حبها قبل سنوات ؛ علامات شبابه التي اتسمت بالنضج بعد هذا الغياب كأنما لم يزده تقدمه في العمر سوى هيبة ووقاراً ..!

" شجن " Where stories live. Discover now