منك و إليك

المقدمة

     الحياة...

  كلمة ربما يجدها البعض سهلة التعريف.
و ربما آخرون يتفلسفون في تعريفها.
و لكن حتما...حتما ستجد أشخاصا لا يستطيعون اختيار تعريف مناسب لها.

لعلهم يعلمون حق المعرفة أن لا تعريف مناسب لها.
أو لعلهم عاشوا بما يكفي..من أسى،من خيبات،من آلام جعلتهم يدركون أن هذه الحياة....كل شيء ما عدا أنها حياة او أنفاس أو دقات قلب.

في هذه الحياة...ستعاني،ستخيب،ستبكي،و ستضحك لأيام.
كلنا على علم بهذا.
لقد أُخبِرنا مرارا و تكرارا...

سئمت انا أيضا من سماعها!

أود شخصا.. شخصا يخبرني،و يقنعني،أن ما عشته و ما سأعيشه أيضا...سيكون أكثر قساوة،ولكن أقل ألما...لأنه سيكون بجانبي دوما.

و لعلك كنت أنت هذا الشخص...و لعلي كنت انا أيضا ذاك الشخص بالنسبة لك.

مخيف كيف لأفكارنا أن تكون متشابهة.
ولكن جميل أيضا أن أحضى بشخص يشاركني هذه الأفكار.

أ هذا ما يعنيه حلو و مرّ في آن ذاته!
ام أن هذا ما يعنيه الجنون؟

أ ليس من المفترض أن يتغلغل الفرح و السرور بأعماقنا عند معرفة أن هناك شخصا يشبهنا؟

إذن...لماذا أستصعب تقبل تلك البهجة؟

لا أظن أنه كان سؤالا عابرا...
أن تسأل و تخصّص ...هذا يعني أنك تعمّم.
و أن تسأل و تعمّم..هذا يعني أنك تخصّص.

عندما سأل عن البهجة...لم يكن يقصد بهجة وجود شخص يفهمه فحسب !
إنما كان يقصد كل ما هو حلو و جميل،كموجة مرتفعة أحضرت معها كل ما هو نفيس.

يستصعب أن يتقبل تلك السعادة...كطفل خائف...كيتيم وحيد...

    ما عاشه كان كافيا أن يستصعب الراحة و أخيرا...و ما عاشته هي،كان كفيلا بأن يجعلها تبحث عن الأمان رغم خوفها...وحين وجدته،استصعبت حقا تقبله.

طرقهما...طرق لو امتدت لآلاف و مليارات الكلمترات...ستتقاطع في نهايتها،ستصبح طريقا واحدة لكل منهما.
ليس على كل واحد منهما أن يبذل جهدا في لقاء الآخر .
ليس و كأن الأقدار ستنتظر خطوتك.

الواقع هو أنهما لمرات عديدة التقيا...ولكن لم يكن تلك اللقاءات المقدرة كافية أن يخوضا في محيطات بعضهما البعض.

ربما كانت مجرد تمهيدات...مجرد تلميحات...وما أجمل و أصعب تلك التلميحات.

جميل أن تدرك أنك التقيت ذاك الشخص لعدة مرات.
و صعب أن تتجاوز غيابه بعد التقاءك به.

سيشغل في يوم ما...حيّزا كبيرا من تفكيرك.
وسيصعب عليك حقا أن تنفضه من رأسك كأي فكرة عابرة.

و سيكون الأمر أشبه بالالتفاف حول نقطة...أو ذرة واحدة.

سيبتدئ منك...و يعود إليك.