الفصل التاسع والأربعون

Начните с самого начала
                                    

❈-❈-❈
بعد ساعات من البحث والاتصالات المتكررة بدون فائدة حتى قارب على اليأس وغلبه الخوف والقلق
من أن يحدث أو يضر نفسه بشئ ما، يتفاجأ برؤيته الاَن هنا وعلى مدخل المنزل جالسًا على الدرجات الرخامية بصورة مزرية، ليُخفي حزنه بصعوبة حينما اقترب منه عامر الريان وزوجته الذين سبقا جاسر وزهرة إليه:
- إيه يا بني، قاعد كدة ع السلم ليه ومدخلتش الفيلا على طول، هو انت غريب يا طارق؟
بابتسامة مغتصبة رد وهو ينفض ملابسه في النهوض لمصافحة الزوجين بمرح مزيف :
- معلش يا عمي بقى، راسي تقيلة ومقدرتش اروح ولا استنى في البيت لوحدي، قولت انتظر جاسر هنا اسهل،
قالت لمياء باستغراب لحالته:
- قصدك إن انت شارب يعني؟ بس مش باين عليك إنك ســ كران يا طارق ، هو انت مجيتش ليه صحيح خطوبة كاميليا؟ مش هي شريكتك برضوا في الشغل
أجفلته لمياء بأسئلتها المتتالية المباغتة، فافتر فاهه يفكر ليأتي لها بحجة كاذبة ولكن جاسر لحق به لينقذه سريعًا بترحيبه بعد أن وصل إليه:
- إنت موجود هنا يا مجنون انت وانا بدور عليك، عن إذنك يا ماما عن إذنك يا بابا، اصل عايز انفرد بيه لوحدي .
قالها ليسحبه سريعًا إمام أنظارهم المندهشة، حتى التفوا إلى زهرة بتساؤل والتي قد وصلت إليهم متأخرة، بعد أن سبقها زوجها للحاق بصديقه للأنفراد به، حركت كتفيها ومطت بشفتيها تدعي عدم المعرفة قائلة ببرائة:
- معرفش

❈-❈-❈

وفي الداخل وفور ان اختلى بصديقه بالغرفة التي اغلقها عليهما وحدهم هتف يود لكمه على فكه بعد ساعات من القلق كادت أن تقضي عليه مع تعمد الاَخر لعدم الإجابة عن اتصالاته المتكررة للاطمئنان عليه:
- كدة برضوا يا زفت انت، تسيبني هموت من القلق والخوف وانت زي الطور مستني هنا على سلم البيت .
تجاهل طارق صياحه ليرتمي على الاَريكة التي وجدها أمامه ليستلقي عليها بظهره، ورد بلهجة ميتة:
- معلش يا جاسر، بس انا بصراحة مكنتش قادر اتكلم ولا ارد على أي حد .
تنهد جاسر بعمق وعيناه اتجهت للسماء فهذا المتعوس أرهق قلبه بالحزن على حالته التي لا يجد لها حل ولا يعلم أين تكمن العقدة بالظبط؟
خطا ليجلس على الكرسي المجاور له وربت بكفه القوي على ركبته يقول بتحفيز
- اصحي وفوق كدة، الزعل ما فيش منه نتيجة، غير انه بيحيب التعب والمرض لصاحبه، فوق ياللا وارجعلي طارق بتاع زمان .
تبسم بجانبية ليرد ساخرًا دون أن يلتف نحوه :
- طارق بتاع زمان! يا سلام يا جاسر دا انا كنت ضاربها جزمة وكل يوم مع واحدة شكل ولا اعرف هم ولا زعل حتى، كانت ايام بقى .
صمت جاسر فقد الجمته مرارة الحديث ولم يعد به قدرة على مجارته فتابع الاَخر يفاجئه بطلبه:
- على فكرة يا جاسر، انا كنت جايلك النهاردة مخصوص عشان ابلغك بقراري.
- قرار إيه؟
سأله جاسر مستفسرًا فالتف الاَخر يعتدل إليه بجسده على جنبه يخبره:
- أنا قررت اسيب الشغل عندك وارجع لكندا اكمل فيها هناك مع أهلي .
- نعم !
هتف بها جاسر ليتبع قوله بلكزه بقبضته ناهرًا بحزم:
- انت اتجننت ولا عقلك طار منك ، ولا يكونش فاكرني هسمحلك، اقسم بالله ما هسمحلك يا طارق .
هم الاَخر ليجادله ولكن اوقفه صوت طرق على باب الغرفة الذي دلفت منه زهرة بعد ذلك بصنية عليها كوبين كبيرين من مشروب الليمون، تلقفها جاسر قائلًا بغضب لها:
- وانتي كمان شايلة الصنية بنفسك ليه؟ ما فيش خدامين يجيبوا بدالك؟
- الخدامين نايمين وانا صعب عليا بصراحة اصحيهم.
تمتمت بها وهي تخطوا لداخل الغرفة خلفه حتى إذا وصلت إلى طارق سألته بقلق :
- عامل إيه دلوقتِ كويس؟
أجابها بهز رأسه وابتسامة ليس لها معني لا تصل إلى عيناه قبل أن يعتدل بجذعه ويتناول كوب العصير الكبير من جاسر ليرتشف منه، فقال الاَخير :
- تعالي وشوفي المجنون دا اللي عايز يسيب البلد ويهاجر لكن وربنا ما هسمحله .
توجهت إليه تسأله بخضة:
- دا بجد يا طارق ؟
اومأ لها دون صوت فردت بانفعال اختلط بغضبها وهي تجلس لتنضم معهما :
- ما تزعلش مني بس انت كدة بقى هتبقى جبان وهربت وسيبتهالوا .
أصابت الصدمة جاسر قبله فقال ملطفًا رغم نظراته المحذرة إليها :
- زهرة حبيبتي اهدي شوية وخلي بالك من كلامك، كذا مرة اقولك حاولي ما تظهريش اللي جواك.
تجاهلت تحذيره المبطن والتفت لطارق تكمل بتأكيد:
- زي ما بقولك كدة طارق، اوعى تسافر وتستلم، كاميليا بتكابر وهي بتتقطع من جواها، وأكيد الوضع دا مش هيستمر معاها كتير .
نبت بقلبه الأمل ولكن رفض أن يحارب طواحين الهواء دون فائدة بيأسه، فقال يذكرها:
- عايز افكرك ان اللي بتتكلمي عليها دي كتبت كتابها، يعني الموضوع خلص.
- لا مخلصش.
قالتها بعند اثار استغراب زوجها الذي تمتم غير مستوعب:
انت جايبة الثقة دي منين بس؟ بلاش خيالك البريئ ده يا زهرة في حاجة كبيرة زي دي وغير مضمونة كمان.
سمعت منه لتكمل لطارق غير مكترثة:
- اسمعها مني يا طارق، حتى لو كان كلامي خيال زي ما بيقول صاحبنا ده، انا مبقولكش انك تفرق ما بينهم ولا تعمل لها مصايب، يكفي انك تفضل قاعد قدامها وقصادها، انا مش طالبة منك حاجة تاني .
حديثها العفوي جعله يعيد التفكير بجدية حتى أنه عاد بجلسته للخلف وبدت ملامح وجهه تتغير باهتمام، ورغم أن بداخله لا يريد الإنتظار لشئ قد لا يتحقق مع
رفض كرامته أن يأخذ مكان الإحتياط في حياة المرأة الوحيدة التي أحبها وسلم إليها قلبه، ولكن وما الضرر في الإنتظار، هو بالفعل يحترق بداخله، كما انه لن يجد الراحة أبدًا في البعد عنها، والأهم أنه يعلم تمام العلم بعشقها له ولكن تظل هذه الألغاز التي تحاوط بها نفسها
هي ما يقلق راحته، إذن فاليظل هنا وربما توصل لحلها في يوم ما .
قطع شروده ليلتف نحو زهرة يسألها عن هذا الشئ الخفي في حياة العنيدة محبوبته:
- زهرة معلش كنت عايز أسألك، تعرفي حاجة عن والدة كاميليا؟
بدا على جاسر الاستغراب كما قطبت للسؤال مفكرة قبل أن تجيبه :
- انا اللي اعرفه انها اتطلقت من والد كاميليا زمان، من ايام ما كانوا ساكنين جيرانا في الحتة، بصراحة الناس كلها استغربوا ازاي واحدة تسيب طفلها ميدو اللي عمره وقتها كان يدوبك يجيب سنة، وتربيه بنتها، بس كمان كلنا خمنا إن أكيد خالتي نبيلة هترجع تاني لجوزها، بس اللي حصل انها مرجعتش ، وفضلت كاميليا تربي ميدو بمساعدة والدها
تابع يسألها مرة أخرى:
- طب هي كاميليا كانت بتزورها؟
صمتت قليلًا زهرة بتفكير رغم اندهاشها الكبير من أسئلته ثم أجابته بتذكر؛
- بيتهيألي كانت بتروحلها وهي كبيرة كمان ، انا فاكرة في مرة اختفت يومين واما سألتها قالتلي انها كانت عند والدتها .
تمتم وقد ازداد اندهاشه:
- قعدت عند والدتها يومين طب ازاي؟
تدخل جاسر بقوله لهم:
- ما تفهموني انتو بتتكلموا عن إيه؟
أجابته زهرة بسجيتها:
- انا بجاوب على أسئلته لكن والله ما فاهمة.
ردد خلفها بعد أن لاحظ نظرات جاسر المستفهمة:
- وانا بسألها واقسم بالله برضوا ما فاهم حاجة.
تطلع إليها جاسر بازبهلال، بعد أن أثارو فضوله بأسئلتهم الغريبة، فقطع يسأله:
- طب انت قررت إيه دلوقت؟
ارتشف طارق من كوبه قليلًا بصمت وتفكير عميق قبل أن يجيبه:
- انا قررت اجازة دلوقت اريح فيها اعصابي واسافر اطمن على أهلي بالمرة، حتى عشان اخدها فرصة كمان افكر بقى براحتي .
- حلو أوي ده
غمغمت بها زهرة ليحدجها جاسر بغيظ قبل أن يتابع بسؤاله:
- اه يعني كام المدة اللي هاتاخدها في اجازتك دي؟

نعيمي وجحيمهاМесто, где живут истории. Откройте их для себя