22

666 32 0
                                    


تسمرت في منتصف الغرفة تطالع ما أعده حمزه من أجل صغيرهما أحمد، لا تصدق عينيها، بعد حبس في المشفى مع ابنها بسبب ضعف بنيتها، كذلك فترة الضغط النفسي أدت دورها في عدم تحمل حياه لمشقة الولادة.

أسبوع قضته إجباريًا في المشفى تلاه آخر بإرادتها حتى لا تترك صغيرها وحده، بعدما أصر طبيب الأطفال على ضرورة مكوثه أسبوعين كاملين، أقسمت ألا تلمس قدميها عتبة المنزل دون صغيرها، عهدًا قطعته على نفسها أمام بوابات المشفى وقت المخاض.

عودتها إلى المنزل برفقة ابنها مر عليها عدة أيام، قضاهم حمزه متباعدًا، منشغلًا، ليفاجأها اليوم بغرفة كاملة بالألوان التي صرحت عن مدى جمالها لغرفة طفل شقي مثله، وأعين كبيرة مثلها.

هللت وتحملت وجع أسفل بطنها أثناء إرتفاعها على أطراف أصابعها تعانقه في محبة، تبثه هيامها بما أعده خصيصًا لعائلتهم الصغيرة .

تراجعت عنه معتذرة بنظرة تخبره أن لا حول لها ولا قوة، أسرعت تلبي صراخ رضيعها كي تلبي حاجته، تاركة حمزه يستمتع بشعوره المنتصر لما رأه في عيونها من فرحة بما أعده، لم يظن يومًا أن السعادة قد تغمره بنظرة رضا من امرأة –زوجته-، فبسمة منها قادرة على بث الحماس في أكمل جسده، وشهقة وجع ترده أسفل سافلين.

عاهد نفسه قبل أن يلحق بعائلته الصغيرة أن ينسى ما قد مضى، لن يعاتب ولن يفكر فيما سبق لقاءهما، عائلته كبرت بإنضمامها إليهم وكذلك عائلتها، زيادة يجب المحافظة عليها مقاومًا الأفكار الشيطانية المحرضة على إنهيارها بأي شكل.

***

تراجعت خطواتها حين أدركت مقدمة السلم بالأعلى، شاهدت خروج عاصم من الجهة التي تحتلها غرفة المكتب، يصرف الخادم ويتولى عنه استقبال القادم مع دقات الساعة التي تعلن تمام الرابعة فجرًا.

حدقت في نوح الذي بالكاد تبينت ملامحه أسفل الضوء الباهت شديد الضعف، يحمل بين زنديه لفافة، تنبأت بما تحويه، ارتفعت عيون نوح نحوها مما لفت انتباه عاصم لتواجدها، امتلأت عيونه بالحنق وصرفها بهزة من رأسه مشيرًا لها بالعودة إلى غرفتها، شدت المآزر الحريري بلونه الذهبي من حولها بقوة وتراجعت في صمت.

رافق عاصم ضيفه إلى غرفة المكتب حيث كان مستقرًا يكمل بعض الأعمال قبل مقاطعة الأخر بقدومه، أجلسه ساحبًا دفتر الشيكات من الدرج، كتب المبلغ المتفق عليه ووقعه، سلمه إلى نوح ملتقطًا الطفل.

تساءل فيما عيونه تلتهم الشيك إلتهامًا: طب مش هتتأكد من الولد الأول وإنه سليم؟

إلتوت شفتي عاصم بسخرية: هأطمن ما تخافش، لو فيه حاجه هأعرف أجيبك أنت والشيك حتى لو فـ آخر الدنيا.. أنت نسيت أنا أبقى مين؟!

رُزق حُبي (الجزء الثاني من رزقت الحلال)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن