الفصل 5

691 35 5
                                    

استقر بمجلسه أمام والدها في حجرة مكتبه، استبد به الفضول حتى يصل إلى مراد الرجل الأكبر سناً.

بادره عبدالرحيم بالحديث شاردًا: لما الواحد بيقع تبدأ الديابه تخرج تنهش فيه، دا اللي حصل لما وقعت فجأة.. بأحمد ربنا إنه فوقني قبل ما يحصل حاجه أكبر.

سأله بعدم فهم: ممكن توضح أكتر؛ لإني مش فاهم إيه علاقتي بالكلام دا.

ابتسم بألم: إمبارح جه أخويا عشان يطلب إيد سلمى لابنه، طمع.. طمع فورثها مني بعد موتي.. افتكروا لما تعبت ودخلت المستشفى إني هأموت ويورثوني.

-ربنا يديك طولة العمر.. بس بردو مش فاهم أنا دخلي إيه بكل دا؟

-أنت لسه عند طلبك؟

-طلبي؟

-جوازك من سلمى.

توتر وارتبك، تأكد عبدالرحيم من ظنه فتألم لكنه تابع بإصرار على تكملة الطريق الذي بدأه: أنا عارف كويس إنك مش بتحبها.. وأنا ما كانش عندي استعداد أجوز بنتي لواحد ما عندوش استعداد كامل إنه يسلمها قلبه على الأقل.. لكن شوفت فيك رجولة وقدرة على حماية بنتي.

نظر بعيدًا نحو نقطة وهمية فوق الحائط، عيونها الملتمعة بالحب تباغته كل حين، لأجلها يفعل، لأجلها وحدها تنازل وسلّم: عمها هددني قبل ما يمشي بعد ما رفضت طلبه إنه مش هيسبني فـ حالي.. أنا مش خايف على نفسي، أنا خايف ينتقم مني فيها.

أسرع ياسين: بس دا عمها.

نظر إليه ساخرًا: وأخويا.. بس طمع فيا وعايز يورثني بالحيا.

التزم الصمت فلم يجد ما يقوله، تابع الأب يستعيد ذكر ارتعاشها بالأمان بين يديه كما فعلت فور ذكر تصرفه وقت سقوطه: أديك شوفت.. يوم ما وقعت ما كانش في حد مع سلمى.. وأنت اللي ظهرت، ساندتها وقدمت مساعدتك من غير ما تفكر.. كل واحد كان ملهي فـ حياته ونفسه.. أخوتها رجاله ويقدروا يحموا نفسهم لكن هي لوحدها.

وقف بشموخ باسمًا بفخر وقد سقطت عيونه فوق الصورة المعلقة التي تجمعه مع ابنته الوحيدة: ما تفتكرش إنها ضعيفة.. لا، قوية، قوية أوي كمان.. دم السقا بيجري فـ عروقها، بس مهما كانت قوتها مسيرها فـ يوم هتضعف.. خصوصًا لما تعرف إن الدنيا مش كلها حلو زي ما فاكره وإن الشر مالوش عزيز.

عاد إليه بنظره: عايزك تكون جنبها فـ الوقت دا.. متأكد إنك الوحيد اللي هتقدر تديها القوة والحماية اللي محتاجاها.

-بس..

أوقفه عن المتابعة بإشارة من كفه: أنت ليك الحق فـ الرفض أو القبول.. وأنا هأتقبل رأيك أيًا كان بس مش قبل ما تفكر كويس.

ابتسم ابتسامة رجل يعي ما يدور من خلف ظهره: وما تقلقش الكلام دا إتفاق بين رجاله وأختك مش هتعرف بيه.. سواء كان جوابك بالموافقة أو الرفض.

رُزق حُبي (الجزء الثاني من رزقت الحلال)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن