انسحبت ناهد برفقة شقيقتها الصغرى إلى غرفهن، ابتسامة فخورة احتلت وجهها، صدق شقيقها الآن أنه كان بحاجة لطفل من دمه وأنه لم يكن زاهدًا في الأبوة كما حاول خداع نفسه قبل خداعها، الآن سيستيقظ من وهم كادي ويدرك واقعه المكون من سلمى وطفلهما القادم في القريب –بأمر الله-.

استكانت فوق الفراش تراقب حركة ياسين حولها، يضع الغطاء فوقها بعناية ثم يرفع قدمها فوق وسادة صغيرة خالقًا حيزًا من الراحة حولها بعد تخفيفه للضوء.

نفخ بحدة بعدما جلس على مقعد جذبه قريبًا من السرير، عقد ذراعيه وجابه نظراتها المتشككة التي تكاد تقطر ثلجًا: ينفع بقى تقوليلي إيه سر النظرة اللي فـ عينيك دي ناحيتي؟

-أصلي ما بأحبش النفاق.

-نفاق؟!

-والإنسان اللي بوشين.

-وشين؟!

استفزها بردود فعله على اتهاماتها المباشرة، كظمت غيظها: ممكن اسألك سؤال بس تجاوب عليه بصراحة؟.. أنت مبسوط فعلًا إني حامل بابنك؟

بدون تفكير ارتسمت بسمة سعادة على شفتيه مؤكدًا: دا أجمل إحساس حسيته فـ حياتي.

لم تعد تطيق صبرًا، نفضت قدميها عن الفراش ووقفت غاضبة يكاد الدخان يتصاعد من أذنيها: عشان تعرف إنك منافق وبوشين.. منين تقولي إنك مش راضي عن اللي حصل بينا ومنين فرحان دلوقتي إني حامل؟.. نسيت دلوقتي حبك لكادي؟.. وإنك مش عايز ولاد غير منها؟

هجومها عليه أربكه، رد مبررًا: والطفل ذنبه إيه فـ حاجه حصلت فـ عدم وعيي، وإيه علاقة حبي لكادي بحبي للبيبي؟.. دا حب من نوع تاني خالص.

وضعت كفيها في وسطها: يا سلام؟!!، تحب طفل جايلك من واحدة مش بتحبها ولا بتطيقها؟.. تيجي إزاي دي؟!

زفر محاولًا تمالك أعصابه حتى لا تنفلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنتِ عايزه تلبسيني تهمة بأي شكل؟.. عمري ما قولت إني مش طايقك، إذا كان دا اللي وصلك فهو مش ذنبك، لكن فـ نفس الوقت مش بأحبك الحب اللي بيبقى بين الزوجين أو على الأقل اللي بيني وبين كادي.

تهدلت أكتافها وتراجعت، جلست بهدوء فوق الفراش، لاحظ هو إنحناءة أكتافها؛ فأدرك فداحة قوله، ضرب مقدمة جبينه وحاول لملمة شظايا فعلته، جاورها يخفف حدة ما قاله بلا إدراك: سلمى، أنتِ دلوقتي بقيت أم ابني، أكيد هيبقالك مكانة خاصة فـ قلبي، وماحدش هيقدر ينافسك فيها.. أنا عارف إن إنسانة جميلة وطيبة زيك تستاهل شخص أحسن، وما أنكرش إني فكرت أطلقك وأسيبك تشوفي نصيبك مع واحد تاني يقدرك وتكوني الوحيدة فـ قلبه.. بس بعد ما عرفت بحملك، آسف مش هأقدر أعمل كدا؛ عشان مصلحة ابني.

لم تجبه، ولا استدارة صغيرة عبرت بها عن تفهمها كلماته أو حتى إصغاءها لها، ربت على كفها القابض على ركبتيها ثم قبل جبينها متمنيًا أحلام سعيدة تزورها ثم نهض منصرفًا.

رُزق حُبي (الجزء الثاني من رزقت الحلال)Where stories live. Discover now