المتسامحة

6 1 0
                                    

مرحبا مجددا !!
اظن انني ادركت شيئا اليوم ... لطالما اعتبرت نفسي انسانة متسامحة ، لا تحمل في داخلها حقدا و لا تخلد بداخلها الاذى ....كثيرا ما شعرت بانني لا اتحرك من مكاني ، جالسة على كومة من المآسي الصغيرة ، تتجمع دمعة دمعة ، فتصير شاهقة كالجبل . تحط على انفاسي و تصيبني بالغثيان.... لم تظل الخيبات و الالام القديمة تطاردني بلا كلل و لا ملل ... كيف لي ان انسى؟!
ما قد فات مات ، ولَّى و مضى .... مالذي يجعلني متشبثة بتلك الآهات المرهقة . حاولت و حاولت لكن يداي لا تصل الى اطراف الستارة ، لكم اود ازاحة ذاك الثوب الثقيل الذي يحجب عن غرفتي النور ، ان افتح النوافذ و اسمح للهواء ان يغسل رئتاي، ان يغمر هذا البيت المهجور بالنور من جديد.
- تسائلت طويلا عن سبب هذا السبات ، لمَ لا اتجاوز هذه المحنة كما يفعل باقي الناس ... صدقت معاناتي و غرقت في مدارات الحياة ، وسط ساحة معركة دموية ، يخوضها قلبي و عقلي ... مزقت الصرخات جوفي و اطاحت بي في حفر 🕳 لا علم لي بمدى عمقها ... قد ولدت لأحيا ، لأضحك و أتألم ... لكنني عندما تألمت صرت معتادة على الشعور بالحزن ، صارت عزلتي ملاذي البالي ، كقلعة رملية قد تنهار و تسقط في اية لحظة ، مخبأ مثير للشفقة ...

- فهمت الآن ، ادركت اخيرا سبب بقائي اسيرة للماضي و ضحية للتجارب القديمة الفاشلة ... ذلك انني لم اكن متسامحة كما اعتقدت ، و انما اوهمت نفسي بذلك .
الحقيقة انني لم اغفر لمسببي تلك الجروح ، و ظلت الندوب في روحي تذكرني كل مرة ...ظننتني قد غفرت و سامحت ، لكنني كاذبة .

- كان "هو" سببا رئيسيا و مباشرا في هذا الاكتشاف المفاجئ... انا لم اغفر له زلة اللسان البسيطة تلك ، حين اخبرني ببراءة انها صديقة قديمة ... كرهت ان تكون له صديقة غيري ... كنت انا الصديقة ، و الحبيبة ، و كان هو صديقي المفضل ... لكنني ما ازال اذكر هذه الحادثة كما لو انها حدثت بالأمس ، ما افتأ اتذكر تلك الكلمات التي استنفرها جوفي و رفضها عقلي ...طُرِحَ الموضوع و حلت سبُلُه ... الا انني اليوم ذكرته عن غير قصد ، ادركت حينها انني لو سامحته حقا ما كنت تذكرته ، ما كان ليعيش بزاوية من ذاكرتي ؛ يواصل الظهور بالغصب ليجد لنفسه مكانا يحشر فيه سمه .... انا الان اود ان اسامح ، ان اتعلم الغفران ... بعد ان ادركت مشكلتي صرت ارغب في التجاوز ، ان اضع قدماي علي ارض صلبة لأواصل المشي بخطوات ثابتة، و ان كانت بطيئة ... سأتعلم ان اغفر الجروح و الآلام و الصدمات النفسية .... انا اسامح اليوم كل من خدشت افعاله او كلماته جدار صدري ، من تجاوزت خيباته سقف توقعاتي ... ان اسامح نفسي عن زلاتي و دموعي التي هدرتها لسنين دون ان اسامح ، انا اليوم سأغفر ، سأرخي يدي عن كل ما يسحبني للوراء ... سأريح قلبي من هذا الحمل الثقيل ، الضغينة ... سأتجاوز الألم و الخيبة ، و فقدان الايمان في الناس ... انا سامضي من جديد ... بعد ان رفعت رأسي من المياه ، و اضحت روحي اخف ، قد ولدت اليوم في سكك جديدة ، وسط هذا الكون ، باحثة عن حياة افضل و قلب انقى و روح اخف ...

مذكراتي العزيزة Where stories live. Discover now