الفصل الحادى و الثلاثون

617 27 5
                                    

رفيق القلب لا تقسو، و كن لي سندا و أمانا...
لم الهجران ديدنك، و قلبي بهواك سقيم و الروح فيك تذوب و العين إليك تشتاق...أتتركنى أهوى ببئر الهوى و گأنى للهاوية أساق؟!... فأين قلبك المنقذ...أغفى عن حبيبة تحيا بنبضه؟!...أم ضاع الحب بين أروقة الجفاء؟!..لكن حبيبي إن ضيعتنى فلن أضيعك ما حييت و ما بقي قلبي ينبض إلى أن ألقاك....

كانت جنات قد وصلت إلى عائلتها الثانية مع حمزة عند المساء و كان والديها و شقيقتها شهد فى انتظارهما....
بمجرد أن رأوها حتى استقبلوها بالحفاوة و السرور، و التموا جميعا حول مائدة فاخرة مما لذ و طاب من الطعام و الحلوى و المشروبات.
و قد أصرت جنات على مساعدة شهد فى غسل الأطباق و ترتيب المطبخ عقب تلك الوليمة الهائلة فلم تمانع شهد، و إنما شعرت بدم الأخوة يسري بعروقهما، و دفئ الأسرة الواحدة يغمرهما....فهناك بينهما شبه واضح لمن يراهما سويا.
أعدت هالة لهم الشاي و جلسوا جميعا بغرفة الجلوس المتواضعة، و كان حمزة يجلس بينهم بملامح متجهمة، يشعر بالغربة بينهم لعدم وجود توأم روحه و قلبه النابض زوجته و حبيبته "شيرويت".
لاحظه عمه الذى أخذ يهز رأسه بأسى على حال ابن أخيه و لكنه لم يُعقب، فهو يعلم تمام العلم سبب الوجوم المُخيم عليه.
ارتشفت جنات آخر رشفة من كأسها ثم تنحنحت و قالت بجدية:
ـــ هو فى حاجة مهمة أوى كنت عايزة آخد رأيكم فيها.
رد وليد بترقب:
ـــ قولي يا بنتى... كلنا آذانٌ صاغية.
ـــ احم...امبارح كان الأستاذ صهيب عندنا فى البيت علشان يحدد ميعاد كتب كتابه على جنة و كان معاه أخوه البشمهندس علاء... احم... و هو طلب ايدى من بابا سيد..
تجمدت ملامحهم جميعا من وقع الخبر، فهم يعلمون علاء تمام المعرفة... و من ينسى ذلك الفخ الذى نصبه لزميله حمزة ليفرق بينه و بين شيرويت و يوقع البغضاء بينه و بين عمه..
لاحظت جنات تغير ملامحهم فقطعت حديثها قائلة بتعجب:
ـــ في ايه؟!...انتوا تعرفوا علاء؟!
رد حمزة بتلجلج:
ـــ احم...أيوة طبعا.. انتى ناسية انه صاحبى و زميلى و لا ايه؟!
ـــ لا أنا عارفة طبعا بس قصدى على بابا و ماما.
تنحنح سيد بارتباك ثم قال:
ـــ اه اه نعرفه... كان جالنا زيارة مرة مع حمزة و اتعرفنا عليه.
أومأت جنات بملامح عادية ثم استرسلت قائلة:
ـــ على العموم هى الحكاية مش على قد كدا و بس... هو بعدها بشوية جيه واحد جارنا و طلب ايدي هو كمان.
اتسعت أعينهم و منهم من ابتسم باندهاش، فرد و ليد بحكمة و عقلانية:
ـــ طاب علاء و عارفين ظروفه المادية و الاجتماعية و تعليمه و تقريباً كل حاجة...انما جاركم دا بقى ظروفه ايه؟!
فركت أصابعها بتردد ثم قالت:
ـــ هو معاه دبلوم و.. و كان مسافر اليونان و شغال هناك في شركة حراسة.. و.. و...
سكتت جنات ولم تجد ما يمكن أن تقوله لتحسن به صورته أمامهم، فسألها وليد مترقبا:
ـــ اممم...و انتى يا بنتى من وجهة نظرك شايفة مين فيهم مناسب أكتر؟!
ازدردت لعابها بصعوبة بتوتر و ارتباك و بعد حيرة قالت:
ـــ بصراحة علاء... بس... بس...
أخذت تتلجلج في الحديث غير قادرة على اخبارهم بحب ضياء الكامن بقلبها، فحثها وليد على التحدث قائلا:
ـــ بس ايه يا بنتى؟!...قولى اللى فى قلبك محدش هنا غريب... كلنا أهلك.
أطرقت رأسها بخجل لبرهة ثم رفعتها لتقول بشجاعة زائفة:
ـــ بصراحة كدا أنا قلبي ميال لجارنا ضيا.
أماء وليد ايماءة بسيطة ثم قال بجدية:
ـــ أنا معاكي فى أى قرار تشوفيه صح يا جنات...بس عايزك تفكرى ألف مرة قبل ما تقولي قرارك النهائي.
اومأت بايجاب قائلة:
ـــ حاضر يا بابا...أنا هصلي صلاة استخارة ان شاء الله بس بردو رأيكم يهمنى.
رد وليد بتؤدة و تريث:
ـــ و احنا بردو هنسأل على جارك و نشوف الأصلح ليكى و نقولك رأينا.
أجابته بإبتسامة رقيقة قائلة:
ــ و أنا في الانتظار يا بابا.
نظر وليد إلى شهد و قال:
ــ خودي جنات يا شهد و قوموا رتبوا حاجتها فى الدولاب و ظبطيلها القوضة زى ما تحب.
نهضت شهد تلتها جنات و خرجا سويا إلى غرفة جنات و التى هى فى الأصل غرفة شيرويت.
انتظر وليد حتى خرجت الفتاتان ثم توجه بالحديث إلى حمزة قائلا:
ـــ هو علاء دا ورايا ورايا.!!..أنا مش عارف أقولها ايه عليه، بس أنا مش مرتاحله من ساعة اللى عمله فيك انت و شيرويت.
تنهد حمزة بعمق ثم قال بجدية:
ـــ متقلقش من علاء يا عمى...علاء اتغير بعد الحادثة و عرف غلطه و اتأسفلي كتير أنا و شيرويت و احنا سامحناه...اديله فرصة تانية... أنا حاسس إنه مناسب أكتر لـ جنات.
ربتت هالة على فخذه و هى تقول:
ــ المسامح كريم ياخويا...و بعدين انت اللى هتكون كاسر عينه لأنك هتعديله غلطته و هتسامحه عليها و هيشيلهالك جميلة.
رد حمزة بجدية:
ــ كلام طنط هالة صح يا عمي...و علاء هيحاول بكل الطرق يثبتلك إنه اتغير و انه جدير ببنتك....و دى فى حد ذاتها حاجة فى صالحها.
تنهد وليد شاردا فى الفراغ ثم قال:
ــ اللى فيه الخير يقدمه ربنا.

و تشابكت أقدارنا(مكتملة) Where stories live. Discover now