الجُزء الخامِس والثلاثين|دُفِن العِشق لِلأبَد

ابدأ من البداية
                                    

" لِماذا تَفعل كُل هٰذا؟.."

سؤالَها خَرج هادِئًا حينَما توقّفَت السيّارَة مَع الإشارَة الحمراء، دون أن تَنظُر لَهُ، غَير راغبة بِمُواجَهة رَماديتاهُ المُسالِمَة، التي تُضعِف مُقاومَتها، وتَجعل مِن قَلبها يَلين لِلبريق الوديع بِهُما، وكأنّهُ لا يملِك أي مِن القسوَة خَلف تِلك الأعيُن المُخادِعَة، قابَل سؤالَها بِالصَمت، جاعِلًا مِنها تَرفَع نظرها نَحوَه تتأمّل مَظهرَهُ الساكِن، وكأنّهُ لَم يسمعها، وصمتَهُ جَعلَها تَسخَر بِصوتٍ قاسٍ..

" ليس لَديك أي جواب!، نيچرو ألبيتسي دائِمًا يمتَلِك أجوِبَة.."

قابلَها بِذبول عَيناه، ونظرَته تِلك لَم تردَعها عَن الإكمال بِذات النبرة، وهي تُشيح بِوجَهها بعيدًا عَن النظر لَهُ..

" أنا سأُجيب..رُبما بِدافِع الشَفقَة أليس كَذٰلِك!.."

" لِأنني مدين لَكِ.."

جوابَهُ الّذي جاء بِنَبرَة ثابِتَة، أفسد ركودَها وهي تُريح جَسدَها المُتعب على مِقعدَها، جَعل مِنها تَنهَمِك بِالنَظر لَهُ بينَما يبدأ هو بِالتحرُّك لِإكمال القيادَة، عاجِزَة عَن فِهم ما يَرمي إليه، وكأنّهُ رَجُل غَريب لا تَعلَم نواياه، وقَد كان دائِمًا كَذٰلِك، صوتَها خرَج باهِتًا وهي تَسألَهُ..

" مَدين لي بِماذا؟.."

إنّها لا تَعلَم كم هو مدين لَها، ولٰكِن الكَلِمات مَسجونَة في قلبِه، مَمنوع خروجَها، صعب صياغَتها، ومُعقّد الإعتِراف بِها بَعد كُل هٰذا الوَقت، لِأن لا شيءٍ بِإمكانَهُ تَغيير الحَقيقَة الوَحيدَة التي تَهدم كُل ما حَولَهُما، وتَبني حواجِز مِناعيّة غير قابِلَة لِلتحطم، كان الجواب مُعممًا دون تَوضيح شافٍ مِنه..

" بِكُل شيء..دون إستِثناءات.."

كان مِن الجَيّد لَها سَماع عَدم إنكارَهُ لِكُل جَميل قدّمتَهُ، لِأن مشاعِرها كانَت أنبَل مِن أن تُنسى، ولِأنّها كانَت دائِمًا صادِقَة في عطاءها، مُتكيّفَة لِلعيش على نَمط حياتَهُ الصَعب، كانَت عَلى إستِعداد لِلتخلّي عَن كُل ما كان مُستحيل التخلي عَنه، والآن هي لا تُريد حتى النَظر لِعيناهُ ومُشاركَتَهُ أصغر حِوار، لا تَرغب بِأي مُبادرَة عاطِفيَة تُهلِكَها، تَجاهَلت ما قالَهُ غير راغِبَة بِتصديقَهُ، رافِضَة النَظر لَه، وهي تُخاطِبَهُ بِنَبرَة ساخِطَة..

" أنا لَست طِفلَة على أيًا كان الإعتِناء بِها.."

دون أن يُزعِجَهُ برودَها، ألقى بِنظرَة سَريعَة نَحوَها، قائِلًا بِجديّة معهودَة مِنه..

أســود II |إكتِشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن