البارت الثالث عشر

30.9K 407 115
                                    

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
.
.
ماكان مجرد شعور عابر كان أعمق واسمى من كونه شعور
نفسها تفقد ذاكرتها وتبدأ من جديد معاه
التفت لها بعد سرحان طويل بالقصيده وسالفتها
وناظر فيها بشـتات : تدرين !
بلعت غصّتها وهي تحس باقي بجوفه كلام ونفسها تقول له
يكفي ، قصيدتك لعبت فيني مايحتاج تكمّل.
شجاع : القصيده كتبتها بعد شهر واحد من سفرك
سرحت فيه تحاول تستوعب اللي قاله ، مو معقوله هالعذاب
اللي بالقصيده كلّه بشهر واحد ، والسبع سنين كلّها كيف كانت !
غرقت عيُونها واظلم بعيونها كل شيء
وتمنّت تغيب مثل مغيب الشمس عن الدنيا .
شجاع كمّل وإنهاك تفكيره واضح بملامحه : فعلاً كان.. الهوى ياطول شهره مو عاد أعوامه
ركز عيونه بعيونها وحاول يحافظ على ثباته : اذا انتي تعبتي مره من فراق امك ، انا مليون مره تعبت من فراقك
الهنوف لاشعورياً منها وهي تشوف الظلام بكل مكان
وماشافت الا حضنه تقدمت وإرتمت فيه ولمّته بيدينها لصدرها
بكل حيلها وماقدرت تكتم عبراتها ووصلت لمسمعه
كان مصدوم ولا رفع ايدينه وعيونه سرحانه قدامه بشتات وذهول وكأنه طول عمره غايب عن وعيه وبحضنها وعى
مو مصدّق انها بحضنه برغبتها ، وتبكي عشانه .
رفع ايدينه بحذر وتردد ، خاف يلمّها وتبعد وهو مايبي بعدها
ويتشفّق على حضنها شفاقة.
لمّته أكثر ودفنت نفسها بصدره ودموعها كانت كافيه عن كلامها
ماقدر انه مايلمّها ورفع ايدينه لها وشدّها له ودفن وجهه بشـعرها
وغمض وغاب من جديد وهو مايغيب الا بحضورها ومن غيابها .
وكثر ماكان يرددّ" ماعاد لأعذار الهوى قابليـّه "
صار يدوّر أعذار كثيـره للحين وللمستقبل .
مـر الوقت وماحسّوا فيه ولا عرفوا كم من الوقت مرّ
رفعت راسها وناظرت بعيونه ولازالت العبره خانقتها
سرح بتفاصيل وجهها ثواني وارتسمت ابتسامه حانيه على وجهه : إرتحتي ؟
ردت بصوت مبحوح : ما اعرف ، بس اللي اعرفه ان قلبي عايف الدنيا وما يدل إلا دروبك، لا تهدّه !
رجعت سندت راسها على صدره ، مسح على شعرها
وهو مايدري وش بيصير بعد هالموقف لكنّه متأكد
انها بدت تلين ، بالمقابل هو لازم يلين
وينسى لو شـويّ من الماضي اللي لازال حاضر معاهم.
قال بصوت هادي : طبعك يطلّع الروح ، ووجهك يردّها
الهنوف : مثل طبعك ومثل وجهك .
ابتسم وناظر فيها وضحكت وهي تمسح دموعها
وضحك معاها وهو يشتت نظراته عنها
ابعدت عنه بتاخذ قهوتها من الربكه ماثبتتها بيدها
وطاحت بالنهر وشهقت : لا ، قـهر
شجاع : هاك قهوتي ، من حظك الهنوف : ماعندك نيّه تحب السكر ؟
شجاع : معاك لا ، لأنك تحلين الأشياء والأمكنه
مانبي نمرض من زود الحلا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


بالدوحه ، وتحديداً بأحد الفنادق
دانـه كانت واقفه قدام المرايا ، وتلبس عقدها الناعم
وهي فرحانه فيه لإنه هديّه من الهنوف ، وكل هدايا الهنوف
صارت بمثابة كنز لها ، اخذت عطرها ورشت على قميصها اللي اصلاً للهنوف ، واخذته بدون علمها لإنها محتاجه شيء منها معاها
تقريباً نصف اغراض الهنوف معاها من كثر ماهي تتمنى وجودها
لكن اللي معوّرها فعلاً ان مامعاها ولا ادنى شيء من عسّاف
ماتملك الا ذكرياتها معاه وخايفه من الوقت تنساها
وتطيـر مع عواصف الأيام المقبله.
لبست كعبها وناطرت بشكلها نظره اخيره ، كان لبسها كله رسمي
تنّوره سوداء الين ركبها وقميص أبيض يده
بالجاكيت الرسمي الأسود ، وشعرها كانت رافعته كلّه
واكتفت بماسكرا وروج خفيف ، اخذت شنطتها وهي تحس انها كارهه نفسها لأنها بدت حياة الجد والكفاح وعارفه مشوارها طويل مـع اهلها.
طلعت وقفلّت الباب ورفعت الجوال لإذنها تنتظر الرد وما إن وصلها الرد حتى ردت بصوت متردد : مرحبا .. محمد
عقد حاجبينه بتساؤل : اي نعم ، من معي !
دانه : محمد انا دانه بنت عمك ، شلونك شخبارك
محمد ناظر للشاشه واستغرب ان الرقم قطري بالعاده فرنسي
رجع ردّ عليها : هلا هلا دانه ، بخير شلونج انتي
دانه : بخير ، محمد اسفه على الإزعاج بس انا حالياً بالدوحه وضروري اجيك بالشركه لازم تشغلني عندك مو لاقيه فلوس تكفى محمد لا تردني ترا ماجيتك الا وانا عارفه انك كفو ومابتخلّي بنت عمك
محمد مايدري ينصدم من وجودها بالدوحه بعد هالعُمر
ولا ينصدم من كلامها : يا دانه شوي شوي بفهم
انتي شنو جايبج للدوحه عقب هالسنين ؟ ماقلتلج اقضبي قاعج !
دانه بلا مُبالاة : ماعلي من احد انا حقي باخذه ، وانت محمد اذا مو واقف معي لاتوقف ضدي وتقطع رزقي
محمد بوهقه : لاتجين للشركه اخوانج موجودين ، دانه خلج بعيده وانا مستعد اصرف عليج تامرين
دانه : والله اني داريه انك كفو بس مايرضيني اخذ فلوس
بدون مااتعب عليها ، بجي للشركه واللي فيها فيها ، باي .
قفلّت وماعطته فرصه يرد وقام من مكانه وهو متوّهق مايعرف شلون يتصرف لو شافوها اخوانها بتصير مُصيبة.
قفّلت منه وطلعت للشارع طلبت تاكسي وقالت له اسم الشركه ماكانت عارفه عنوانها لكن السايق عرفها من إسمها.
وصلت ونزلت وهي خايفه والتردد اللي فيها يعادل كل شيء حولها
دخلت للشركه وشافت زحمة موظّفين وتداخل اصوات
وحست انها صدّعت وزاد توّترها .
شجّعت حالها وتقدمت لأحد الأشخاص : لو سمحت اخوي !
التفت لها وكملت : ابي مكتب الأستاذ محمد وينه ؟
دانه إتجهت لمكتب محمد وفتحته بسرعه وهي راسمه أعرض إبتسامه على وجهها ولما شافته جالس دخلت بسرعه ، محمد عقد حاجبينه بإستغراب .
ماعرفها ابداً لو ماسلمت وسمع صوتها ووقف بتعجّب : دانه !
دانه : يس دانه ، تغيرت واجد صح ؟ بس انت مو متغير ، حلو زي ما انت !
سكتت وهي تترقب ملامحه بدهاء منّها وهي ناويه تكسبه بصفّها
علشان يوقف معاها ، لكن محمد مااهتم لكلامها وتقدم بسرعه
قفل الباب ووقف قدامها وقال بحده : انتي متى رديتي من باريس ؟
دانه : رديت قبل يومين ، شنو شفيك ديرة ابوك إهي !
يالله اطلب لي كوفي خلني اروق
جلست وحطّت رجل على رجل ومحمد رجع لكرسيّه
وهو متوهق رفع السماعه وطلب كوفي وقامت دانه فتحت الباب
ورفع حاجب وقالت بإعتراض : مابي احد يشك فيك ياولد عمي
المهم وين ابوي قلبي نطف من شوقـ.
محمد : عليه !
دانه ضحكت بسخريه : لا على فلوسه ، المهم صج وينه ؟
محمد : يادانه يعني انا اقول ماله داعي تدخلين نفسج بمشاكل
شتبين بالضبط !
دانه سكتت لما حسّت بجدية الموضوع ورجع لها الخوف
وقالت بهدوء : ابيه يعترف فيني ، وابي اعيش حياه كريمه
بديرتي وبين اهلي ، الإنسان ماله غناه عن اهله وديرته
محمد سكت وهو يفكّر بوضعها ، عمّه سلمه الخيط والمخيط
من ناحية دانه وقال له يصرف عليها ويقضي طلباتها لكن ماترجع لقطر
لو مهما يصير لها ، وفعلاً محمد من سنين طويله يعينها
والحين دانه خـربّت كل شيء وجت هي لعندهم
ولا يدري كيف يتصرّف ، وصلتها القهوه وماشربت
ولا كان لها نفس أصلاً لكن اجبرت نفسها ، توترت من نظراته
ووقفت : وين ابوي اخلص علي ، ياطول روحك !
محمد : بصراحه دانه ، ابوج توفى من سنه ، الله يرحمه ادعيله
دانه سكتت شوي وقالت بهدوء : الله يرحمه ، حلو حلو الله يبشرك بالخير
محمد بصدمه : أي خير ! ابوك مات ياجليلة الحيا وتقولين خير !
دانه : ابوي مااعرفه شلون احزن عليه ، ولنفترض اني اعرفه !
هل بزعل على موته وهو ضاربني بعرض الدنيا طول عمري ؟
ياعمي زين مني اترحم عليه !
انفتح الباب ودخل شخص بشكل سريع وكان شايل اوراق
لمّا شاف دانه هدت حركته ووقف قدامها
ومدّ الورق لمحمد : نبي توقيعك هني
دانه كملت ببرود : بس قلت الله يبشرك بالخير لإنه كان
مهددني بالقتل لو رجعت ، حالياً راح خوفي من تهديده لإنه مات
محمد كان متوتر بدرجة كبيره وتوّهق من كلامها
والشخص اللي دخل كان مصدوم من كلام دانه
وقال بصوت خافت : هي محمد شتقول هذي ، شنو قتل !
محمد بوهقه : ماعليك منها ياخالد جذي كلامها عبيطه شوي
خالد وهو ياخذ الأوراق : المهم لاتتأخر بيبلش الإجتماع
طلع ودانه عقدت حواجبها بتعجّب : منو هالنفسيه ؟
محمد : وأنتي شكو ، اطلعي من الشركه وأوعدج القالج وظيفه
دانه وقفت وضربت بكفّها عالمكتب وقالت بحده : شركة ابوي !
ولي حق فيها واقدر اخذ حقي بالقانون !
لكن انا ابيك توظفني فيها بهدوء أحسن مااقلب الدنيا عليكم.
محمد : شنو شفيج انتي ، دانه اعقلي مابي تصرفات جهال !
مشكلتي مو معاج مشكلتي مع اخوانج !
مو من صالحج لو عرفوا بوجودج !
دانه : محمد ، باجر برد للشركه ، اذا مالقيت وظيفتي جاهزه
تحمل اللي بيصير !
طلعـت وهي مقهوره من اخوانها اللي حتى قبل ماتشوفهم عرفت
انهم مثل ابوها ، هي تدري ان محمد ماله دخل
لكن مبدئياً الا تضغط عليه علشان توصل للي تبيه .
رفعت جوّالها ودخلت محادثة الهنوف تنتظر ردّها
ولكن الهنوف واضح ان زعلتها قويّه ولا ردت
اوجعها قلبها لما تذكرت انها بهالوقت دايماً تكون معاها
رجعت جوالها لشنطتها وتنهّدت بضيق وقالت
وهي تتصنع عدم المُبالاه : اصلاً حتى لو كنت بباريس الحين
مابتكون معاي ، اصلاً هي اللي تغيرت علي
من يوم ماجاء شجاعوه عسى الله لا..
سكتت وماكملت الدعوه : شدعوه ادعي عليه حرام
بس ان شاءالله ينقهر مثل ماقهرني وابعد عني الهنوف .
جلست قبال احد المكاتب وعفست ملامحها بضيق : شلون اوصل للهنوف ! ياليتها ترد بس بعرف عساف شلونه
وشنو صار له عقب الموقف اللي بالطياره .
تنهدت وهي تسند ظهرها وهمست لنفسها : ااااه ياماي عيني
والله اني سخيفه يوم مشيت وهدّيتك بس.. احسن من انك تمشي وتهدني عقب جم شهر .. اه يارب تصبر هالقلب اللي من يوم فارق أحبابه
وهو تعبان ومايبيني ، يبيهم قلبي والله انه يبيهم .
حسّت على نفسها وعدلت جلستها واخذت شنطتها بتوقف
وطاحت عينها ع المكتب اللي قبالها ، كانت عليه لوحه بأسم .
الأسم صدمها صدمة حياتها ورجف قلبها لما قـرأته .
" تركي بن فيصل بن يوسف" المُدير العام.
حسّت لبرهه انها نفسها تبكي من الصدمه ، ماعرفت كيف تتصرف
خافت تتسرع وتندم ، وخافت تتأنى وتخسر.
اترددت وتقدّمت للمكتب فتحت الباب بقوّه .
وطاحت عينها على مجموعة اشخاص جالسين حول طاوله
والواضح إنهم بإجتماع مابدأ الى الآن لإن اغلبهم منشغلين
بأشياء خاصّه ، لكن لما انفتح الباب ناظروا فيها بتعجّب.
دانه عيونها دارت على اسمائهم اللي قبالهم
وكانت كل الأسماء نهايتها بنفس اسم عائلة دانه
عرفت اخوانها وعيال عمّها ، وقفت عند تركي وعيونها
بعيونه ودمعت عيونها من اشياء كثير عجزت تحددّها .
احدهم بهدوء : عفواً مضيعه مكتب شي !
ترا هني مكتب المدير لو سمحتي صكي الباب وراج
دانه استجمعت نفسها وقالت بصوت هادي : لا مو مضيعه !
انا قاصده المكان وقاصدتكم !
بهاللحظه وصل محمد ومجرد ماشافها مسك يدها وسحبها بيطلعها وسحبتها بقوه وصرخت : هـدني ، مالك شغل !
تركي وقف وهو معصب من صراخها : هي انتي ، شفيج هذي شركه محترمه ، يالله لمي نفسج واطلعي لا اخلي الأمن يسحبونج
دانه : بتطلعني بس مابتمنع الحقيقه
تركي : أي حقيقه ، شتقول هذي شفيها مجنونه ؟
دانه : حقيقة أني اختك !
سكت وكلّهم وقـفوا من الصدمه ومحمد بمعنى الكلمه توّهق وحسّ بمصيبة حلت على راسه.
تركي لما شاف نظرات محمد ولمّا دقق بملامح دانه اللي ماتوّضح انها عربيه اصل وواضح ان فيها عـرق اجنبي.
قال بصدمه : دانـه !
دانه انصعقت لما قال اسمها ، ماتوّقعت ولا ١٪؜ انه يعرفها .
تركي استوعب وقال بحدّه : شنو .. شنو جايبج شتبين !
تعدّاهم كلهم وطلع مسكها بيدّها وطـلع فيها ودانه لازالت تحت الصدمه وماعرفت ترد عـليه او توقفه.
اخذها لمكان شبه فاضي ووقفها قدامه وقال بصرامه : شنو تبين ؟
دانه وهي تعدل لبسها قالت ببرود : ابي اعيش مثل عيشتك ، بين اهلك وناسك ، عندك مانع ؟
تركي : تخسين ، ابوي مااعترف فيج ليش قاطه ويهج !
دانه بحرقه : ابوي مااعترف بس القانون بيعترف ، انت جاحد ونذل مثل ابوي كان عارف ان في قطعه منّه بمكان ثاني من كوكب الارض
عايشه وحــيــده وعادي عنده !
تركي سكت وكملّت دانه بغصه : وانت بتمشي على ممشاه
وتحرمني من حياتي صح ؟ خلاص من هاللحظه بيني وبينك المحاكم !
تركي : اعلى مابخيلج ركبيه ، مالج شي عندنا
دانه : اوكي ، صدقني وجهك هذا بحطه بالتراب !
مـشت من عنده وهي تتذكر كلام عسّاف وتقوي حالها فيـه
بعد ماكسـرها اقرب الناس لها ، لكن اللي طمّنها
انه ماانكر انها اخـته ، وهذي اول الخيـر .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بـاريـس :
عساف رجع لنفس الشـارع اللي كانت تسكن فيه دانه
وجلس يتمشّى فيه وهو كارهه بـعد حبّ ، كان يحبه يوم كانت دانه فيه وتنوّره كـل صبح ، لكن الحين كان يمشي وهو على يقين انه مابيشوفها ، تفكيره ماكان معاه ، كان يفكّر فيها
وش مسويه الحين ؟ وش صار عليها ؟ ساعات يدعي ان ابوها يرفضها علشان ترجع لكن سرعان مايتجرد من انانيّته ويستغفر عن دُعاه ، ويدعي لها بالخير وين ماكانت .
أستوقفه صوت احد يناديه والتفت له شاف ابو غاده .
رجع له وسلّم عليه وجاب له ابو غاده كرسي وجلس ، وجلس قدامه بعد ماناوله كوب شاي .
ابو غاده : شو هالغيبه يازلمه
عساف : حقك علي والله انشغلت مع ولد خالي ظافر ، اخو شجاع
ابو غاده : ايه ، شو وينه ليش ماسكن معانا هون
عساف : ماكان يعرف بوجود حي للعرب ، وعلمته وقال يمكن الشهر الجاي بينتقل هنا ، هو ماهمه السكن لكن علشان زوجته ماتملّ لحالها
ابو غاده : ليش الهنوف مش معاها ؟
عساف ماحب يقول له ان اهل شجاع يكرهون الهنوف
وقال بترقيع : لا الهنوف معاها ، لكن مو دايماً تفضى لها
شرب كاسته ووقف بيمشي ووقف ابو غاده : بنستناكم اليوم عالعشاء
انت وابن خالك
عساف : ماله داعي يابو غاده الكلافه ، مايحتاج
ابو غاده : والله بزعل عليك لو ماجيتوا
عساف : زين عشان زوجته تتعرف على البنات ويغيرون جو
مشـى عسّاف ، وكان محتار بفكره خطرت على باله
لو قال لشجاع متأكد انه بيحطمه ، لذلك قررّ
انه يسويها بدون مايشاور احد ، رجـع لبيته
اللي ماكان بعيد عن شارع العرب ، اخذ الجيتار وطلع .
ناوي يغنّي بالشوارع للناس ، علشان يفرّغ قليل من اللي داخـله
وصحيح انّه اذا غنى مابيتغيّر شيء لكن ع الأقل يلقى أحد يسمـع له.
وصـل لشارع عام ومليئ بالناس من جميع الجنسيّات، اخذ لـه مكان ووقف واخذ نفس عميق وبدأ يعـزف " سمفونية الحرب العالميّه الثانيه لبيتهوفن "
ومن أول دقيقه تجمهروا حوالينه الناس وماحسّ فيهم
لإنه غـارق بالعزف وهو بنفسه دخل عالم ثاني من المعزُوفه
دقيقتين من الحزن عاشوها جميع المتواجدين الى ان تغيـّر العـزف
وارتفع صوته الشـجي بأغنيه تلامس الجرح اللي بروحه:
. •
ياليل ياجامع على الودّ قلبين
لك عادةً تجمع قلوب الولايف
ياليل ماتجمع قلوب المحبّين
قلبين ضمّتها الضلوع النحايف
ياليل في قلبي من الشوق جرحين
ودموع عيني على خدّي ذرايفْ
ياليل فرّق بيننا نازح البيـنّ
ولغيـره الخفّاق ياليل عايف. .

مجرّد ماانتهى اعتلت اصواتهم بالتصفيق والتصفير
ونظرات الإعجاب ابتسم منها عساف ووقف وحطّ يده على صدره
تعبير عن شكره ، تقدّم له شخص وصافحه
وقال بإعجاب : والدي يمتلك معهد موسيقي ولديه اكثر من فرقه
اتمنى انضمامك لنا سأعطيك الرقم و..
قاطعه عساف بإبتسامه : شكراً لك انا لا اريد العمل
في هذا المجال ، ولا اريد المال.
مشى عنّهم واتصل على ظـافر ورد ظافر
بسرعه بنبرة غضب : هلا
عساف : بسم الله ، علامك ؟
ظافر : ياخوي منسده نفسي ، شادن زعلانه
وانا مت من الجوع ابي اطلب وماقدر
اللغه ضعيفه ياخوي ماعرف غير بونجور
عساف ضحك : ليش ماقلت لي ، وبعدين البنت وراها زعلانه
احد يزعل بهالأجواء الزينه هذي
ظافر تنهّد بضيق : خلها على ربك
عساف : عموماً انا بحيب لكم الحين فطور
وتراك معزوم على عشاء عند واحد من جيران الهنوف
اللي تعرفنا عليهم ، يوم عرف انك موجود لزم انك تتعشى عنده
ظافر : وش هالكرم اللي جاي غلط ، يعزم واحد مايعرفه
عساف : مو عشانك ، انا وافقت ابي بنت خالي تجتمع مع صديقات الهنوف وتوسع صدرها معاهن ، ادري ان وجهك وجه نكد
ظافر : بسامحك لأنك بتجيب لنا فطور بس.
عساف : عنك ماسامحتني هذا الصدق ، سلام
قفّل ظافر وهو يضحك وقام وهو متضايق على شادن ومتضايق انه ضايقها لكن لازال كلام حنين يرنّ بمسمعه ولما قال لأمه زعلت منه وطلعت حنين انها مظلومه ومسكينه ومع ذلك عجز يصدق بشكل كامل.
وقف عند الباب وقال بهدوء : شادن ماصارت ، خلاص اطلعي
ماردّت عليه وكمل بهدوء : طيب انا بطلع اتمشى اذا بتجين معاي حياك
ثواني وانفتح الباب وطلعت وناظرت فيه ولما شافها كتم الضحكه وقالت بربكه : بطلع معاك زهقانه !
ظافر : زين بس بنفطر اول ، عساف بيجيب لنا فطور
شادن : زين لإني جوعانه بعد ، بس وين بنروح؟
ظافر : مادري ، بسأل عساف عن اماكن زينه .
شادن كانت تكلم مزون بالسناب ومزون سامعه كل كلامهم
قالت بفرحه : قومي تحجبي علشان اذا جاء عساف تطلعين واسمع صوته
شادن دخلت للغرفه وفتحت دولابها تدوّر لبس وقالت بضحكه : لا مو منجدك تبين هالغبي يذبحني
مزون : والله محد غبي الا انا ، حبيت عساف وانا بعمري ماشفته هههه
شادن : لأنك غبيه صدق ، انا ظافر وهو زوجي واربع سنين مخطوبه له مااحس اني حبيته الى الان
مزون تنهدّت بحالميّه : عاد انا قلبي رهيّف ، وبيني وبينك عساف دايم اسمع عنه وتجذبني شخصيته ورقيّه ، ومثقف وواعي ومتعلّم ، بيطلعني من جو عائلتنا الكئيب
شادن : يامزون مايصير كذا ، لاتتأملين فيه ، ترا عمتي بس تكلمت ماصار شيء رسمي ، اثقلي شوي
مزون : ياشادن انا طول عمري عايشه بجفاف خليني اتفائل ، وعمتي ماتقول شيء ماهي واثقه فيه
شادن : لكن الظروف تتغير مع الوقت ، نصيحه يامزون لاتفكرين فيه اكثر.
بعد نصف سـاعه ؛
رنّ الجـرس وطلع ظـافر يفتح ، ومزون سمعت صوت الجرس وقالت لحماس : تكفين ياشادن بس بسمع صوته
شادن بوهقه : مايصير عيب اطلع
مزون : ياشادن لاترديني تصرفي
شادن ماقدرت تردّها وطلعت بسرعه وقالت وهي تتصنع التردد : لحظه اخوي عساف قبل تمشي بطلبك طلب
عساف : هلا شادن امريني
ظافر استغرب وكملت شادن : عادي تعطيني رقم امك لأن انحذفت الأرقام
ظافر زاد استغرابه وعساف ابتسم : ابشري برسله لظافر ، سلام
طلع عساف ودخلوا شادن وظافر وقفل الباب ونزل الفطور على الطاوله وقال بصوت حاد : كان طلبتيني رقم عمتي !
شادن : مزون اكلمك بعدين باي
قفلت وقالت بضحكه : اكذب رقم عمتي معي ، بس مزون الخبله تبي تسمع صوت عساف ومالقيت غير هالطريقه !
ظافر كان عنده علم بموضوع عساف ومزون لكن مااعجبته حركتها.
جلسـوا يفطرون ومرّ الوقت وشادن حاسه انه مروق وقررت تفاتحه بموضوع الدراسه للمره الأخيره ومقررّه لو رفض هالمره تتصرّف تصرف ثاني وتحط حد لكلّ شيء .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السعُوديه :
في بيت ابو جرّاح ، قفلت مزون من شادن وقامت وهي مستانسه
عشانها سمعت صوت عسّاف لأول مره بحياتها
صحيح ولد عمتها لكن بحكم سفراته ماقد شافته مع جرّاح
او بناء عمومتها ، وبعد ماانخطبت له صار يشدّها الكلام عنه
وعرفت انه يحب الدراسه وطموح ومثّقف ويحب السفر
والإستكشاف ، وهذا اللي شدّها له أكثر .
دخل ابوها وجرّاح اخوها سلموا وردت السلام وجلسوا
جراح : كل ماشفتك وانتي حاطه هالسماعات بإذنك
مزون : رجاءاً اللي فيني مكفيني، بين اربع جدران بدون شادن
ابو جراح : يامال الغناه ياشادن ، شخبارها كلمتيها اليوم ؟
مزون : اي ماشاءالله عليها مستانسه وتوها قفلت مني بيفطرون ويطلعون
ابو جراح : لا زين ، التهديد جاب نتيجه
جراح : اخخ يايبه قسم بالله لو انه يضغط عليها اكثر
لاروح له واتوطى ببطنه واجيب اختي ، مايستاهلها
مزون : من جد مايحمد ربه اختي انتظرته اربع سنين
لين فز مثل الرجال ودبّر نفسه واعرس ، قليل الحيا
جراح : لا بالله مو هو قليل الحيا ، حنين قليلة الحيا
ابو جراح : والله العظيم لولا احترامي لأخوي ابو شجاع
لا اوريها شغل الله ، اجل هذي سوايا تسويها ببنت عمها
جراح : انا داري انها قلبها اسود ، ادري انها تبي تغث شادن
وتنكد عيشتها ، بس ليتك توافق على اللي قلتلك ليتك
مزون : خير وش قلت له وانا ماادري !
جراح : اقول خلني اتزوج حنين والعن خيّرها واربيها
بكذا تعقل وتكف اذاها عن شادن وتحسب لها الف حساب
ابو جراح : لا ياجراح لا توجع راسك مع هالبازع
يجيها نصيبها وتعقل ان شاءالله
جراح : يابوي فكر اكثر ، مافي حل يخلي شادن ترتاح الا هالحلّ
وانا على ثقه اني مابندم بقراري ، حنين بنت عمي وماني بضرّها
بس بعلمها الصح من الغلط ، وانا ادري بالنهايه هي متربيه زين
وبتفهم انا وش ابي منها.
مزون : والله ماودي تشقي نفسك معاها ، خلها توّلي
جراح : ها يبه وش قلت
ابو جراح : زين ، بس توعدني ماتضرها ، تعاملها بحدود المعقول
مهما كان هذي بنت عمك
جراح : افا عليك تربيتك ، قلتلك انا بس ابيها تعقل
ابو جراح وهو يقوم : زين اجل بكلم ابوها اليوم.
دخل لغرفته وتركهم وقالت مزون بضيق : طيب وأمي !
جراح : باخذ رايها بعد ، اذا رفضت بكنسل
مزون : يا جراح لا تخاطر بعمرك
جراح : شدعوه فلم رعب مو حنين
مزون : مابي احط بحظي ، هي طيبه
بس مادري شفيها قلبت يوم سافروا اخوانها
جراح : لا تحاتين انا اعرف لها .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الساعه ٨ الليل ؛ في شقّة أبو غاده :

كانت سَناء تجّهز العشاء بالمطبخ وهي مستانسه
لأنها بتجتمع مع نوران والهنوف ومتضايقه لأن جمعتهم
بتكون ناقصه بدون دانه اللي كانت تسوّي لهم جو عجيب
رن الجرس وانفتح الباب وسمعت صوت علي وابوه وجدّه
ودخلت عليها نوران بالمطبخ سلمّت وشمّرت اكمامها وساعدتها .
سناء : شو مافي اخبار عن دانه ؟
نوران تنهدت : لا والله ، بس انا متفائله فيها
رنّ الجرس مره ثانيه وابتسمت سناء : وصلوا الضيوف
تعالي خلينا نستقبلهم
طلعت ونوران وراها شافوا عساف وظافر
وشادن اللي مستحيه ومتخبيه ورا ظافر.
عرفّهم عساف على بعض وارتاحت شادن
وكمّل عساف : لاتستحين ياشادن هذول جارات الهنوف
نوران : وخواتها كمان ، حياك شادن تفضلي
ام غاده : والله انا بقول مابدنا رسميات
معليش يعني بدها تفوت عالمطبخ وتساعدني
نوران : ضيفه عيب عليكِ
شادن بربكه : عادي بجي معاكم اساعدكم
ظافر ضحك بصوت عالي وناظرت فيه شادن بحده .
عساف ضحك : يا ام غاده بشويش على بنيّتنا لاتتعبينها ترا توها عروس
شادن ابتسمت له ونفسها تقول ليت هالجدار اللي جنبك يتعلم منك.
عسّاف كانت عيونه تدور بينهم ورغم الفرحه اللي بالمكان
الا انّه مافرح من نقصان الفرحه وفضاوة مكان دانـه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عند الهَنوف ، خلصّت لبس وأستشورت وبدت بالميك اب وهي حاسه بشغف للحياه من جديد وطاقه من زمان ماحسّت فيها ، دخل شجاع ومن ربكتها مارفعت راسها الين وقف قدامها ونزّل شيء قدامها واخذها الفضول الى انها تناظر فيه ، شافت بوكس مجوهرات من cartier وعقدت حواجبها بتعجّب وناظرت فيه .
فتح البوكس قدامها وانذهلت وبان بملامحها الفرح لمّا شافت طقم ألماس ناعم وإبتسمت : هذا ليّ ؟
شجاع : ايه لك ، تسمحين لي !
الهنوف نزلت عيونها وقالت بهمس خجول : بإيش ؟
شجاع : مدّي يدك الكريمه بلبسك الخاتم
اخذ الخاتم ورفعت له يدّها الراجفه وهمست : وش المُناسبه ؟
شجاع سكت لبُرهه وقال بهدوء وهو يلبّسها : مافي مناسبه ، تقدرين تقولين ، خاتم شوق !
عقدت حاجبينها بإبتسامه وهو ياخذ العقد وقالت بهدوء : مافهمت ، كيف يعني خاتم شوق !
شجاع : من يوم عمري عشرين سنه
وانا اتشّفق شفاقه البسك هالخاتم
مشتاق البّسك ياه و.. ماحصل الا اليوم
وقفت قدامه وعيونها تلمع ببريق الدنيا كلّها ، رفع العقد
ولفّ ايدينه حول اكتافها وانحنى يقفّله على عنقها
وهمست له : تسعدني ، لكن كلامك يضايقني
شجاع : لاتهتمّين له ، اعتبريه عتب بوقت فايت
لبسّها العقد وابعدت عنه وناظرت بالمرايا وتحسسّته بلمساتها
وقالت بإمتنان : مشكور ،جماله مو عادي !
شجاع بعد سرحان فيها قال بهدوء : أحلى من العقد لبّاسه .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عند الهنوف ، كانت جالسه بين شادن ونوران
وتناظر فيهم بصمت وسناء قدامهم تسولف عليهم بحماس
بالجلسه المُقابله كانوا جالسين الشباب ويسولفون بهدوء
الهنوف نزّلت صحن الحلا اللي بيدها وقالت بضيق : اشتقت لدانه !
شادن : مين دانه !
الهنوف : صديقتي ، سافرت قبل جيّتكم بيوم
نوران : دانه اكثر شخص بنحبو احنا ، هذا حال الدنيا
عسّاف اوجعه قلبه من سمع اسمها ونزل كاسة الشاي
وانسدت نفسه ؛ كان يحاول يوسع صدره بعيد عن طاريها
لكن لاحقه الطاري والذكرى ، وبدون مايحسّ تنهد وكلهم انتبهوا له.
شادن : تحمست اشوفها متى بترجع !
الهنوف : ماراح ترجع راحت لأهلها بقطر
نوران : يمكن مايقبلوها وترجع ، تفائلي يالهنوف
الهنوف : انا ودي انها ترجع ، لكن لصالحها انها تبقى عند اهلها
رفعت يدينها بتعدل حجابها وطاحت عينها بعين ظافر
واستحت وصدّت وهي عارفه تفكيره ونفسها تقتله.
وقالت بعناد : شادن ترا عندي سوالف كثيره بقولها لك
شادن فهمت عليها وابتسمت وقبل لاترد اتصل جوّال الهنوف
ورفعته وتلاشت إبتسامتها لما شافت اسم دانه ورجف قلبها
وقالت بتلعثم وابتسامه وعيون دامعه : دانه ، دانه تتصل
شهقوا البنا تبفرحه وتجمعوا عليها بإستثناء شادن
عسّاف التفت لها وهو حاس الدنيا كلها تضحك له من إتصالها
عدل جلسته وشد انتباهه معاها.
الهنوف ردّت بلهفه : هلا
دانه : الهنوف
الهنوف بغصه : لبيه
عطت الجوال نوران ونزلت راسها وغطت وجهها وبكت
نوران فتحت السبيكر وحطته قدامها .
دانه عرفت انها تبكي وقالت بأسف : اسفه والله اسفه
ولاتبجين ترا اللي فيني كافيني
رفعت راسها وهي تمسح دموعها وقالت
بصوت مهزوز : قولي وش فيك وش صار معك
دانه تنهّدت : ابوي توّفى ، واخواني واحد العن من الثاني
وحالياً انا قبال المحكمه مو عارفه من وين ابدأ
احسّ اني مكسورة جناح ولا لي احد
عسّاف حس قلبه ينكسر من كلامها وشد قبضة يدّه
وحس بنار تاكل قلبه من القهر ، قهر البعد والمسافات والظروف
وأخوانها اللي مافيهم خيـر وتاركينها لحالها .
الهنوف : ماعليه لاتيأسين ، حاولي ، شوفي لك محامي شاطر
بالبدايه واذا عالفلوس لاتشيلين هم بحوّل لك
دانه بغصه : ادري انكم ماتقصرون بس انا مابي حلال ولا فلوس
انا ابي اهلي و.. أهلي رفضوني !
الهنوف لولا حياها بكت وطلّعت كل مابجعبتها من حزن عليها
و تماسكت ، لكن اللي ماتماسك عسـاف .
قام واندفع لهم بسـرعه عجيبه وسحب الجوال منها
وقال بصوته الهادي : الو ، دانه !
دانه انصدمت وأهتز ثبات قلبها وهمست : عساف !
عساف : ايه عساف ، لاتتصرفين لحالك انا جاي لك
دانه بصدمه : شـ. شنو مافهمت
عسّاف : جاي لقطر ، واللي فيها فيها !
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تعالي واتركي هالأرض لأهل الأرضّ
سماك عيوني الثنتين يانجمه .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشجاع و الهنوفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن