البارت السادس

33.2K 457 74
                                    

. . . . . . . . . . . . .
عسّاف إتجّه للشخص اللي بالسياره الثانيه كانوا متجمعين عليه النـاس وارتاح لما شافه واعي لكن تعبان .
الهنوف اخذت يده بين يدينها وضغطت عليها بقوه
وهمست بصوت باكي : حبيبي انا اسفه ، ماكنت ابي نوصل الى هنا لكن..
دانه قاطعتها : خلاص يالهنوف مايسمعك ، قومي عنه وصل الإسعاف
مسكت ايدينها وقوّمتها بالقوّه بالوقت اللي وصلوا المسعفين واسعفوه وشالوه وهو باقي ماصحى ، ركبت معاه الهنوف
بسيّارة الإسعاف وطبعاً دانه ماتركتها ، جلست جنبها تهديها وهي تتذكر كل شي

من لمّا دخلوا المعهد وشافوا شجـاع وهو يبوسها والكل مذهول وساكت ومركز معاهم الا دانه وعسّافصدوا بسرعه وهم منحرجين بشكل لايُوصف من اللي شافوه
ومجرد ماارتفع صوت المدربه مع شجاع بمشاده كلاميه التفت عساف وطاحت عينه على الفرقه الموسيقيه اللي فيها مكان فاضي
تلقائياً اخذ المكان وجلس فيه ورفع القيتار وبدأ يعزف عزفه أذهل الجميع وأولهم دانه اللي نست ان الهنوف بمُشكله
وركّزت معاه بكل حواسها لما بدأ يغني بصوت عذب ماسمعت بحياتها مثله لدرجة ان عيونها غرقت بالدمع
من كثر الإحساس ،
قطع تفكيرها باب الإسعاف ينفتح والمسعفين ينزلون شجاع ونزلت دانه بعدهم وساعدت الهنوف تنزل والهنوف كانت منهاره خوف وطول الطريق مقويّه نفسها
وهي تشوفه طايح لاحول ولا قوه وملامحه مختفيه من الدم .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السـاعه ٦ المغرب في بيت ابو جراح :
وبغرفة الضيوف كان جالس ابو جراح وعنده ظافر ويقهويه وهو عارف ليه جاي لكن انتظره لين يبدأ من نفسه .
ظافر بعد ثاني فنجال تنحنح وقال بهدوء : انا جاي بناء على رغبة جدي ودي اسولف مع شادن ونوصل لحلّ ياعمي اذا ماعندك مانع .
عمّه : حقك ، الحين اجيبها لك
طلـع وجلس ظافر وهو متضايق منها ومن كلامها الأخير ومانام هذيك الليله يفكّر بحل ومن صبح اليوم الثاني
ماترك مكان الا وزاره يدور وظيفه ، ربع ساعه ودخلت شادن ولا ناظرت فيه ابد لكنه ناظر فيها من فوق لتحت
كانت بعبايتها ومتحجبه ومو باين الا وجهها ويدينها جلست بعيد عنه وعيونها بالأرض وحسبها ظافر خجلانه لكن هي فعلياً ماكانت تبي تشوفه.
ظافر : كيف حالك
شادن : بخير
ظافر : ابي اسألك سؤال وجاوبي بصراحه انتي ليش تكرهيني ؟
شادن سكتت شوي وقالت بهدوء : انا ما أكره الأشخاص ، اكره تصرفاتهم
ظافر : وش اللي مو عاجبك فيني
شادن : اول شي انانيّتك ، صار لك اربع سنوات خاطبني وما اعرسنا بحجة الوظيفه ، زين اذا مو لاقي وظيفه طلقني
لاتقطع نصيبي ، انا لا توظفت ولا اعرست بسببك بسببك مو قادره أحس اني انسانه لها حقوقها يعني بنت عمرها ٢٥ سنه الى الان ابوها يصرف عليها ؟ .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهنوف وعسّاف ودانه بممرات المستشفى جالسين ينتظرون أي خبر عن شجاع ، والهنوف رغم خوفها الا انها لازالت متماسكه وثابته ولا هزّها منظره .
طلع الدكتور وطمنّهم انه تجاوز الخطر وطلبوا يشوفونه ورفض لكن الهنوف أصرّت تشوفه ووافق الدكتور بشرط انها ماتتكلم معاه كثير ووافقت .
دخلت بهدوء وعيونها غرقانه بالدمع ودخلت الممرضه وراها شايله صينية الأكل ، واول ماشافته دمعت عيونها اكثر
كان راسه ملفوف بشاش أبيض وعليه بقعة دم وواضح جرحه كبير ويدّه المين مجبّسه وتيشرته الأبيض عليه نقط دم اوجع قلبها المنظر ودخلت وقفّلت الباب ولمت معطف دانه عليها
وعيونها بعيونه الحاده همست : الـ.
كانت بتقول له الحمدلله على سلامتك وتذكّرت ثالث كف بحياتها من نفس الشخص وبلعت غصّتها وقالت بحده : ليتك مت وفكيتني من شرّك
شجاع بإستحقار : ورب الكون لو ماوقف بدربي عساف ومنعني كان انتي الحين من تعداد الموتى !
الهنوف تقدّمت له وجلست على حافة سريره وقالت بهمس : الدكتور طلبني مااسولف علشان كذا بسكت ، ارفع ظهرك علشان تاكل
اخذت الصينيه من الممرضه وحطتها بينها وبين شجاع واول ماخذت الملعقه رفع يده وضرب الصيّنيه بقوه
وانسكبت الشوربه على رجول الهنوف وصرخت من الألم والممرضه عصبت لكن التزمت الصمت وطلعت
الهنوف وقفت وهي موجوعه من الحراره قالت بغصه : الله لايعافيك وعساك تخيس بالمستشفيات لا أم تدري ولا ابو ، جعلك ماتقوم !
شجـاع : ماودي اتكلم ، لكن بقوم و الوعد إذا قمت !
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شـادن : يعني بنت عمرها ٢٥ و ابوها يصرف عليها ؟
ظافر إقتنع من كلامها وكمّل : طيب وثاني شي ؟
شادن : اكره تخلفّك ، او تخلف هالعائله بشكل عام ليش تشوفون البنات انهم طبخ وغسيل وخلاص ؟
لا دراسه جامعيه ولا وظيفه ولا صخام ، وتلوموني يوم اقول الهنوف تفكيرها صحيح ، الهنوف فكرت بمستقبلها ونفعت حالها وانا هذا مستقبلي قاعده اعيشه بحسره ، والحظ طايح !
ظافر : زين انتي كنتي موافقه على شروطي وقت الخطبه ليه الحين استخفيتي ؟
شادن : ملّيت ، قلت بيتوظف صدق ويغنيني ، لكن لا انت توظفت ولا تزوجتني وش تبي مني ؟ خلاص اعتقني
ظافر سكت شوي وقال بإبتسامه : تبين تهربين ؟
ناظرت فيه مصدومه من كلمته وكمّل بدهاء : تبين اطلقك لجل تروحين مراح الهنوف وتكملين الدراسه اللي بتموتين عشانها صح ؟
شادن ارتبكت وقالت وهي بسخريه : اي دراسه اللي بكملها وانا بعمر الخمسه وعشرين؟ ولا مؤهلات ولا لغه ولا غيرها !
ظافر : يعني كلش ماعندك نيّه ؟
شادن : لأ
ظافر تنهّد : على خير ، انا بسافر لباريس اكمل دراستي وقلت يمكن تحبين تجين معاي ، عالعموم ورقتك بتوصلك ، بسافر لحالي.
، كذا اريح وفرتي علي مصاريف العرس !
شادن رجف قلبها من كلامه وحسّت بقهر وسكتت .
ثواني وقالت بربكه : دقيقه ظافر ليش مستعجل انت ، يعني .. بصراحه اكيد اني ابي اتعلم
سكت ظافر وعينه عليها وكملت بتساؤل : بس ليش باريس ؟ ليش مو امريكا ترا الإنجليزي اسهل من الفرنسي.
ظافر : الإنجليزي ماشين فيه وحلو نتعلم الفرنسي ، وباريس لإن عساف وشجاع فيها فـ ماراح اكون بغربه تامه !
شادن حسّت بإحراج منه وهو عرف كيف يخليها تندم على كلامها وقال بهدوء : وش عندك قولي ؟
شادن بعيون تلمع : ودي اكمل دراستي ، والله ودي
ظافر : زين انا بطلقك وانتي كملي
شادن : هنا المصيبه ، حتى ابوي رافض الجامعه
ظافر تنحنح : طيب اذا تبين تجين معاي لباريس وتدرسين ترا عادي
ناظرت فيه بصدمه وشافته مبتسم وقالت برجفه : يعـ. يعني قصدك نتزوج ونسافر ؟
ظافر : ايه هذا قصدي ، الا اذا ملزمه على الطلاق ترا اطلق
شادن عصبّت من نفسها ومن اسلوبه وهي عارفه وش هدفه من هالكلام كلّه قالت بهدوء : ابوي ماراح يرضى .
ظـافر : ياليـل، الحين انتي تبين تكملين معي او لا ؟
شادن بعيون تلمع : اذا بتخليني اكمل دراستي بكمل معاك ، لكـ. لكن ابـوي !
ظافر : من وليّك انا ولا ابوك ؟
بلعت غصّتها وهمست : انت
ظافر : وانا سامح لك تكملين دراستك
ناظرت فيه بصـدمه عميقه مو مصدقه اللي قاله فجأه كذا يوافق على دراستها وبدوله ثانيه بعـد شكّت بالموضوع وقالت بغصه : ظافر لاتاخذني على قد عقلي ، ترا نفسيتي متأزمه من هالموضوع !
ظافر : الزواج بعد شهر ، بنتزوج ونسافر وندرس ، وانا بوصي شجاع يدور لي شغله هناك
سكتت ثواني وهي تردد كلامه براسها وقالت بعيون تلمع : انا اسفه على الكلام اللي قلته لك ، بس والله كنت مقهوره صدق ، كنت اشوف حفلة تخرج صديقاتي واقول ليتني بينهم واجرب شعور استلام الوثيقه وفرحة اللي حولي لي ، ليش تحرمونا من شيء طبيعي وأساسي بكل المجتمعات ؟
ظـافر : حصل خير .. فعلاً هالتفكير غلط وانا سعيد لإن زوجتي واعيه ومثقفّه حتى بدون دراسه !
شادن : وانا سعيده لإنك قدّرت النعمه اللي بين يدينك ، اللي هي انا .
ظافر بإبتسامه : شدعوه ، لو ماادري انك ذهبه ماخطبتك رغم انهم كانوا مرشحين لي وئام
شادن : تبي الصراحه ، وانا بعد لو ماادري انك كفو ماوافقت ، بس قهرتني وانت معلقني اربع سنين وماقدرت اسكت !
قـطع حوارهم دخول أبو جراح وهو على يقين انهم وصلوا لحلّ مناسب لأن شادن فاهمه وظافر متفّهم .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الساعه ٩ الليل ؛ بالمستشفى
كانت الهنوف جالسه بالممرات وتنتظر شجاع يطلع وهي متوّتره لكن أنسب حل اختارته ، جاها إتصال من دانه
وردّت بسرعه : هلا دانه
دانه : الهنوف وينك بقفل الباب بنام ، استعجلي
الهنوف : نامي ماراح أجي
دانه بصدمه : لاتقولين بترجعين معـاه !
الهنوف بربكه : اي برجع
دانه : هذا يبي يقتلك ياغبيه !
الهنوف : لو بيقتلني ماكان صدم بنفسه صدقيني لو بيقتلني كان صدمني انا وماعليه من احد.
سكتت شوي وكمّلت بغصه : هو يحبني ، وراح يأذيني شوي وانا نفس الشيء أحبه واموت فيه لكن راح اشيّب براسه وبالنهايه راح نعتذر لبعض ونحب بعض اكثر.
دانه كانت منسدحه والنوم طار من عينها وجلست وقالت بصدمه : يابنتي عليك حراره شي ؟ هذا كلام وحده عاقله فاهمه مثقفه واعيه ؟ ياحسرتي عليك يالهنوف
قمتي تقطين خيط وخيط ، شكلها النهايه !
الهنوف ضحكت شوي وقالت بعيون تلمع : لا قاعده اقول لك الحقيقه ، يالله تصبحين على خير .
دانه : وانتي من اهله .
قفلّت منـها ووقفت لما إنفتح الباب وطلع شجاع ناظرت فيه وقلبها يوجعها عليه كان لابس بنطلون اسود وتيشرت رمادي نصف كم وماسك عكّازه
ووقف لما شافها وعقد حاجبينه : انتي مارحتي للحين ؟
الهنوف برجفه : لا ، بروح معاك
شجاع مشى خطوتين بصعوبه لين وصلها وقف قدامها وقريب منها ورفعت راسها له وبلعت غصّتها
قال بهدوء : بس انا سامح لك ، روحي مع دانه اذا تبين !
الهنوف : خلاص بجي معاك
مشى قبلها وقال ببرود : ما انصحك ، اذا مستعجله على موتك تعالي
الهنوف تقدمت لين صارت جنبه وشالت عكازه بلمحة بصر وشبكت كفها بكفّه وهمست : مستعجله ونص .. اصلاً الدنيا ماعاد تعجبني ياليت اموت
شجاع انصدم من حركتها لكّنه ماعارض وقبل مُساعدتها لين طلعوا ووقفوا قدام المستشفى
وحسّ شجاع بالبرد ينخر عظامه ووقف وهو مايحسّ الا بدفى يدّها.
الهنوف رفعت يدّها بتوقف تاكسي
وقال شجاع بحده : نزلي يدك ، عساف بالطريق
الهنوف : ماراح انتظر عساف لين تموت من البرد !
وقفت عندها سيارة تاكسي وتقدّمت خطوه
وثبّتها شجاع وهمس : عساف جاي !
الهنوف : مافي مشكله يرجع مكان ماجاء ، تعال
فتحت له الباب وقف يناظر فيها ثواني لين إستسلم وركب قفلت عليه الباب ولفّت ركبت من الباب الثاني جنبه ولا ناظرت فيه وتحسّ بعمق اللي تسويه لكن ماعندها حل ثاني.
شـجاع رغم البروده اللي مجتاحه جسمه الا ان تركيزه معاها وقدّ ماهو زعلان ومعصب قد ماهو فرحان إنها بتجي معاه . تجـــاهل حاجته لهـا ولدفاهـا، مثل ماهي تجاهلت حبها وخوفها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصبـح عند دانـه :
كانت قدام المرايا تجفف شعرها وهي متضايقه من الوحده محد كان يملى جوها وحياتها غير الهنوف مجرد وجودها كان يملى البيت راحه وتحسه منشرح
لكن من شهر وجاي ماصارت تحس بهالأحساس وكل يوم تزعل اكثر وتحس نفسها لو تقتل شجاع وترتـاح .
رفعت شعرها وربطته فوق وقامت لبست جاكيتها واخذت شنطتها وطلـعت وهي كارهه الشقه ومو مفكره ترجع لها الا وقت النوم .
مرّت شقة ابو علي وطقت الباب وكالعاده فتحت نوران وهي ماسكه الليفه ويدها فيها رغوة الصابون : اهلين دانه
دانه : يالله صباح خير ، حتى الحين تكرفين !
نوران : شو عليك انتي مريحه راسك بتاكلي وبتشربي برا وماعندك حدا تخدميه !
دانه تنّهدت بضيق : لا تتحلطمين واحمدي ربك على نعمة الأهل والله لو عندي اهل اخدمهم بعيوني وقليل بعد
نوران : لا تزعلي بمزح معك ، تفضلي
دانه دخلت وطاحت عينها على جد نوران جالس بالبلكونه ومستكن على اغنيه هاديه ويشرب قهوه ، والجد الثاني بغرفته يصلي .
نوران بهمس : دخيلك يادانه روحي له لاتخلي له مجال يطلبني وجبه رابعه خلال هالساعه !
دانه ضحكت : ول عليه من بطن ، ثلاث وجبات بساعه؟
نوران : وحياتك كل يومين بنعبي الثلاجه ، يالله روحي بسرعه
دانه تقدمت ودخلت عليه بالبلكونه ووقفت قدامه : هاي جدو
ابتسم بملامح مجعده ووجه ملاه الشيب : السلام تحية الإسلام
دانه : ولا تزعل ، السلام عليكم
الجد : وعليكم السلام ، كيف حالك يالهنوف
دانه توهقت : لا انا مو الهنوف ، انا دانه
الجد : يعني عيوني بتكذب ؟
دانه : لالا جدي ركز معي ، انا دانه ، الهنوف راحت مع زوجها
عصب وضرب فنجال القهوه عاى الطاوله بقوه وفزت دانه : خلاص خلاص ، انا الهنوف !
ناطر فيها شوي وابتسم لها : قديش عمرك انتي
دانه جلست على الطاوله بطرف جسمها وقالت بتأمل : عمري ست وعشرين سنه ، بس احس عمري واقف على الـ١٨ سنه !
الجد : منيح ، وانا عمري سبعين سنه بس بحس انو عمري واقف على الثلاثين
دانه : بالنهايه ياجدي العمر مجرد رقم ، يعني انا ولا يوم حسبت عمري من كثر ماانا احب اعيشه بكل تفاصيله
الجد حس بحماس من كلامها : يعني انا مش باين علي اني شايب ماهيك
دانه : لا كلش مو باين ، انت شيخ الشباب
ضحك من كلامها ونزل راسه ودانه ابتسمت وصدت تناظر للشارع والناس اللي تمشي فيه ولمحت ابو غاده
وهو يوّزع الورد على المارّين وعقدت حواجبها : هذا مايوزع ورد الا بالمناسبات ، اكيد صايره مناسبه
وقفت واشرت له وهي تنادي : ابو غاده ، ابـو غاده
رفع راسه لها وابتسم : صباح الخير دانه
دانه : صباح الخير ، شو المناسبه
ابو غاده : ام غاده حامل ، باركيلي
دانه : ماشاءالله مبروك ، الله يتمم فرحتكم
ابو غاده : امسكي
رمى عليها ورده ومسكتها وهي تضحك ورجعت جلست قدام الجد ومدت له الورده واخذها وهو يتأملها ثواني ورفع راسه
وقال بهدوء : انتي وين اهلك ؟ مالك حدا هون
دانه أوجعها السؤال لكن ابتسمت : لا ، كنت عايشه مع ماما هنا وتوفت وانا بعمر الـ١٥ ، ومن يومها عايشه لحالي
الجد : وابوكِ واخوانك
دانه : مطلق ماما من زمان وما ادري عنه ويمكن هو مايعرف ان له بنت.
الجد سرح وتنهد ولمعت عيونه وقال بغصه : الحياه صعبه ، ماكان لازم تعيشيها لحالك
دانه بلعت غصتها وقالت بأبتسامه : لكن عشتها ، عادي ماتفرق معي لكن انت ليش مستصعبها ؟ ابوك معاك وابنك واحفادك حواليك .
سكت شوي وفجأه غرقت عيونه ونزلت دمعته
وانصدمت دانه وارتبكت : جدي !
رد بصوت باكي : ابوي معي لكن امي مش معي وابني معي بس اولادي واحفادي الباقين ماتوا بالحرب لو تعرفي قديش تعبنا ومتنا الف موته لبين ماوصلنا هون
دانه مسحت على يده وقالت وهي تحاول تمسك عبراتها : ربي جعل الدنيا شقاء والآخره راحه ماحد عايش مرتاح حتى لو يملك كنوز الدنيا
هذي هي الحياه ، مجبورين نفارق اللي نحبّهم ومجبورين نرضى !
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الهـنوف :
صحت وهي مستغربه ماشافته من أمس لما رجعوا من المستشفى دخلـت للغرفه ورتبت اغراضها وكانت تنتظره يدخل يضرب يهاوش يتكلم
لكن مادخل واشغلت نفسها بترتيب اغراضها واعادت ترتيب اغراضه ولا دخل لين اخذها النوم ونـامت للصبح ولما صحت توّقعت تلقاه جنبها
او بنفس الغرفه ع الاقل ، لكنها ماشافته ، زاد استغرابهـا تروشت ولبست فستان أسود ناعم لين الركبه وفتحت شعرها وحطت ميكب خفيف وتعطرت
وطلعت بحذر وهي خايفه منه وحاسّه ان سكوته مو لله .
دارت بالبيت كله مالقته ولا سمعت له حـسّ وقفت وهي مرتبكه جاها إحساس انه يشوفها لكن هي ماتشوفه.
مابقى مكان الا الحديقه وبدون تفكير راحت وقفت عند باب المدخل وطلّت براسها وشافته قدّامها وطاحت عيونه بعيونها ورجف قلبها بخـوف لاهي قادره تتقدم ولا هي قادره ترجع .
كان يشـرب قهوه وشايفها من اول ماطلعت من غرفـتها لين طلعت له .
الهنوف لازالت تناظر فيه وهي مصدومه وتفكّر وش تسوي وفجأه بدون تردد طلعت له ووقفت ونزلت راسها ثواني وبلعت ريقها ورفعت راسها
له وقالت بربكه : عـ. عادي اجلس معاك ؟
شـجاع نزّل فنجاله على الطاوله وسند ظهره وعيونه سرحت بتفاصيلهـا ليـن حست الهنوف بنار تحتها من قوة الخجل والتوّتر .
شجـاع كان قلبه يخفق بشدّه من شوفتها بهالوضوح ومن كثر ماحنّ لها يحسّ كأنها تقول له :
مافي أنثى تعوضك بعدي ، أنا التوبه و غيري خطايا ! .
لازال يتأملها بدون مُبالاه لخجلها ، لما يشوفها مايبقى من قوّته شي ويحسّ انه بينصهر قدامها ويذوب من فرط العاطفه والحنين ،ولو يشوفها للمره المليُون تبقى بقلبه النبضه الأولى !
استوعب وأنتبه وصد عنها وهو يحس انه جاي من عالم ثاني رغم ان النظره ماخذت من وقته دقيقتين الا انها عن عمره كامل اخذ نفس والتفت لها وقال بهدوء : تعـالي !
خافت اكثر لكن شجّعت حالها وتقدمت وهي تقنع نفسها ان بهالساعه راح يتصلح كل شي ، جلست قدامه ومارفعت عيونها شجـاع بصوت حاد رغم ان قلبه متلاشي : افطرتي ؟
الهنوف بصوت خافت : لا ، مو مشتهيه
شجـاع : روحي افطري لايزعل جدي موصيني عليك كنّه موصيني على روحه !
الهنوف سكتت وهي تفكر " معقوله جدي للحين يحبني
مو زعلان مني ؟ معقـوله شجاع يعاملني بطيب علشان جدي ؟
مو علشانه يحبني ؟ ليه فجأه صارت حياتي كلها اسأله واستفهامات !
اوجعتها نبرة السخريه بصوته ورجّعت شعرها خلف اذنها
وقالت بإندفاعيه : لإني فعلاً روحه ، ولإنه يحبني من قلبه ويخاف لايلحقني اذى من مجانين الدنيا !
شجـاع : الشك زايل بحبّه لك ، لكنك ضربتي احترامه وحبه بعرض الحايط ورحتي وخليتيه يتخبط بالدنيا من الخوف
سكـت شوي وشد قبضة يده وقال بهدوء : على القليله وصيّة ابوك لجدك انه يحافظ عليك ويرعاك ماعطيتيه فرصه يرعاك ، لاريحتي ابوك بقبره
ولا ريحّتي جدك بحياته ومع ذلك يحبك. اخ يالقهـر يحبك وحـالف لو المس شعره من راسك الا يطربـق دنياي ، والله لولا حلفه علي ووصاته
اني لا اسويك زي المداس بالبـيت ، بس محظوظه من يومك !
سكتت رغم تكدس الكلام بصدرها وقبل تتكلم خنقتها العبره
وفضلّت الصمت وقـامت بترجع واستوقفـها صوته : ويـن ؟
الهنوف : برجع للغرفه ، الجلسه معك تسد النفس وانا مو متعوده على صباحات تسد النفس
شجـاع : لازم تتعودين وتهيئين نفسيتك لهالشيء مو بس بالجلسه معـاي ، بكل شي سافرتي واخذتيه مـعك !
خوّفها الغموض اللي بكلامه والتفتت له وعيونها مليانه دمع قالت برجفه : ماتهمنّي ، ولا راح تأثر فيني
وصدقني بحركاتك ذي ماتتعب الا نفسك لإن انا متصالحه مع نفسي وراضيه عن حياتي
ومقتنعه باللي سويته وانت قاعد تعاقب نفسك ماتعاقبني انـا !
عطته ظهرها ودخلت بخطوات هاديه وحسّ خطوتها تمشي على قلبه مو على الأرضكلامها كأنه سهام بصدره ،
يشوفها غلطانه لكن مجرد ماتتكلم وتبرر يدمح زلّاتها كلها وينسى انها غلطت ويفكر بنفس اللحظه انه يرضى ويرضيها لكـن يصير عكس اللي يبي.
بدون شعور شال اللفه اللي براسه وحسّ بألم جرحه ودوخه بسيطه لكن مااهتم قام وهو ماسك عكّازه ويقاوم الدوار اللي صابه ، ودخل لـها .

اتجّه للغرفه وفتح الباب ودخل ، كانت واقفه قبال البلكونه وسرحانه إتجه لها وهي حسّت بخطواته لها ودق قلبها خوف ومسحت دمعتها بسرعه والتفتت له ،
وقف قبالها وعيونه بعيونها وكانت بعيونه نظره اول مره بحياتها تشوفها ، نظره مليانه حنان لدرجة انها عجزت تمسك دموعها وماقدرت انها ماترتمي بحضنه لإنها على ثقه انه ماراح يردّها ،
سندت راسها على صدره واستسلمت لدموعها اللي اوجعت روحه ، طاح من يده العكاز ورفع يده وحضنها بـقوه وباس راسها وعيونه سرحانه بالفراغ اللي خلفـها لكن تفكيره وروحه معاها ، تحققت أمنيته
وكأنه ملك الدنيا وهي بين ايدينه رغم جروحه العميقه وتأثير كلام الناس على نفسيته ، كان حاقد عليها سنين طويله
لكن مجرد ماشافها كأن اوجاع السنين صارت ثلج وذاب رفع راسه لها وصار جبينه على جبينها غّمض عيونه
والهنوف سرحت بكل شعره بوجهه وهي نفسها تحلف له إنها مسامحته بس تطلبه الراحه ، تبيه بس تطلبه العوض
رفعت يدينها وضمّته بكل قوتها لين وقفت على اطراف اصابعها وعـذبّته اكثر ، وهو مستغرب ويموت ويعرف ليه كل ماعصب عليها يهدا ،
وكل ماقال كلمه يندم وكل ماابعد عنها شبر يقرب لها ذراع ،
وكل ماشافها ينسى ان في بالدنيا بشـر غيرها ،
امه وهي امه ينساها اذا شاف الهنوف رغم انها اولى بحبه لكن القلب ميّال وراعي الهوى على ماقيل مفضوح ومهما كبر يصغر من كلمه ومن موقف ومن نظـره.
همس بدون شعور :
وش أنت ياقلب الشجاع اللي على ضد الجموع تقدر
ولا تقدر على ضد الهنوف لحالها !
الهنوف سمعت كلامه وحسته أخترق قلبها واستقر فيه ماكان مجرد كلام عادي تمحيه الدقيقه والدقيقه اللي بعدها ولا من كلام الليل اللي يمحيه النهار ، كأن كلامه يوعدها يلازمها
ملازمة اسمها همست له بضعف : ليتك يوم جيت جبت معاك شـجاع الأوليّ اللي مايخليني انام وخاطري ضايق لو بيني وبينه مسافات .
أبعد عنها شوي وركز عيونه بعيونها وقال بهدوء : ليش ماتعترفين انك غلـطانه ؟ بربك انتي متوقعه مني ارجع زي قبل وانتي هاربه ثاني يوم من ملكتنا ؟
الهـنوف بعبـره : وانت ليش ماتعترف انك السبب بهروبي !
ابعد عنها ورجع لدولابه فتحـه وطلّع كيس اسود صغير
ورجـع وقف قدامها ومدّه لها ، عقدت حواجبها وقالت برجفه : ايش هذا ؟
شجاع مسكه وهو بين ايدينها وطلع منه بوكس صغير
وفتحه قدامها وشافت ساعه الماس من كارتير سرحت فيها ثواني وضعف قلبها لما تذكـرتها
وقال شجاع بهدوء : هذي الساعه اللي كنتي تبينها !
وطلّع من نفس الكيس عطر من جنيد وتوسعت عيونها بصدمه
وكملّ : وهذا عطرك ، قلتيلي انه خلص من عندك ويوم شريته وجيتك مالقيتك ، سـافرتي !
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لي جناح ، ووين ابلقى لي سما
لي شعور ومن يبادلني الشعور ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الشجاع و الهنوفWhere stories live. Discover now