البارت الحادي عشر

41.1K 430 115
                                    

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلوا للغابه واختاروا اقرب حديقـه
وفرشوا فـرشتهم وحطوا كراسي للجد ولشجـاع وعسّاف
اما الباقي فضلّوا جلسة الأرض ، وحطوا الأكل كله قـدامهم
وبدوا ياكلون ويشربون من فطورات وقهوه وشاي وعصائر وشبسات.
غاده وقفت قدام عسّاف وهي تاكل شبس
وقالت بإبتسامه : انت حكيت لي اول مانوصل راح تغني لي
عسـاف : صوتي تـعبان ياغاده ، ياجماعه مافيكم احد
عنده موهبه يشاركني فيها
ابو علي : نوران صوتها حلو
ابتسم عساف لنوران : اعزف لك وتغنّين ؟
نوران بخجل : اوكي بس ، شو أغني
الجـد ابو ضياء وهو سرحان : شو كانت حلوه الليالي
ناظرت فيه بضيق وهي عارفه انه متضايق وحزين
لأنه كل مايتضايق يطلبها هالأغنيه .
عسّاف بدأ يعزف لها بعزفه الحزين
وشدّ انتباه الكـل حتى الناس القريبه منهم .
نوران بدت تغنًي بصوت هادي وجميل : كان عنّا طاحون ع نبع المي
قدامه ساحات مزروعه فيّ ، وجدي كان يطحن للحيّ قمح وسهـريات.
ابتسم عسّاف وسرح فيها وهي تغنّي بإحساس
ماتوّقع لو قليل ان صوتها جميل وفوق هذا يحمّس
لدرجة انه غنّى معاها بدون مايحس بنفسـه.
ومانتبهوا لأبو ضياء اللي دمعت عيونه من الكلمات
رغم ان الأغنيّه فيها لمسة فـرح
حتى وان كان المقصد ذكرى حـزينه .
علي جلس قدام جدّه وهو يحاول يضحكه
لين حسّ الجد انه غلط يبكي ويضايقهم معاه
وضحك على علي وارتاحوا انه مابكى كـالعاده.
خلّصت الأغنيه ونوران بتموت من الفرحه
لما سمعت ثنائهم واعجابهم بصوتها.
شجـاع : حلو بيصير عندنا احد يغني غير عساف ، ملينا من صوته
عساف : مالومك تمل من كثر ماخليتني اغنّي
نوران : المهم ياجماعه انا بخاطري اغني شي تاني
تحمست ، بس مايكون حزين ، اعطوني
دانه بسـرعه : غنّي جيبوا لي هالمجنون
وعلّي صوتك قد ماتقدرين اذا وصلتي عند البيت اللي يقول " ياهله وجيرانه قولوا علشانه
يسكن بهالحيّ ولا اسكن أحضانه "
عسـاف كان يناظر فيها مذهول من إختيارها
وقالت نوران بعناد : مابعرفها ، انا بعرف الاغاني
الرقيقه الهاديه وبس
دانه : عشتو ، چان زين تعرفين الرقّه
عسـاف : دانه ، وش تبين اغني لك
دانه تنحنحت : مو .. تقول صوتك تعبان ؟
عسّاف : اغني لك وهو تعبان مو مشكله
بس الأغنيه اللي طلبتيها
طبقتها عاليه وصعبه شوي
دانه : زين ابيك تغني اغـ.
قاطعها شجاع : معليش يادانه ، عساف دام فيك حيـل
ابيك تغنّي الله اكبر يالهـنوف دمّي لكم من حللّه !
الهنوف كانت تشرب عصير وحسّت انها بتشرق من الصدمه
التفتت له ولمّا شافت نظراته ابتسمت وصدّت من الخجل.
عساف : مو حافظ البيت الأخير
شجاع : ان كان لك جدّة صروف
انسى غرامي واهمله
مادام قلبك مايرُوف بالمحبّه مشكله !
الهنوف رغم إنها انبسطت بالإهداء أوجعتها الكلمات
وحاولت توّضح العكس لكن بان بملامحها ضيقها
حّتى وإن كانت الكلمات فعلاً تحكي عن واقعهم
ماتمنّت يقولها قدام الجميع ، وقفت وناظرت فيه ببرود
وقالت بهدوء : انا بروح اتمشى اللي بتجي معاي تجي
سناء " ام غاده " وقفت ومشت معـاها .
اما دانه ونوران كان التحدّي قايم بينهم بالنظرات
ولو يدرون ان عسّاف فاهمهم كان ماتوا من فرط الإحراج
عسـاف : ها شجاع ، أغني ولا مايحتاج
شجاع : لا خـلاص
دانه : ماشاء الله عليك شجاع مستانس وانت تقاطع الناس ؟
ماتعلمّت اداب الحديث ؟
شُجاع : لا ، الحقيقه تعلّمت كيف اسكّت الحمقى
دانه عصّبت وقالت بنبره حاده : والله ما أحمق الا انت
والهنوف اللي عطتك وجه .
قامت وراحت من عندهم ونوران حسّت بإحراج انها الوحيده من البنات ونزّلت اللي بيدها وقامت ورا دانه حـاولت تناديها لكن دانه ولا كأنها تسـمعها .
قربت لها ومسكت يدها ومجردّ مالفت لها دانه دفّت نوران بقوّه وصرخت : وش تـبيـن ؟ مستانسه وصلتي للي تبينه ؟
نوران تضايقت لما شافت دمعتها بطرف عينها وقالت بضيق : دانه اهدي والله بمزح معك ، انتي عارفه قديش بحبك انتي رفيقتي
دانه حاولت تستجمع نفسها علشان لايحسّون بشيء لأن عينهم عليها قالت بهدوء : اوكي ، تعالي نروح للبنات
عسّاف كان يناظر فيهم وإرتاح لما شافهم مشوا مع بعض ، مايدري وش اللي بقلوبهم له بالضبط لكنه مايبي يكون سبب بزعلهم من بعض ، ومحتار ومتضايق وماهو عارف كيف يصرف نظرهم عنّه .
شُجاع تنـرفز من الهنوف لإنها راحت بدونه وعلشان تضمن انه مايلحقها اخذت معاها ام غاده ، عسّاف قـام يمشي لحاله ، وأبو غاده اخذ بنته وراح عنهم.
ابو علي : علي ، علي قوم معانا عرفنا عالغابه
علي ماردّ لإنه نام بدون مايحس على نفسه وقام ابو علي : ياجماعه من بدو يمشي معي
ابوه : انا مابدي
جدّه : قوّمني
انحنى وقوّم جده معاه ومشى خطوتين وناظر لشجاع : شو مابدك تجي
شجاع : لا بجلس مع العم ابو ضياء
ابو علي : براحتك
مشـى عنهم وشجاع كان سـرحان وماهمه ابو ضياء لكن ماله نفس لأحد غيـرها .
ابو ضياء : شو مشكلتك يا ابني ، دايماً شارد ومعصب وبتكره الكل ، اذا عندك مشاكل نفسيه عالجها
شجاع سكت مستغرب من كلامه وبعدها ضحك : الله يسامحك ، مااكره احد ولا عندي مشاكل
ابو ضياء : واضح عليك بتكرهنا لكن مجبور تماشينا منشان الهنوف
شجاع : ياعمي انا الهنوف بنفسها ماكرهتها ، رغم انها سبب عذابي بهالحياه ، تصوّر اني كل يوم احبها اكثر
ابو ضياء : بس مش هيك الواضح عليك ، الواضح عليك انك مابتطيقها ، بس بتخاف ربك ولو مابتخافه كان قتلتها ، صحيح ؟
شجاع سكت وكمل ابو ضياء بهدوء : ربي يحفظها لك منشان ماتذوق طعم الفراق
شجاع أنصدم من كلمته الأخيره وكمّل ابو ضياء : الدنيا يا ابني تلاقي وتفارق ، لكن اللي يسكن بقلوبنا مستحيل ننساه بيوم
شجـاع حسّ ان بقلبه كلام كثـير وابتسم له : شكلك مفارق حبيبتك
سكت ابو ضياء والعبره خانقته قال بغصّه : انا.. مفارق حبايبي كلهم ، اللي مات واللي سـافر لمكان بعيد
شجاع قام وجلس جنبه وربت على كتفه وقال بهدوء : الموت حق على بني ادم ، ومصيـر الحيّ يتلاقى
ابو ضياء نزل راسه يداري دموعه : قديش صار لي مفارقهم ، عشر سنوات ، اولادي هذول
شجاع حسّ الضيق يكتم صدره وكمّل : خل املك بالله كبير ياعم وخلّك بإنتظار اليوم اللي يجمعك فيهم ، البركه بأبو علي ، رجال ونعم فيه بار فيك وفي ابوك ، انت ماتعرف مكانهم ؟
ابو ضياء : بس واحد منهم بعرف مكانه حاولنا نوصل له لكن الظروف اقوى
شجـاع : وينه ؟
ابو ضياء : بلبنان
شجاع ابتسم ومسح على ظهره : الأهم انه بخير وبصحه ،طوّل بالك الحين واستمتع بالأجواء ، والخير جاي بالطريق بس قول يارب
ابو ضياء وهو يمسح على صدره همس : ماباقي بالعمر شيء ياابني ، راح اموت وانا بقلبي نار الشوق
شُجاع : الله يطول بعمرك .
ابو ضياء رفع يدّه المجعده وحطها على يد شجاع وقال بصوت تعبان : نصيحه يا ابني ، حافظ على الناس اللي بتحبهم ، لأنو الفراق راح يقتل سعادتك ، ويعيشك بزمان مش زمانك ، وبغربه روحيّه قبل ماتكون غربة مكان ، راح تفقد نفسك لو فقدت انسان بتحبه
شجاع حسّ الكلام ينحفر بقلبه حفر وقال بهدوء : ان شاءالله ، عن أذنك.
قام عنه وهو يحسّ بضغط على صـدره من ضغط الدنيا عليه رفع جوَاله واتـصلّ عليهـا وتمنّاها لو ترد.
. . . . . . . . . . . . . . . .

الهـنوف وسناء كانوا يتمشّون ويسولفون رغم خوف سناء من شكل الغابه ، الهنوف ماكان تفكيرها حاضر مثل حضورها بالمكان ، التعب اللي فيها كل يوم يزيد وتحس لو صارت مشكله ثانيه ماراح تتحملّها ابد وبيصير فيها شيء .
سناء : صار لي ساعه بحكي ، فيك شي
الهنوف تنّهدت : ماادري بس اللي اعرفه لازم ارجع للسعوديه ، لازم اعيش مع جدي قبل يصير شيء يموّتني
سناء : شو صاير شجاع عامل لك شي ؟
الهنوف برجفه : لا ، بس انا خايفه منه
سناء بتعجّب : بتخافي من جوزك !
الهنوف بألم : ايه ، ماادري شقول لك بس فعلاً هو مخوفني
احياناً احسه يحبني صدق واحياناً احسه بينتقم مني
سناء : شو هالحكي ، شو صاير احكيلي
الهنوف وقفت والتفتت لها وبالت بعيون دامعه : شجاع يبيني ، يعني يبيني و.
سناء : اي فهمت عليك كملي
الهنوف : وانا مو مرتاحه منه ، كيف اعطيه وهو يكرهني
سناء : ستوب يعني كيف بيكرهك !
الهنوف : يعني كيف ، يكرهني مايحبني
سناء : لو بيكرهك مابيفكر حتى تفكير يقرب منك
الهنوف برجفه : مو شرط ، انا زوجته حتى لو يكرهني
ماراح يمنعه عني كرهه لي
سناء : لا الهنوف لاتخلي الشيطان يوسوس فيك
حرام ترفضيه حتى لو فعلاً كان بيكرهك
الهنوف : ماراح تفهميني يـ.
اتصل جوّالها ورفعته وشافت رقم ماعرفته وردّت : Bienvenue
الترجمه : اهـلاً
شجاع سكت شوي يستوّعب نبرتها وردّ : الهنوف ، وينك
الهنوف انصدمت وظلّت ساكته ، حسّت بغبنه انها ماتعرف رقمه
ولا يعرف رقمها واستغربت لما سمعت صـوته بالجوّال
وبنفس الوقت حسّت قلبها يدق بقوّه لما رجعت لها ذكريات قديمه
نفس النبـضه اللي كانت تفز بقلبها من سماع صوته
قبل سنين طويله حسّت فيها الحين .
بلعت غصّتها وردت : قريبه ماابعدت
شجاع : جايّك ، حاولي تصرفين اللي معاك
الهنوف : كيف اصرفها عـ.
سكتت لما صرخت سناء وناظرت فيها مفزوعه
وشافتها تناقز وتضرب رجلها خافت وراحت لها
قالت بذعر : شفيك ياسناء شفيك تكلمي
سناء كانت بيدّها قارورة مويا وفتحتها وصبتها على رجلها كلها
والهنوف مصدومه وماانتبهت لشجاع اللي وصل لهم بسرعه قياسيه
لمّا حس بحدوث شيء.
ام غاده بصوت خايف كانت تحك جسمها
قالت برجفه : يمكن الف نمله هجمت علي
مباشره وصعدت لجسمي ، راح موت ماراح اتحمل
الهنوف : بسم الله من وين جاء النمل فجأه
شجـاع كان مصدوم من كثره ومشى وراه وهو يحاول يتحاشاه .
الهـنوف استغربت لما شافته يمشي وراه وكأنه يبي يستكشف شيء
شاف كومة من العشب يدخل ويطلع منها نمل بالملايين
وبرمشة عين ضرب العشب برجله وطار بعيد وانصـدموا كلهم
وانذهلوا باللي شـافوه .
الهنوف : ايش هذا
شجاع بتأمل : قرية النمل ، شوفوا كيف النمل اللي طوله ٢ مليمتر قادر يبني قريه بالشكل هذا ، سبحان الخـالق
الهنوف بإنبهار : اول مره بحياتي اشوف شيء زي هذا ، احس تحمست استكشف الغابه اكثر احس فيها اسرار ، سناء تعالي شوفـ.
التفتت تدور سناء مالقتها وعقدت حواجبها : وين راحت ؟
شجاع حاول بطرف اصابعه يرجع العشبه لمكانها وحسّ بشيء يحكه
من اسفل رجوله ووقف بسرعه وشاف اللي مابغاه ، جزمته عليها نمل
وبدا يدخل لملابسه حاول ينفضه وطاح القليل منه
وبعدها ابعد عن مكانهم بسرعه ورجع وقف قدام الهنوف
اللي خاطرها تضحك عليه : امش خلنا نروح لا يحوشني انا
وتصير الطلعه كلها نمل
شجاع : شكله صعد لجسمي لازم اغسله بسرعه
الهنوف : وين بتغسل
شجاع : البحيره !
راحوا بإتجاه البحيره بخطوات سـريعه وشجـاع بطريقه لها نزّل جاكيته وتيشرته ولما وصلّ للبحيره طبّ فيها وطشّرت المويا على الهنوف وشهقت وبعدها ضحكت : شجـاع ليش كذا تراه نمل ماراح يسوي شيء
شجاع رفع راسه واخذ نفس ورجع شعره للخلف وحسّ ببرودة المياه وضحكت الهنوف بسخريه : والله شكلك صار نكتة الموسم
شجاع سكت وجمدت ملامحه وهو يناظر وراها وقال بصوت عالي ارعبها : الهنوف انتبهي وراك أسد
الهنوف صرخت بدون شعور وتقدّمت كم خطوه وطاحت بالبحيره وماحست الا ببرودة المياه وشهقت وسمعت ضحكته العاليه واستوعبت الموضوع ، حاولت تسبح لين وصلت له ولما قربت له بلمح البصر حوّط ايدينه خلف خصرها وسحبها له والهنوف حسّت قلبها بيوقف لنا صارت حبيسة ايدينه ركزّت عيونها بعيونه وهاللحظه كانـت تختلف عن باقي لحظات حياتها.
كانت بالنسبه لها لحظه تكفّيها عن كل اللحظات السعيده
ولو بيدّها توقف الزمن وتبقى بحضنه كان ماترددّت ابد
اما شُجاع كأن اللي بين يدينه الدنيا واهلها مو بس الهنوف
نسى وجود الكائنات الحيّه من حوله ولا شاف ولاسمع الا نبضاتها قلبها على صدره حسّ بشعور يطغى على كل مشاعره القديمه إنحنى لها وغمّضت عيونها وبآخر لحظه استوعبت ورفعت كفها على خده ومنعته من شيء كـان يتمنّاه بشغف
شجاع إستوعب وصدّ عنها وهو حاس برجفتها .
الهنوف سبحت لين وصلت لليابسه وقامت بسرعه وهي ترجف من البرد اخذت جاكيته ولبسته عليها ، وطلع ووقف جنبها ولبس تيشرته والهنوف قدامه ترجف : مرتاح الحين ! بموت من البرد استانس الحين بتفتك مني
مشت قدامه ومشى وراها وصلـها ومسك كفّها وقال بهدوء : في محل ملابس هنا بتشترين منه تمشية حال
الهنوف كانت عاقده حواجبها ولما تذكرت الموقف ضحكت وصدت عنه وشافت مجموعة ورد اصفر على يسارها أذهلها منظره وتقدمت له بسرعه قطفت وحده وقالت بإعجاب : هذا الورد رغم بساطته الا اني اموت فيه
شجاع وقف قدامها واخذها من يدّها :
شجاع : هذي إسمها ازهار النوّير
الهنوف سرحت فيها : اسمها غريب شوي ، بس تجنن
شجاع تعدّاها وانحنى وقطف كثير من الورد ووقف وفتح كفوفها وحط الورد فيها وضحكت الهنوف : ماحطيته الا بيديني اليابسه من الجفاف ،بيموت
شجـاع سكت شوي وقال بصوت خافت : تدرين وش يقول الشاعر
الهنوف ابتسمت وسرحت لمّا تذكرت هالكلمه منه وابتسم لمـا ردّت بنفس الرد : اي شاعر ! اللي شعره سهل ولا اللي يغثّنا بمصطلحاته واقعد افكفك بالكلام لين يوصلني المعنى!
شجـاع : لا اللي يغثك ، العنيد اللي يشبهك
الهنوف بإبتسامة خجل : وش يقول ؟
شجاع : يقول لو يموت الورد في يدّك سعيد
يكفي انه مات في أرض الوطن !
الهنوف ابتسامتها تشرح فرحتها ومن البرد لمّت يدينها على الورد
ورفعت راسها بتفكير : لو يموت الورد ! الورد لو يموت
شجاع : في يدّك ! لو يموت في يدّك سعيد !
الهنوف : ويت ويت خلني افكفكه براحتي ، اوكي هذا البيت فهمته
نجي للبيت الثاني ذكرّني فيه!
شجاع : يكفي انه مات في أرض الوطن
سكتت ثواني وابتسمت بخجل : قصدك أنا ورده ؟
شجاع : الحمدلله ماطوّلتي وانتي تفكفكين ، مشينا
الهنوف : بس صراحه حلو الورد هذا بقول لأبو غاده يضيفه لمتجر الورد
شجاع قبل يرد عليها وقف لما نطّ عليهم قرد صغير وتمشى حولهم الهنوف خافت لكن اعجبها شكله : اول مره اشوف قرد بهالحجم ، شكله توه مولود
شجاع : لا ، القرده انواع ، هذا النوع اسمه النسناس ، صغير الحجم
الهنوف : اليوم عرفت اشياء غريبه صدق ، قرية النمل والنسناس والنوّير ، اشياء حلوه
شجاع : كم صار لك تدرسين ولاتعرفين ان بيت النمل اسمه قريه !
الهنوف : يمكن كنت اعرف ونسيت مع مشاغل الحياه
شجـاع سكت و فجأه ارتفع ضغطه لما تذكّر دراستها وهربها منه وسالفة الخلخال وصوته اللي الى الآن يحس إنه يسمعه .
مع ذلك حافظ على هدوءه وكمّل طريقـه الين سمع صراخ جاي من ناحية الشمال من عمق الغابه
ووقف وعقد حواجبه : تسمعيـن !
الهنوف بخوف : اي كأنه صياح بنت !
شجاع : بروح اشوفها وأجي انتبهي تدخلين
الهنوف : مستحيل بجي معاك
زاد الصراخ ودخلوا بسرعه والهنوف اوحشها المنظر وشبكت يدّها بيدّه ومشى على مصدر الصوت الين شافوا منظـر الجمهم ، بنت كانت تبكي وتصيح وملابسها مشققه وفوقها شخص واضح إنه سكران ويحاول يعتدي عليها وهي تصيح.
شجاع حسّ صدره بينفجر من القهر وتقدم له خطوتين ومسكته الهنوف بقوّه ووقفته وهمست : لاتتدخل ، هذا مقلب
شجاع : وش اللي مقلب البنت بتموت ، ابعدي
الهنوف شدت عليه وقالت بربكه : صديقتها خلف الشجر تصوّره وهو يعتدي عليها ، متفقه معاها علشان يعطون الفيديو للشرطه وياخذون منه فلوس ، تعال لاندخل بموضوع نهايته وخيمه
طلعـت وشجاع ظلّ يناظر مصدوم وماارضاه اللي يشوفه حسّ انه لازم يساعد الشخص لإنه واضح مو بوعيه .
تقدّم للبنت اللي خلف الشجره وسحب منها الكاميرا وضربها بكل قوّته على الأرض وانكسرت وشهقت البنت وقعدت تتلفظ عليه وعرف انها تسبّه وبهاللحظه حاولت صديقتها تقوم لكن ماقدرت لإنه كان مانعـها .
شجاع كان يناظر فيها ببرود وهي تسبّ فيه بملامح غاضبه وكان ردة عليها انه يدوس على كاميرتها اقوى لين صارت حطُام تحت رجوله ، ومشى وتركهم وكان مصدوم فعلياً من الأشياء الغير مُعتاده اللي يشوفها كل يوم واشياء كانت غريبه عليه وبحياته ماشافها ولا توّقع انه يشـوفها اصلاً .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المـغرب :
عـسّاف كان يتمشى ويكلّم امه مكالمة ڤيديو ومنشرح صدره من سواليفها وماكان متوّقع ان جنبها احد واخذ راحته بالكلام
عسّاف : ماقلتيلي يمه وش رايك بالغابه
امّه : والله حلوه بس ياولدي الشمس غابت ارجع لخوياك لايجيك ذيب
عسّاف ضحك : الله يهديك يمه مابها حيوانات شرسه و.
سكت لما سمع احد يناديه وإلتفت واستغرب لما شاف نوران
وقفت قدّامه وقالت بهدوء : اسمع عسّاف لازم احكيلك شغله مهمه ، دانه بكره موعد سفرها لقطر ، لإنو انت اقنعتها ترجع لأبوها اللي مش معترف فيها ، ومهددها أكثر من مره لو رجعت راح يسجنها ، لازم تقنعها تتراجع متل مااقنعتها توافق !
عسّاف بسرعه : يمّه اكلمك بعدين
امّه بصدمه : لحظه ياعسّاف ، من هذي !
عسّاف : بعدين افهمك ، باي
قفّل منها وقال بحدّه : خير يانوران وش الدرعمه هذي !
نوران : ياعساف دانه مالازم تسافر ، ليش انت زرعت بعقلها انو حياتها هون غلط !
عساف : انا سويّت الصح ، البنت مالها غنى عن اهلها
نوران : لكن دانه اهلها مابيعترفوا فيها ومهددينها بالسجن لو رجعت ، شو انت بدك دانه تنسجن !
عسّاف سكت ويحسّ بضيقه من الوضع وكمّلت نوران بعد تردد طويل قالت بحدّه : اساساً دانه بدها ترجع مو منشان نفسها ، بدها ترجع لأنها تحبك ومابدها تتعلق فيك اكثر من هيك !
مشت عنه وتركته بدوّامة صدمة عميقه ، وهي حالفه بنفسها ماتشوف دانه تتعذب وتسكت ، لا من ناحية عسّاف ولا من ناحية اهلها ، حتى لو غلطت باللي سوّته اهم شيء خلّت عساف يحس فيها ويدري انه مسبب لها ضغط كبير.
صح هي مُعجبه بشخصيّة عساف وتعاند دانه فيه وتحب ترفع ضغطها لكن لما عرفت انها بتسـافر ماقدرت تسكت وكشفت المستور لعسـاف .
عـسّاف ، هو يدري انها تحبّه لكـن اللي ماتوقّعه انها بترجع علشانه مو علشان نفسـها ، رجـع بدربه وفتح ازارير قميصه وهو يحس انه مخـنوق وايدينه مربّطه ولا هو عارف كيف يتصـرف ويحلّ المشكله ويتخلص من الذنب اللي اساساً مايدري كيف ارتكبـه وكلّه كوم ومشاعره كـوم ثاني وصعبه وثقيله على قلبه ولأول مره طول ماهو عايش يحسّ بالمسؤوليه العظيمه..
رجـع لمكـانهم ومن بعيد شاف ضوء النـار وأبتسم لما شاف شجاع واقف ويطبخ وابو علي جالس يشوي ، وام غاده والهنوف يقطـعون الخضره والدجاج ونواران جالسه عند جدّها وتحاول توكله وهو رافض ، اما دانه كانت جايّتهم من الجهه الثانيه وتمشي بصـمت ولا هي دانه القديمه وواضح التغيير بشخصيّتها عسـاف حز بخاطره منظرها صح هو ماعرفها فتره طويله لكـن متأكد انها كانت روح المكان ولما يجتمعون ماحد يسليهم غيرهـا لكن الحين ماشاف ضحكتها ولا سمع صوتها المُزعج تعدّاهم ومشى لـها .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشجاع و الهنوفWhere stories live. Discover now