البارت الحادي عشر

Start from the beginning
                                    

دانه رفعت راسها وشافته ورجف قلبها وسوّت انها ماعرفته لإن المكان مظلم شوي ، فتحت الفلاش بجوّالها وحطته على وجهه وعقدت حواجبها : انت وينك مختفي
عساف : كنت امشي وتعرفت على الغابه وماحسّيت بالوقت ، كلمت اهلي وجيت ، وانتي وين أختفيتي
دانه : انا اول شي رجت تسوقت مع نوران ، وبعدها لعبنا بكم لعبه وجينا هنا تقهوينا وبعدها رحت تمشيت وانت للحين مارجعت
عسّاف : كل هذا حاسبته لي ، عموماً لاتنسين حفلة المهندس بكره
كان متوّقعها تعبّر عن فرحتها لكن نزّلت راسها بياس : كانت امنيتي والله ، لكن انا بكره طيارتي ، برجع لقطر
عسّاف سكت شوي وقال بضيق : شرايك تكنسلين السفره ، خلاص انا اشوف انك هنا مرتاحه ماله داعي تروحين وتتعبين نفسك معاهم
دانه حسّت بألم بقلبها لما تذكّرت نيّتها ، تمنّت تقول انها بترجع علشان يفقدونها مو هي تفقدهم ، الألم اللي بقلبها يوزن بلد لإنها عارفه متى موعد فراق الهنوف وعسّاف ، بعد سبعة أشهر راح تنحرم منهم للإبد ويختفون من حياتها ولا كأنهم كانوا بيوم فيها ، فقررت هي تبعد وتتناسى وتتعود على مكان ثاني قـبل لايخلى عليها المكان اللي تحبه وتحب أصحابه.
عسّاف : اكلمك انا وين سرحتي ، دانه ياليت تتراجعين اذا الموضوع يسبب لك مشاكل
دانه قوّت قلبها وقالت بحده : عساف ترا انا مو هبله تقول لي سافري وأوافق ، تقول لاتسافرين وما أسافر ، انا بكيفي انت مالك شغل فيني ، ابعد عني خــلاص
مشت عـنه وهو مصدوم وهي دموعها بعينها ودعت ان مااحد يرفع عليها الضوء ويشوف دموعها رغم ان الكل سكت ومصدومين من صوت دانه لكن كملوا اشغالهم لما جلست دانه وحضنت نفسها .
نوران بصوت عالي علشان تلهيهم عن دانه : ياجماعة كم باقي عالعشاء فرطت من الجوع
سناء : لو ساعدتينا مو احسن
نوران : مابيكفي اني بالبيت مابجلس
الهنوف : صحيح ترا نوران مكروفه لازم نراعيها ، حرام كاسره خاطري ، الناس تصحى الصبح على ريحة قهوه وورد وريحان وهي تصبّح بالدجاجه
ختمت الهنوف كلامها بضحكه وضحكوا على شكل نوران وردت نوران بضحكه : مش منك من اللي مدلعك وهو مسكين ذاب بطنه من اكل المطاعم
شجاع ابتسم : الدلع مبدئي بس ، هي ماتنسى اني طبعي بدوي ولايرضيني غير الكبسات والحاشي
نوران : الله اكبر عليك ، يعني امتى ان شاءالله بنشوفها تقطع الدجاجه وتطبخ
شجاع: لا هيّن الدجاجه مقدور عليها ، لكن وعد من نوصل للسعوديه لا اصورها لك وهي تسلخ الذبيحه وتقطّعها
الهنوف بصدمه : خير وش ذا بتصدم عيشتي ، من باريس ومن الكيك و الكوكيز والبراونيز لذبيحه وحاشي وسلخ ، ترا ارفع عليك قضيه انتبه
شجاع : هذا مسقط راسك يالغاليه ومالك غنى عنه لو جار الزمن .
ضحكوا كلّهم مع تكشيرة الهنوف بإستثـناء عساف اللي لازال واقف بمكانه وعينه على دانه اللي لازالت لامه نفسها ودموعها تنزل بصمت لما استوعبت انها ساعات قليله وبتفقد هاللمه والمصيبه انها مو عارفه مصـيرها لكن قررت فعلاً تحاول للمره الأخيره .
ابو ضياء : علي وينه اختفى
دانه استجمعت نفسها وقامت بسرعه ومشت عنهم : بروح اناديه وأرجع
عسّاف انتبه انها مااخذت جوالها وخاف تضيع بدون نور ، وتقدّم انحنى واخذه وراح وراها ، دانه ماتدري وين علي اصلاً لكنها لقت عذر علشان تقوم عنهم ، دخلت يدّها لجاكيتها تدوّر على جوالها ولا حصلته وتوّهقت لإن الظلام بدأ يزيد والأضواء بأماكن قليله ، شافت شخص من بعيد يمشي وخمّنت انه علي وتقدمت له بسرعه وهي تنادي : علي ، علي
التفت لها وماوضحت ملامحه لكن دانه تأكدت انه هو لإنه التفت تقدمت له بسرعه وانصدمت لما وضحت ملامحه انه مو هو وقالت بإحراج : اسفه .
تعدَته ومسك يدها بقوّه وكان فرنسي تقريباً بالأربعينات من عمره لكنه قصير القامه ناظرت له وهي مصدومه من مسكته لها قالت بحده : اترك يدي.
الفرنسي بإبتسامه غامضه : الأجواء هنا مُمتعه ، كم تريدين من المال !
دانه عصّبت ورفـعت يدّها الثانيه بتضربه لكن مسكها وثبّتها وهمس بخبث : الظلام دامس هنا ولا استطيع رؤية ملامحك بوضوح ولكننّي اثق بإنك جميله من الداخل والخارج.
دانه ضغطها وصل مليون وصرخت بكل قهـر : اتــركـــنـــي
سحبها له وثبّتها بقوه وسد فمها وهنا دانه حسّت قلبها بيوقف ونهايتها اليـوم كانت تضرب وتناقز وتحاول تفك حالها منه لكنّ ماكانت تملك قليل من قوّتـه وفجأه سمـعوا صوت اطلاق نار من وراهم ووقف الفرنسي وبهاللحظه دانه كان الخوف سيّد احاسيسها وانهمرت دموعها بشكل يُرثى لـه.
الفرنسي التفت للخلف لما سمع صوت يحذّره من التقدم
شـاف شخص واقف ورافع السلاح بوجهه لكن ماشاف ملامحه
لفَ بكل جسمه وصارت دانه مقابله هالشخص وشافت زوله وصدّت وهي تصيح وحاسه نهايتها بين هالأثنين.
قرب لهم وقف قدامهم وقال بصوت مرعب : اترك الفتاة
الفرنسي ارتخت يدينه عنها وتركها ودانه ماستوعبت انه تركها ، لإنها مو مصدقه ان اللي قدامها عساف وأنقذ حياتها حسّت الفرحه تعتريها مثل مااعتراها الخوف والضيق.
وتقدمت له بسرعه صوت جنبه وخبّت نصف نفسها وشبكت يدها بيده بقوه وقالت بذعر : خلاص عساف ، خلنا نرجع
عساف ماردَ عليها ورفع السلاح على وجه الفرنسي وضربه على فكَه بكل قوه وتألم وبرمشة عين رفع رجله ورفسه على بطنه وطـاح على ظهره وتألم بصوت مسموع .
دانه سحبت السلاح بقوه خافت يتهوّر ويقتله وقالت بصوت مهزوز : خلاص خلنا نرجع كفايه عليه كذا
عسـاف مارد ولا تحرك وكان يخزّه بإحتقار وماشفى غليله ابد ، سحـبته دانه بالقوه وهي تحاول تهدّي من روعها همست : الحمدلله
ابعدوا عنه ووقفت قدامه وقالت بإمتنان وبعيون دامعه : شكراً ، جميلك ماراح انساه بحياتي
عسـاف سكت شوي يحاول يهدي نفسه ، ارتسمت على وجهه ابتسامه وقال بنبره هاديه : إنسي جميلي لكن لاتنسيني أنـا
الجمتها كلمته وحاست نبضات قلبها وبلعت غصّتها وهي نفسها تقول له أنه الشيء الوحيد العابر بحياتها وماراح تنساه .
ابتسمت : ماراح انساك ابد ، وانت لاتنساني
عساف حسّ بشتات من كلامها ودموعها وقبل يرد قطع عليهم صـوت جاي من وراهم وإلتفتوا شافوا علي لابس سماعاته ويغّني بصوت عالي ولا سمـع عساف لما ناداه ولا انتبه الا لما وقف قدامه ، شال سماعاته وقال بتعجّب : شو بك واقف بطريقي يازلمه
عساف : اغاني المغرب وبغابه ؟ تتعاطى شيء انت ؟
علي : ياعساف ياحبيبي الواحد لمايكون مصلي وقاري اذكاره ليش يخاف
دانه : اشوف انا مصليه وقاريه اذكاري وبغيت اروح وطي من عيال الحرام
علي : ها بغيتي تروحي بس مارحتي ، هذا من الأذكار
دانه : المهم خلونا نرجع مت من الجوع
عساف : انا مو مشتهي بروح اتمشى وانتم عليكم بالعافيه
دانه : لا لا عساف ماتروح لحالك انت شفت كيف الأوضاع خطيره ، بترجع معانا وتتعشى يالله
مشت قبلهم وعلي مشى وهو يسولف على عساف لكن عساف ماانتبه وعيونه وقلبـه مركز فيها.
وصـلوا لهم وكانوا حاطين العشاء بالمُنتصف وجالسين حوله
الهنوف ونوران عليهم بطانيه وحده ونوران كانت ترجف من البرد : ياجماعه بسرعه منشان نمشي
عسـاف جلس عند النار ودانه جلست جنب الهنوف وتغطّت معاها : نوران لاتسحبين البطانيه برد
نوران تقلّد دانه : شنو هذا يالملقوفه انتي اللي جيتي اتركيه
ابو علي : خلاص يابنات سموا بالله وكلوا
علي : ليش الخيانه ، بتاكلوا بدوني
شجاع : يارجال اجلس مابعد سمينا ، عساف قرب
عساف : عليكم بالعافيه ماني مشتهي
شجاع : والله ان مااكلت انت فلا اكل انا

. . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهنوف ارتفع ضغطها من نوران ودانه وصرخت : خلاص
خلوها لكم انا بقوم اصلاً
قامت عنهم بالوقت اللي جلس فيه عسّاف بين ابو علي وابو غاده وتوّهقت ماتدري وين تجلس ولفت بترجع مكانها وشافت دانه ونوران حاضنين البطانيه ومو طالعه الا وجييهم وقالت دانه برجفه : والله ماترجعين خلك قد كلمتك
شجاع وسّع لـها جنبه وأشر على المكان : تعالي هنا
الهنوف ماترددت وجلست جنبه بينه وبين ابو ضياء .
دانه : راح عليك الدفا يالهنوف
شجاع : ماتبي دفاكم يكفيها دفاي
الهنوف بهمس : فديت هالدفى عساني ماانحرم منه
شجاع ضاعت علومه وحسّ انها تكذب التفت لها بسرعه وكانت كاتمه ضحكتها حتى هي ماتوقعت من نفسها هالكلام لكن ضحكّتها ردة فعله .
شجاع عرف نيّتها وهمس : ادحري ابليس لاتصير علوم.
عساف بإستغراب : علامك ياابو غاده ، مو عاجبني
ابو غاده بضيق : وصلني خبر انو ابوي تعبان وبده يشوفني ، وانا مش قادر ارجع لفلسطين
شجاع : ليش مو قادر ترجع ، اذا على التكاليف يابو غاده ترا مامعك الا اخوانك ، نعطيك
ابو غاده : مش هيك الموضوع ، الموضوع انّ انا من ضمن الناس ياللي أقيم عليهم التهجير القسري
سناء شهقت وكمّل ابو غاده : انتوا مابتعرفوا شو هي سياسة التهجير ، اي فلسطيني يقيم خارج البلاد لمدة سبع سنوات راح يمنع من الإقامه بالقدس ، وهذا القرار من من إسرائيل لعنهم الله
ام غاده بعيون دامعه : شو يعني ماراح نرجع ابد ؟ منشان هيك كل ماحكيت لك نرجع تطلّع لي الف عُذر
ابو غاده : شو طالع بأيدي ، يعني انا بكيفي صار هيك ؟
سكت شوي وقال بحرقه وعيون دامعه : انا اول شخص بتمنى ارجع ، ابوي راح يموت وانا بعيد عنه .
نزل راسه والكل تضايق من ضيقته وبنته غاده لاشعورياً خافت وبكت وحضنها وهو قلبه يتقطّع عليها.
ابو ضياء : الله كريم ياابني ، الله ينصر كل مظلوم .
كـلّهم : اميـن.
الهنوف انسدت نفسها وماكملت أكل وشجاع ملاحظ همس لها : كملي
الهنوف بضيق : مالي نفس ، بقـوم
شجاع حطَ يده على يدها قبل تقوم وهمس : لا خليك ، قوّيهم بكلامك لاتحسسينهم بضعفهم
الهنوف ناظرت فيه شوي واستجمعت نفسها وابتسمت.
شجاع : تسلم يدك ابو علي
ابو علي : ويدك كمان
نوران : اخي شجاع مابتحس انو غلط انت بتعرف تطبخ والهنوف مابتعرف
الهنوف : اعرف اطبخ لكن مالي مزاج
شجاع : للأسف نوران مو مصدقه ، لازم تعزمينها على عشاء وتورينها طبخك
الهنوف : من عيوني بس مو في بيتنا ، بتطلع طلعه ثانيه واطبخ لكم
عسّاف : الأسبوع الجاي انا عازمكم في مزرعتي .
الهنوف : تم والعشاء علي انا
دانه استانست لكن تذكرت انها هذي اخر ليله لها معاهم ، ضاقت فيها ارض الله الواسعه لكن ماوّضحت لهم ابد.

. . . . . . . . .

السعوُديه :

في يـوم زواج شادن وظافر
الساعه ٢ الظـهر ، في بيت الجد كانوا جالسين يفطرون
الجد والجدّه ، وأبو شجاع وأم مبارك ونوال اللي ماتفوّت جلسه
فيها سوالف جدّها ، وظافر منسدح على الكنب
وحاط طاقيته على وجهه وماخذ غفـوه ، والبنات طالعين يتجهّزون
الجد : ليش مارحتي مع البنات يانوال
نوال : ماحب اتمكيج برا البيت ، انا اسنّع نفسي واطلع احسن منهن كلهن
ام مبارك : عز الله انك تفهمين
نوال : جننتني حنين تبيني اجي معاها للميكب ارتست ، قلت موافقه بس عطيني سنابها اشوف شغلها ، الله وكيلك يوم شفت شغلها وانا ارتاع ، ماخلّت ولا بقت من هالمكياج تلطّخ تلاطيخ ، الف طبقه تحطها بالوجه ، بس لا النتيجه مرضيه صراحه
ام مبارك : وش الله حادكم بس ، حلوين بدون مكياج
نوال : صادقه ، يالله عاد انا ابي اقوم اتجهز تبي شي ياجدي
الجد : سلامتك الله يصلحك وعساك تطلعين احلى منهن كلهن
نوال ضحكت وراحت عنّهم وظافر كان صاحي وتفكيره مشغول ، بكره بنفس الوقت طيّارتهم وبيسافرون لباريس
كان متوّتر ويدعي الله يعدّي هالفتره على خير
تمنّى وجود شجاع جنبه ، رغم ان عيال عمه ماقصرّوا
لكن على الأقل اخوه يـقوّيـه بين الناس .
قام بيصعد لغرفته واستوقفه صوت جدّه : وين ياولدي ارتاح ترا النهار طويل يمديك تنجز امورك
ظافر : لا نمت ، عن اذنكم
صـعد وكان بيدخل غرفته لكن سمع صوت جاي من غرفة حنين واستغـرب كان عالي وواضح انها تهاوش أحد.
وقف عند الباب وسمع اللي ماتخيّله : يمه مااقدر اسكت وراح اخرب العرس على راسها ، انا سامعتها سمع اذني تقول اول مانوصل باريس بطش حجابي وانحاش من ظافر وخليه يهابد لحاله في باريس حتى لغه مامعه ، ع اساس هي اللي معها لغه ! اساساً حتى فلوس مامعاها بس الحقيره تعرف تجيبها !
سكتت شوي وكملت : يايمه مابي استركم ، واذا بنت عمي ؟
اذا بنت عمي اخليها تخدع اخوي ؟
معليش مااقدر اشوف اخوي ينخدع واسكت ، يمه !
كملت بقهر : اوكي راح استركم اليوم وبس
علشان العرس والتكاليف ، لكن مستحيل اخلي ظافر على عماه
وماكون حنين ان ماخليته يطلقها هالهايته ، باي .
ظـافر يحسّ الدنيا انقلبت على راسـه وضعفـت نبضات قلبه من الصدمه اللي عمره بحياته ماتوّقعها من شادن ، حتى لما غلطت عليه اخذ كلامها على انها واعيه وتبي تنشر الوعي بعائلتها ، لكن ماتوقعها تمشي ممشى الهنوف وبطريقة اردى من طريقة الهنوف ، حسّ النار تاكل قلـبه وانفتح الباب وطلعت حنين وهي لابسه عبايتها وتكلّم : يالله جايتك جايتك معليش صارت سالفه و..
سكتت لما شافته ونزّلت جوالها وقالت بصدمه : ظافر !
ظافر بملامح باهته : صحيح اللي سمعته !

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

شادن كـانت جالسه ولابسه قميص أبيض وعليه إسمها وماسكه كوب شاي بيدّها الراجفه ومبتسمه مجامله للأرتست اللي قدّامها .
مـزون كانت جالسه وتتفنن بالمناكير على يدّها وكانت تغنّي وتحاول تسوي جوّ لشادن اللي اول مره تصير بهالحاله وأهلها مستانسين لأنها خجلت وتوّترت لأول مره بحياتها حتى لما انخطبت ماتوترت وكانت جريئه .
اتصلّ جوالها واستأذنت من الأرتست ورفعت الجوال وانصدمت لما شافت رقم ظافر ، ماعمره اتصل
وكانت حافظه رقمه زينه وناسيه اصلاً انها حافظته
وفجأه بدون مقدمات يتصل بيوم الزواج ؟ بيوم الزواج !
فتحت الخط وردّت بهدوء : هـلا
ظافر سكت لما سمع صوتها الهادي ماعرف وش يقول لهـا
حس نفسه بين نـارين ، كان بيقول انتي طالق ، لكن
تذكّر فرحة عمه فيه ، وكلام النـاس لو طلقها ، صحيح انها تستاهل ، لكن بنت عمه ، والكلام اللي يمسّها يمسـه
رغم حرقة قلبه منها وقهره بيوم المفروض يكون اسعد أيّام حياته ، تــغاضى وشدّ قبضة يده وقال بهدوء : كيف الوضع عندك
شادن بربكه : عادي ، شوي متوتره بس
سكت ظافر وبداخله يـقول ماظّنتي ورا هالوجه حيا ولا خوف
قفل الخط بدون مايرد عليها ، شادن استغربت لكن نهائياً ماجاء في بالها شيء ، وحسبته متوّتر مثلها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بـعـد الرحلة ، نزلوا بين العمارتين ودخلوا الكل بإستثناء عسّاف وشجـاع اللي رجـع لبيته بعد ما انتهى الصبغ قرر ينام فيه اليوم ومن بكره يأثثه من جديد ، اما الهنوف دخلت مع دانه ولما دخلت غـرفتها شافت دانه تنزّل شنطة السفر وتفتحها ، وبعدها فتحت دولابها وبدت تطلّع ملابسها وترتّبها بالشنطه .
الهنوف بصدمه : على وين ان شاءالله ؟
دانه : راجعه لقطر
الهنوف سكتت وماملكت أي رد يعبرّ عن صدمتها باللي سمعته ، تقدمت لها وسحبت اللبس من يدّها وقالت بحده : دانـه !
دانه بتعجّب : شفيك ؟ برجع لأهلي احاول معاهم محاوله أخيره
الهـنوف ماهي قادره تستوعب ان دانه صاحبة روحها بتفارقها وضحكت بعدم تصديق : يا دانه لا تستهبلين ترا مو وقتك !
دانه : مااستهبل ، بدش اتسبح وانام طيارتي الصبح
الهـنوف حسّت بشيء يكتم على انفاسها وقالت بهدوء : كذا بهالسهوله دانه ، بتروحين وتتركيني ؟
دانه ماناظرت فيها علشان لاتصيح وتخرّب كل شي قالت بهدوء : بنتواصل دايم ، مابي دراما تكفين
الهنوف : اكيد بنتواصل دايم لكن ! بتتركيني بعد هالعمر يادانه !
دانه : لاتنسين انك عقب كم شهر بتسافرين وتتركيني ، لذلك انا سبّقت وبسافر قبلك ، ماتدرين يمكن يرفضوني بعد وأرد
الهنوف بغصه : زين ليش يعني ماكنتي بترجعين ليش فجأه كذا
دانه : عسّاف !

. . . . . . . . . . .

الساعه ١٢ الليل :
شادن وظافر بسيّارة العم ابو شجاع ، رايحين لبيتهم بعد يوم حافل وسعيد للعائلة كلّها بإستثناء ظافر ، خلفهم كانت سيّارة جراح ومعاه أمه ومزون وكانوا يبكون لفراق شادن وماتركوها الى آخر لحظه ، وظافر ماوضح بملامحه الا الرهبه والجمود
جراح بإحراج : خلاص يايمه دخلوها لبيتها واطلعوا ترا ظافر ولد عمنا وكلنا من نفس العائله ماراح تغيب عنكم شادن
مزون: انت ماتدري ، انا ابكي لإن من بكره ماراح اشوفها ، توأمي كيف افارقها ، اه يمه بموت تصرفي لاتخلينها تروح
امّها : وانا وش بيدي ، الله يوفقها ، بنزل اساعدها
نزلت ونزل ظافر ولمّا شاف امها تجي لها تعدّاهم وفتح باب بيته ودخل ، إتجه لغرفته وهو ينزّل بشته وغترته ورماهم ع الكنبه ، دخل لغرفته ووقف ثواني يشوف التزيين اللي فيها ، الأرض والسرير كلهم متزينين بشموع وورد ، انحنى ونفخ على الشموع الين طفت ، فتح التكييف وقصّر الإضاءه ونفض غطاء سريره وطاح الورد اللي عليها ، ودخل لسريره وتغطّى وغمض عيونه يبحث عن النوم ، وكان ماسك نفسه عن الشر بالقوّه بس علشان عمّه ، وحالف من يوصل باريس الا يقلب السحر على الساحر ، هذا كلّه سوّاه ظافر ، وشادن الى الان عند عتبات باب البيت ، امّها ومزون ساعدوها الين دخلّوها الصاله والتفتت لهم وهي تضحك وتتصنّع العاديه : خلاص يالله بدون مطرود ، ظافر بيوصلني لغرفتي عاد
امها ابتسمت وبعيونها دمع : عسى الله يوفقك ، اذا احتجتي شي كلميني
مزون تكابر على دموعها قالت بإستهبال : حبي اذا رحتي لباريس صوري لي عساف بدون مايحس
امها طقّتها على كتفها : وقص لسان
مزون : اخ يمه شفيك خطيبي هذا ، لاتنسين شادن
شادن وهي تضمّها : ان شاءالله ، بكلمكم كل يوم لاتحاتون
ضمّت امها وسلموا عليها وطلعوا وهي مغبونه من تصرّفات ظافر وماخلّت عذر ماقالته لأمها واخوانها رغم انها فعلاً عاذرته وتحسبه متوتر لكن اقل شي ينتظر يسولف مع امها يقول كلمه شيء مو يدخل ويتركها ، طلعوا من بيتها وقفّلوا الباب والتفتت للصاله وهي متوّقعته وراها وانصدمت لما شافت غترته وبشته مرمييّن بإهمال على الكنب يعني حتى ماانتظرها لين تدخل معاه ويبدّل .
مشت خطوتين وتعثرت بفستاتها وحاولت ترفعه لكن ثقيل عليها ، اضطرت تناديه وقالت بصوت راجف : ظافر ، ظافر
رفع الغطا عن وجهه لما سمع صوتها وكأنه توه يستوعب وحودها بحياته وبنفس بيته ، كررت نداءاتها وحسّ انها تستنجد فيه ، قام وطـلع من غرفته للصاله ، شافها واقفه ومسكتها طايحه جنبها وتحاول تمشي بفستانها رفعت راسها لما حست بوجوده ، بلعت ريقها ورجف قلبها من الخجل وقالت بهدوء : عادي تساعدني فستاني ثقيل شوي !
سكت ثواني وحسّ بصوتها فيه عبرات
رفع حاجب وقال بحده : وش أسوي يعني !
شادن : أرفعه لي
ظافر : شايفتني من خدم ابوك الظاهر
شادن انصدمت من ردّه : محشوم لكن مامعي غيرك
ترا ماراح يكسر ظهرك كلها كم خطوه بس
ظافر تقدّم لها الين صار جنبها انحنى لفستانها وشاله
شادن رغم خوفها وصدمتها منه حسّت بتضحك على شكله
لكن مسكت نفسها علشان مايعصّب .
ظافر : امشي!
شادن مشت بخطوات سريعه وانفلت الفستان من يد ظافر وعصّب : تستهبلين يابزر ، ترا والله امشي واخليك
شادن وقفت وهي مستانسه لإنها رفعت ضغطه مثل مارفع ضغطها ودخل وتركها قالت بهدوء : شدعوه بزر ، المفروض تقدر مشاعري لإني متوتره ومو عارفه كيف اتصرف
ظافر : اي وتعرفين تتصرفين لاصرتي في باريس لحالك
عقدت حواجبها بتعجّب من كلامه : مو لحالي حبيبي انت معاي
ظافر ماهزّت قلبه كلمتها مثل ماكان متوقع وقال بإبتسامه ساخره : أشهد انك جبتي لنفسك الشقى يابنت عمي .
شادن مافهمت أي شيء لكن حسبته غزل مُبطّن ودخلت للغرفه بمساعدته الين وقفت عند دولابها .
ظافر وهو يطلع : يالله بدلي ونامي لانتأخر الصبح
شادن حزّ بخاطرها انه تجاهلها لكن لازالت تلتمس له الأعذار .
. . . . . . . . . . . . . . .
الساعه ٧ الصبح في بيت الجد :
كانوا جالسين الجدّ والجده وابو شجاع وام شجاع وحنين
يفطرون كلهم وماخذتهم السوالف بإستثناء حنين
كانت غارقه بتفكيرها وتاكل بنفسها من القهر
الجد : حنين ليه ماتاكلين يابوي
حنين : منسدّه نفسي
ابو شجاع بضحكه : تخبر هي تحب ظافر والحين أعرس
حنين : لا ما أحبه
ناظروا فيها وكملت بلا مُبالاة : شلون احب اخواني وهم يراكضون بحريمهم ويدرسونهم ويسفرونهم ، وانا اختهم الوحيده مااحد شقى علي ولا قال تعلمّي ، خلونا من ظافر
الحين شجاع طول عمره يتوّعد بالهنوف ، ورايح على اساس يرد إعتباره مثل ماتفضّل ، واثاريه مستانس معاها
ولا ودّه يرجعها بعد
الجد : عويذ الله من شرك ، اذكري الله لايصير بهن شي
ابو شجاع نزل راسه بضيق لما استوعب ان فعلاً شجاع غيّر رايه يوم راح لها وتغيّر .
ام شجاع : كفّي اذاك عن حريم اخوانك ، مالك دخل فيهم بكيفهم
حنين : يعني يمه بتقنعيني انك تحبين الهنوف !
ام شجاع : لا ماحبها وماني ناسيه فعايلها بولدي لكن مستحيل اغثها واضرها ، مالي دخل بين رجال وحرمته
الجد : تعلمي من امك يامال الكسر اللي يكسر ضلوعك يالحسود ، والله اني قايل من مبطي فرق بينك وبين نوال
ابو شجاع : طول بالك يبه ، البنت غيرانه على اخوانها وهذا شي طبيعي تكبر وتتعلم بأذن الله
الجد : تكبر غير هالكبر ! اقول ربّ بنتك من جديد واضح التربيه القديمه مااثمرت فيها !
قطـع حوارهم دخول ظافر وخلفه شادن وكانت مبتسمه
إبتسامه قهرت حنين ، لإنها توقعته بالبدايه يطلّقها من الصدمه
ولما مر الوقت وماسمعت خبر طلاق توّقعت يضربها
ويحرمها من السفر ، لكن اللي شافته العكس تماماً .
شادن كانت بقمّة فرحتها ، وظافر رغم ضيقته كان مبتسم
من شوفة ابوه وامه ، سلّموا عليهم وجلسـوا .
ظافر : قلنا نسلم عليكم قبل نسافر
ابوه : الله ييسر لكم ، كم بتجلسون
ظافر : والله ماندري ، بنشوف الوضع ونرد لكم
حنين : ياخسارة بس ، هذي اخرتها ياظافر ، تسّفرها بعد اللي سوته !
شادن ناظرت فيها بصدمه وكملت حنين : مصيرك بتطيح على وجهك وتستوعب انها اكبر اغلاطك
شادن : تقصديني !
حنين : اي شدعوه ماتزوج غيرك هو
شادن بضيق : شتقصدين ! ماعليه انا بسكت علشان جدي وعمي
ظافر بهدوء : حنين ، الموضوع يتقفل هنا !
قام وطلع بعد ماسلّم عليهم ولحقته شادن وهي مصدومه حرفياً ومتأكده ان في مصيبه منتظرتها بالطريق لكن ماتدري من مين وليش وكيف !
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الهنوف .
فزّت من نومها على صوت جوّالها يتصل ، اخذته وهي بعيُونها النعاس وردت بصوت مبحوح : الـو
النبره كانت مثل سهم إخترق قلبه طال صمته وسرح بصوتها
الهنوف : مرحبا
لو الصوت بني ادم كان تمنى يضمّه لكن الف عائق لازال
ردّ : ماكأنك عرفتيني ، مو حافظه رقمي !
فزّ قلبها وعدلت جلستها وتنحنحت وردت بهدوء : لا حافظته لكن توي صاحيه مانتبهت
شجاع : طيب ترا بيتنا إنتهى ، بمرك اخذك
الهنوف بضيق : بس .. دانه ماودي اتركها
شجاع : دانه أهم مني ! لا يطول الهرج وجهزي حالك
قفل الخط بوجهها وتضايقت من حركته وحلفت تردّها له
نزلت من سريرها وطاحت عينها على سرير دانه فاضي على غير العاده نغزها قلبها ونادتها ولا ردّت على غير العاده .
تقدمت بدون شعور لدولابها وهي تستنكر شعورها وتفكيرها
فتحته بقوه وحسّت قلبها بيوقف لما ماشافت اغراضها .
على غير العاده لا ملابس دانه ولا عطوراتها
ولا حتّى شُناطها وجزمها أعزكم الله.
حست بدوخه من الصدمه واخذت جوّالها بسـرعه
وهي تدعي انها تلحق عليها وماحد قادر يوّقفها الا عـسّاف .
اتصلت وهي تتذكـر كلامها الأخير مع دانه عن عساف
وكيف اقنعها ترجع ، وقال كلام بنظرها صائب
ونبهها على شيء كانت غافله عنه لكنه غـلط
ابوها متوّعد فيها لو رجعت ، حتى ولو انها قررت تحاول .
عـساف ردّ : هلا
الهنوف بصوت مهزوز : عساف ، دانه بتسافر ، تكفى الحق عليها
اقنعها تتراجع مثل مااقنعتها تسافر.
عساف سكت شوي يستوعب وقال بهدوء : رايح لها .
قفل وفـزّ من مكانه وهو يلعن بنفسه لإنه حدها على شيء فيه مضّرتها
مشى وهو يدعي " عساني ماخلا من حبً لمس ضلوع صدري " .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشجاع و الهنوفWhere stories live. Discover now