chapter "27"

78 26 7
                                    

- كدتُ وأنا في الثانيةِ أقولُ لأبي وهو يرميني عالياً
ثمُّ يلقفني في يدهِ الرشيقة : قد أقعُ في أرضٍ ثانية!
لكنني وقعتُ معهُ في أرضٍ لم نُخطط كلانا لَها! |إبراهيم جابر .

•••

-'أتعلمين؟ ، أشعُر أحيانًا بِأنني لا أختارُ بِحكمة ، والحياةُ تترامَى بيّ مِن دفعٍ إلى آخر ، أتبدّلُ سريعًا لِمضاجعَ مجهولَة ، والتّغيُراتُ تُجرى بيّ دونَ أيّ قبولٍ منيّ ..'
تحدّثت سولينا تضعُ رأسها على فخذِ كلاود التي تعبثُ بِخُصلاتِها السّوداءَ الغجريّة ، وعيّنيها اللآمِعة تُهددُّ بِنزولِ الدّموع.

-'جُبِرتُ على أشياءَ عديدَة ،
بِلا أدراكَ منّي أجدني في مُحيطٍ لا يحمِلُ شيءً منّي ، وأنا لستُ منّي ،
كانَ يجبُ ..
أخذُ إذنيّ.'
ردّت عليها بِمعانيّ وجهٍ مُتألِمَة بِحسرَة ، إلتفتت لها لونا زامّةً شفتيّها ، حتّى تجمّعت الفتياتُ حولها..

-'لا بأسَ يا رِفاق ، إن أساسَ أحداثِنا هيَّ الأيّام ، واليومُ ينقضي بعدَ أربعٍ وعشرونَ ساعة ، عَلينا تجاهِلُ ساعاتِ الإندفاعِ فقط ثُمّ بعدَها سَنجدُ الحَياة.'
أتى صوتُ صوفيا وهيّ تأرجحُ قدميّها البيضاءَ الصّغيرة جالسةً على جذعٍ عالٍ.

-'بِهذهِ البَساطة؟.'
سألَت لورين ساخِرة لِتوافقها الرأيّ كريستين المُستلقية بِأنهاك ، رمقتها لِتومِئ بِأستِرخاء حتّى صدحَ صوتُ إندلاعِ نيرانَ صغيرة مِن ولاعةِ جولي التي باشَرت بالتَدخينِ قائلة.

-'عُشتُ جميعَ ساعاتيّ وأنا أُنبَذ ، طرَدتنيّ عائِلتيّ ، وخَذلنيّ المحبوب ، تكتّروا مِني الأصدِقاء ولَم تحتَضّني إلا هذهِ النّفسُ المَريضة.'
أرتفعت زاويةُ شفاهُ كلاود تمسكُ يدَ سولينا الباكِية بِقوّة ، قبّلتها على جبينِها بِحنو لتتكلّم سو بِيأس.

-'جميعَنا عُشنا هذا ولكن بِطُرقٍ مُختلِفة ..'
صَمتنّ جميعًا ، حتّى بدَأت كُلّ واحدةً مِنهن سردُ حياتِها بِبعضِ كلماتٍ قليلة ، وما أدركتهُ كلاود إن أحزانُها هذهِ تُعاشُ يومية بقلبٍ آخر..

-'بالنِسبةِ ليّ الآن ، لا أحتاجُ إلا لِرويةِ أميّ.'
قالَت ريسسكا تحتضنُ نفسَها عابِسة ، قطبَت سولينا تتبادلُ النظراتِ المُستغربة مع الأخرى ، ثوانٍ حتّى رفعت لونا يدِها ، ثُمّ ليف ، كريستين أيضًا قائلةً "أبي".

صُعقِت مِن مَدى إفتِقارِهنّ لِلحنان ، ومِن صعوبةِ تخيُّلها لِعيشِهنّ دونَ أحدِ والديّهن أو كِلاهُما! ، أدرَكت حينِها فقط إنّ مكانًا للمُخيّمات هوّ فِعلاً يضُمّ الفارِغينَ أمثالِها مِن مُعطياتِ الحياة..

أستقامت سولينا مِن حضنِ الأخرى لِتُخرج علبةَ سجائِرها تُمررُّ بعضًا منهنّ لِمن تُدخّن.

-'إذن؟ ماذا قرّرتِ؟.'
سألت كلاود سولينا تشعِلُ سيجارَتها تنظرُ نحوَ لونا التي خرجَت مِن المُخيّم المُصغّر بِسُرعة ، تنهّدت تنفثُ هوائها بعيدًا لِتُجيبُ بِصوتٍ خافِت تعتصرُ عينيها بِتعب.

| أرض التشتت | Where stories live. Discover now