chapter "5"

203 35 65
                                    

- أؤمن أن الأخطاء لا تمحي الود ، لكنها تبني الحواجز. | هيلين كيلر.

•••

رُبما لو أدركتَ حاجَةُ المَرء في البوحَ عَن الكُتمان لوقَفت مُستشعرًا مَدى كميّة الضَغط الذي يوجِههُ ، لَتمعَنت في عيناهُ مُحاولاً تَصديقَ ألمِهِ المُخبئ بينَ ثنايا روحِهِ..

لتعلمُ كم إنَّ الإتزانَ الفَكريّ شيءٌ صَعبَ التَعامُلَ بهِ لِشخصٍ مُتعبًا مِثله ، حينَها سَتعذرُ إنقِطاعهُ عن ساحاتِكُم ، وتَتفهمُ سَببَ صُمتهِ الدائِم عِندَ الحديثُ معه ..

لن تسألهُ عن شُرودهُ اللآمَنطقيّ ، وسَتبتعدُ جذريًّا عَن لومِهِ لِعدمَ التجاوبُ مع المُحيط ، وقتُها فَقط سَتدركُ مَعنى تذوقُ الإمتلاء المُنهِك..

وأنا كُنت ولازِلت أواجهُ حُزنيّ بالنومِ المُطول ، أتركُ أمرَ الحلولِ دائِمًا ، أتقربُ مِن السريرِ لأغوصُ بينَ طيّاتهِ وأتغاضى عن فِكرةِ البحثِ للتخلصِ مِنه ، وحينما أستيقِظ أتركُ الأمرَ بِرُمتهِ للوقت ، لم أكُن جديّة بِشأنِ أحزانيّ أبدًا.

أما الآن وأمامَ شخصًا مُقرّبًا ليّ فأنا أقفُ مُحيّرة أُطالعُ هيئتهُ شارِدة لعليّ أجدُ حَلاً لِحُزنه المُفاجئ-أو هذا ما أظنهُ- ، أشعرُ كما لو أنجل قد إنفجرَ بِها قِطارُ الصَبر لترقدُ على سِكةِ الهَوجان الهدوئيّ..

فهي دائِمًا ما تكُن هادِئةً عِن الحُزن ، إما فَتراتهُ فلا تدومُ أكثرَ مِن ساعةٍ واحِدة ، تجعلُني أندهشُ من سُرعتها على التجاوز ، واليوم فأكتشفت إنَّ ما هذا إلا تَمثيل..

-'سأعودُ الآن ، إثبتي بِمكانَكِ ولا تَتحركيّ.'
هسهستُ لها بِصوتٍ مُنخفض لِتومئ ليّ بِشرود وأشُك في سَماعها لِجُملتي ، مع إني أعلمُ بأنها لن تُغادِر المكان كَعادتها فهيّ بِحالة لا تسمحُ لها بالفِعلِ المُعاكس إلا إنَّ عقليّ بقيّ راقِدًا معها ، وعلى أي حال فأنا مضيتُ مُغادرةً نحوَ المرافِق العامة للمَدرسة.

شتمتُ بِصوتٍ عاليّ حالما وقفتُ أمامَ المرآة بينما كان القليلُ مِن الفتياتِ هُناك مُتجمهرات أمامها ، مِنها من تُزيل مساحيقَ التجميل ومنها مِن تَضعهُ وأخرى تَقومُ بِربطِ شعرها ، أما أنا فأُحاولُ إعادةَ لَصق هذهِ اللعينة ، لاصقة الجروح.

وَأجل .. قد جُرحت أسفلُ عينيّ لأبدو وكأننيّ هاربةٌ مِن إحدى عصاباتِ المُخدرات أو الأسلحة بهئيتي الصَبيانية هذه ، حقيقةً فأنا كَذبتُ في أمرِ السببَ الرئيسي لِجرحيّ ، قائِلة بأنَ الشاي قد سُكبَ على عيناي ، حسنًا أعلم بأنيّ فضيعةٌ بإختلاق الكَذِب لكن هذا ما خرجَ مِن بينَ شفاهيّ عِندما تسائل الجميع عن السَبب.

أعني كيفَ لهُم أن يُصدقوا كذبةً كَتلك؟ ، هل يتمُ شُربَ الشايّ عن طريقِ الأعينِ بِحقِ الإله؟ ، لكن سارَ الأمر بِسلاسةٍ غير مُتعمقينَ في معرفةِ التَفاصيل ، أما عن سَببيّ اللعين فهوَ أشرسُ مِن هذا ..

| أرض التشتت | Où les histoires vivent. Découvrez maintenant