chapter "4"

155 33 45
                                    

- بالنسبة للإنسان الذي لم يعد لديه وطن، تصبح الكتابة مكاناً له ليعيش فيه. |ثيودور أدورنو

•••

تنهدَ بخفوت وهوّ يُراقبُ الأعضاء بعينين فاتِرة بينما شعرهُ يتطايرُ على جبينهُ العريض جراءَ فعلِ لفحاتِ الهواء البارِدة ، أُحكم القبضُ على سُترتهُ السميكة ليحصُل على بعضِ الدفء لعلهُ يصلُ إلى برودةِ قلبهُ بعدها.

بعدَ يومٌ كانَ حافلاً بالضجّة والصوتُ العاليّ ملءَ المكان بينما لا نهايةَ للضحِكاتِ المُتواصلِة بينَ الأعضاءِ ، كانَ جالسًا بِوسطهِم ولكن ليسَ كسابقهِ بكونهِ مُشرفًا فقد إستقالَ مِن رُتبةٍ مُتعبةً كهذه.

إنتهى حفلُ الميلاد الصاخِبِ بالأمس بِالخصامِ معها عُقبَ جُملةِ يوجين ، حينَ إستغربت في بادئ الأمر تظنُ بأنهُ مُعجبٌ بأُخرى غيرُها ، بعدَ الكمِّ الهائِل مِن التلميحاتِ والأفعالُ القَويّة والمُندفعة بينهُما ، أيُ غباءٍ تمتلكُ تِلك الحانِقة؟.

حتى إنهُ لم يُكملُ الأحتفال معهُم بعد أن لاحظَ مَزاجُها الحادَ مع الجميع ، ولا يجرؤ أبدًا على تفسيرَ الأمرِ لها ، حتى إن كريستين المسكينة تَعِبت من كُثرِ التوضيحَ لها ، ولكن عقلُها المُتحجرُ رفضَ الفَهِم ، لتِخرجُ مغادرةً بوجهٍ الجامِد.

ماهيّ إلا دقائِقً مَضت مِن جلوسَ هيرمان الوحيد حتى شَعُر بِركودَ أحدهم على يُسرتهُ ، وبالتأكيد لم يكُن غيرَ إيفان ، ترَك أصواتُ البقية لِيستمعُ لِكلامَ صديقه الذي جاء بصوتٍ خَشن دالاً على إستيقاظهُ لِتوه.

-'صباحُ ميلادًا مجيد إيُها الحزين ، يبدو إنك قد أخذت موضعيّ الآن في لعبِ دورَ الأرملة.'
بصوتٍ مهزوز جراءِ كُتمانِ ضحكتهِ هوّ تكلّم بعد أن لاحظَ ملامحَ الآخر التي لا تُفسّر مُتذكرًا حالهُ ، رمقهُ هيرمان بِحدة ليرميّ السيجارة التي كانت تتوسطُ أصابعه عليه ، لعلها تُصيبهُ فتحرقه ، لكن هيهات فأيفان لا ضررَ يُصيبه ؛ أو هذا ما يعتقدهُ هيرمان.

مسحَ وجهه بِقلةِ حيلة ليُخرجُ سِيجارةٌ أخرى ، مُشيحًا بوجههِ عن الآخر ، تجاهلَ سُخريتهُ الطائِلة لعلهُ يَصمُت قليلاً لكن لا ، فأيفان إن بدأ لن ينتهيّ أبدًا ، مُستمرًا في تذكيرهُ عن الأمرَ الذي أدّى لِحالتُه.

-' لا تُعطِ الأمرَ أكبرَ من حجمهِ ، الفتياتُ هكذا في النهاية ، أذهب لِمُصالحتها.'
أردفَ بعدَ صُمتًا طال حينما لم يجدُ أيَّ إجابةٍ صادرة مِن الآخر ، حتى قررَ أن يوجههُ بِجديّة مُحاولاً إتقانها وأسترجاعَ ذاكرتهِ فيما يخصُ أرضاءَ الفتيات ، لكنهُ دائِمًا ما كان يفشلُ فشلاً ذريعًا.

أستقام هيرمان مَاطًا جسدهُ رافعًا يداهُ نحوَ الأعلى بعدما أنهى سجارتهُ لآخر رُمق ، مُقررًا قبلَ نهايةِ اليوم أن يسترجع حُبها بِمساعدةِ إحداهُن ، وإن كان الخصامُ ذو مدّة قليلة ، هوّ قليلُ الصبر إن وِجب ، ربّت على كتفِ أيفان وهوَّ يُحدّق بِهيئاتِ بقية الأعضاء ، حتى خطَا مُغادرًا بعد أن قرر الرجوعَ ليلاً.

| أرض التشتت | حيث تعيش القصص. اكتشف الآن