chapter "8"

179 31 9
                                    

- مَاذا لو كانَ كُلُّ شَيء في هـٰذا العَالم عِبارة عن سوءِ فَهم؟ ، ماذا لو أَنْ الضحك في الحقيقة هوَّ عِبارة عَن بُكاءْ. | سورين كيركغارد.

•••

- الجُزءُ الأوّل مِن وِجهةِ الكاتِبَة.

•••

بِقلبٌ يقرعُ توترًا لا تعلَمُ مصدَره ، وروحٌ تُحاكيّ النبضُ في كُلِّ أطرافَها وعينيانِ شمسيّة تَداخَلت الزعزعة في رسماتِها حيثُ لا ثبات في وجهةٍ مُحددَّة ، وقفَت هيَّ بِجسدُها النّحيل وشعرُها ذو الخيوطَ الشقراء القَصير الذي يُداعِبهُ الهَواء تدعَكُ كفّ يدِها اليُمنى بِمعصِمها الأيسر ..

إن الذي شَغل عقلُها موقِفهُ معها أسبوعٌ كامِل يقفُ قِبالتُها الآن بِمُنتهى الهُدوء والإبتسامة الخفيفة ، يُطالِعُ هيئتها دونَ مَلل يُذكَر ، وكأنهُ يُحاولُ قراءة ما بِداخِلها عن طريقِ أشياؤها الخارجيّة.

فَلم يُسبَق لهُ إن رأى فتاةٌ تُشبِهُها في مكانٍ كالمُخيّمات ، جميعُ الفتياتِ هُنا ذات مظهرٍ مُبالغٌ بِه ، وأنوثةٌ طاغيّة بأجسامٍ مُدللة وأصواتٌ ناعِمة ، ذواتِ لكنةٍ مُغنّجة وروحٌ زاهيّة ، لا ينكرٌ حدّتهُنَّ بالكلام أحيانًا ، وقوتهُنَّ بالمواقِف ، لكن بطريقةٍ ما التي أمامهُ مُختلِفة.

فَلا شخصيّةٌ ذاتَ ضَجّة ، ولا صوتٌ ذو نغمةٍ عابِثة كالّتي يسمعُها غالِبًا ، لا ثيابٌ مُزهِرة بِتفاصيلٍ ناعِمة ولا حتى نظرةٌ مُتحدّية كما عِند الأُناث ، مَلامِحُها دقيقة ، لكنها لا مُبالية ، شيءٌ بِها ناقِص لكن بِطريقةٍ مُكتَمِلة.

لَيسَ فضولٌ حتمًا ، لكنهُ شعرَ بالأستغرابِ ناحِيتُها ، فَما الذي أتى بِها هُنا؟ ، لن تتأقلم ، هُنا الثرثرة ، أما هيَّ يظُنها مِن مُحبين الصُمت ، بِملامِحها الساكِنة وعينيها الذات الرّمقةُ السوداء رُغم طيفِ الشمسِ الذي يتراوحُ في لمعةِ لونها.

حطّ بِجيبِ بنطالهُ الأسوَد يداهُ ذات اللونَ الشاحِب والعُروق الزّرقاءِ الواضِحة كنهرٍ طويل رُسِم على خريطةٍ ذاتَ تفاصيلٍ مُعقّدة ، رامِقًا توتُرها الذي باتَ يُضايقهُ قليلاً ، فلا شيءَ يستدعيّ هذهِ الإرتباك والتَّردُد مِن وجهةِ نظرَه.

فَلا يشعُر بأنهُ أخطأ حينما نادها ليختلونَ عنِ الضّجة لوقتٍ خفيض ، يسيرانِ في جهةٍ بعضِ الخيمِ المنصوبة حيثُ تكون بعيدةً عن الساحة الرئيسيّة.

أما هيَّ ، فَعينيها تهربُ دونَ إرادةٍ مِنها نحوَ تفاصيلِ وجههُ البارِدة ، وَفي كُلِّ شرودٍ مِنها تَتلاقى حدقاتُهما ، فتشيحُ بِسُرعة حرجًا من حركَتِها التي رآها مُضحِكة ، واقِفة بَعد أن بادَر هوَ بِندائُها لِهُنا ، تارِكةً سوزي تنظرُ لها بِتوجُّس خوفًا عليها.

-'لِما ترتدينَ الأسوَد؟ وسطَ أُناسٍ تحتويهم الألوان.'
نَطق أدريان بِصوتهِ المبحوح ذو النغمة الهادِئة بعدَ سكونٍ كانَ يلُفهما سويًّا ، هوَ ينظرُ نحوَ المُحيط عاقِدًا الحاجبين ، وهيّ تنظرُ بِكل بلاهة نحوَ ندوبهِ التي لا يخجلُ مِن أظهارِها عبثًا.

| أرض التشتت | Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz