الفصل السادس

1.4K 87 57
                                    


الفصل السادس

في صباح يوم جديد كان الجميع مشغولًا بخططه الخاصة، فخرج عمر ووالده سريعًا من المنزل؛ لتنفيذ ما خططوا لأجله، ثم مر على مكة لإخبارها وخرجوا سويًّا، واشتروا حلة سوداء جميلة من أجل عمر مع ربطة عنق باللون البنفسجي الهادئ الذي يتماشى مع لون فستان مكة الجديد، وخرجت عبير وفي رأسها شيء ما تنوي القيام به، واصطحب مالك ياسمين معه كي تختار حلة رسمية من أجل تلك المناسبة، وأخذوا وتين معهم كي تختار فستانها...
خرجت سميرة لحجز مطعم فخم بأكمله لتلك الليلة المميزة في حياة ابنها الكبير برضا وحب شديدين! خرجت عبلة وسارة لشراء ملابس مناسبة لذلك اليوم المميز، وذهب كل من مازن وأدهم لشراء هدية مميزة لمالك ووتين!
دلف مالك إلى المنزل بعد أن أنهى كافة مشاويره، فاستقبله عمر مازحًا:
_ أبو المماليك الغالي كله تحت السيطرة!  أنا بس عاوزك دلوقتي تروح كدا تريح يا عريس،  وأنا هروح أتفق مع الحلاق يجيي بكرة يظبطك بدل مانت عامل زي الشجرة المفرعة بدقنك دي!
ضحك مالك وهو يعبث في لحيته، وقال بود:
_ يا ابني دقني دي سر جاذبيتي!
لوى عمر فمه وقال بتهكم:
_ جاذبيتك إيه؟ دا أنت قربت تقلب على بابا نويل! اوعَ يا عم كدا!
ضحك مالك وخرج عمر من الغرفة وهو يُجري اتصالًا مهمًا ، وكانت الحركة هادئة نوعًا ما، فصعد مالك إلى غرفته وارتمى على فراشه.
l
مر اليوم سريعًا وبدأ نهار جديد يحمل في طياته السعادة للجميع ،كان الجميع سعداء طوال النهار في منزل وتين، وكذلك مالك.
عم الظلام على الأجواء،  وبدأ الجميع بالتجهز للمناسبة،  فأتي الحلاق وبدأ بتجهيز مالك وكذلك عمر، ثم خرج عمر لإحضار مكة ،فوقفت عبير تسد عليه الطريق بفستانها القصير بلونه الأحمر، وقالت وهي تمسك برابطة عنق حمراء:
_ بيبي! كنت لسه هجيلك! إيه رأيك في الكرافت دي؟ هتليق موت على البدلة بتاعتك، وكمان نبقي زي بعض ها قلت إيه؟
تنحنح عمر، وقال متصنعًا الابتسامة:
_ سوري يا عبير أنا مش بحب اللون الأحمر! أنا متأخر دلوقتي نكمل كلامنا بعدين!
خرج عمر فنفخت عبير بضيق، وقالت بغيظ:
_ أكيد رايح تجيب الحيزبونة التانية، بس لما تيجي! دلوقتي ما بقتش تحب الأحمر؟ ماشي يا عمر ماشي، خليك والله لأطلع على جتتك القديم والجديد كله، أوووووف منك!
صعدت عبير الدرج بضيق، وقف عمر أمام منزله ليستلم سيارته الجديدة بسعادة غامرة، وركب فيها وهو يدندن بسعادة؛ لأن مكة هي أول من سيشرفها بالركوب فيها.. تجهز إبراهيم ليرتدي حلة رمادية اللون ورابطة عنق باللون الأسود، وقميصًا أسود، وخرجت سميرة من غرفتها بفستانها الأسود الأنيق، فابتسم لها إبراهيم وثنى ذراعه فأمسكت به سميرة وهي تبتسم برضا، وخرج مالك من غرفته وسبقته رائحة عطره، فأطلق إبراهيم صافرة عابثة وهو ينظر إلى مالك المتأنق بشكل جميل بحلته السوداء و رابطة عنقه الزيتونية المميزة بدبوس يحمل اسم وتين أهدته إياه ياسمين أخته، فابتسمت سميرة بسعادة، واقتربت منه وهي تطالعه بنظرات فخورة، وأحنت رأسه لتطبع قبلة هادئة على جبينه، فردها مالك على الفور فدمعت عينيها وهي تقول:
_ هعيش عمري كله ندمانة على اللي ضاع من عمركم بعيد عني! ربنا يسعد قلبك يا ابني ويبارك ليك في عروستك بنت حلال وتستاهلك!
_ ما أتحرمش منك يا أمي! قالها مالك وهو يقبل يدها.
نظر لهما إبراهيم بحزن وقال بتهكم:
_ إيه دا! هو أنا سبانخ ما حدش هيحضني ويقول لي كلام حلو يعني؟
ضحك مالك بقوة ليحتضن والده، فربت إبراهيم على ظهره ضاحكًاوهو يقول:
_ أخيرًا شوفتك عريس! لقد هرمنا يا جدع!
خرجت ياسمين متأنقة بفستان وردي هادئ وهي تعصق شعرها للخلف بدبوس دهبي جميل، فاحتضنها مالك وقال بمزاح:
_ إيه القمر دا؟ بتبقي مزة وأنت متشيكة وعلى سنجة عشرة ولابسة فستان! أومال مين سيد الميكانيكي اللي عايش معانا دا؟
ضحكت ياسمين وقالت:
_ يا سلام!  علشان بلبس بناطيل على طول بقيت سيد الميكانيكي؟ ماااشي يا عريس، ما أنت عريس بقى مش هنقدر نكلمك بس ماشي!
ضحك مالك حتى بدت نواجذه فتحرك الجميع للخارج ومعهم ليلى، فركضت عبير خلفهم وقالت:
_ إيه دا! هو أنا اتنسيت وللا إيه؟ أكيد مش هقصدكم تسيبوني صح! يلَّا على العموم أنا جيت!
نظر لها مالك وهو يرفع حاجبه بتعجب وقال:
_ طيب يا جماعة إحنا هنروح على المطعم على طول، وهم هيروحوا ورانا على هناك! بابا أنا هآخد ياسمين ودادة ليلى معايا! هات أنت الباقي وتعال ورايا، وعمر هيحصلنا على هناك!
هز إبراهيم رأسه بتفهم، فنظرت له عبير نظرات غيظ شديد؛ وقالت لتخفف من إحراجها:
_ خالتو أنا هركب معاكِ؛ علشان عاوزاكِ في موضوع مهم جدًّا!
وقف عمر أسفل منزل مكة، وأخذ يحرك هاتفه بعبث لتأخر مكة ،ثم نظر أمامه ليجد الصيدلية مغلقه، فتعجب من الأمر وانقضى وقت قليل ورفع نظره ليجد مكة تخرج من منزلها بفستانها البنفسجي الهادئ مع شال رقيق بلون الفستان نفسه، وترفع شعرها لأعلي بصورة جميلة؛ فبدت كالأميرة المتوجة بمكياجها الخفيف، فابتسم عمر برضا، وما إن وقفت أمامه حتى رفع كف يدها ليقبله بحب؛ فخجلت مكة وسحبت يدها من يده، فأخذ بيدها وفتح لها باب سيارته الجديدة الأمامي، وساعدها على الركوب، ثم أغلق الباب بهدوء من خلفها، ودار حول السيارة وهو يحل زر حلته، وجلس خلف المقود وقال بحب:
_ ها؟ إيه رأيك في عربيتي الجديدة؟ابتسمت مكة، وقالت بخجل:
_ طالما أنت فيها تبقي أجمل عربية في الدنيا!
خجل عمر من مدحها، وغطى وجهه بكفيه بسعادة، فضحكت مكة بشدة على حركته تلك، فقال عمر وهو يتنحنح بخشونة:
_ احححم! يلَّا بينا!
ضحكت مكة وهزت رأسها بموافقة وهي تردد «مجنون»، تحرك عمر بالسيارة بسرعة كبيرة؛ فصرخت مكة ضاحكة، وعمر يضحك على صراخها حتى وصلوا إلى المطعم، وصف عمر السيارة ووجد مالك وصل بعده فصف سيارته أيضًا ونزل عنها هو وياسمين، فأطلق عمر صفيرًا طويلًا وهو يقول:
_ العععب! أكيد ماما نحلة عشان تجيب العسل دا كله!
فضحكت ياسمين وضربته بخفة في كتفه، واحتضنت مكة بحب كبير ودلفوا إلى المطعم الذي هو عبارة عن سفينة بالماء وداخلها مطعم جميل وهادئ، ثم لحق بهم إبراهيم وسميرة وعبير التي لم تبرح أن تطالع مكة بنظرات قاتلة!
l
في منزل حسن القاسم..
وقفت وتين تطالع نفسها في المرآة بسعادة غامرة وهي تضع اللمسات الأخيرة عليها، بعد أن أبت أن تذهب للكوافير، وأصرت أن تضع المكياج لنفسها.. دقت عليها عبلة باب الغرفة وهي تقول:
_ يلَّا يا عروسة هنتأخر على العريس!
ابتسمت وتين وفتحت الباب وخرجت، فما إن وقعت عين عبلة عليها حتى دمعت عيناها، ولم تستطع منع نفسها من إطلاق زغرودة طويلة حتى كادت روحها تخرج معها، فضحكت وتين وقبلتها من يدها، فنظر مازن إلى وتين فائقة الجمال بفستانها الزيتوني الذي يتماشى بحرفية مع لون عينيها الزيتونية وشعرها الغجري يتوسطه رابطة زيتونية بالكاد تظهر من وسط شعرها الطويل، وبعض لمسات «الميك آب» الهادئ ،والعقد الأسود الصغير الذي توسط عنقها الذي أبرز جمالها بصورة كبيرة ،فاحتضنها مازن وأخذ يدور بها في المنزل وهي تضحك بقوة فأنزلها وهو ينظر لها بسعادة، فمد أدهم يده ليضعها خلف رأسها، وقربها منه ليطبع قبلة حارة على رأسها، وقال بحنو:
_ والله وكبرتِ يا توتي وبقيتِ عروسة! ربنا يسعدك يا قلب أخوكِ!
احتضنته وتين فقالت عبلة سريعًا:
_ يلَّا يا ولاد هنتأخر على الجماعة ما ينفعش كدا!
هزوا رأسهم وتحركوا للأسفل، وسارة تتسامر مع وتين وقبل أن يتوجهوا للسيارات ومنها إلى القاعة...
l
«مهما بدت الفتاة رائعة الجمال في أعين الجميع، لن يرى أحد الجمال الذي يراه من يحبها بصدق.»
وصلت السيارتان أمام القاعة، فهبطت وتين وتعلقت بذراع مازن ،وابتسمت بتوتر فنظر لها مازن، وقال بثقة:
_ أول مرة أحس إن القمر نزل من السما وماشي معايا في إيدي!
ضحكت وتين بخجل وتوردت وجنتيها، فضحك مازن وتقدم تجاه المطعم بخطوات واثقة، والجميع من خلفه، وسارة تمسك بفستان وتين من الخلف!
وقف مالك مع مكة وعمر ووالده وهم يتمازحون، فأمسك مالك بعمر من ذراعه السليم وضربه على رأسه بخفة، فضحكت مكة بقوة ،ثم خفت قَلْتَها ما إن رأت مازن يدلف إلى القاعة وفي يده وتين بكامل أناقتها فبدت كنجمة ساطعة، فشهقت مكة وقالت:
_ وااااااو! دي وتين! قمررررررر!
أطلق عمر صفيرًا لأعلى، فالتفت مالك للخلف، وبحث بعينيه إلى أن وقعت سريعًا على فتاته، ودق قلبه بصورة مبالغ فيها، كانت آية حقيقية في الجمال سبحان من صور جمالها، فابتسم بسعادة وهو يحاول أن يتحكم في دقات قلبه، ففشل بشدة ودمعت عيناه، ورفع يده لمسح عبراته السعيدة، فنظرت له وتين بتأثر شديد، وأمسكت بكف يده وضغطت عليها؛ كي لا يبكي، فأمسك مالك بكف يدها وقبله، واحتضنها بسعادة فنظر له مازن وهو يرفع حاجبيه بدهشة، فضحك مالك من بين دموعه وقال:
_ ههههههه أنا آسف بس الموقف تطلب كدا!
ضحك مازن، وقال بمزاح:
_ اصبر على رزقك دي لسه خطوبة!

أسوار كال "وتين ٢ " Where stories live. Discover now