بنصف القلب

الفصل التاسع

قاطعته وأنا أنهض أيضًا وأتقدم نحوه وأقول بإندفاع: لا لم يفعل أحدٌ بعد، ولكنني أرجح أن ما يزعجني أمرٌ يحاول الجميع هنا إخفاءه عني ولستُ حمقاء حتى لا ألاحظ ذلك.

توسعت حدقتيه ببعض الذهول وازدادت تقطيبة حاجبيه ضيقًا، فأكد لي حينها فوق تأكيد ايفان لي أنهم يخفون أمرًا ما.

وضعت خصلة من شعري وراء اذني واقتربت منه وأنا أقول بحذر: لماذا التزمت الصمت أخبرني؟.. ما الذي تخفونه عني أنا وبيتر؟..

زفر بهدوء وهو ينظر للمنزل ورائي، وقد شعرت عدم رغبته في إنكار حديثي، فقد هدأت ملامحه وأخذ يفكر قليلًا دون أن ينظر لي.

انتظرت عدة لحظات أترقب تحدثه وهاهو ذا ينظف حلقه وينظر لي ثم قال بهدوء: لا أفهم عن ماذا تتحدثين كلوديا، وماهو الأمر الذي تظنين أننا نخفيه عنك؟.. ولأكن صادقًا معك، هنالك الكثير من الأمور الخاصة لا نستطيع التحدث بها أمامك بعد، أقصد أننا لازلنا في مرحلة التعارف وهذا لا يعنِ أن نكشف كافة مشاكلنا أمامك، وأيضًا حاولي التحدث مع جدي فإجابة اسئلتك بحوزته لا حوزتِ.

حسنًا هذا محرجٌ حقًا، يبدو أنني تسرعت في الحكم عليهم وهنالك اسرارٌ تتعلق بهم لا يريدون مني معرفتها.

شعرت بالتأنيب وأحمرت وجنتاي إحراجًا وكدت أن اعتذر لولا أن صوت إيفان اخترق عقلي هنا.

«ألم يخبرك أحدٌ عن هوية دين؟..»

أعدت تقطيب حاجباي بتفكير وشعرت أن لوك تلاعب معي في الإجابة.

بللت شفتاي ونظرت بعيدًا عنه وقلت: محق أظن أن جدي الوحيد القادر على اجابتي.

ابتسم بشيءٍ من التهكم ثم سارع يصفق بيداه ويقول بحماس: حسنًا دعينا من كل هذا ما رأيك في الخروج والتنزه قليلًا؟..

فضلت أيضًا تغيير دفة الحديث فرفعت حاجباي وقلت بهدوء: أود ذلك حقًا ولكن حسب علمي أن امتحانك القادم بعد غد؟.. متى ستدرس له؟..

تأفف واتضح الضيق على ملامح وجهه اللطيفة وبدأ في المشي ببطء فشاركته في ذلك وقال هو: لا رغبة لي في الدراسة، كما أنها مادةٌ بسيطة تعتمد على الحفظ وحسب.

ــــ أخشى أن أوافق على عرضك وأكون حينها سببًا في رسوبك بها، لذا اعذرني لن أخرج معك.

ـــ عذرٌ جيد، حينها سأقنع جدي أنكِ السبب في رسوبي ولن يعاقبنِ.

ضحكت بعد أن نعته بالماكر ثم قلت باستنكار: هل سيعاقبك حقًا؟..أقصد منذ أيامٍ على الإفطار أخبرك بجدية أنه ينتظر معدلًا عاليًا.

نظر إلى العشب وبعثر شعره الكستنائي وقال بضيق: لن يعاقبنِ بكل تأكيد، ولكنه سيغضب وسيشعر بالحزن والضيق مني، وأنا حقًا أمقت أن ينزعج جدي مني.

ـــ ألا يبالغ قليلًا في هذا الأمر؟..

ـــ بلى، لقد اعتاد على تفوقه وتفوق ابناءه في الدراسة وهو يريد أن يستمر هذا التفوق مع أحفاده أيضًا.