الغرفة الثانية

19K 1.2K 88
                                    

- الطبيب :- أتمنى لو أن كل تلك الفترة التي تركتكِ فيها ساهمت فى تعليمك شيئًا ..
= مريضة الغرفة الثانية :- نعم لقد تعلمت شيئًا هامًا أيها الطبيب ، تعلمت أنني سيئة للغاية ..
- ولكـن..
= عذرًا على مقاطعتك ثانيةً ولكنني هنا لكي أتحدث وليس لأنصت.
- معذرةً ، تفضلي.
= أعترف أنني أمتلك أسوء أسلوبًا بشريًا على الإطلاق فهذه شهادة كل من تعامل معي ، لقد رأيتها في أعينهم قبل أن أسمعها بأذني ، لقد نعتني البعض بالـ متمردة ، عنيدة ، متعجرفة ، قليلة الحياء ، عنيفة ، قاسية .. إلخ
- أنتي …
= أخبرتك ذات مرة بأني أريد التحدث !!
عفوًا أعتذر على اندفاعي معكَ ولكنني أعترفت بأنني سيئة الردود ..
ذات يوم تشاجرت مع صديقتي فلا أعلم ماذا حدث بيننا حتى رأيت يدي ترتفع لأعلى وصفعتها على وجهها ونعتها بأقبح الألفاظ ، لم أعي لذلك إلا وأنا في مكتب المدير أوقع على قرار فصلي أسبوعًا من المدرسة !
عندما ذهبت للمنزل قام والدي بتعنيفي قام بصفعي صفعةً تشبه تلك الصفعة التي زينت وجه صديقتي صباحًا قام بتوبيخي حتى أنه قص جزءًا من شعري جَزءًا عما بدر مني ..
عدت للمدرسة بعد أسبوع وأنا مطأطئة الرأس أشعر بالخذلان حتى إن عادت صديقتي لتحاول صفعي ، لا أريد أن أقص عليكَ ماذا حدث ولكن أضطر والدي نقلي لمدرسة آخرى ..
-هل تودَّي قول أن والدكَ سببًا في هذا؟
= دعني أكمل ، مرت الأيام وها أن في الفرقة الثالثة في كلية الطب النفسي أنهال على المراقب وأبرحه ضربًا لأنه اتهمني بالغش !
ذات يوم وضعت قلبي في قبضة يد شخص ولقد كان نعم العاشق لكنه لم يتحمل أسلوبي المتعجرف فتركني ..
مواقف عديدة في حياتي لا تُحصى تثبت لنفسي قبل الجميع أني أمتلك رد فعلاً سيئًا ولا أدري كيف يخرج مني ولا أشعر به إلا بعد حدوثه ، حينها لا ينفع ندمي أحدًا ..
- ولكن الندم هو بداية الحل.
= وهل ندمت على تركك لخطيبتك ؟
- الطبيب فقط من له حق السؤال.
= حسنًا ولكن حتى الندم أحيانًا لا يُجدي فأنا ندمت كثيرًا ولم يغير ذلك شيئًا أتعلم لماذا ؟
- لماذا؟
= لأن الجميع نظر لأسلوبي القاسي ولم ينظر لما وراءه ! لم ينظر للمادة الخام التي تشكله ، المفاعلات التي تنشطه وتشعله ، لم ينظر أحد للأسباب ..
يحاسبني الجميع عما يخرج مني ولا يحاولون مساعدتي في إصلاح ما يُخرجه ، لم يعلم الجميع بما عانيته في حياتي ، بما رأيت حتى أقسى ، بما جاهد قلبي حتى يتحجر ، يظنون أنفسهم يعلمون كل شيء وهم لا يفقهون إلا أنني لا أُحتمل ، هل فكر أحد يومًا لما لم أعد أُحتمل ، هل كرَس أحدهم لي وقتًا لمساعدتي ، هل ظن أحد يومًا أني أعاني أشد العناء من هذه القسوة !! لم ولن يساعدني أحد فأنا أخطو بمفردي ..

- تتحدثين هكذا لأنكِ مريضة.
حسـنـًا هذه الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن إنكارها فجميعنـا مرضى نفسيين بدرجات مـتفاوتة ..

_ جيهان سيد ❤️🌝

من إحدى غرف المصحات النفسية 🖤.Where stories live. Discover now