١. هدية

736 45 83
                                    


الثانية والنصف صباحًا

بينما البعض نيام في فراشهم غير آبهين بحلول يومٍ جديد فأحلامهم التي نسجتها أذهانهم تشغلهم عن تلك التي تقترب بخُطى وئيدة نحو مرآتها، بالكاد تخلصت من السائل الأحمر الذي انزلق من بين أناملها بانسيابية، دليلًا على الفاجعة التي تمت قبل نصف ساعة وخمس دقائق.

«أأنتِ راضية الآن؟» همس خافت صدر من بين شفتيها المرتجفتين، في الواقع ليس شفتيها فحسب بل أطرافها كلها.
«لمَ أستشعر اللوم من نبرتك عزيزتي؟» تساءل الانعكاس الذي بات يستوطن مرآتها ببراءة مُصتنعة، كتلك التي تنبت على شفتيّ القاتل لطمأنة ضحيته.

«ربما لأنكِ من دمر حياتي باحترافية» علا صوتها بلا وعي على الانعكاس الذي لا يمت لوجه الواقفة أمامه بصلة كأنه هارب من مرآة شخص آخر، فتاة أخرى للدقة.

ابتسم الانعكاس بشيطانية قبل أن يضع سبابته فوق شفتيه «صه، ألا تخافين أن يستيقظ والداكِ أيتها الشقية» ثم قهقه بخباثة

لم تقوى قدما الفتاة على حملها أكثر من ذلك لتطرحها أرضًا أمام تلك الشيطانة، العبرات تنزلق على وجنتيها بهدوء بينما عقلها سينفجر، كيف لها أن تكون بذلك الهدوء بعد كل ما فعتله؟ كيف لها ألا تصرخ أو تبكي؟
«منذ تلك اللحظة ستحرم على أذنيّ سماع كلماتك، اغربي عن مرآتي»

عدل الانعكاس من وضعية جلوسه التي اتخذت طابع الملوك قبل أن يقترب أكثر ثم يردف قائلًا
«لقد فات الآوان على الانسحاب، هذه حقيقتك، هذا ما كنتِ عليه وما ستظلين دومًا عليه، أنا فقط ساعدتك على إدراك ذلك.» ساد الصمت بينهم لوهلات قبل أن تسترسل سائلة بابتسام
«لقد أحببتِ الأمر أليس كذلك؟» رمقتها صاحبة المرآة  بعدم تصديق لتقهقه الأخرى بسخرية
«بالطبع فعلتِ، يومًا بعد يوم ستُدمنين سماع صرخاتهم جميعًا، يطلبون العفو منكِ ولن يجدوه»

***

جرس انتهاء الاستراحة دوى في الرواق بين الطلاب الأغبياء المتذمرين، على الأقل من نظرة ريڤين
تخطو ببرود في الرواق تُتابع همهمات الطلاب لبعضهم وغالبًا ما قصدها البعض في أحاديثهم اللا متناهية عن كونها «غريبة الأطوار» أو أنها لا ترتدي سوى تلك الملابس السوداء المخيفة وكأنها دعاية لجملة «لا تقترب مني» وللمصادقية هي كذلك.

تجاهلت نظراتهم المتكررة بينما تتجه إلي فصلها، كم هم مملين، ألا يسأم المرء من مراقبة الشخص عينه وانتقاد الأشياء عينها مرارًا وتكرارًا؟!
أيًا يكن، انفض الجميع إلى فصولهم بما فيهم ريڤين، الجميع عدا شاردة الذهن في الناحية الأخرى من الرواق تراقب تلك البقعة التي احتوت على الكؤوس والجوائز التي نالها رياضيو المدرسة بالإضافة إلى صور كل فريق رياضي والسنة التي حقق بها النصر. بين تلك الحشود هو فقط من استحوذ على تفكيرها، هو بعينيه الآسرتين فحسب
«أنتِ، ما الذي تفعلينه؟ لمَ لستِ في فصلك؟» طأطأت تلك الشقراء رأسها قبل أن تعتذر عن تغيبها وتهرول مُسرعة نحو فصلها.

إحذر إنعكاسك ¦ متوقفة مؤقتًاTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon