الحلقة الخامسة عشر

80 5 0
                                    

مذكرات شادية ❤️
بقلم إيريس نظمي
-------------------
(الحلقة الخامسة عشر)
-------------------
قصة زواجى بعزيز فتحى قصة غريبة أشبه بالقصص التى نمثلها على الشاشة.. لقد استغرقت فترة التعارف واتخاذ قرار الزواج عشرة أيام فقط.. كيف تفهم إنساناً فى عشرة أيام فقط؟
إننا نعيش أحياناً سنوات طويلة مع بعض الناس دون أن نقدر على فهمهم.. الإنسان أحياناً يشبه اللغز الذى يصعب فهمه.
لكن هذا ما حدث.. واقتنعت بالحكمة التى يقولها بعض الرجال "الزواج شر لابد منه".. تعارف سريع جداً لم أكن أنتظره.. لكنها الظروف النفسية التى سببها لى حب فريد الأطرش والتى جعلتنى أفكر فى الهروب والزواج من أول رجل يعرض علىّ فكرة الاستقرار والحياة الزوجية.

فى المأتم خرج الزواج

بعد ترك شقتى فى عمارة فريد الأطرش.. وبعد أن وجدت مسكناً أخر بعيداً عنه حدث أن ذهبت لتقديم واجب العزاء للفنانة ميمى شكيب بعد وفاة زوجها الفنان الكبير سراج منير. ومن وسط هذا المأتم خرجت قصة زواجى.
فأثناء تقديم واجب العزاء شاهدنى عزيز فتحى.. وفوجئت به بعد ذلك يعرض علىّ الزواج.. ولم أكن أعرف أنه متزوج.. بل كنت أظن أنه قد طلق زوجته وانفصل عنها.. وبسبب ظروفى النفسية فى ذلك الوقت لم أفكر كثيراً فى نتائج هذا الزواج السريع الذى كان بالنسبة لى درساً قاسياً كان لابد أن أفهمه حتى أعرف عيوب الاندفاع فى اتخاذ القرارات التى تمس حياتى الشخصية.. لم نوفق فى حياتنا الزوجية منذ أول شهور الزواج.. لقد كان عزيز يشعر بالغيرة من عملى ونجاحى الفنى.. بل بدأت أشعر أنه تزوجنى لكى يصل عن طريقى إلى شاشة السينما.. كانت شهرتى تضايقه جداً.. استمر زواجنا تسعة شهور.. أمضينا أربعة منها داخل بيت الزوجية.. أما الشهور الخمسة الأخرى فقد قضيناها داخل المحاكم ومع القضايا الطويلة المؤلمة لى.
بدأ الخلاف بيننا بشكل قوى عندما عرض علىّ الاشتراك فى بطولة فيلم "ارحم حبى" أمام عماد حمدى.. ورفض عزيز اشتراكى مع عماد حمدى فى فيلم واحد بعد أن حدث الطلاق بيننا.. ولكنى قلت له "ليس لك دخل  بعملى.. هذا عملى ومن حقى أنا وحدى أن أرفض العمل أو أقبله.. إذا وجدت دوراً جيداً فكيف أرفضه؟"
لكنه رد غاضباً "ولماذا عماد حمدى بالذات؟ لماذا تمثلين معه بعد الطلاق.. إذاً  فالحب مازال قائماً بينكما".

يوم.. بائس

لكن أخر ما كنت أتصوره أنى سيتم طلبى فى "بيت الطاعة".. يوم بائس جداً ذلك الذى ذهبت فيه بصحبة والدى إلى المحكمة.. لم أنم ليلتين متواصلتين.. أليس هناك طريقة للهروب من ذلك الموقف.. لكن المحامى الخاص قال لى "لابد أن تذهبى.. لأنهم سيواجهونك بعزيز فتحى.. ويجب أن تقولى كل شىء".
وفى السابعة صباحاً كنا نقترب من محكمة الجيزة.. وفوجئت بأناس كثيرين لا أعرفهم فى انتظارى وهم يحملقون فى وجهى بذهول.. ويبدو أنهم تصوروا أنى جئت لاشترك فى تصوير أحد الأفلام داخل المحكمة.. لكنهم لم يجدوا كاميرات ولا مخرجاً ولا ممثلين أخرين غيرى.. إنها أول مرة أقف فيها أمام القاضى بدون سيناريو مكتوب فالقاضى ليس ممثلاً.. والقضية ليست وهمية.. وأنا المتهمة.. أو أنا التى يجب أن أدافع عن نفسى.. لابد أن أقول أنى مظلومة.. لا تصدقوا كل ما قاله لكم.. اسمعوا منى الحقيقة يا رجال القضاء العادلين.. انصفونى منه.. لقد حول حياتى إلى جحيم يا سيادة القاضى.. أهان مشاعرى أمام الغرباء.. أحرجنى كثيراً يا حضرات المستشارين.. لم يفهم أنى إنسانة قبل أن أكون فنانة.. تعمد أن يضايقنى أمام الضيوف لكى يثبت لهم أنه الرجل صاحب الكلمة الأولى.. وأننى لا أساوى شيئاً إلى جانبه.. انه يريد أن ينتقم منى يا سيادة القاضى.. لا تصدقوه يا حضرات المستشارين.. واسمحوا لى أن أحكى لكم بقية قصتى معه..
وواصلت شرح مشاكل حياتى مع عزيز فتحى.. التعارف السريع الذى حدث بيننا.. و.. و.. و..
وبدأ القاضى يناقشنى فى أمور حياتى أمام كل هؤلاء الناس الذين لا أعرفهم ووجدوا أنفسهم فجأة يعرفون كل أسرار حياتى الزوجية.. كم هو شىء مؤلم أن تُذاع أسرار حياتنا الخاصة أمام الناس.. أعظم شىء أن يشعر الإنسان بأنه يمتلك حياته الخاصة وبأن أسرارها وخباياها ملك له وحده.. أما إذا أصبحت هذه الأسرار والخبايا حقاً لكل راغب فى الحديث عنها.. فإن الحياة نفسها تصبح بلا طعم أو معنى.. بل يصبح مذاقها مُراً جداً.
إن كلمة الاشمئزاز هى الكلمة الوحيدة التى يمكن أن تعبر عن شعورى عن ذلك الموقف الغريب.. عندما وقف عزيز فتحى ليحكى التفاصيل الدقيقة لحياتنا الخاصة التى أصبحت عامة ومعروفة جداً لمن يحب أن يعرف ويسمع..
تفاصيل يجب ألا تُقال لأنها ملك خاص للزوجين فقط.. لكنه قالها بلا خجل.. وبدأ يطلب بإلحاح شديد أن أذهب إلى بيت الطاعة.
وتطلعت إلى الناس الذين ملأوا مقاعد المحكمة وكأنى استند بهم.. كأنى أطلب منهم المساعدة.. لقد رأيت فوق وجوههم ابتسامة خفيفة وهم يرون الممثلة المعروفة بطلة الأفلام الناجحة وهى تقف حزينة منكسرة أمام القاضى لتحكى عن زوجها وليحكى زوجها عنها.
أما الأن وبعد أن عرفوا كل شىء فقد زالت الابتسامات ليحل محلها شعور بالأسى والإشفاق علىّ..
لقد اكتشفوا أن البطلة التى يرونها على الشاشة وهى تغنى وتضحك وكأنها أسعد إنسانة فى هذا العالم.. اكتشفوا أن هذه البطلة هى أشقى الناس وأبعدهم عن هذه السعادة الوهمية التى يرونها على الشاشة..
لقد فهموا أن حياة الفنان على الشاشة مختلفة جداً عن حياته بعيداً عنها.. وها أنذا  أمامهم أكبر دليل.. أنا التى أمثل أدوار الحب على الشاشة لا أجد هذا الحب فى بيتى ومع زوجى.. أنا التى تنتهى كل أفلامى نهاية سعيدة.. لا أعرف طعم هذه السعادة.. بدليل أنى أقف الأن أمام المحكمة والقاضى لكى أشرح لهم حياتى البائسة التى جعلت دموع التأثر تملأ عيون كل الذين عرفوها.
وأصر عزيز فتحى إصراراً عجيباً على ذهابى إلى "بيت الطاعة".. إن ذهاب المرأة.. أى امرأة.. إلى بيت الطاعة عمل غير إنسانى.. وهو يُريد إذلالى..
ولم تكن هذه المرة الأخيرة التى أذهب فيها إلى المحكمة.. بل تكرر ذلك مرات كثيرة لأن النزاع استمر خمسة شهور طويلة مرت وكأنها خمس سنوات.. إنها فترة كئيبة ومؤلمة جداً أحاول دائماً ألا أذكرها.. بل وأحاول أن أزيلها وأمحيها من حياتى بقدر الإمكان..
إن الفشل السريع هو النتيجة الطبيعية للاندفاع الشديد.. وكان الطلاق من عزيز فتحى هو النهاية الوحيدة التى تريحنى من هذا العذاب الذى أوقعت نفسى فيه بسبب تهورى واندفاعى.

إلى اللقاء فى الحلقة السادسة عشر

#شادية #مذكرات_شادية

.
.
شادية وزوجها الثانى عزيز فتحى

 شادية وزوجها الثانى عزيز فتحى

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
مذكرات شادية  On viuen les histories. Descobreix ara