17

64 3 0
                                    

مذكرات شادية ❤️
بقلم إيريس نظمي
-------------------
(الحلقة السابعة عشر)
-------------------
قُبلة الوداع!

وعدت إلى الفندق.. فدق جرس التليفون ووجدت فريد يقول لى: سأعود للغناء مرة أخرى.. تعالى.
ما الذى حدث له.. إنه لا يريد أن يتوقف أبداً عن الغناء.. هذا انتحار.. كيف يتحمل قلبه المريض كل هذا الإجهاد؟
وعدت لأقول له كفى يا فريد.. لابد أن تستريح.. وجلست فى الكواليس وأنا أتطلع إليه وكأنى أراه للمرة الأولى فى حياتى.. شاباً باسماً يتحدى المطر ويغنى للحب وسط غضب الطبيعة.. تحت دموع السماء التى تسقط بغزارة إشفاقاً عليه من النهاية المؤلمة التى كانت تزحف نحوه.. فليس هناك قوة فى العالم تستطيع أن توقفه عن الغناء حتى لو كان الموت نفسه.
وانقبض قلبى وكاد يتوقف وأنا أسمعه يقول للجمهور: هذه أخر مرة أغنى لكم وهذه أخر أغنية.
وبعد أن انتهى من الأغنية قلت له: ما هذا الذى تقوله يا فريد.. انت دائماً تقول كلاماً يوجع القلب.
وأحسست وأنا أصافحه بأن يديه باردتين كالثلج.. وقبلنى فوق خدى.
كانت الساعة الخامسة صباحاً.. ولولا أن دورى فى الغناء كان قد حان لما كنت تركته أبداً صاحب القلب الدافىء واليدين الباردتين.
وقال لى فريد: لازم تيجى بعد انتهائك من الغناء.. سأنتظرك على مائدة الإفطار.
كان نور الفجر قد بدأ يظهر.. إنها أول مرة أغنى فيها تحت نور الفجر.. وانتهيت من الغناء فى السادسة صباحاً.. وأنا أشعر بإرهاق شديد فالضغط الذى أشكو منه بدأ يرتفع فجأة بسبب صعودى إلى هذا المكان المرتفع فوق الجبل.
لقد غنيت:
اتعودت عليك يا حبيبى
وبقيت ملك إيديك يا حبيبى
وكأنى كنت أغنيها لفريد الذى كان لقائى معه فى الكواليس فوق الجبل أخر لقاء.
وما يحز فى نفسى الأن أنى لم أتمكن من الذهاب إليه بعد انتهائى من الغناء لتناول الإفطار كما وعدته.. ولولا الصداع الشديد لكنت ذهبت إليه.
ولم أره بعد ذلك.
وعدت إلى القاهرة..
ومرت أيام وأيام.. إلى أن استيقظت فى ذلك اليوم الذى لا أنساه.. وكالعادة تطلعت حولى أبحث عن صحف الصباح فلم أجدها.. أن أمى تعلم أن أول ما أفعله عند استيقاظى من النوم أن أقرأ الصحف الصباحية.. ولكنى لم أجدها.
وفوجئت بأخى طاهر الذى حضر إلى البيت فى هذا الصباح مبكراً على غير العادة.
أين الصحف؟ ولماذا جاء طاهر مبكراً هكذا؟ هل هناك أخبار سيئة؟ فريد أصابه مكروه؟
إن أخر الأخبار تقول انهم نقلوه إلى المستشفى.. قلبى يكاد يقفز من بين ضلوعى.. وصرخت.. أين جرايد النهاردة؟.. وشعرت بألم مفاجىء يسيطر على جسدى كله.. ولاحظ أخى طاهر أنى ارتعش وانتفض.. حاول أن يهدئنى ويخفف عنى.. لكنى قرأت الخبر المؤلم فى عينيه وفى نظراته المواسية.. وصرخت وأنا أكاد أتمزق.. ماذا حدث لفريد؟
ورد طاهر قائلاً: البقية فى حياتك.. فريد مات
وسيطرت على حالة من الذهول.. لم أرد ولم أتكلم..
ودخلت غرفتى وأغلقت الباب على نفسى.. وأنا أحاول أن أمنع نفسى من الانهيار.. يا رب ألطف بى.. كن معى واحمنى من نفسى.. واعطنى القدرة على تحمل ما حدث.. وفى عقلى.. وأمام عينى يمر شريط سينمائى طويل فيه كل الذكريات السعيدة التى قضيتها مع ذلك الإنسان الفنان الحنون صاحب القلب الطيب.. وحتى أحمى نفسى من الانفجار بدأت أتلو الأيات القرآنية.

إلى اللقاء فى الحلقة الثامنة عشر

.

#شادية #مذكرات_شادية

مذكرات شادية  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن