الحلقة الرابعة

72 4 0
                                    

مذكرات شادية ❤️
بقلم ايريس نظمي
-------------------
(الحلقة الرابعة)
-------------------
كانت هذه أول تجربة لي مع السينما.. وكان أسمي الفني «هدي».. لكن من حُسن حظي أن هذا الفيلم الفاشل مر بسلام ولم يشعر به أحد.. وحاولت أن أنسي هذا الفيلم نهائيا بل حاولت أن أخرجه من حياتي نهائيا.. حتي أستطيع أن أستمر وأبدأ صفحة جديدة علي شاشة السينما،
كنت أتمني أن أظهر في فيلم ناجح مع فنانين مشهورين معروفين يحبهم الناس.. وكنت أحلم بأن أقف أمام فنان مشهور مثل محمد فوزي الذي كان له ألوف المعجبين والمعجبات.. كنت أنا أيضا من المعجبين به.
وكانت المرة الأولي التي عرفته فيها يوم أن شاهدت فيلم «مجد ودموع» وهو يمثل مع نور الهدي.. وذهبت مرة أخري.. بل ومرات كثيرة لمشاهدة نفس الفيلم.. أعجبتني ملامحه كما أعجبني صوته الجميل.. وأحببته أكثر مع أغاني «الماضي المجهول» التي غنتها ليلي مراد وكانت من ألحانه هو.
ولم أكن أعرف أن القدر سيحقق لي أمنية كبري.. أمنية الوقوف وجها لوجه أمام مطربي المفضل محمد فوزي في فيلم واحد.. كان حلمي رفلة يبحث في ذلك الوقت عن وجه جديد يسند إليه البطولة الغنائية أمام محمد فوزي في فيلم «العقل في أجازة».. وهو أول إنتاج سينمائي لمحمد فوزي..وأيضا أول إخراج لحلمي رفلة.. وكان بالنسبة لي أول فرصة بطولة علي الشاشة.
والذي حدث أن أحمد بدرخان تحدث عني مع حلمي رفلة قال له إنها تجيد الغناء وصوتها جميل.. واستدعاني حلمي رفلة وأجري لي إختبارا أمام الكاميرا.. وكادت أعصابي أن تحترق وأنا أنتظر النتيجة.. وقلت لحلمي رفلة إنني أجيد الغناء أيضا.. وغنيت له «بتبص لي كده ليه».. وقلت له أيضا أنني أمثل في فيلم يخرجه «محمد عبدالجواد».. لكن حلمي رفلة رد قائلا.. «مش معقول أرشحك لدور بطولة في الوقت الذي تظهرين فيه ككومبارس في فيلم آخر»..
وأسرع حلمي رفلة إلي التليفون وطلب محمد عبدالجواد واستأذنه في عدم ظهوري في فيلمه.. وقال له محمد عبدالجواد.. «إن المشهد الذي تظهر فيه لايستغرق سوي دقائق معدودة ولو حذفناه فإن الفيلم لن يتأثر بشئ».
ووافق محمد عبدالجواد علي إنسحابي من فيلمه من أجل حلمي رفلة الذي وقع معي عقدا ولكني عندما وقعت علي العقد باسمي «فاطمة شاكر» قال لي حلمي رفلة.. أكتبي الشهيرة بشادية.. وكان حلمي رفلة هو الذي أطلق علي اسمي الفني الجديد «شادية».. وقال مبتسما «مبروك ياشادية».. وأصبحت شادية.
وكان دوري في الفيلم هو دور فتاة ريفية تحضر إلي القاهرة لتقيم مع أقاربها ولكن الكراهية تملأ قلوب هؤلاء الأقارب عندما تصبح فجأة (وارثة) وغنية جدا أما (محمد فوزي) أبن الأسرة فقد كان الوحيد المتعاطف معي.. ويتزوجني في نهاية الفيلم.

وأحببت محمد فوزي

ومازلت أذكر ذلك اليوم الذي وقفت فيه لأول مرة تحت الأضواء الساطعة.. كان حلمي رفلة يدخلني من باب لأري ديكور الشقة التي يجري فيها التصوير ثم يخرجني من باب آخر.. واستمر الحال بهذه الصورة لمدة ثلاثة أيام.. وهو يدخلني ويخرجني دون أن أتكلم أو أنطق بكلمة واحدة.. لدرجة أن والدي فقد صبره وتقدم من حلمي رقلة قائلا:
إيه ده ياأستاذ حلمي.. هو دور صامت وألا إيه؟ والله بنتي بتعرف تتكلم..
ورد حلمي رفلة بدهشة..
أنا أعلم أنها تجيد الكلام.. ولكني أتعمد ذلك معها حتي تتعود علي الوقوف أمام الكاميرا وتحت الأضواء لكيلا تشعر بالرهبة والخوف.. وعلي أي حال فهي ستتكلم اليوم..
وفرحت جدا لأني سأتكلم أمام الكاميرا.. وجاء مساعد المخرج وكان أيامها عاطف سالم لكي يعلمني الجملة التي سأقولها والتي مازلت أذكرها حتي اليوم.. كنت أوجه كلامي إلي ليلي فوزي قائلة وأنا أجلس فوق السلم:
عال قوي.. أدي اللي ناقص.. بتشاغلي السواق.. مافاضلشي غير السواق كمان.
كانت هذه الجملة التي من المفروض أن أقولها.. لكني كنت أقول «عال قوي».. ثم يضيع صوتي بعد ذلك ولا أنطق.. لأن الكلمات كانت تخرج من بطني.. وتضيع الكلمات من فمي لأقول آخر الجملة «سواق كمان» كنت أقول بداية الجملة وآخرها فقط.. ويسألني حلمي رفلة لماذا لاتتكلمين؟
فأقول له:
والله باقول ياأستاذ حلمي..
وأوقف حلمي رفلة التصوير وجاء ليشجعني بحب وعطف حتي استطعت أخيرا السيطرة علي أعصابي.. وبدأت أتكلم بطريقة طبيعية.. كان الموقف صعبا بالنسبة لي.. لكنه موقف لا ينسي أبدا.
وجاء اليوم الذي تحققت فيه أحلامي.. اليوم الذي وقفت فيه لأول مرة أمام مطربي المفضل محمد فوزي.. ووجدته إنسانا رقيقا مهذبا.. وكاد الإعجاب يتحول إلي حب.. لكنه حب التلميذة للأستاذ الذي كان دائما يوجهني بإرشاداته وانتزع من قلبي الخوف.. وشعرت معه بالأمان تحت الأضواء الساطعة.. ولم أعد أتهيب الكاميرا وأخشاها وهي تقترب من وجهي..
ولم أعد أيضا أشعر بتلك القشعريرة التي كانت تسري في جسدي كلما وقفت أمام محمد فوزي.
وليلة عرض الفيلم لأول مرة سمعت الجمهور وهو يهتف باسمي الجديد «شادية».. «شادية» وكانت لحظة من لحظات العمر الرائعة.. وبكيت من شدة الفرح.. فقد كان يوم عرض فيلم «العقل في أجازة» هو يوم ميلادي الفني..
ولم يكن آخر فيلم ألتقي فيه مع الفنان محمد فوزي.. بل إلتقينا بعد ذلك في فيلم «الروح والجسد».. وفيلم «صاحبة الملاليم» وكانت أول أغنية يلحنها لي هي «وقفوا الخطاب علي الباب ياأمة».. وكانت أيضا أول تسجيل بصوتي.. وأول اسطوانة تحمل اسمي في الأسواق..
وكونا معا «دويتو» وظللنا فترة نغني معا.. وأصبحت صداقتنا أقوي بهذا الارتباط الفني مع إنسان أحترمه كثيرا.
لكن هذا النجاح كان مشكلة لأمي وأبي.. لأنهما كانا يخشيان أن يتركاني وحدي.. كانت أمي تحرص علي الذهاب معي في الصباح لتتولاني برعايتها وتحضر لي الغذاء والفيتامينات لمقاومة الإرهاق والتعب.. فقد كنت ماأزال صغيرة السن ولم تكن صحتي تتحمل الوقوف لساعات طويلة أمام الكاميرا والتنقل من مكان إلي مكان وبذل كل هذا المجهود الكبير.
أما أبي حبيبي فكان يحضر إلي البيت بعد انتهاء عمله ليتناول الغداء ويستريح قليلا ثم يتجه إلي الاستوديو حاملا لي الشيكولاتة والحلوي ويظل معي في الاستوديو حتي ينتهي التصوير وأعود معه إلي البيت.. لقد تعلمت من والدي الكثير.. تعلمت منه كيف

مذكرات شادية  जहाँ कहानियाँ रहती हैं। अभी खोजें