الفصل العاشر
رجاءاً التصويت إذا تكرمتم (*)
وصلت رحمة صباحاً للبِناية التي تحوي مقر عملها وما إن تخطّت الباب الخارجي والِجة نحو الداخل لتجد من يهتف خلفها بصوت كريه أجفل أذنيها
: هو القمر بقى بيطلع بالنهار ولّا إيه يا جدعان
التفتت تطالع ذلك المُتبجّح لتجد أمامها شخص ضخم الهيئة، فارِه الطول، ذو بشرة قمحية داكنة وبوجهه أثر لجرح غائر امتد بطول إحدى وجنتيه، كما تبدو عليه ملامح الإجرام
فرمقته بغضب واحتقار قائلة : لِم نفسك يا جدع انت وامشي من أودامي أحسنلك.
____: ليه بس كده يا ست الحسن والجمال ده أنا حتى غرضي شريف وجاى اطلب القرب و أنول الرضى والقبول.
رحمة : بلا قرب بلا زفت، أمشي بدل ما أصوت وألم عليك الشارع كله
____: صوتي براحتك وأنا هطلع لصاحب الشركة وافضحك وأقولّه إن أخوكي حرامي و رَد سجون وإنك انتي كمان حرامية وناوية تسرقيه، وساعتها أكيد هيرفدك.
رحمة بذُعر : إنت مين وعاوز منّي إيه؟
وقبل أن يجيبها أشارت نحوه بسبّابتها بعد أن قَطّبت ما بين حاجبيها وهي تُدقّق النظر به مردفة : ثواني ثواني، أنا شوفتك فين قبل كده؟
_____: في السجن مع أخوكي يا قطة.
نعم نعم، وها هو قد حل لها لغز تهديده الأرعن، والثقة المُنبعثة من حديثه والمطلة من عينيه.
قطع صمتها و أردف مُعرفاً بنفسه : محسوبك شعبان و شُهرتي "أبو سريع " راجل مَجدَع و تاجر ملو هدومي وبلَغوِة الحلوين اللي زيك بِسبِس مان أد الدنيا، ومن يوم ماشوفتك بتزوري المحروس اخوكي عششتي في قلبي وحلفت طلاق تلاتة ما تكوني لحد غيري،ولسة خارج من اللومان طازة وقولت آجي أمَلّي عيني بشوفتك وجمالك واعرّفك عشان تجهزي نفسك وكل طلباتك مُجابة ، شاوري بس يا سَنيورة وكل اللي تحلمي بيه هيكون تحت رجليكي.
رحمة بغضب وعنف : هو أنت عبيط ولّا مُتخلف، عموماً بص يا ابو جلمبو انت أنا مش ناوية اتجوز خالص و مش عاوزة منك حاجة غير إنك تغور من وشي حالاً ومش عاوزة أشوف وشك تاني وإلا هبلغ عنك.
أبو سريع وهو يتلاعب بحاجبيه : أموت أنا في القطط الشرسة اللي زيك اللي تبان من برة مخربشة وعنيفة كده ، و هي من جواها أبيض ياورد ، ومغمضة خالص ، بس بعون الله هتفّتحي عنيكي على الدنيا على أيدي أنا ياسَنيورة.
رحمة : هو انت مبتسمعش وكمان مبتفهمش، قولتلك مش بتجوز، وياريت تمشي بقى انت معطّلني عن شغلي.
اقترب منها أكثر وأحكم قبضته فوق مِعصمها وباغتها بطي ذراعها خلف ظهرها وقرّب فمه العَفِن برائحة التبغ المُنبعثة منه نحو أذنها يبُث كلماته كفحيح الأفاعي
: لأ إسمعي بقى أما أقولك مش المعلم أبو سريع اللي النسوان بتترمى تحت رجليه ويستمنو بس أبصلهم تيجي حتة بت مفعوصة زيك وتستعصى عليا، وأنا اللي بعوزه بَطولُه، فخليها برضاكي أحسن بدل ما يبقى غصبن عنّك، وعلى فكرة متحاوليش تهربي منّي عشان عارف عنك كل حاجة وكل مكان بتروحيه، من شغلك لبيت عمك للبنك لكل مطرح رجلك الحلوة دي بتدب فيه، ده غير أخوكي اللي تحت رحمة صُبياني اللي معاه فنفس الزنزانة وبإشارة واحدة مني ممكن يجيلك خَبرُه، فخليكي عاقلة كده واسمعي الكلام وخافي علي نفسك واخوكي واتّقي شرّي.
كانت تستمع لحديثه بارتجاف وهي تحاول مقاومته والتّملُّص من بين براثنه ولكن هيهات فهي مُقارنة به مُجرد قطة رقيقة هشة تُصارع ذئباً أقسم على امتلاك فريسته والفوز بها ، ولكن عند وصوله لتهديدها بأخيها دب الرعب بقلبها وتّملّكها الفزع أكثر مما سبق فقررت مراوغته لتحظى ببعض الوقت للخروج من ذلك المأزق
: طب سيب إيدي الأول عشان وجعتني، وإديني فرصة أفكّر، شهر كده ولا اتنين وهبقى أرد عليك.
أبو سريع : هو أسبوع واحد مفيش غيرُه ياتوافقي، يا تقري الفاتحة على روح أخوكي وتقولي على وشّك الحلو ده يا رحمن يارحيم أصلك مش هتقدري حتى تشوفي نفسك في المراية من اللي هعمله فيكي.
أنهى حديثه بل تهديداته وهو يترك يدها بعنف مما أثار اشمئزازها فوق ماتشعر به من رعب وهلع.
رحمة وهي تفر من أمامه سريعاً : أرجوك إمشي بقى قبل ما حد يشوفك
ماشي، سلام يا... هه يا قطة.
أتبع تحيته بإرسال قُبلة لها عبر الهواء وهو يراها تصعد الدرج بلمح البصر.
كم باتت تكره جمالها الذي أضحى كذنبٍ تُعاقَب عليه وهي التي لم تقترفه قط.
هل أصبح للجمال ضريبة لابد من أدائِها
لو كان الأمر بيدها لتنازلت عنه كي تنعم بحياة هادئة بعيداً عن معشر الرجال بأكمله، ولكن ما باليد حيلة.
وصلت لمكتبها سريعاً تهاتف صديقتها ومنقذتها تستجير بها للنجاة من الهلاك القادم.
*********
بمنزل محمود
جلس برفقة زوجته لاحتساء الشاي
محمود : مش عارف اعمل إيه معاها، سالم لسة عنده أمل انها توافق وكل ما يقابلني في الجامع يكلمني ويقولّي حاول معاها، عاوز اطمن من ناحيتها وفنفس الوقت خايف أضغط عليها نرجع نندم ويبقى حظها زي بنتك سماح وكل شوية الاقيها راجعة غضبانة.
دلال : الشهادة لله رحمة بت حلال وكِيف الجَمَر وتستاهل ألف مين يتمنّاها، وبعدين مالها بتّي يا ابو عبده؟! ماهو ابن أخوي معيشها أحلاها عيشة وشايلها من على الأرض شيل، بتّك اللي جويه وعتتبطّر على نعمة ربنا، هي اللي معتستحملش چوزها.
محمود : خليكي انتي كده تبقي حقّانية مع الناس كلها وتيجي لحد بنتك وجوزها وتفضلي تدافعي عنه عشان خايفة على زعل اخوكي.
دلال : وماله أخوي يا..
لم تكمل حديثها فقد قاطعها رنين جرس الباب الذي يصدح بقوة فأسرعت لفتحه فوجدت ابنتها تُلقي بجسدها داخل أحضانها باكية وجوارها طفلان قد تسللا سريعاً للداخل حيث محمود .
: ماما وحشتيني
دلال : خير يا نَضَري عتبكي ليه وفين چوزك؟
سماح : متجبيليش سيرته أنا خلاص تعبت وعاوزة اطّلق
**************
وصل عاصم مُتخلّفاً عن موعِده المُعتاد ليجدها تنتحب ووجهها مُلطْخ بآثار البكاء وجوارها تلك الصديقة تحتضنها و تحاول تهدئتها ومواساتها، وعند اقترابه منهما تسلل لأذنيه كلمات الأخيرة آمرة لها بحزم : يبقى لازم تتجوزي العريس اللي عمك جابهولك يارحمة عشان يحميكي، مفيش حل غير الجواز.
أنتبهتا الآن على وجود ذلك العاصم أمامهما فانتفضتا بذعرٍ لاحظه هو كذلك.
فأسرعت هبة تتوجه له بالاعتذار كي تمنعه من توبيخ تلك التي اكتفت من ندبات الحياة ومآسيها
:أنا آسفة يا افندم إني جيت، ورحمة أصلا مكنتش تعرف إن هاجي بس قلقت عليها وجيت أطمن وهمشي على طول.
عاصم : مفيش مشكلة ده مكانك
أعاد بصره لتلك التي شَحَبَ وجهها كشحوب الموتى
: مالك يارحمة بتعيطي ليه؟
رحمة وهي تمسح قطراتها المتساقطة : لأ أنا مش بعيط ولا حاجة، دقيقة وهجيب لحضرتك الملف اللي طلبت مني اخلصه انبارح.
عاصم بعنف : سيبك من الملف دلوقتي واقعدي كده وقوليلي مالك؟ حد عملك حاجة؟ انطقي
حاولت صديقتها إنقاذ الموقف قبل أن تجيبه رحمة وتكشف كل شيء فأسرعت تنسج خيوط كذبتها التي هوت على رأسها كتفاحة نيوتن : أصل يا افندم عمها جايبلها عريس ومصمم يجوزهولها وهي مش موافقة، وهما أصلهم صعايدة ومفيش عندهم بنت بتفضل لحد سِنّها ده من غير جواز، وللأسف متقدرش تعترض عشان ميقلبش عليها.
جحظت عيناها ببداية الأمر من ذلك الهُراء الذي تهذي به صديقتها ولكن سرعان ما استساغت الفكرة وأمالت برأسها عدة مرات كتأكيد على حديثها
: آه.. آه.. هو كده بالظبط ، معلش يامستر عاصم إن دوشت حضرتك بمشاكلي الخاصة ، بس مش هتتكرر تاني والله، ولو حضرتك متضايق مني أنا ممكن أسيب الشغل فوراً.
عاصم بغرور : ما انتي فعلاً هتسيبي الشغل، بس لسة شوية مش دلوقتي.
وها هي قد أصابتها صدمة جديدة، ألم يكفيها ما بها؟
رحمة بتلعثم : حض.. حضرتك. بت.. قول إيه؟ هو أنا عملت حاجة غلط في شغلي؟
عاصم : هتعرفي بعدين إنتي عملتي إيه، يلا خلصي رغي مع صاحبتك وهاتيلي الملف.
هبة : أنا أسفة مرة تانية، وبجد رحمة ملهاش ذنب
عاصم : سماح المرة دي لأنها هتبقى آخر مرة تزوريها هنا، وياريت بعد كده تبقي تزوريها في بيتها إن شاء الله.
يا إلهي
أكاد أُجزِم أن كلتاهما على وشك إلقاء ذلك الحاسوب بوجهه، أو تصويب تلك الأكواب الكبيرة نحو جبهته وتهشيمها انتقاماً من غلاظَته وسماجَته.
أما هو فقد سكب عليهما كلماته وتركهما ودلف مكتبه
هبة : الراجل ده غامض أوي وكلامه غير مُبَشّر بالخير أبداً، حاسة إنه عرف عنك حاجة وشاكك فيكي.
رحمة : أنا خلاص تعبت مش عارفة ألاقيها منين ولا منين بس ياربّي، ده شكله ناويلي على نية سودة، شوفتي كان واثق أوي ازاي وبيشدد على كلامه وهو بيقول إني هسيب الشغل قريب؟
هبة : رحمة انتي لازم تمشي من هنا حالاً، كفاية اللي انتي عملتيه ، وباقي حق شريف ربنا هياخده، الراجل ده شكله مُريب ومضمنش هيعمل فيكي إيه.
رحمة : فعلاً عندك حق، أنا مرعوبة منه ومن كلامه ربنا يستر، إمشي انتي دلوقتي وانا هدخله الورق وهتحجج بأي حاجة عشان اسيب الشغل، مش هعرف اخرج من البيت لأن اكيد البيه التاني هيفضل يطاردني.
هبة : خليني معاكي أضمن بدل ما يعمل فيكي حاجة.
رحمة : لأ امشي انتي وربنا يستر بقى، وكمان عم حامد موجود ما تقلقيش، ولو اتقفلت في وشي على الآخر هعترفله بالحقيقة كلها عشان اخلص ويسيبني.
هبة : ربنا معاكي، إبقي طمنيني أول ما تخلصي.
رحمة : حاضر
. ************
بعد حوالي ساعتين
: مساء الخير عاصم في مكتبه لو سمحتِ؟
أشاحت بوجهها عن الحاسوب تطالع بانبهار تلك الجميلة التي تحادثها.
رحمة : أيوة ياافندم أقولّه مين حضرتك؟
بينما هي تنهي استفسارها وجدت عاصم يخرج من مكتبه هاتفاً لتلك الجميلة : وانا اقول الشركة بقت بتضوي كده ليه ، أتاري النور كله عندنا.
اقتربت منه تحتضنه وتُقَبّله بإحدى وجنتيه وهي تنظر باتجاه رحمة التي أخفضت وجهها خجلاً من فعلتها فبادلها هو قبلتها بأخرى حنونة على وجنتها
: وحشتني أوي يا حبيبي.
عاصم : وإنتي أكتر يا حبيبتي.
أخذت تتأفف من وقاحتهما وقد تأكدت ظنونها به وأنه على علاقة بامرأة ما، وها هي الآن صاحبة الصوت الذي سمعته مسبقاً شاخصة أمامها، ولكن ما هذا الذي يفعلانه سوياً على مرآها، ألا يدريان شيئاً عن الحياء والاحتشام؟!
أخرجها مما يجول بخُلدِها صوته مشيراً نحوها :
أعرّفك بقى برحمة أشطر واحدة اشتغلت معايا، وهي اللي شايلة الشغل كله على كتافها من وقت ما جت.
: أهلا يا رحمة اتشرفت بمعرفتك
قابلت ترحابها بامتعاض وابتسامة سمجة لم تصل لعينيها : أهلاً
عاصم : دي نور أختي يا رحمة
وها هي صدمة جديدة جعلتها تفتح فمها كالبلهاء لوهلة ثم أتبعته بابتسامة عريضة مِلئ فيها وهي تمد يدها لترحب بها من جديد على طريقتها : بجد؟!، أهلاً وسهلاً بحضرتك نورتينا والله، أنا أسفة مكنتش أعرف حضرتك.
نور : حضرتك حضرتك، إيه يا رحمة انتي شيفاني عجوزة للدرجة دي
رحمة : لا بالعكس والله ده حضرتك في قمة الجمال والأناقة.
نور : يبقى تبطلي كلمة حضرتك دي، أنا اسمي نور وبس، على فكرة عاصم حكالي عنك كتير وشكلنا هنبقى صحاب لو يعني تسمحي.
رحمة : يا خبر، هو أنا أطول
نور : طب هاتي رقمك بقى عشان ابقى اكلمك.
تدخل عاصم لإنهاء ذلك التعارف فكعادة جميع النساء حين تبدأ ثرثرتها تنجذب لا إرادياً نحو ما لا نهاية و ليذهب العالم من حولهن إلى الجحيم
: كفاية بقى يا نور ، بعدين تبقو تتعرفوا على بعض براحتكو، يلا معايا على المكتب.
تتبعت آثارهما بناظريها حتى اختفيا داخل المكتب فجلست على مقعدها تتنهد ببعض الارتياح.
أصبحت مُتيقنة بتلك الفترة أنها لازالت غير قادرة على إدراك حقيقة الأمور، فقد ساقتها سذاجتها لاعتقادات خاطئة، دفعتها لإسقاط أحكام جائرة على مَن حولها.
*****
بأحد المقاهي القديمة
يجلس أحدهم برفقة إحداهم ويبدو أن هناك مشاجرة أوشكت على النشوب بينهما
** : لأ يا حلوة هو ده حقك وملكيش عندي أكتر من كده، ولو كلمة طلعت منك هروح اقولّهم إنك انتي اللي وزّتيني عليها وانك واخدة نصيبك من العملية من زمان.
: نعم نعم ياسي علي، ده انا جيبالك جوازة متقشّرة زي اللوز، وأخدت من وراها ييجي ربع مليون وجاي في الآخر ترميلي ملاليم وتقولّي ده حقك، جاك كسر حُقك يا حرامي و ديني مانا سيباك.
أسرع يكتم فمها وهو ينظر حوله خشية أن يسمعها أحد : بس اكتمي، هو مشافوهمش وهما بيسرقوا وشافوهم وهما بيتقاسموا، يا ولية هتودينا في داهية الله يخربيتك، وبعدين يا اختي انتي ناسية المصاريف اللي اتصرفت عليها والفُسح والعربية والشقة اللي أجّرناهم، وبعدين هو انتي كنتي تعبتي في ايه ولّا عملتي إيه غير شوية الكلام اللي بَخّتيهم في ودانهم وخلاهم يشبطوا في الجوازة، وجاية تقوليلي على الأربعين ألف ملاليم؟! متبقيش مُفترية يا أم عباس وخدي الفلوس واحمدي ربنا.
أم عباس : أهو الكلمتين اللي بتستهر بيهم دول يااخويا هما اللي خلوهم هيتجننوا عليك ودابوا في دباديبك من قبل ما يشوفوا خِلقتك يا سي علي، بقولك إيه، قفّلهم خمسين ونبقى حبايب ويا دار ما دخلك شر.
علي: ماشي يا أم عباس مش هزعلك خدي دول دلوقتي و هبقى أجيبلك العشرة الباقيين بعدين بس بشرط كل فترة كده توقّعيلي واحدة تكون دفيانة ونايمة علي خميرة تقيلة، بس تكون حلوة.
أم عباس بعد أن جذبت الحقيبة الصغيرة منه واحتضنتها بجشع : من عنيا يا أبو عِلوة
علي : إخفي بقى من وشّي لا يكون حد منهم قاطرك ونروح في داهية، وهبقى اكلمك تقابليني وتاخدي باقي فلوسك.
نهضت سريعا مُمتثلة لأمره : ماشي لما اشوف أخرتها معاك، فوتّك بعافية يا سي علي..
****************
اليوم هو موعد خروجه من محبس التأديب "الإنفرادي" عقب المعركة الطاحنة التي نشبت بينه وبين أحد أتباع أبو سريع والتي انتهت بالزج بكل منهما بزنزانة منفردة، وللأسف من سوء حظه المعتاد فالضابط الذي يهتم لأمره لم يعد من عُطلته الطويلة بعد، فتعالت صرخاته توسلاً بالجندي الذي يسحبه مُكبّلاً وبذلك الصول الذي يرافقهما وعلى وجهه ابتسامة ساخرة لم يدرك شريف مغزاها حتى الآن.
: أرجووووك عاوز أروح للمأمور، طب ياحضرة الصول بالله عليك ودوني عنده دي مسألة حياة أو موت، يا ناس حرام عليكم أختي هتروح فداهية، خلوني ألحقهاااااا
لم تهتز شعرة لكلاهما وما كان من ذلك الصول الثمين سوى الاقتراب من شريف وتكوير قبضته الغليظة ولكمه بوجهه كي يُسكته
يبدو أن توصية أبو سريع وإكرامياته لحرس السجن قبل مغادرته بدأت تؤتي ثمارها جيداً على حساب ذلك البائس .
_________________
وأخيراً انتهى ذلك اليوم الحافل بما لا تطيق.
كم أرادت أن تذهب حالاً لفراشها وتتدثر به جيداً تاركة خلفها كل ما حدث كمحاولة لنفض تلك الجعجعة الصاخبة بذهنها والهرب من ذلك العالم المرير الذي مَلَّتهُ.
ولكن هل يفر المرء من قَدَرهِ؟!
أيُعقل أن ينتهي يومها بسلام هكذا دون أن تفاجئها الحياة بصدمة جديدة تودي بها
وصلت لذلك الباب الموصَد أمامها وهمّت تفتحه ولم تَكَدْ تخطو خُطوة واحدة نحو الدَّرَج فوجدت من يجذبها من مِرفقها عائداً بها للخلف
: رحمة تقبلي تتجوزيني ؟
_____________
رصاصة الرحمة
بقلم ( أمل الريفي)