الفصل الثامن

139 9 2
                                    

  الفصل الثامن

رجاءاً التصويت اذا تكرمتم (*)

جلست بأريحية شديدة فوق مقعدها الوثير خلف  مكتبها الخشبي الأنيق تبتسم بسعادة وتلمع عيناها بانتصار على اجتيازها الخُطْوَة الثانية  بطريق الانتقام الذي سلكته بإرادتها . والذي أيقنت مؤخراً أنه طريق عاثِر ذو اتجاه وحيد فطالما بدأته لا يمكنها التراجع عنه  ولا سبيل للعودة لنقطة البداية ... إذن فلتمضي به قُدُماً حتى تُدرِك نهايته.

وها هو مشروبها المُفضل قد جلبه لها العم حامد عامل البوفيه، وتبدو عليه ملامح الحزن والانكسار، ليضعه أمامها قائلاً : اتفضلي الشاي  يا أستاذة رحمة.

اعتدلت تتفحص هيئته المُجهَدة  مُجيبة : شكراً يا عم حامد.
وأردفت سريعاً قبل انصرافه : مالك ياعم حامد انت تعبان ولا حاجة؟

العم حامد بألم : مقهور يا بنتي على الأستاذ عاصم واللي جراله، ده ميستاهلش كده أبداً.

رحمة : معلش ياعم حامد انهاردة هنعرف ايه اللي هيحصل، يا يخرج بكفالة، يا للأسف الحبس يتجدد.

العم حامد : ربنا ينجيه ويرجعه بالسلامة، ده هو اللي فاتح بيتي، وكمان بيصرف على علاج بنتي المريضة.

استرعت كلماته انتباهها وأثارت فضولها لمعرفة المزيد فأسرعت تشير له بالجلوس قائلة : طب أقعد يا عم حامد، مالها بنتك ألف سلامة عليها؟

أخذ يجيبها وهو يجلس بالمقعد المقابل لها : الله يسلمك يا أستاذة رحمة، دي شابة زي القمر زي حضرتك وكانت سليمة وكويسة بس من كام سنة خبطتها عربية وللأسف رجليها اتصابت جامد و بقت عاجزة عن الحركة، وساعتها قابلني أستاذ عاصم في المستشفى وكنت راجل على باب الله، ولما عرف ظروفي وقف جنبي لحد ما بنتي خرجت من المستشفى وبعدها بقا متكفل بعلاجها وجابني شغلني معاه هنا، هروح فين بس وهعمل ايه لو المكتب ده اتقفل وعيشي اتقطع؟
منه لله المؤذي اللي كان السبب، حسبي الله ونعم الوكيل.
انهى دعاؤه ناهضاً ليكمل : معلش عن إذنك يابنتي أصلي الظهر، ولو عرفتي حاجة ابقي قوليلي.

رحمة بشرود : اتفضل ياعم حامد.

أرجعت رأسها للخلف تاركة العنان لأفكارها المُذَبذَبة تعصف بها من جديد وتثير الكثير من الجَلَبَة داخل عقلها المُشَوَّش نتيجة كلمات ذاك العجوز المُنهَك

وبالنهاية

بعد ذلك  الصراع المُحتدم بداخلها، استقر هُداها    لتلك الفكرة التي استساغتها كثيرا
حتماً  هو من صدم الفتاة بالتأكيد وأراد التكفير عن ذنبه حتى لا يفتضح أمره مثلما فعل معها تماماً. نعم نعم هو كذلك.
بالطبع هذا ما هيأه لها عقلها وأقنعها به، أما الحقيقة الغائبة ـ  إذا كان نسج مُخيلتها صحيح أم مجرد إسقاط وهمي نتيجة مخزون عقلها الباطن عن ذلك العاصم ـ فهي مستترة  بغيب الله، وبقلب عاصم.

رصاصة الرحمةWhere stories live. Discover now