الفصل الثالث عشر

273 8 8
                                    

الفصل الثالث عشر

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه
وإن بناها بشر خاب بانيها

"الإمام علي بن أبي طالب"

بأحد المشافي الحكومية الرَثَّة التي تفوح منها رائحة الإهمال والفساد ، حيث تتصارع القِطط بين الأسِرّة لالتقاط فُتات الطعام وبقاياه المُلقاة أرضاً بذلك العنبر المأهول بالمرضى

ها هى تلك البائسة المُمدَّدة على الفراش الطبي دون أدنى إرادة منها، عقب إفاقتها من العملية الجراحية التي أُجريت لها وقد غُرِس بعنقها أنبوباً يمدها ببعض المحاليل الطبية ويلتف حولها ذويها بأول حدث يجمع تلك العائلة المُشتتة التي طالما عاش كل فرد منها لنفسه فقط

وقف الطبيب يخبرهم بتدهور الحالة و دنو الأجل، وأن وجودها بالمشفى أصبح بلا جدوى ، غير مُبالي بتلك الطريحة التي تُنازع الموت وأشباحه وتود لو يعطيها بادِرة أمل تجعلها تتشبث بالحياة..

الطبيب : للأسف الجنين كان ميت في بطنها من أيام، واضطرينا نستأصل  الرحم، وبسبب الأنيميا اللي عندها حصلها نزيف حاد، ده غير إن جالها ميكروب نادر في الدم ملهوش علاج عملها تسمم كامل ، وجسمها مش هيقبل أى دم خارجي، يعني مسألة ساعات وكل أعضاء وأجهزة جسمها هتتسمم وتعطل وحياتها تنتهي، خدوها أحسن على البيت لأن قعدتها هنا مش هتفيد بحاجة وفي مرضى تانيين محتاجين السرير اللي هى نايمة عليه ده

غادر بعد أن ألقى كلماته بعملية شديدة ونبرة جادة لم تحمل الشك وكأنه أمر معتاد بالنسبة له كمن تجرد من كل معاني الإنسانية وأبسط مبادئ الطب التي أقسم عليها مسبقاً.

لحق أخيها ووالدها بالطبيب لإنهاء إجراءات خروجها من المشفى
بينما وقفت والدتها تلطم وجهها وتنتحب بعويل نادمة على ما فعلته بابنتها طيلة الأيام الماضية كي تتخلص من جنينها وهاهي ستتخلص من ابنتها أيضا بلا رجعة

أما عنها فلم تستطع فعل شيء سوى إشارة واهنة لوالدتها كى تدنو منها.
لبَّتها سريعاً و اقتربت منها تحتضنها فهمست بأنفاس مُتحشرجة

" هاتيلي رحمة.... وهــبـــة"

**********

بمكان آخر عبر مكالمة هاتفية

مجهول بصياح : إزاى الكلام ده؟ يعني خلاص نسيها ورماها ورا ضهره ورجع يعيش حياته تاني وكأن اللي راحت دي متسواش، مش مكفيه إنه قتلها وحرمني منها

ــــــــــ : والله أنا زعلانة اكتر منك علشان كده قولت اعرّفك لإن مش هاين عليا إنك تفضل دافن نفسك بالحيا كده في حزنك ومش عارف تعيش ولا تفرح وهو للأسف مش هامه حد غير نفسه وعمال يتمتع بفلوسك ويبعزقها على واحدة متستاهلش

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jan 19, 2021 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

رصاصة الرحمةWhere stories live. Discover now