النهاية ما هي إلا إعادة صياغة للبداية،
فأصعب شيء في الحياة هي البدايات؛ لأنه عليها تترب كل الحماقات اللاحقة.
__________________________________
" يشرفني أن أقدم نفسي للحضور هنا، معكم سون تشايونغ عميل بالقوات الكورية الخاصة و حاليا الوسط بينكم و بين القيادة ".
قالتها تلك الشابة العشرينية ليعم بعدها صمت مهيب على الجالسين ، و كأن على رؤوسهم الطير و كان أول من كسر ذلك الهدوك جاكسون بقوله.
" أنت ماذا؟ الوسيط؟ هل حقا الوسيط فتاة! "
" و ماذا بها الفتاة يا سيد؟ أنا واثقة أنها إجدر منك " هنا تكلمت أتالانتا دفاعا عن ابنة جنسها لتكمل
" تعالي عزيزتي تفضلي بالجلوس، لكن عذرا ماكان إسمك؟"
سمعتها الأخرى لتضحك " سون تشايونغ، يمكنك مناداتي بما تريدين".
" لا تقلقي سأعتاد على الاسم " تحدثت لتسمع بعدها صوت نامجون يتساءل
" آنسة سون أرجو من حضرتك أن تفهميني سبب تواجدك معنا فقد كنت على تواصل مع القيادة بنفسي قبل يومين. "
" آه فيما يخص ذلك الأمر، سابقا تم إعلامي أنني سأكون مجرد وسيط ينقل أوامر القادة، َ لكن البارحة فقط أخبروني أنه لم يجدّ أي شيء بالقضيةعل الرغم من مرور فترة على بعثكم، لذا كان عليَ السفر لليونان فجر اليوم للتحري حول الأمر و كذلك لأكون طرفاً بها " أنهت كلامها لتنتظر موجة صياح لكنه خالف كل توقعاتها.
" حسناً بما أنكِ مبعوثة من عند القادة، فلا بمكننا فعل شيء لأنهم أدرى بما يفعلون، لذا مرحبا بك معنا تشايونغ " أجابها نامجون بكل ذرة هدوء يملكها فبالأخير هي لا ذنب لها إن كانت القضية شبه معدومة الحل.
" لكن فقط سؤال لماذا أحس أني رأيتكِ من قبل؟" سألها جاك قبل أن تسحبها أتلانتا معها.
" لقد تدهور مستوى مغازلتك جاك حقا " علق جين بسخرية.
" لا صدقا لست أمزح، أشعر كما لو أنني أعرفها مسبقا" أكد لهم بينما تظهر من ملامحه الجدية.
******************************
بإحدى البحيرات المتواجدة داخل غابة موحشة، جلست نيكول متربعةً بوضعية اليوغا في سكون و هدوء تام تضع خريطة ورقية قديمة بالقرب من رجليها ، لتنطلق بعدها بلحظات معدودة طاقة كبيرة منها.
كانت تحيط بها هالة خضراء اللون تماثل لون شعرها الذي تطاير في الجو ، بدءت بالتمتمة بكلمات مبهمة ليسكن بعدها الجو و يعود كل شيء لمحله ، فتحت عينيها ببطء لتلاحظ أن هناك بقعة تومض بخفوت على سطح الخريطة.
إبتسمت بخبث لتفكر بصوت عالي
" حسناً ستبدء رحلتنا بأثينا إذن! ، جيد المكان جميل سنحظى بالمتعة هناك"
فرقعت أصابعها بعد أن قامت و عدلت ملابسها، لتظهر أمامها بوابة من العدم، إختفت ما إن دخلت منها.
عبرت لتجد نفسها بالقرب من مبنى كتب عليه " Hope Elementary School"
إنتظرت خارجا قرابة الربع ساعة ليرن بعدها الجرس معلناّ عن نهاية الدوام المدرسي.
من بين الطلاب الخارجين لمحت هدفها يجتاز بوابة المدرسة لتتمشى ناحيته بهدوء.
" لوسيتا مر وقت طويل" تكلمت نيكول بعد أن وصلا إلى حي فارغ.
" من ؟ نـيـكـول" قالت المدعوة لوسيتا بينما تطيل حروف إسم الأخرى لتكمل بتجهم
" يا لها من مفاجأة غير سارّة بالبتة"
" آآه هيا عزيزتي أعلم أنك إشتقتِ لي" أجابتها نيكول بسخرية ظاهرة
" نعم بدلالة فرحتي بك، حقا يال حظي"
" على كلٍ لوسيتا بالطبع لم آتي لأسمع ترحيباتك بي، الموضوع يخص السيدة عليك مساعدتي بما أنك الأدرى بهذه المدينة" تحدثت نيكول بجدية مطلقة لتتساءل الثانية.
" ما الأمر؟ ألم تكتمل عملية الجمع بعد؟"
" لا لقد تمت، لكن مازال العنصر الأساسي مفقود، و بما أنه لا يمكن الحصول على الختم أظن أن السيدة تدبرت أمر بديلٍ له "
" بديل للختم؟ لا يمكن هذا بدونه لا تكتمل التعويذة، ماهذا البديل أصلا؟"
" قلب التنين"
" قلب ماذا؟ هل تمزح معنا! الأمر معروف لكل معشر السحرة قلب التنين وُجد مرة واحد بهذه الألفية و أنتِ تعلمين فيما أستعمل " قالت لوسيتا بإستنكار بينما يعلو صوتها.
" لا أظن ذلك، إن كان ما إستعمل حينها قلب التنين لما أمرت السيدة بالبحث عنه، كما و إنه موجود بالفعل لقد تأكدت بنفسي من الأمر، لذا عزيزتي ستساعدينني بالتنقيب عنه ".
" هذا جنون ، مع ذلك لكِ دين لدي لذا سيكون هذا ثمنه"
إبتسمت نيكول إبتسامة باردة لا روح بها لتقول " جيد هيا إذن سنبدء بالغابات المحيطة "
" حسنا لكن ليس الآن لندعه بالليل لأن أثينا ليست مثل كورفو، هي قلب اليونان لا تنسي ذلك، على كل حال علي الذهاب، تعلمين كيف تصلينَ إلي وداعا " قالتها بغطرسة لتذهب بعدها بتمايل
" تلك الحقيرة شبيهة الخنزير ، أقسم لو لم تكوني ذات نفعٍ لي لكن تخلصت منك منذ زمن" تمتمت من بين أسنانها لتختفي كالسراب من بعدها.
******************************
كان يجلس بغرفته ضائعا بين حروف أحد كتب علم النفس لديه، يلتمس كل معنى تنطق به صفحاته، تاركاً نفسه لكومة فلسفةٍ لم و لن تتعبه بيوم.
رن هاتفه بنغمة الرسائل ليجد رسالة من رقم غير مسجل بهاتفه
_______________________
" هل أنت مشغول؟؟"
_______________________
إستغرب لبرهة ليقرر معرفة المرسل
_______________________
" عفوا من معي؟"
" عذرا، أنا أتالانتا أخذت رقمك من جين "
" آآه لا مشكلة، على أي حال نعم لست مشغول"
" ممتاز إذن لنلتقي بالحديقة"
" سأكون هناك بعد لحظات"
________________________
نزل إلى الأسفل ليجدها تجلس فوق إحدى الكراسي تحت شجرة ظل الياسمين، وقفت حالما لمحته يتجه ناحيتها.
" شكرا جزيلا لقدومك نامجون " شكرته بينما يجلسان
" لا داعي للشكر، فقط إستغربت من طلبك"
" أعلم كان من الغير المتوقع أن أتصل بك لكن لم أجد أحدا لأستشيره بالأمر" قالت لتكمل
" أبي لا يحاول سماعي يظن أنني أهذي، جاك لا أتفق معه و جين ليست بذلك القرب منه لذا أنت أحسن واحد "
" أتمنى أن أستطيع مساعدتك، فيما تحتاجينني؟ "تحدث مبديا إهتمامه بما لديها، ليسمعها تقول
" الأمر بدء منذ وصولي لليونان، بأول ليلة لي هنا لمحت رجل عجوز يجلس تحت عمود الإنارة ما أن إقتربت منه حتى تكلم بشكل غريب كأنه ممسوس عن إختلاط الدم بالدم و القلب الطاهر و لا أعلم ماذا أيضا ، ببادئ الأمر لم أعطي أهمية لكلامه.
ثم بعد ذلك حلمت حلماً غريب كان حول إمرأةٍ ما لا أعلم لكن أشعر أنني أعرفها جيدا أيضا حدثتني حول إقتراب النهاية و ليلة بدون قمر و قربان ما سيقدم.
كان ذلك ليلة وجدنا البلورة أتتذكر؟ حينها أشعّت قلادتي أيضا و التي لا أدري إن كانت صدفة أم لا لكن المرأة من الحلم كانت ترتديها"
" حقا الأمر غريب لم يسبق لي أن شهدت أمرا كهذا "
" أليس كذلك؟ حتى إنني أصبحت أرى كوابيس ببعض الأحيان. " أجابته بغرابة لتكمل
" حتى تلك البلورة و أتلفها أبي، كانت سبيلي الوحيد "
تنهد الآخر ليقول
" لا أعلم إن كان يجب أن أخبرك أم لا لكن إن كان أمرها يهمك، فهي لم تتلف بعد لازالت سالمة "
سمعته لتجيبه بإستنكار
" لا زالت سالمة! لكن أبي ذلك اليوم.... "
" أعلم ، أعلم ما قاله لكن هو لم يفعل لها شيء أنا أُأَكد لك ذلك، مع هذا لا أدري أين هي؟ المرجح أنها بحوزته "
" أتعلم إن كان ما تقوله صحيح فستتوضح كل المبهمات حينها. لكن ما غاية أبي من الكذب علي؟" تحدث بفرحة لتنهي بإستغراب
" إن كان أخفى الأمر عنك فلا بد من وجود سبب مقنع لذلك ، لهذا أرجح أن تتحدثي معه بالموضوع "
" حقا لم أخطئ حين طلبت مشورتك ، أنت من أحكم ما رأيت صدقا "
أطرت عليه لتلمح لمحة خجلٍ لبرهة على وجهه قبل أن ينهض و يقول
" هيا هيا لندخل قبل أن يقلقوا عليك "
" علينا ليس علي ".
أجابته بينما يعبران الباب الداخلي للبيت متوجهين نحو الجمع بالصالة بعد حصولها على مشورة تحت شجرة الياسمين.