سيدة الشتاء

Por malkrohi89

378K 12.5K 169

نظر إليها بتامل شعرها الأشقر الرطب الذي إلتصقت أطرافه بجبينها ووجنتيها . واسترخائها الكامل وكأنها قضت حياتها... Más

الفصل الاول(سحر شيطان )
الفصل الثاني(ابنة عاقة)
الفصل الثالث(شكوك ومخاوف)
الفصل الرابع (مجرد اتصال )
الفصل الخامس (بلا قلب)
الفصل السادس(الخيار الاخير)
الفصل السابع (قطة حمراء)
الفصل الثامن (غريب اعرفه )
الفصل التاسع(اسد مريض)
الفصل العاشر (بلا اب )
الفصل الحادي العشر (غريب في الوطن )
الفصل الثاني عشر (المنبوذة)
الفصل الرابع عشر (وحيدة ومتربكة )
الفصل الخامس عشر (علي باب القدر)
الفصل السادس عشر(فوق السحاب)
الفصل السابع عشر (فتاة في مأزق)
الفصل الثامن عشر(الخدعة)
الفصل التاسع عشر (ضائعة )
الفصل العشرون (خطبة تقليدية )
الفصل الحادي والعشرون (تقتلينني)
الفصل الثاني والعشرون(متسلط)
الفصل الثالت والعشرون (سيدة الشتاء)
الفصل الرابع والعشرون (الحقيقة المرة)
الفصل الخامس والعشرون(ندبة في روحها)
الفصل السادس والعشرون (بين نارين)
الفصل السابع والعشرون (وداع)
الفصل الثامن والعشرون (بلا شروط)
الفصل التاسع والعشرون(نعم احبه )
الفصل الثلاثون (دفتري الصغير)
الفصل الحادي والثلاثون (لعنة العائلة)
الفصل الثاني والثلاثون(تاريخ أسود)
الفصل الثالث والثلاثون (زفاف الموسم)
الفصل الرابع والثلاثون(خلف الباب المغلق)
الفصل الخامس والثلاثون(نقطة ضعفه الوحيدة)
الفصل السادس والثلاثون (لا. بعد فوات الآوان)
الفصل السابع والثلاثون (تمام)
الفصل الثامن والثلاثون(جذب وشد)
الفصل التاسع والثلاثون(الكاذب)
الفصل الاربعون(بين الحياة والموت)
الفصل الحادي والاربعون (جودي)
الفصل الثاني والاربعون(كابوس لا ينتهي)
الفصل الثالث والاربعون (لا للانتظار)
الفصل الرابع والاربعون والاخير (سيدتي انا)

الفصل الثالث عشر(يتيمة جدا)

7.5K 271 1
Por malkrohi89

راقبت سمر يدي أماني المرتعشتين وهما تحملان فنجان الشاي الذي تصاعد منه البخار .. ثم قالت عابسة :- أنت لن توقعي الفنجان على الأرض .. صحيح ؟ إنها فناجيني المفضلة
انتبهت أماني لما تفعله .. ووضعت الفنجان فوق المنضدة قائلة :- أنا آسفة .. من الصعب علي السيطرة على
أعصابي
قالت سمر بتعاطف :- أفهمك .. لابد أن صدمتك كانت عنيفة عندما علمت بما فعله أبيك
ترقرقت دمعتين ساخنتين في عيني أماني .. سرعان ما مسحتهما بظهر يدها وهي تقول :- لم تهمني أمواله قط .. أنت تعرفين بأنني لم آخذ منه قرشا منذ سنوات .. لو كان الأمر بيدي لتركت منزله منذ سنوات .. ولكنني مازلت لا أصدق نبذه ورميه لي في الشارع لأجل صلاح مجددا .. لقد أثبت حتى بعد وفاته أن صلاح قد كان المفضل لديه على الدوام
قالت سمر باهتمام :- أهذا هو سبب كرهك له ؟ أنه أخذ مكانك في حياة أبيك ؟
زفرت أماني بقوة .. ونهضت إلى النافذة المطلة على الشارع الذي لم يتوقف صخبه رغم تأخر الوقت .. وتمتمت :- إنه أحد الأسباب .. لم يخف والدي يوما خيبة أمله عندما أنجبتني أمي .. كان يريد صبيا يعتمد عليه ويورثه أعماله واسم عائلته ... وعندما أنجبت أمي جودي .. وأكد الطبيب عدم قدرتها على الإنجاب مجددا فقد أمله في الحصول على وريث ... خاصة أنه لم يفكر قط في الزواج مرة أخرى .. عندها بدأ يكيف نفسه مع الفكرة
التفتت نحو سمر التي كانت تستمع إليها باهتمام وأكملت :- ولكن الأوان كان قد فات لعلاج الكسر الذي خدش علاقتي به بعد سنوات من إبعاده لي عنه .. كنت كبيرة بما يكفي لأفهم بأنه لم يحببني كما يجب .. ولم يمنحني ما يكفي من الاهتمام .. في ذلك الوقت .. ظهر صلاح في حياتنا ..
.. مازلت تذكر ذلك اليوم الذي توفي فيه عمها تاركا زوجته وابنه الوحيد تحت عهدة شقيقه .. كان صلاح في العاشرة من عمره فقط
قالت بجفاف :- بكل سهولة اعتبره أبي الابن الذي لم ينجبه .. ومنحه كل الاهتمام والرعاية .. وفي الوقت نفسه كانت جودي الصغيرة تحظى بالدلال والحب وكأنه أراد أن يعوض معها ما فاته معي .. فكبرت بعيدة عنه دون أن أدرك .. لم أعرف بأنني لم أعن له الكثير إلا في السنوات الأخيرة .. والآن بعد وفاته .. تأكدت من هذا
قالت سمر :- ولكن صلاح وعدك بإعادة كل شيء إليك إذا تزوجت به .. هل ستتخلين عن حقك لمجرد أن غيرة طفولية حمقاء تمنعك من الزواج من ابن عمك
صاحت أماني بغضب :- لم تكن مجرد غيرة
يا إلهي .. لن تفهم سمر كم تكره أماني صلاح لأنها لن تستطيع إخبارها عن سنوات المراهقة التي قضتها خائفة من نظراته الوقحة والمهينة .. وتحرشاته بها دون أن يردعه أحد .. لقد أعلن والدها منذ طفولتها بأنها ستكون لصلاح ذات يوم .. ولم تدرك مدى جديته حتى صارحته قبل خمس سنوات عن علاقتها بفراس
قالت بصرامة :- إنها مسألة مبدأ أيضا .. الرضوخ لصلاح يعني قضاء ما تبقى من حياتي تحت رحمته وإذلاله .. كوني واثقة بأنه لن يتردد في الثأر لكرامته من رفض ي الطويل له وذلك بمعاملتي السيئة
عادت تجلس أمام سمر قائلة بإرهاق :- أكثر ما صدمني هو موقف جودي .. لم أتخيل أن تقف مع أبي ضدي وأن تشاركه في خطته
غمغمت سمر :- من الأفضل أن تتفهمي موقفها يا أماني .. فهي عائلتك الوحيدة الآن .. أعتقد بأنها قد تعرضت لضغوط كبيرة من والدك خلال مرضه فلم تستطع خذلانه .. .ربما ظنت بانها تفعل هذا لصالحك ..ألم تخبريني بأنها على اتفاق مع صلاح ؟
أومأت أماني برأسها مستسلمة .. فهي لم تستبعد حسن نية أختها .. ولكنها لن تتمكن من مخاطبتها حتى يهدأ غضبها .. وتبدأ بترتيب أمورها على الأقل
قالت سمر بجدية :- ما الذي تخططين لفعله الآن ؟
:- سأبدأ البحث عن مكان أقيم فيه بالتأكيد .. علي أن أثبت لصلاح بأنني لا أحتاج إليه أو لأموال أبي لأعيش .. أعرف بأن الطريق سيكون صعبا .. فلم يسبق لي أن عشت وحدي .. أو تحملت مصاريف كبيرة كإيجار بيت .. وفواتير كهرباء وماء .. أو حتى الإنفاق على طعام وشراب .. ولكنني امرأة ناضجة وعاملة ومستقلة .. أظنني سأنجح في النهاية
بد واضحا من طريقتها في الكلام بأنها تحاول إقناع نفسها قبل أن تقنع سمر .. أدركت سمر مخاوفها وقالت بلطف :- وأنا سأساعدك يا أماني .. شجاعتك هذه تلهمني كثيرا .. أنت تذكرينني بأختي .. والدة هشام .. لقد كانت محاربة مثلك تماما . تحملت الكثير وقامت بالكثير حتى كبر ابنها واستلم المسؤولية .. يمكنك البقاء معي كبداية حتى ترتبي أمورك
قالت أماني بحرج :- لا .. لن أثقل عليك بمشا.......
قاطعتها سمر بحزم :- أنت لا تثقلين علي .. بل تخدمينني بالبقاء معي في هذا البيت الخالي خلال غياب زهير .. سنتسلى كثيرا ونقضي وقتا ممتعا
عرفت أماني بأن هذا هو السبيل الوحيد أمامها .. على الأقل حتى تجد مكانا مناسبا يأويها .. وهذا سيستغرق منها وقتا
قالت لسمر بامتنان :- لا أعرف كيف سأرد لك جميلك هذا يا سمر
نهضت سمر قائلة :- سأجد طريقة بالتأكيد .. بداية .. يمكنك مساعدتي في إعداد العشاء .. ألست جائعة مثلي؟
ثم سبقتها إلى المطبخ .. فكرت أماني بأنها محظوظة على الرغم من جميع مشاكلها لوجود أشخاص بحنان وطيبة سمر في حياتها
أحست بمعنوياتها ترتفع من جديد .. ثم لحقت بسمر إلى المطبخ




تململت أماني بانزعاج فوق الأريكة التي تحتلها في منزل سمر منذ أسبوع .. وحاولت أن تصم أذنيها عن صوت الجرس الذي أخذ يدوي في أنحاء الشقة بإصرار .. قفزت في النهاية مستيقظة وهي تصيح بسخط :- أي لعين هذا ؟
كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحا .. .فكرت بأنها قد تكون سمر التي أخبرتها ليلة الأمس بأنها ستضطر للخروج في وقت باكر للغاية لتلحق بموعد ما
زحفت من فوق الأريكة وهي تفرك عينيها الناعستين .. ليس من العدل أن توقظ بهذا الشكل المزعج صباح يوم الجمعة المقدس لديها .. لقد اعتادت كل أسبوع على أن تكرس هذا اليوم للنوم والراحة .. فلا تستيقظ قبل الظهر
فتحت وهي تتساءل عن سبب عدم استعمال سمر لمفتاحها .. ثم تجمدت مكانها وهي تجد آخر شخص توقعت أو أرادت رؤيته في هذا الوقت
كان هشام عطار واقفا وقد أسند ظهره إلى حافة سياج الدرج المعدني .. وقد بدا ضجرا بعض الشيء وهو يحمل بضعة أكياس بلاستيكية .. اعتدل في وقفته وقد ارتسمت الصدمة في عينيه هو الآخر عندما رآها .. جمد كل منهما وهو ينظر إلى الآخر بارتياب وتردد .. سرعان ما أبعد هشام عينيه وهو يقول بغلظة :- أين سمر ؟
توترت وقد اشتدت أصابعها حول مقبض الباب وهي تقول :- لقد خرجت قبل ساعات
قطب وقد بدا عليه الانزعاج .. أما هي .. فقد حرك ارتباكها داخلها رغبة شريرة في صفق الباب في وجهه .. ولكنها لم تجرؤ .. فهو رئيسها من جهة .. وابن اخت سمر من جهة أخرى .. هدأتها نوعا ما فكرة عدم دخوله إلى الشقة بينما هي وحيدة فيها .. ولكنه نظر إلى وجهها مطولا يتأمل الكائن المشوش الذي كانت في تلك اللحظات .. فسرت عبوسه على أنه غضب واستنكار لوجودها في بيت خالته .. قال بفظاظة :- هل أستطيع إدخال حمولتي إلى المطبخ على الأقل ؟
السلطة ونفاذ الصبر في صوته ذكراها بأنه رئيسها في العمل .. وعندما نظرت إلى الأكياس الثقيلة .. وجدت نفسها تتراجع مرغمة .. مفسحة له الطريق
انكمشت عندما مر إلى جوارها .. وكاد جسده الضخم يحتك بجسدها .. أحست بما يشبه عاصفة دافئة تلفحها .. عاصفة مشبعة برائحة عطر رجولي خفيف .. حبست أنفاسها .. وكبتت نوبة سعال قوية لم تطلق لها العنان حتى غاب في المطبخ
أحست بدوار خفيف جعلها تستند إلى الجدار للحظات .. لطالما كانت رائحة العطور تسبب لها الحساسية .. ولكن ليس الدوار والضعف .. وبالارتعاش في ركبتيها حتى تعجزان عن حملها
استعادت توازنها بسرعة .. ولحقت به إلى المطبخ .. وضع الأغراض فوق الطاولة الخشبية التي توسطت المكان .. واستدار إليها فلاحظ توترها الشديد فزفر قائلا بضيق :- لا تقفي هكذا وكأنني جئت لافتراسك .. لقد اعتدت المرور على سمر صباح كل جمعة قبل الصلاة .. لو عرفت بأنك هنا لما جئت على الإطلاق
لم تستغرب جهله .. فهي من طلب من سمر ألا تخبر أحدا .. وبالذات هو عن إقامتها المؤقتة في شقتها .. لم تجد ما تعلق به على كلامه سوى فرك يديها بعصبية .. لاحظت بأنه ينظر إليها متأملا إياها من رأسها حتى أخمص قدميها .. وقد ضيق عينيه السوداويين اللتين ومضتا بتعبير غريب لم تفهمه .. تورد وجه أماني عندما أدركت بأنها ترتدي منامة وردية اللون برسومات طفولية تزين صدرها .. واسعة للغاية بحيث غطت الأكمام الواسعة يديها .. أما شعرها فقد تناثر حول وجهها بفوضوية .. أما وجهها فهو منتفخ بالتأكيد كأي شخص قد استيقظ لتوه من النوم .. يا إلهي .. إنها تبدو مريعة .. أمام هذا الاكتشاف قالت بارتباك :- بالإذن
انسحبت بسرعة إلى غرفة سمر حيث مازالت حقيبة أغراضها الممتلئة قابعة في الزاوية .. أخذت نفسا عميقا كي تسيطر على أعصابها .. ثم أخرجت من الحقيبة أول ما وجدته يداها وكان سروالا من الجينز وكنزة زرقاء .. مشطت شعرها بسرعة .. ومنعت نفسها بصعوبة من وضع شيء من الزينة على وجهها كي لا يظن فعلها هذا متعمدا لتلفت نظره
وعندما عادت إلى المطبخ .. وجدته يفرغ الأكياس الممتلئة بالفواكه والخضروات وبعض المستلزمات المنزلية .. استغلت فرصة انشغاله لتنظر إلى ظهره العريض الذي كساه معطف جلدي أسود فوق سروال من الجينز الغالي الثمن التصق بساقيه الطويلتين مما أظهر بنيته القوية والرياضية
شعرت بالتوتر والعصبية .. فمظهره البسيط والبعيد عن رسميته المعتادة أشعلت لديها إحساسا غامضا بالخطر .. لم تتخيل أبدا أن رجلا كهشام عطار قد يقوم بعمل إنساني للغاية كترتيب البقالة .
شعر بوجودها اخيرا .. فالتفت إليها ليضبطها تراقبه .. تورد وجهها وهي تشيح به بعصبية .. فنظر إليها مليا . يتأمل هيئتها الجديدة التي لم تكن أفض بكثير من تلك التي فتحت له الباب
شعرت بالسخط لإحساسها بالنقص .. لطالما كانت أناقتها هي مفتاح ثقتها وقدرتها على مواجهة الغير .. أما الآن .. فهي تشعر بالعجز أمام عينيه القاسيتين .. عاد يتابع عمله وهو يقول بهدوء :- حسنا .. ألن تخبرينني بما تفعلينه هنا ؟
كانت تتمنى ألا يسأل .. ولكنه ليس مهذبا إلى هذا الحد ..قالت بتوتر :- كنت في زيارة لسمر .. فدعتني لقضاء الليلة معها
ترك ما بيده واستدار يواجهها قائلا :- أنا لا أصدقك .. فتلك المنامة المزينة بالفئران ليست لسمر بالتأكيد رغم غرابة أطوارها .. ولا أظنك تتنقلين عادة مع ملابس نوم احتياطية للطوارئ
غضبت لسخريته الباردة وقالت بحدة :- حسنا .. أنا أقيم مع سمر لبعض الوقت .. هل يزعجك هذا؟
قال بصرامة :- لا يزعجني إن لم يسبب المشاكل لسمر
هتفت باستنكار:- لماذا تظن بأنني قد أسبب المشاكل لسمر ؟ إنها صديقتي
قال بامتعاض :- وكأن أمثالك يعرفون معنى الصداقة أو حتى العاطفة .. إن لم تهتمي لوفاة والدك فلماذا تهتمين بامرأة لا تربطك بها قرابة ؟
ذكره لوالدها بهذه الطريقة جعل دمها يفور .. صاحت بغضب :- أنت لا تعرف عما تتحدث
:- بل أعرف تماما ما أتحدث عنه .. الكل يتحدث عن برودك ولا مبالاتك بعد وفاة والدك .. لم يظهر عليك أي أثر للحزن .. وكأنك كنت تنتظرين وفاته .. لقد رأيتك بأم عيني تتسللين من الجنازة وقد أهقك الادعاء والتمثيل
قالت مصدومة :- هل كنت هناك ؟
قال ساخرا :- هل تصدقين بأنني أهتم لحضور جنازة رجل لم أقابله سوى مرة أو مرتين أكثر من ابنته البكر ؟ ما الذي خرجت تفعلينه في ذلك الوقت المتأخر ؟ لن أصدق بأنك خرجت تبتاعين المناديل بعد أن أفرغت ما لديك بالدموع
كلماته جرحتها كأي شخص يتحدث إليها عن والدها مؤخرا .. ولكنها قالت ببرود :- لا شأن لك بي
عقد ساعديه أمام صدره وقال بقسوة متجاهلا تصريحها :- بالتأكيد ليس لهذا الغرض .. فأنا لا أظنك تعرفين ماهي الدموع .. ولكن موقفك ذاك يجيب عن تساؤلات الجميع حول سبب حرمان والدك لك من الميراث
تجمدت وأحست كمن صفع على وجهه وقد صدمها أن يعلم هو بالذات عن هذا .. قال ساخرا:- ليس هناك من يجهل القصة في المدينة .. ولكن أظنني الوحيد الذي لم يستغربها .. فالأسباب التي تدفع أبا لمثل هذا التصرف مع ابنته محدودة ومعروفة .. وأخجل حتى من ذكرها .. ولكن حسب معرفتي بك .. لا أستبعد أحدها
قالت وقد خنقتها غصة مؤلمة :- أنت لا تعرفني
قال بصرامة :- سمر لا تعرفك أيضا .. ولا تعرف بأنك تستغلينها بعد أن فقدت معيلك وما كنت تعتمدين عليه لتتابعي أي كان ما كنت تقومين به .. وسبب تبرؤ والدك منك .. وأنا لن أسمح لك بهذا .. إنها أطيب من أن تدرك ألاعيبك وخبثك
صاحت انفعال :- سمر امرأة ناضجة .. تستطيع الحكم على الأشخاص بنفسها دون مساعدة منك
هز رأسه مؤكدا :- كثير من الأشخاص قد يغرهم جمال وجهك .. وبراءة ملامحك .. ولسوء حظك .. أنا لست منهم
ترقرقت الدموع في عينيها قبل أن تستطيع التحكم بمشاعرها . أدهشها ارتباكه لرؤية دموعها الحبيسة .. فقد صرح لتوه عن بأنها لا تعرف كيف تبكي .. ولكنها حافظت على برودها وهي تقول ببرود :- سأبلغ سمر بمرورك
وعندما رغبت بترك المطبخ قال من خلفها بخشونة :- أنا لم أمزح عندما حذرتك من إزعاج سمر
لم تستطع النظر إليه خشية أن يلاحظ ألمها .. وعندما تكلمت .. خرج صوتها مرتجفا بالرغم منها وهي تقول :- لا تقلق .. لن أبقى هنا طويلا
هرعت إلى غرفة النوم وأغلقت الباب خلفها .. ذرفت الكثير من الدموع وهي تسمع صوت انصفاق الباب الخارجي .. يجب أن تضاعف جهدها في البحث عن مكان تقيم فيه .. فبعد مواجهتها المهينة مع هشام عطار لن تستطيع البقاء أكثر في منزل خالته .. على قلبها فجأة بكل الحقد والكراهية اتجاه هشام عطار الذي جعل هدف حياته الجديد سلبها أعز صديقاتها .. في الواقع سمر كانت صديقتها الوحيدة .. مما جعلها تشعر وهي على وشك فقدانها وكأنها قد باتت يتيمة مجددا

إستيقظت جودي من شرودها عندما قال لها طارق : إلى متى ستستمرين بالعبث بطبفك دون أن تأكلي لقمة ؟ إعتدلت وقد لاحظت بأنها تُقلب الطعام فوق طبقها بشوكتها منذ دقائق ثم قالت بحرج : أنا آسفة . . لقد كنت غارقة في أفكاري اقترب النادل ليرفع بقايا الطعام من فوق الطاولة عندما إبتعد قال طارق : - وماهي هذه الأفكار التي إستحقت أن تنسي ما حولك لأجلها ؟ تورد وجهها . . وتخيلت ردة فعله إن علم بان الجزء الأكبر من أفكارها كانت موجهة نحو رجل آخر . . رجل لم تسمع عنه شيئاً منذ أيام . . ومع هذا لا تمر لحظة دون أن تستعيد صورة وجهه في ذاكرتها ونبرة صوته وهو يحدثها عن طفولته وأحلامه . . ثم قررت أن تطلعه على الجزء الآمن من أفكارها وقالت : أفكر باماني تنهد قائلا : - إلى متى ستظلين تلومين نفسك على ما حدث ؟ إنسي الأمر . . وفكري بأنه ماكان يجب أن يحدث منذ زمن طويل توترت وقالت بحدة : - ماذا تقصد ؟ إتكا على الطاولة بمرفقيه وقال : - لقد حان الوقت لتتحمل أماني عواقب أفعالها . . لقد كانت خياراتها على مدى سنوات متهورة وخاطئة . . عليها أن تتعلم بأن الحياة لا تسير دائماً حسب أهوائها شعرت بالإنزعاج كما في كل مرة يُهاجم فيها أماني . . لقد سبق وأوضح لها بأنه يعتبر أختها الكبرى غبية وحمقاء . . وإنسانة صعبة الراس . . وأن صلاح يستحق من هي أفضل منها . . بدأت تندم على قبولها دعوته إلى الغداء إحتفالا بإنهائها لإمتحاناتها . . لقد ظنت بأنها ستفضي أخيراً وقتاً منعاً . . وحظى ببعض السلام . . قالت بجفاف : - لايمكنك
الحكم على الأمور من مجرد كرهك لموقفها من صلاح
قال بهدوء : - ليس هذا فقط . . بل تلك القصة الصغيرة لها مع ذلك المدعو فراس حدقت به مصدومة وهي تقول : - لم يعلم أحد بتلك القصة هز كتفيه قائلا : - لم أكن يوماً أي أحد . . أم تُراك نسيتي بأنني كنت زميلا لأماني في نفس الكلية . . كنت أسبقها بعامين . . وهذا يعني أن فراس كان زميلي في السنة الدراسية نفسها ثم مط شفتيه قائلا بإزدراء : - الكل كان يعرف أي شاب أناني وجشع كانه فراس . . لقد دهشت كما دهش غيري عندما خدعت به فتاة بذكاء أماني قالت بإنفعال : - لقد كانت صغيرة في ذلك الوقت : - كانت في مثل سنك الآن تقريبا . . ولكن أعقل من أن تُخدعي من قِبَل شاب معدم طامع بهِ كفراس . . صحيح ؟ شحب وجهها وإضطربت وهي تبحث في وجه طارق عن أي علامة تدل على علمه بما يحدث لها مع تمام . . ولكنه إنشغل تماماً عندما أحضر له النادل الحساب ولكنه لم يكن يعرف . . وكلماته هذه لم تعني شيئاً . . إنها شعورها بالذنب ولد لديها كل هذه الشكوك والمخاوف ما إن إبتعد النادل حتى إبتسم لها طارق قائلا : - لم نأتي الى هنا لكي نتحدث عن أختك أو نتشاجر . . بل لنحتفل . . "
ولنستمتع بوقتنا . . إلى أين تحبين أن نذهب الآن . . لقد سبق وألغيت كل إرتباطاتي كي أقضي بقية المساء
لو أن عرضه هذا جاء قبل أسابيع قليلة لسعدت به وصفقت فرحاً . . ولكنها لم تستطع أن تبتهج هذه المرة . . لن تتمكن من التظاهر بإخلاصها الفكري نحوه . . لأنها ومعه بالذات تجد أفكارها متجهة نحو رجل آخر مختلف تماماً . . رجل مُعدم قد يكون طامعاً بها كما قال طارق بالضبط تمتمت : - لا أشعر بأنني بخير . . أرغب في العودة إلى البيت

Seguir leyendo

También te gustarán

1.5K 96 9
ثوبها اليوم كان بلون شفتيها، وردي شهي كوجنتيها. يا ويله منها، شقاوتها ودلالها. أما هو؟ فهو أحمق كبير، يقنع نفسه أنه راسٍ في شاطئها بينما الحقيقة أنه...
31.8K 673 37
الملخص صادفت منقذها في أصعب لحظات حياتها.. في قمة ضعفها وهوانها، كان السبب في نجاتها.. عشقته منذ التقت عيناها عينيه! كل ما يذكره عينان بنفسجيتا اللون...
7.1K 403 9
رمضان مش شهر زي باقي الأشهر. رمضان شهر القرآن والمغفرة والتوبة والعبادة..🖤 رمضان شهر الإصلاح وتربية النفس فيما يرضي الله..💛 رمضان شهر الصالحين والم...
208K 6.4K 17
في بلاط الماركيز بقلمي / احكي ياشهرزاد(منى لطفي) الملخص: عاشت حياتها بطبيعية مفرطة .....طوال تسعة عشر عاما لم يطرأ على سمعها كلمة دبلوماسية بل انها...