33
عند الكسندر وليو
دخلت جو إلى غرفة الجلوس فقد إستدعاها عمها ، فوجئت برؤية ليوناردو
وأصابها الإرتباك جراء نظراته التي تحيرت في تفسيرها .
الكسندر : اجلسي بنيتي هناك ما سنخبرك به .
نقلت ببصرها بينهما ...
أكمل الكسندر : نحنا هنا لتحديد تاريخ زواجكما فأنا اريد الإطمئنان عليكما فماذا قلت صغيرتي هل انت مستعدة ... أم تريدين بعض الوقت ...
قاطعه ليوناردو : طبعا هي مستعدة وسيقام الزفاف بعد خمس أيام فأنا لن أنتظر أكثر .
أنبه الكسندر بنظراته لتسرعه ثم تأمل جو والتي إحمرت وجنتيها ...
الكسندر : ماذا صغيرتي هل أنت موافقة على موعد الزفاف .
قالت بهدوء : كلا لست موافقة على الزفاف ...
شعر ليو بنار الغضب تحرق دواخله فهب واقفا وهو ينظر لها بتهديد ويصرخ :
ماذا تقصدين ... بعد خمس أيام ستصبحين زوجتي إن وافقت أو لا ..
نهره الكسندر بشدة : ليوناردو إهدأ واحترم وجودي بينكما ، وأنت صغيرتي أخبريني ما سبب رفضك من حقنا أن نعلم حبيبتي ....
جلس ليو ينتظر جوابها بفارغ الصبر ..
إبتسمت برقة وقد دكنت عيناها ففقدانه السيطرة على نفسه و غضبه أراحها وأسعدها فهو دليل على عمق مشاعره تجاهها تحدثت بهدوء :
أخبرني كيف أتزوجه ولم يقدم لي مهري أم أني لست كباقي الفتيات لأن والدي ليسا موجودان ؟
صدمتهم بشدة ففعلا قصرا تجاهها بسبب الظروف التي أقيمت بها الخطبة ، فهم لم يقوموا بواجبها كعروس وهي ليست أيا عروس .
نظر ليو لها بهدوء وقد إطمئن قلبه : حسنا أنا أعتذر منك فقد قصرت بواجبك ولكن الزفاف بعد خمس أيام لن يتغير الموعد وبإمكانك طلب ما تشائين
كمهر لك ...
نظرت بظفر وهي تقول : أيا طلب أريده أليس كذلك ؟
الكسندر : إطلبي بنيتي فأنت تأمرين ولا تطلبين فقد أخبرينا وسنقدم ما يليق بك كأميرة من العائلة المالكة .
ابتسمت بخبث وهي تلقي قنبلتها التي تركتهم مصدومين بشدة وقد ضاعت كلماتهما ..
جو : مهري هو إلغاء تملك البشر لن أتزوج وأكون ملكة لهذه المملكة وهناك عبدا أو جارية واحدة فيها ، كلنا بشر هذا طلبي الوحيد ولا أريد غيره أبدا
فإن حدث فأنا سأتزوج متى تشاء حبيبي ، فقط تذكر شقيقتك لولا حب إيريك لها لكان وضعها أسوء كانت ستثبت عليها التهمة و ستجلد وتباع كجارية .. إيفانيا تصور ما كانت تعاني منه هي من قدم والدها روحه ودمائه لهذه الأرض ستكون وأختها الطفلة جواري ... سينتا والكثيرات مثلهن أخبروني ما ذنبهم هل ذنبهن أنهن ولدن إناث ...
أطرق الكسندر مفكرا : أنا أيضا كنت أفكر بهذا الأمر الذي لم ننتبه له فكان من المسلمات ، لكن القرار ل ليو فهو الملك والمسؤول عن هذه البلاد ، ما رأيك ليو بني ..
تجهم وجهه وهو يفكر بتبعات هذا الأمر فهو قد أدرك مؤخرا مدى ظلم هذه القوانين بالنسبة للمرأة ومثل هذا التغيير سيقابل بالرفض من كل النبلاء والأغنياء والتجار .
أدركت جو ما يفكر به ليو فتابعت بحماس : لدي خطة جيدة لتنفيذ هذا الأمر سلميا ، سيتم تحرير الجميع واعتبارهم موظفين يتلقون أجار على عملهم ، فمن يشاء ليغادر وليبقى من يشاء ، أما العائق الأكبر تجار البشر فسنعوضهم بالمال ونشتري كل ما يملكوه ونحررهم ، ونصدر قوانين قاسية تحرم إمتلاك البشر والتسبب بأي أذى لأي شخص مهما كانت مكانة هذا الشخص .... وأنا مستعدة للمشاركة بثروتي في ذلك .
ابتسم الكسندر بفخر وقد إطمئن قلبه وكأنه يرى مستقبل شعبه أمامه ..
نظر ليو لحبيبته وهو يحدث نفسه معجبا بتلك الفتاة التي تقف أمامه بكل شجاعة تطالب بحقوقها ليس من أجلها ولكن من أجل شعبه هو ... يالها من أنثى مميزة إستثنائية بكل شيء بقوتها وشجاعتها وحنانها أيضا .
أجابها : حسنا أنا موافق ففعلا كان يجب أن نقوم بذلك من زمن طويل ، فهناك أنثى منهن علمتني بانهن يمتلكن جبروت وسلطان يضاهي أقوى الرجال ويستحقن أن يمتلكن أنفسهن فهن ولدنا أحرار .
لم تتمالك نفسها من شدة السعادة فهي كانت تخشى رفضه الأمر أو تأجيله وإجبارها على الزواج ، إلا أن كلماته فاجأتها وملأتها بأحاسيس الحب والتقدير ، رمت نفسها بين ذراعيها تعانقه وتتمتم بكلمات الشكر ....
غادر الكسندر الغرفة بهدوء تاركا العاشقين وراءه ، واللذين لم ينتبها له مطلقا ، وقد شعر بالسعادة والإطمئنان فأخيرا إكتملت شخصية ولده فوجود جوليانا إلى جانبه زوده بالرحمة والعطف ......
انتبهت لوضعها بين ذراعيه وإحمرت وجنتيها بفتنة سحبها من يدها ليجلسا
على الأريكة ويطلب منها طرح كل أفكارها لتنفيذ مثل هذه الخطوة الهائلة .
لتخرج بعد ساعة قضياها معا يتناقشان ، مما زاد إعجابه بها وبرجاحة تفكيرها ، أما هي شعرت بالسعادة وهي تشعر بإهتمامه وتقديره لرأيها لتدرك كم يتوافقان معا .....
**********************
عند توم وسينتا
عند العصر أتت جدته لزيارتهم فهي لم تراهما قبل رحيلهما بالأمس وقد أخبرتها ليا بما حدث في الحفل وسرعة إتمام الزواج وكانت برفقتها جوليانا و إيفانيا ، حضرت جو بصعوبة فقد سمح لها خطيبها المتحكم بزيارتهم بصعوبة رغم أنه يدرك أن لا شيئا بينهما إلا أنه يغار منه وبشدة فهو حظي بها وعاش بقربها منذ صغرها ، بينما كان هو يتحرق ألما بحبه الذي كان يظنه مستحيلا .
أما ليا فقد منعها روبير من مرافقتهم ، فحسب تعليمات الطبيب يجب ألا تتعرض لحركة قوية حتى يثبت حملها ....
مضى الوقت سريعا وهم يتمتعون بجلستهم وقد إطمأنت سينتا لرد فعل الجدة والتي أحبتها بشدة ، ودهشت بجمال وشخصية الأميرة جو والتي فاقت توقعاتها رغم كل ما سمعته عنها .
عند ليو
بعد مغادرة جو طلب إجتماع عاجل لكل الوزراء والمستشارين ناقشو خلالها
القانون الجديد الذي أثار بلبلة بينهم فمنهم من رفض الفكرة بحجة أنهم يحتاجونهم فمن يعمل لديهم سيطالب بآجار وراتب لقاء عمله وبعضهم بقي سلبيا لم يهتم ، إلا أن سيطرة وقوة ليو و دعم الكسندر وخصوصا إيريك الذي يهابه الجميع وقد أطلعهم على أنه بالفعل يعطي جواريه وعبيده أجورا ويعاملهم بالحسنى وهذا ما يجعلهم يدينون له بالوفاء الكامل ويزيد من حبهم للعمل ويعملون بكل جهد إنعكس على الإنتاج وجودته ....
وهذا ما ساهم بإقناع الجميع وكلف كارل بالإتفاق مع التجار والسماسرة ودفع التعويض مقابل تحرير كل إنسان سلبوا منه حريته ....
كارل
في ساحة العاصمة دعي الشعب وتجار الجواري والعبيد ليسمعوا قرار الملك الجديد والذي سيلقيه قائد الحرس الملكي ومرافق الملك شخصيا .
كارل : إعلان عن قانون جديد أصدره ملكنا
شعبي العزيز بناء على طلب أميرتي وملكتكم المستقبلية وبمناسبة زواجنا بعد يومين تقرر ما يلي :
_ إلغاء قانون تملك البشر وقد قررنا تحرير جميع الجواري والعبيد في
المملكة .
_ سيتم تمزيق صك عبوديتهم ولهم الحرية بالبقاء والعمل في نفس اماكنهم ولكن بأجور تعادل أجور باقي العاملين الأحرار وبنفس حقوقهم .
_ يحق للجميع الإستفادة من خدمات الأطباء بغض النظر عن مكانتهم وثرائهم
ويمنع التعدي عليهم بالضرب أو بأي طريقة كانت ومن يخالف الأوامر سييتم معاقبته بضعف الأذى الذي تسبب به وعلى الملئ .
_ سيتم بناء عدة ورش تعليمية للأعمال اليدوية للرجال والنساء الراغبين بتعلم مهنة تساعدهم على الحياة الكريمة .
صمت كارل قليلا بينما تعالت الهتافات الفرحة وأيضا إعتراض وفوران التجار .
رفع كارل يده ليصمت الجميع .
كارل :
_ أما التجار فببادرة من الأميرة جوليانا ستقوم برفقة الملك ليوناردو والجنرال إيريك بشراء كل مالديهم من الجواري والعبيد وإعطائهم حريتهم لذا ليقدم كل منهم قائمة بالعدد وأسماء من لديه ..
_ سيتم منحهم تعويضا ليستطيعوا البدء بعمل آخر يعيشون منه .
_ من يخالف أو يعارض او يمتلك إنسانا فسيتلقى عقابا شديدا لم يسبق أن سمع به أحد من قبل .
_ سيوزع نصف من غنائم الحرب الأخيرة والتي سرقها الخونة على الأحياء الفقيرة لتحسين واقع البيوت والمنشآت الخدمية .
أما النصف الآخر سيوزع مناصفة على كل الجواري والعبيد وأفراد الجيش الذي يحميكم .
أتمنى من شعبي التعاون ومساعدة بعضهم لننمو ونطور مملكتنا وأعدكم بحياة كريمة تليق بشعبي و بأبناء مملكتي .
تعالى التصفيق والتهليل الذي إستمر طويلا وعم الفرح أرجاء المملكة والكل يهتف للملك والأميرة والجنرال .
فعلا بعد يومين من العمل الجاد والشاق برئاسة كارل تم تحرير آخر جارية وقد هيئ مكان سكن مؤقت لمن لا يمتلك بيتا او مكان يلجأ إليه وإعطائهم بعض الملابس وبعض الحاجيات ومبلغ صغير يكفيهم عدة شهور .
عند ليو والأميرة
خرج ليو برفقة جوليانا في جولة على الأحصنة يرافقهم كارل ونخبة من حراسهما في موكب مهيب ....
وقف الشعب رجالا ونساء وأطفال على جانبي الطريق يهللون ويهتفون بصحة الملك والأميرة بكل حب وتقدير بعد أن علموا بوجود الملك .
شعرت جو بالفرح والامتنان وزاد تقديرها لخطيبها ف ليوناردو كان مراعيا لها وقام
بتنفيذ ما طالبته به ودهشت بأنه كان يفكر بنفس الطريقة ، فقصة شقيقته رومينا و إيفانيا فتحت عيناه على تلك الفئة المستضعفة والتي لم يفكر بها
من قبل فقد كانت من المسلمات منذ قرون .
حاولا العودة إلا أن الكثيرين كانو يحاولون التحدث معهما وشكرهما مما أغضب ليو فهو يريد الإنفراد بها ...
إقترب ليو ببطء من حصان جو وبسرعة وخفة حملها ثم وحملها أمامه على الحصان وانطلق بها يتجاوز ما أمامهما وسط ذهولها وخجلها وهو يحيطها بيده يشدها إليه ليسرع أكثر فتحاوطه وتدفن وجهها في صدره خجلا .
أخذها لنفس الكوخ الذي اخذها إليه سابقا ....
دخلت لتفاجأ بغرفة الجلوس وكانها حديقة للزهور وطيور الزينة ، التفتت فوجدته يتأملها بنظرات عميقة وبحب خالص .
ركع على قدميه وأخرج علبة فتحها كانت تحتوي خاتما رائع الجمال لم يكن حجره من الألماس بل من العقيق الاحمر النادر والذي كان يسمى بحجر البريل وهو من أندر الأحجار الكريمة وأغلاهم ثمنا ....
تفاجأت جو وهي تراه يركع أمامها فاحمرت وجنتيها وهي تتأمله وتومئ بفرح لهذه اللفتة .
أمسك بيدها وألبسها الخاتم وقبلها بينما إحمرت وجنتيها وإبتسمت برقة وهي تقابل عيناه لينهض ويضمها ...
سحبها نحو الخارج إلى خلف الكوخ والذي تراه لاول مرة كانت أمامها حديقة جميلة جدا وقد جهزت فيها ماىدة عامرة بما لذ وطاب من الأطعمة و الفاكهة
والعصائر المتنوعة ...
ابتسم لها وهو يسحب كرسيها يدعوها للجلوس : تفضلي اميرتي الجميلة .
جلست برقي وفوجئت فبدلا من جلوسه في الطرف المقابل سحب كرسيه ليجلس بجانبها .
مضت ساعة من الوقت ، تناولا فيها طعامها وسط مداعبات ليو الجريئة و همساته التي جعلت قلبها يغرق في عالم تراه لأول مرة .
بينما كان ليو سعيدا بتجاوبها معه ومع همساته ، كان يمارس اقصى درجات ضبط النفس ، فغدا زفافهما وعليه الصبر ما يهمه حقا إرتياحها لوجوده بعد الظروف المتوترة التي مرت بهما في الأيام الماضية .....
دخلت جو لجناحها واستلقت على السرير وهي منهكة وسعيدة وقد إطمأنت وادركت انها تحبه وهو يحبها فما تشاركاه اليوم وتنازلاته فهو من قام بخدمتها أثناء تناول الطعام حتى انه أصر على صنع القهوة ...
قهقهت وهي تتذكر ما حدث قبل ساعات ،
إرتباكه وقد فارت القهوة وانسكبت على الموقد وحيرته الكبيرة ، فكان الموقف ذكرى لن تنسى فالملك القاسي والمتعجرف والذي يخافه الكثيرون ، في المطبخ يصنع القهوة ويقف حائرا أمامها لم تتمالك نفسها فتعالت ضحكاتها ...
حينها نظر لها بغضب مصطنع ..
ليو : اتضحكين .. ساريكي صغيرتي .. إنطلق نحوها فهربت من بين يديه ضاحكة عليه وهو يحاول الإمساك بها ..
جو : ههه اتعرف إن منظرك رائع ، يجب على جنودك أن يروا هذا ..
ليو : هل أنت مسؤولة عن كلامك صغيرتي ...
ابتسمت تغيظه واستمرا قليلا حتى رأته يمسك بخاصرته ويتأوه ألما ، و1عت يدها على كتفه وساعدته على الجلوس على الأريكة وهي تقول بقلق : أأنت بخير ... هل يؤلم ..سامحني نسيت جرحك .
ابتسم بحبث وهو يبالغ بتمثيله ... ليتمتع بخوفها عليه وإهتمامها به ، ليطمئن فؤاده لحقيقة مشاعرها تجاهه وهي تفتك أزرار قميصه وتبعده وتقوم بإزلة الضماد جرحه لتطمئن وهي تراه في طور الشفاء ، فقد ازال له الطبيب الغرز في الصباح .....
كانت تلمس جرحه حين رات إبتسامته الخبيثة لتنتبه لوضعهما فتحمر وجنتيها وتبتعد بخجل ....
اتسعت ابتسامته وهو يهمس : سأنتظرك غدا حبيبتي ستكوني لي ، عندها سأعلمك أبجدية الحب ، لتكوني ملكة قلبي ومملكتي .
تنهدت بحب وهي تشعر بالخجل من ذكرياتها و قد احترمته أكثر لضبطه نفسه والحفاظ عليها حتى يتزوجان رسميا ...
نامت اخيرا وفي قلبها عشق وحب لا ينتهي لمن خطف قلبها بقسوته وحنانه ، كبريائه وتواضعه ........