الفصل 14

7K 231 10
                                    



الفصل الرابع عشر


غادر ليوناردوا في الصباح ليرى والده بعد أن إجتمع بشقيقه وإيريك .
في الإجتماع
في مكتب ليو و بصحبة روبيرتو وإيريك وقفوا يتأملون الخريطة ويتناقشون فيما بينهم .
ليو : هل هناك مستجدات في القرى الحدودية إيريك .
إيريك : لا يوجد شيء حاسم ولكن لدينا معلومات شبه مؤكدة عن تحركات غريبة في الحدود الشمالية وهناك شائعات عن فارس أسود يجول في المنطقة لم يتعرف أحد على شخصيته .
قطب ليو جبينه ، بينما سأل روبيرتو : ولما إشتبهتوا بهذا الفارس ربما لا شأن له بالأمر .
إيريك : لأنه إلتقى بحراسنا وهرب بعد أن إعتدى عليهم حين أوقفوه ليتأكدوا من هويته ، كما أن إحدى الجواري تحدثت عن مقاتلين أغراب يرتادون الملهى هناك كنت أريد التحقق بنفسي ولكنهم سيتعرفون علي .
روبيرتو : إذا نحن بحاجة لشخص موثوق لا أحد يعرفه يقوم بالدخول لتلك لمنطقة .
ليوناردو : سأهتم بهذا الأمر ... لدي الشخص المناسب ....
أنتما تابعا مهامكما ... روبير ستستلم أعمالي مؤقتا فسأغادر لأرى والدنا ، وأيضا تابع أعمالك مع ممثلينا في الممالك الأخرى ، أما أنت إيريك إبقى على نفس الخطة وشدد الرقابة على الخونة المحتملين في القصر وقم بمراقبة الغرف السرية التي إكتشفناها .....
ولا تنسوا أخذ إحتياطاتكم أريد السرية الكاملة حتى مرافقينكم لن يعلموا بترتيباتنا ، إيريك قابل توماس وأرسله للحدود ليندس في صفوفهم وينقل لنا أخبارهم ، كما أريد تحقيقا جديدا مع سجنائك ولك صلاحية إستخدام أي وسيلة لإجبارهم على الإعتراف والآن يمكنكم الرحيل .
أحنو رأسيهما له وغادروا بإشارة من ليو .
دخلت جو قاعة الإجتماعات وقد طلبها الملك ، إنحنت بإحترام طلبتني سموك .
أشار لها بالجلوس بقربه ...وهو يراقبها ببرود ويرى وجهها المتعب .
_ كيف حال المحظية والطفل هل هما بخير .
شدت على أسنانها وهي تجيبه : إسمها إليانور وليس محظية وهي والطفل بخير تحتاج للراحة فقط .
_ بحدة أجابها هي هنا في قصري إسمها محظية .... والآن إسمعيني جيدا .... هناك خطر يحيط بنا لذا إنظري لهذه السموم هل تقدرين على إعداد ترياق مناسب لها .
قرأت الورقة التي أعطاها لها بدقة وتمعن ثم أجابته :
إنها تعتبر من السموم الخبيثة والصعبة فهي تنتشر بسرعة هائلة بالجسم ، أعراضها مؤلمة ، إذا تأخر أخذ المضاد يقوم السم بتدمير الأعضاء الداخلية
فيبدأ المريض بالنزف حتى يفقد حياته ،
لما ليوناردو هل هناك خطر ما !
_ حاليا لا يوجد لكن علينا الإحتياط ووفق التحريات نحن بحاجة لتجهيز الترياق المناسب لهذه السموم .
_ حسنا يمكنني البدء بالعمل ولكني بحاجة لمواد من السوق و لكتبي من المزرعة .
_ حسنا إطلبي ما تحتاجينه من مساعدي كارل فهو سيكون مرافقك في غيابي ولديه أوامري الخاصة بك التي لا تستطعين تجاوزها .
إسمعيني جيدا سأغادر بعد قليل ، هناك أمر مهم أريد التأكد منه لذا سأغيب بضع أيام أحذركي من أي تصرف لا يليق بمكانتك كتصرفك بالأمس .
_ حسنا ... هل يمكنني الخروج بنفسي للإحضار ما يلزمني من السوق .
_ يمكنك ولكن لن تخرجي دون مرافقيك ، و إذا فعلتي فسأقتل كل مرافقينك حياتهم بيديك وحدك فحاذري إغضابي .
_ كما تريد سموك ...
جاوبته بإحباط فهو يستطيع التحكم بها كما يريد حتى وهو بعيد ....
كم تتمنى أن تهرب بعيدا جدا لتعيش حياتها كفتاة من عامة الشعب ، أنهى تعليماته وأمرها بالإنصراف وهو يقاوم إحتضانها ، يريد خضوعها الكامل ولو رغما عنها .
بعدها ألقى بأوامره لحرسه ، وغادر متجها لحصانه ومرافقيه الذين ينتظرونه خارج القصر ليبدأ رحلته نحو الماضي المبهم .

************************

عند ليا
دخلت جوليانا للمضافة لتطمئن على صديقتها والجدة ...
كانت ليا مستلقية على السرير وقد شحب وجهها وظهرت هالات التعب تحت عينيها ...
قبلتها بحنان وهي تربت على رأسها تواسيها بصمت .. صرفت الممرضة بعد أن أخبرتها أن الجدة نائمة .
_ لا تقلقي صغيرتي ستكوني بخير أنتي وطفلك .
توسعت عيناها وقد خالجتها مشاعر الذهول وعدم التصديق ..
أومأت جوليانا بتأكيد وأكملت : إنه طفلك حبيبتي سترزقين بطفل سأكون خالته يا للروعة كم أتمنى أن أحمله منذ الآن .
صرخت ليا : لا أريده ... لا .. أرجوكي ساعديني جولي ، وإنفجرت ببكاء مر أدهش جولي لتشد ليا لأحضانها وهي تهمس لها بكلمات مهدئة بينما تشعر بالصدمة من رد فعل ليا ... قهرها ... وبكائها ...
جوليانا : لما حبيبتي إنظري بعيني إنه طفلك لما لا تريدنه ... هل هناك أجمل من أن تصبحي أما .
ليا : لا أريد البقاء مع الأمير .. أريد الهرب بعيدا جدا ، أرجوك ساعديني على الهرب .
أطرقت جوليا تفكر وهي تنظر في عيني صديقتها الباكيتين .. رأت القهر والمعاناة في عمقهما وقد بهت لون عسلهما وإنطفأت نارهما .
هتفت ليا وهي تحاول النهوض من الفراش : أريد المغادرة حالا لن أبقى هنا تحت رحمتهم ، لا أريد .
جوليانا : إهدئي لا يمكنك النهوض ستؤذين طفلك .
ليا : لا يهمني لا أريده هل تفهمين سأتخلص منه وأرحل بعيدا .
شهقتا كلتاهما وهما يسمعان صوت روبيرتو ورائهما وهو يهدر بغضب .
_ إليانور ... إرتجفت ليا لسماع إسمها الكامل بكل هذا العنف منه ..... تابع صراخه العنيف : أعيدي ما قلتي أيتها اللعينة ....
إقترب منها إلا أن جوليانا وقفت أمامه بتوتر فهي لأول مرة تراه غاضبا وفاقد لسيطرته بهذا الشكل : أرجورك روبير إهدأ إنها لا تقصد هي مازالت متأثرة بالحادث .
صرخت تلك : كله بسبب جاريته الملعونة ، إتركيه يقتلني لقد سئمت منه ومن كل هذه الحياة ... تابعت إستفزازه وتحديها له لتغلي مراجل غضبه ليدفع جوليانا بعيدا عنه حاولت إمساكه إلا أنه دفعها بقوة لينقض على ليا ويحملها بين ذراعيه مغادرا غرفة المضافة بينما قاومته بوهن فهي ما زالت متعبة جدا لتقدر على مقاومته .
نظرت جوليانا بأسى وهي تراه يأخذها ، وعرفت أنها لن تستطيع التدخل فلأول مرة ترى غضب روبيرتو وتصرفاته العنيفة فلطالما كان مرحا ولطيفا ، لكنه سليل دماء كلابيرون ويمتلك نفس جيناتهم والتي أيقظتها ليا بكلماتها المتهورة كعادتها دائما تفعل ثم تفكر .
سيطر روبيرتو على مقاومتها الضعيفة وهو يتوجه للبرج الشمالي للقصر ... دخل إليه ووضعها على السرير لتقاومه بضعف بينما لحقت به ممرضتها ورئيسة الخدم التي ناولته ما طلبه منها وهي تنظر لليا بأسى .
أمسك بتلك القيود المبطنة وقام بتقييد يديها وقدميها إلى أعمدة السرير بشكل مريح .
تخبطت كحمامة وقعت في شباك صيادها قبل أن تفقد قدرتها على الحركة وتستلقي بلا حول ولا قوة .
روبيرتو : إسمعاني جيدا ، أنت أريد منك عناية كاملة فهي تحمل طفلي حفيد ملوك كلابيرون وإياكي و التقصير ... أما أنتي ميرتا سيبقى مفتاح القيود معك ، كما أريد خادمتين موثوقتين ليهتما بها ويراقبانها ، ممنوع إختلائها بنفسها حتى في الحمام ، إن آذت نفسها أو طفلي صدقوني ستطير رقابكم بلمح البصر ....
هدر بهما .. هيا غادرا ولا تنسيا ما أمرتكم به .
عاود النظر لها وهي بتلك الحالة المزرية وهي مكبلة بلا حول ولا قوة ، لاحظ شحوب وجهها وهالات عينيها ، دقات قلبه المتسارعة لا تهدأ ، وغضبه المشتعل يمنعه من الرأفة بها ، رغم ما مرت به لا يحق لها أذية طفله .
إقترب منها وإعتلاها يجبرها على النظر في عينيه وهو يمسك بفكها قبل أن يقبلها بقوة يريد الإحساس بها ، بعد ما مر به بسبب خوفه من فقدانها .
نزلت دموعها وهو يقبلها بشغف بينما دموعها تروي قصة إستسلامها له ، يكفيه لمسها لتكون طوع يديه إلا عقلها الذي يقاوم ويقاوم دون جدوى فالقلب وما هوى .
إبتعد ببطء عن شفتيها ليدفن رأسه في رقبتها يشم رائحتها العطرة التي إشتاق لها .
همس لها وهو يتلمس بطنها : إنه طفلي هنا تحت قلبك كيف تريدين التخلي عنه إنه قطعة مني ومنك صغيرتي .
قبل رقبتها بلطف بينما أخفض رأسه ليضعه على بطنها ويقول :
لا تقلق طفلي أمك مرهقة لن تتخلى عنك .. أليس كذلك حبيبتي ستحميه بروحك وإلا ......
زفر بحنق وهي تلتزم الصمت وتكتفي بالبكاء وقد أغلقت عيناها لا تريد رؤيته فقلبها موجوع .....و أقوى وجع هو وجع القلوب .
نظر لها بصمت : سأتركك الآن وسأعود في المساء وحكمي قلبك محظيتي وكفاك تهورا .
إلتفت وغادر بعد أن أطلق رصاصته في قلبها المرهق وأمر بمنع أي شخص من زيارتها حتى لو كانت الأميرة جوليانا .

*********************

جلست رومينا في الحديقة تقوم برسم تصميم جميل وهي تشعر بالسكينة والهدوء والشوق لجنرالها الحبيب فهي أصبحت لا تطيق الإبتعاد عنه .
إقترب منها بهدوء وهو ينظر من فوق كتفها يرى تصميمها ليدرك مدى موهبتها وذوقها الرفيع ويلاحظ شرودها ، وإحمرار خديها ليدرك نوع أفكارها فيبتسم بفخر .
شعرت بمن يشدها ويقبلها من رقبتها لتبتسم بشدة وتلتفت تعانقه بشوق فهي إشتمت رائحة عطره حين إقترب منها .
_ ضمها إليه : هل حبيبتي إشتاقت لي كما إشتقت لها .
إحمرت وجنتيها من فرط خجلها : نعم ... لا تتركني لوحدي مرة أخرى أرجوك.
_ إنه العمل عزيزتي وإلا لم أكن لأترك زوجتي الحبيبة بمفردها ...
بسرعة حملها بين ذراعيه متجها إلى جناحهما ... ليطفئ شوقه إليها فقد أصبح شوقه إليها يزداد مع كل نفس من أنفاسه ، وكل نبضة من نبضات قلبه المتمرد .
في المساء وبينما كانا يتناولان العشاء سمعا أصواتا وصريخا صادران من الخارج ....
نهض إيريك بسرعة ليرى ما الذي يحدث على أرضه .
تبعته رومينا بخوف من تلك الأصوات التي سمعتها والتي كانت صادرة من الباحة الخلفية لتشهق مما رأته أمامها .
كانت هناك فتاة صغيرة مرمية على القش تنزف ومصابة بكدمات قوية ، ممزقة الملابس بينما تجمهر الخدم وهم يرون منظر تلك الفتاة دون أن يبادر أحدهم لتغطيتها ، إقتربت رومينا تفحصها بسرعة وهي تشعر بضعف نبضاتها لتنزع شالها من على كتفيها تستر به جسد الفتاة المنتهك وهي تشير لإحدى الخادمات لتطلب الطبيب وتعتني بها وهي تشعر بشعور غريب ينتابها .
صرخ إيريك بحدة : جورج ... من هذه الفتاة ومن الفاعل .
إنحنى جورج بخوف : إنها إحدى الخادمات سيدي .
إيريك : كم عمرها و أين عائلتها .
جورج : إنها في السادسة عشر يتيمة كان والدها أحد الحراس وبقيت للعمل هنا .
إيريك : من فعل ذلك أريده تحت قدمي حالا .
جورج : لقد لاحقه الحراس مع كلابهم وحسب أقولهم هو ليس من هنا ، يبدو أنه رآها وإستدرجها للإسطبل .
أتى الطبيب ليفحص الفتاة ثم هز رأسه بأسى وهو يخبرهم : لقد توفيت بسبب النزف الشديد أعتذر سيدي الجنرال .
نهض الطبيب بعد أن غطى وجهها وذلك الجسد الفتي الذي إنتهكه أحد الذئاب البشرية وسلب منها حياتها .
لحظات وسمع الكل أصوات الكلاب والحراس ليخرجوا للخارج .
وقف إيريك بشموخ عاقدا ذراعيه قاطبا حاجبيه وهو ينظر لذلك الرجل رث الملابس المقيد الذي أمسك به الحراس .
رموه عند قدميه ليمسك بشعره بقسوة ويسحب رأسه للأعلى وهو راكع عند أقدامه وقد ميز وشم رقبته ليعرف أنه أحد الخارجين عن القانون .
نظر له بحدة : كيف تجرؤ على العبث والتعدي على حرمة قصري ألا تعرف من أنا أيها الوضيع .
إرتجف ذلك الرجل بحدة وهو يتعرف على الجنرال الأقوى والأقسى في المملكة ليصاب بالهلع وهو يتوسل ويستجدي الرحمة .
سحبه إيريك من شعره وهو يتجه لأحد الأعمدة يشده من قيوده ويكبله على العمود .
تناول سوطه من الحارس وهو يهتف بقسوة أمام تابعيه وخدمه الخائفين وهو يقول : الآن تطلب الرحمة وقد تعديت على حرمت أرضي سأجعلك عبرة لكل من يتجرأ ويتطاول على أسياده .
رفع سوطه وإنهال عليه بضربات قوية بينما كان ذلك البائس يصرخ بعذاب من شدة الألم وهو يطلب الرحمة .
وقفت رومينا متجمدة وهي ترى من تحبه وقد تحول لوحش متعطش لدماء أعدائه ، وقد أخافتها صرخات ذلك الرجل وضعت يديها على أذنيها فتلك الصرخات تؤلمها بالرغم من علمها أنه إستحق العقاب .
رمى سوطه وقد إنتهى من جلده بعد أن إنهار اللعين وقد نزف ظهره وملئته خطوط الجلد الدامية على ظهره وساقيه .
نظر إيريك لحارسه وأمره : أريده معلق في زريبة الحيوانات ليكون عبرة لأمثاله ولتقوموا بخصيه جزاء إعتداءه على الفتاة.
أحست بقلبها يتوقف ثوان وهي تسمع أوامره الأخيرة قبل أن ينبض بشدة مؤلمة وهي تستوعب ما أمر به ، ليقتله فحسب لما هو بهذه القسوة ، هزت رأسها بحدة وذلك الصداع الذي تشعر به يتزايد .
تراجعت بضع خطوات وهي تراه يقترب منها لتصرخ بقوة تضغط بأصابعها على جبينها علها تخفف من ألمه ، زاغت عيناها وإكتسحهما الضباب ، قبل أن تسقط فاقدة الوعي بين يدي إيريك لتهرب من صدمتها بقسوة حبيبها وزوجها وتبعد ذلك الألم الذي يجتاح رأسها وقلبها بنفس الوقت .

*********************
حاولت جوليانا زيارة ليا دون جدوى فهي أوامر الأمير ، فقررت أن تخرج للسوق لتحضر ما ينقصها ، تنهدت وعادت لغرفة الضيوف تطمئن على الجدة التي سلمتها رسالة من توماس .
عزيزتي جو
أوكلني الملك بمهمة سرية لصالح المملكة وإضطررت للمغادرة قبل وداعك
أترك جدتي وليا بين أيديكي إعتني بهما لأجلي حتى أعود .
أمرت جو ميرتا بالعناية بالجدة التي بقيت بالفراش بعد أن أرهق قلبها المتعب ، طمأنتها عن ليا بأنها مع الأمير وهو سيعتني بها ، وطلبت وصيفة خاصة للعناية بها ومرافقتها .
ثم جهزت نفسها للخروج وقد عادت لشخصية جوليانو التي ستسمح لها بالتحرك بحرية ، وضعت سيفها على خصرها وجمعت شعرها تحت القبعة التي إختارتها ، وأمرت بتجهيز حصانها وقد قررت التمتع بهذه الحرية المشروطة التي ربما لن تتكرر عند عودة الملك .

**********************

بين أسوار مملكته مكتوبة كاملة سلسلة قيد الجواريWhere stories live. Discover now