حصون من جليد

By Durah2016

735K 13.4K 1.5K

غرفة ذات جدران قاتمة اللون رغم طلائها الفاتح ومكتبة برفوف ضخمة خشبية مدعمة بالحديد كي لا تتآكل مع مرور الزمن... More

1
2
3
4
5
6
7
8
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
50
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62 the end

37

11.1K 185 26
By Durah2016


الفصل السابع والثلاثون

المدخل : بقلم الغالية lulu moon

خاطر .....
سألت :هل يلام الحبيب على عتابه لحبيبه ؟!!!!!
لذاااااااااااا لا تلمني يا آسرَ قلبي فما قلبي بيدي بل بيدك!!!!!
فرد: وهل تغفر زلة حبيب ؟!!!!!!!!!!!
اغفري لقلبي الذي احبكِ !!!!!!!!
ولا تكوني سراب كسرابات صحراء حياتي التي ولت !!!!!!!!!!!
عودي فالفراق صعب!!!!!!!!!
*****
قالت :احب شخصيتي ومن احبها ...كنت كذلك دوما ...لكن ما فعلته غيرني ...فقدت كرهي لك .....هل تعي معناها؟؟؟؟؟؟؟؟؟لن اسامحك على اقتحام قلبي .
قال:كوني ملجأ لقلب يهوى تعجرفكِ ....... ستسامحيني لانكي فعلتِ المثل ...سرقتي قلبي!!!!!
*********
قال:لا يوجد من يستطيع ترك قلبه ويرحل ؟؟؟؟؟
قالت :ولا القلب يترك مسكنه ..............
"""""""""""""""لذا لا ترحل"""""""""""""
احبكم ....
لولو العراقية .

سلمت يداك

أوقفت السيارة أمام الباب فما سمعته لم يدعني أتحرك أكثر وقال

هوا " تاجر خيول هنا صديق مقرب جدا لشقيق الوزير الوحيد

وقد رأيته بعيني عنده "

قلت بدهشة " قل قسما "

ضحك وقال " قسما بمن خلقك , وأبشرك أنه رجل سمح وكأنه إنسان

عادي عامي ليس شقيقا للوزير وبحكم صداقتي الجديدة بنواس وعلاقته

بخالي رفعت يمكننا تدبر الأمر فبالتأكيد سيحصل لك على موعد مباشر مع

شقيقه بما أنه يعيش معه في قصر والدهم في مدينة لا تبعد كثيرا عن المدينة

التي أعيش فيها حدود مشوار الساعة أو الساعة والنصف وإن أردت

تحدثت لك معه في أقرب فرصة "

قلت من فوري " بالتأكيد أريد ذلك بل ستخدمني خدمة

العمر يا إياس "

قال بتوجس " أواس إن كنت تواجه خطرا ما فلا تنسى أننا

أصدقاء وأخوة يا صديقي "

تحركت حينها مغادرا وقلت " لا تقلق يا إياس إن احتجت شيئا

فلن أتردد في طلب مساعدتك "

قال من فوره " وهوا كذلك , وسأتحدث معه ما أن أزور مزرعتهم

نهاية الأسبوع فهوا يبدوا يقضيها عندهم "

تنهدت براحة وقلت " شكرا لك يا إياس أنت حللت لي مشكلة كبيرة "

قال بهدوء " لأني أعرفك لا تبوح بما يدور في رأسك الصلب هذا

ولا أريد أن تكون عرضة لأي خطر ونلوم أنفسنا فيما بعد , وداعا

الآن وسأتصل بك ما أن أتحدث معه "

قلت بهدوء مماثل " وداعا وافعل ما في وسعك أو أعطني

عنوان المزرعة وسأذهب لمقابلته بنفسي "

ضحك وقال " مهلك قليلا فأنا أريد توسيط السيد نواس لذلك "

قلت مبتسما " سأترك الأمر لك وكلي ثقة "

قال من فوره " سأفعل ما في وسعي .... وداعا "









*~~***~~*









بعد وقت طويل قضيته في البكاء نزلت للأسفل وبحثت عن عمته التي

كانت في غرفة المعيشة تشاهد مسلسلا بدويا وما أن دخلت حتى قالت

" تعالي يا دُرر هذا المسلسل لا يفوت "

جلست في الطرف الآخر تحت التلفاز وقلت " أنا لا أشاهد

المسلسلات بجميع أنواعها "

نظرت لي وقالت " معك حق أن أغلب ما يعرض أصبح لا

يمكن مشاهدته لكن هذا النوع مختلف "

نظرت لي بعدها باستغراب وقالت " ما بك يا دُرر هل

أنتي متعبة "

هززت رأسي بلا ونظرت للأرض بحزن فقالت

" ولما وجهك هكذا إذا ؟؟ "

نزلت دموعي من فورها وبدأت بمسحها فوقفت وتوجهت نحوي

وجلست بجانبي وضمتي قائلة " ما بك ؟ هل تشاجرتما مجددا "

قلت بعبرة " ليث الأمر كذلك ليثه يضربني كل يوم ولا

يفعل ما سيفعله "

أبعدتني عنها وقالت بقلق " دُرر ما به أواس "

مسحت دموعي وقلت " أنتي على علم بفكرة انتقامه من

جدي أليس كذلك "

تنهدت بأسى ولم تعلق فقلت ببكاء " لكنهم كثر عمتي وسيقتلونه

وهوا يحاربهم وحده , هم حوله في كل مكان وصلوا لزوجته

فلن يتوانوا عن جر أي أحد معهم "

نظرت لي بصدمة وقالت " ما هذا الذي تقولينه يا دُرر "

أمسكت يدها وقلت بعبرة " لنجد حلا للأمر أخبري والده أو

لنخبر عم ترجمان ليوقفه عما يريد فعله ولا يأخذوه منا "

شدت على يدي بقوة وقالت بحزن " اتركيه يا دُرر فعلى أواس

أن يتحرر من الماضي ومن حقده ومن وحش الانتقام الذي

يؤرق حياته فلن يرتاح إلا إن انتقم منه "

قلت بنحيب " وما نفع كل ذلك إن مات ؟ إن تركنا ورحل "

حضنتني بقوة وقالت ببكاء " يكفي بكاء يا دُرر أعرفك قوية دائما "

قلت بصراخ باكي " كيف لا أبكي وكيف لا أنحب ؟ ليثني لم أعرفه

ولم أراه , ليتهم تركوني للفضيحة والشارع "

بقت تحضنني بقوة تبكي معي بصمت وبقيت أنا على نحيبي ولا أعلم

من فينا تواسي الأخرى حتى انفتح باب الغرفة فابتعدت عنها ونظرتُ

جهته وكنت أضنه أواس فكانت وجد وقد وقفت مكتفة يديها لصدرها

وقالت بسخرية " ما سر هذه المناحة ؟ لا تقولي أن حبيب القلب مات "

صرخت فيها حينها " لن يموت لن يعطيكم الفرصة لتدميره , وإن

لم يفعلها هوا سأفعلها أنا وأنتقم منكم "

ضحكت حينها بصوت مرتفع ناضرة للأعلى فوقفت ورغم إمساك

عمته ليدي استلتها منها وتوجهت نحو تلك النجسة وبدأت بضربها بكل

قوتي , من يصدق أن درُر تضرب أحدا ! دُرر التي لم تُعرف حياتها سوا

بالهدوء والحكمة والتصرف بعقل , كنت أفرغ فيها غضبي من كل شيء

وأولهم بيعها لزوجها وتأمرها مع الخونة ضده , وقد باءت جميع محاولاتها

لصد ضرباتي بالفشل فلم أترك مكاناً في وجهها لم أضربه ولا خصلة من

شعرها في مكانها وهي تصرخ بعلو صوتها وقد فشلت حتى عمة أواس

في فك شعرها من يداي ومنعي من ضربها ولم أكن أرى شيئا أمامي ولا

أحد ولم يوقفني سوا تلك الذراعان القويتان اللتان أمسكتا خصري

وشدتاني بعيدا عنها وصوت أواس صارخا " دُره يكفي "







*~~***~~*








دخلت المزرعة فلفت انتباهي صوت الضحك والصراخ فتوجهت نحوه

من فوري فكانت ندى وسدين تلعبان الكرة وأمي ورغد تضحكان عليهما

أما ترجمان فترسم على الأرض بعود شجر وكوب القهوة في يدها , اقتربت

منهم وقبلت رأس والدتي وجلست بجوارها على الفراش ثم نمت رأسي في

حجرها وأغمضت عيناي وتنهدت بتعب فمسحت بيدها على شعري

وقالت " أين كنت يا إياس من قبل الفجر "

قلت وعيناي ما تزالان مغمضتان " خرجت لبعض الأمور

الضرورية , ومن أخبرك أنتي أني خرجت ؟ "

قالت وأصابعها تتخلل شعري بحنان " سهاد طبعا ولا أعلم أن ثمة

أعمال من قبل الفجر فما بك ؟ هل تشاجرت معها "

قلت باختصار " لا "

قالت حينها رغد " وهي تبدوا بمزاج سيء اليوم "

فتحت عيناي ونظرت للسماء وقلت " وما بها سهاد من أغضبها "

قالت والدتي " ومن رآها ليغضبها فهي لم تنزل إلا من قليل

جلست للحظة وعادت للمنزل مجددا "

خرجت حينها ترجمان من صمتها وقالت ونظرها على ما ترسم

في الأرض " لم أقترب من ألماستك طبعا فلا تفكر بي "

أغمضت عيناي مجددا وقلت ببرود " ومن تحدث عنك "

وصلني صوتها ساخرا " لأني المتهم الوحيد بما يحدث لها طبعا "

قالت والدتي حينها " ما هذا الذي تقولينه يا ترجمان فلا أحد

يتهمك بشيء "

قالت بضيق " بلى كل شيء أنا من يفعله لها وهذا ما كان

يلمح له ابنك للتو "

نظرت لها حينها وقلت بحدة " ترجماااان "

فوقفت وقالت مغادرة " ستريحك من رؤيتها "

قالت والدتي فور ابتعادها " خف عليها يا إياس ما بك

غضبت هكذا "

جلست وقلت بضيق " ألا تسمعين ما تقول ؟ هي لا تحترم

أحدا ولا حتى أنتي "

قالت رغد بهدوء " أنت المخطئ يا إياس "

نظرت لها وكنت سأتحدث فسبقتني قائلة " أنت اهتممت لأمر سهاد

وغضبها ولم تفكر حتى أن تلقي عليها التحية أو تسألها ما بها وهي

أمامك في شرود وصمت وتبدوا مستاءة جدا "

وقفت وقلت بضيق " هي سبب ما فيه , هي من تجلب الضيق

لنفسها وغيرها "

قالت والدتي ببرود " أرى أن ننهي الحديث في الأمر قبل أن يكبر

أكثر وتسمع سدين حديثنا وتفتحها لنا مناحة كالمرة الماضية "

غادرت من عندهما ودخلت للداخل وصعدت لجناحي ودخلت الغرفة

فكانت سهاد تجلس على السرير وسماعات الهاتف في أذنيها فتوجهت

للخزانة أخذت ثيابا وتوجهت للحمام فانتبهت لي حينها وقالت قبل

أن أدخل " إياس انتظر "

وقفت عند الباب ونظرت لها فأزالت السماعات وقالت

" أين كنت ؟ "

قلت ببرود " أنهيت بعض المشاوير المهمة "

لوت شفتيها وقالت ببعض الضيق " عليك إيجاد حل لما بينك وبين

زوجتك تلك بدلا من الهروب من المنزل ليلا "

قلت داخلا للحمام " الصبر يا سهاد الصبر "

ثم أغلقت الباب ونزعت ثيابي ورميتها بعيدا ودخلت تحت الماء

أرخي عضلاتي وأغمضت عيناي محاولا أن لا أفكر في شيء

في أي شيء








*~~***~~*








مرت ثلاث أيام أصبت فيها بحمى لم أغادر السرير بسببها فبعدما

أبعدني أواس عنها بالقوة بقيت على حالتي الهستيرية تلك حتى صعد

بي لغرفتنا وحاول تهدئتي ودون جدوى فقد كنت في حالة لا أعرف بما

أصفها وكأني أفرغت كبثي لكل شيء بل وكأنها حالة من الجنون المؤقت

ولم يوقفني سوا تلك الصفعة القوية من يده لتعيد لي صوابي وأغمي عليا

بعدها ولم أفق إلا ثاني اليوم لأجد نفسي في المستشفى حيث نمت فيه ثلاث

أيام قبل أن أخرج منه وقد مر بعدها يومان آخران سجينة غرفتي لم أخرج

منها ولم أتحدث مع أحد ولا شيء سوا الجلوس أمام النافذة حتى كدت أحفظ

الجزء المقابل من الحديقة شبرا شبرا وحجرا حجرا وأشعر باختناق وضيق

لم أشعر بهما حياتي , انفتح باب الغرفة ثم أغلق ولم التفت للداخل فأنا أعلم

جيدا من يكون دون أن أنظر , وصل عندي وانحنى لي وضمني بذراعيه

من ظهري وقبل خدي وقال " دُره عودي تلك التي أعرفها أقسم أني

اشتقت لها "

ملئت دموعي عيناي وقلت ببحة " ليثه يمكنني إعادتها فهي مثلك

قررت أن تموت "

ابتعد عني ووقف على طوله وقال " لم أندم على شيء فعلته في

حياتي مثل ندمي على أني أطلعتك على تلك الأمور "

مسحت دمعتي وقلت بسخرية " وما الذي كان سيتغير في ذلك

سوا أن أفقدك دون أن أعرف السبب "

وضع يداه على كتفاي وقال " لما ترجحين موتي ؟ لما لا أكون أنا

المنتصر يا دُره وجدك الميت أو المسجون ؟ أم لا تتمنيها له "

قبضت على قماش توبي بقوة وقلت ودموعي تتقاطر على قبضتاي

" لأنهم كثر ولأنه ليس هنا ولأنك وحيد فكيف ستتغلب عليهم "

قال بشبه همس " لكني على حق يا دُره "

قلت بعبرة " وكم من صاحب حق كان ضحية واندفن

حقه معه تحت التراب "

أبعد يديه عن كتفاي وقال بجدية " إن كنتِ مكاني ما

كنتِ ستفعلين يا دُره "

لذت بالصمت أمسح دموعي ولم أعرف ما أقول فتنهد وقال

" أقسم اشتقت لك ولا أعلم حزنك وحدادك هذا متى سينتهيان "

وقفت حينها وأمسكت يده وسحبته نحو السرير فأوقفني بوقفه وقال

" لا أريد ذلك فرض واجب يا دُره "

عدت نحوه حينها وضممته متعلقة بعنقه أرفع نفسي على رءوس

أصابعي وقبلت أسفل خده وقلت بهمس " ليس فرضا فأنا أيضا

أريد أن أنسى كل شيء ولا شيء يفعلها إلا النوم في حضنك "

قبلني مطولا ثم حملني للسرير فقلت " امنحني ابنا منك أواس وأقسم

أن لا يربيه جدي وكما قلت فقد تعيش له "

مد أصابعه لسحاب التوب وقال وهوا يفتحه ونظره في عيناي

" دعيني أتأكد من أمر ما أولا ثم سيحدث ما تريدين يا دُره لكن

الآن والليلة مستحيل "









*~~***~~*









مرت عدة أيام لم نعد نعمل فيها في الأرض لأن العمال الجدد تولوا

كل شيء ولم أعد أرى إياس إلا لمحات بسيطة بالمصادفة وكل واحد

فينا يتجنب الآخر , فكرت للحظة أن أعتذر عن كلامي ذاك كما اعتذرت

من عمتي على فظاظتي معها لكني تراجعت ولا أعلم لما هل كي لا أفتح

له بابا ليسخر مني أو لكي لا يجدها فرصة ليذكرني بأخطائي وطباعي

ورأيه السيئ في شخصيتي وأفعالي ؟ ثم هوا لم يعتذر عما قاله يومها

لرغد وهوا يعلم أني سمعته ولا عن تلك الليلة التي اكتسح فيها غرفتي

وهوا من سبق وقال لن يقربني أبدا , رفعت رأسي ونفخت بقوة فكلما

تذكرت تلك الليلة أشعر بأنفاسي تُحبس داخلي ولا أعلم لما لا أنساها

شعرت بشيء ضرب ظهري وصوت سدين قائلة

" اعملي بسرعة سيدة فلاّحة "

نظرت لها ببرود وقلت " زوجك هوا أم زوجي "

تنفست بضيق وتابعت عملها فابتسمت بمكر وقلت " ما السر

أن يطلب أن تطهي له أنتي تحديدا "

قالت ببرود " قوليها أنتي يا ذكية "

قلت بضحكة مكبوتة " يريد أن ينام يحلم بك وبطعامك "

ضحكتْ ضحكة ساخرة ولم تعلق فقلت وأنا أقطع الخضار " لو كنت

مكانك ما طهوت له , من كثرة ما يسأل عنك ويتحدث معك ليطلب طبخ

يديك ؟ وحتى بعدما أصبح عمله هنا لازال يعاملك بتهميش وإهمال "

قالت بضيق " ترجمان بالله عليك ترحميني منك أعلم كل

هذا ولا داعي لأن تخبريني به "

ضربت رأسها بطرف مقبض السكين وقلت

" إذا لما لم تتحججي وترفضي "

قالت ببرود " هل تريدي أن أموت على يدي أمي أو إياس

ثم هوا سيعتقد أني لا أعرف الطهي وأتهرب "

قلت بسخرية " أفضل من أن تظهري بمظهر المطيعة

وهوا لا يستحق "

غطت المقلاة التي تطاير منها الزيت وقالت " ليس الجميع مثلك

يا ترجمان وموقنة من أنك لو كنتِ مكاني ما طهوتِ له رغم

علمك أن النتائج ستكون على رأسك "

قلت بجمود " نعم ما كنت سأفعلها وإن دق عنقي "

قالت ببرود " ولهذا حياتك لا تسير بخير ولا تجنين سوا المشاكل "

لذت بالصمت ولم أعلق فقالت بهدوء " لا تغضبي من كلامي يا ترجمان "

رفعت كتفاي بلامبالاة وأنا مستمرة في التقطيع وقلت " لم أغضب "

قالت بعد قليل " هل أنتي حقا راضية عن حياتك يا ترجمان ؟ لا

أعني شخصيتك فهي تعجبني , أعني واقعك وما تعيشيه "

ابتسمت بسخرية وقلت " ومن يرضى بحياة كهذه ؟ لا لست راضية

عن وضعي الذي أُجبرت أن أكون فيه فلولا احترامي لعمي وعمتي

وأني لا أريد لهما الفضائح لاختفيت من زمن وما وجدني

شقيقك لا في أرض ولا سماء "

تنهدت بقوة وقالت " أنتي غريبة حقا يا ترجمان "

سكبت الخضار المقطعة في الطبق ثم قلت وأنا أغسل يداي

" وما الغريب بي يا من تري بعينك كل ما أنا فيه "

هزت رأسها بحيرة وقالت " بدلا من أن تفكري في تغيير حياتك

وتسعي لذلك تفكري في ترك كل شيء والهروب "

توجهت للقدر ورفعت غطائه وقلت وأنا أحركه " وكيف أغيّر

حياتي وواقعي يا ذكية "

قالت من خلفي " تسترجعي ما كان لك وأخذَته غيرك طبعا "

تذوقت ملحه ثم رميت الملعقة وقلت " هوا لم يكن لي من أساسه "

غطيت بعدها القدر وقلت " هل أضع اللحم في المقلاة "

قالت " نعم , وكيف لم يكن لك وهوا زوجك "

قلت وأنا أضعهم واحدة واحدة " كم مرة سأعيدها لك , شقيقك

لا يريدني ولم أعجبه يوما فكيف بعدما تزوج بتلك "

قالت من فورها " وأنتي ؟ "

ضحكت ضحكة لا أعرف ساخرة أم متألمة ولم أعلق فقالت

" اصدقيني القول يا ترجمان ألا تتمني أن كنتما زوجين

متفاهمان محبان ؟ "

غطيت المقلاة وقلت " نعم لكن الأوان قد فات "

قالت من فورها " لا لم يفت "

نشفت يداي وقلت ملتفتة لها " قد أتمنى ذلك مع رجل

غيره أما شقيقك فقد أصبح لغيري "

لأقف مكاني وأنا أرى الواقف عند الباب ينظر لي بهدوء وصمت

فحولت نظري سريعا لسدين التي غمزت لي مبتسمة فرميتها بالمنشفة

بغضب وتوجهت للباب لأخرج مجتازة له فأمسك خصري بذراعه

فقلت محاولة الخلاص منه " أتركني أبعد يدك "

لكنه لم يكترث لي بل أحكم القبض عليا بذراعيه ورفعني عن الأرض

وخرجت تلك الحية من المطبخ قائلة بضحكة " سأرى والدتي وأرجع "

قلت محاولة ضربه بقدماي لينزلني " تعالي هنا وأنت اتركني حالا "

ولا حياة لمن تنادي فقد أدخلني المطبخ وأغلق الباب وأنزلني

مسندا لي عليه وقال ناظرا لعيناي " سقط ما في رأسك

يا ترجمان أم ليس بعد "

قلت بجمود " ليس بعد ولن يسقط "

اقترب مني أكثر وقال بابتسامة ماكرة " لم تخبريني أنك كنتِ

تريدين حياة طبيعية معي كزوجين "

قلت محاولة دفع صدره بيدي " قلت ذلك بشكل عام ولا تنسى

أني قلت أنت أو غيرك "

أمسك وجهي بيديه مخللا أصابعه في شعري وقد ألصق جسده

بي فتنفست بقوة وقلت ببحة " لا ... ابتعد "

ابتسم بمكر وقرب وجهه قائلا بهمس " هل تخشي أن تضعفي "

قلت بضيق محاولة التحرك " لا طبعا , ابتعد يا إياس قلت لك "

أمسك يداي ولفهما خلفي وتبثني أكثر وقال بابتسامة جانبية

" وماذا عن ارتجافك تلك الليلة بين يداي "

لم استطع قول شيء ولا التركيز في أي كلمة قد تخرج مني حينها لأنه

قرب وجهه أكثر حتى لم يعد يفصلنا شيء وأصبحتُ أشعر بأنفاسه تعبر

مجرى تنفسي وتعبث بكل قدرة لي على التركيز فسحبت الهواء لرئتي

بقوة لتصدر عن ذلك صوت شهقة صغيرة فاتسعت ابتسامته

وهمس متمتما " نعم هكذا يا الجموح "

وقبلني بعمق يشد يداي خلف ظهري بقوة وأنا أقاومه بقوة ضعيفة

سرعان ما انهارت واستسلمت ولم يوقف ذلك سوا صوت صفير آلة

تسخين المياه معلنة عن وصوله لدرجة الغليان فأبعدته عني بقوة

أمسح شفتاي بظهر كفي وقلت بضيق " سحقا لي "

خرجت مني لا إراديا ولم أتخيل أن تصدر مني مسموعة هكذا

وانفتح الباب حينها ودخلت منه سدين قائلة " لو احترق

الطعام فلن أسامحكما تفهمان "

وتوجهت للموقد فورا تفتح كل شيء فرفعت نظري للذي ما يزال

واقفا أمامي يديه في جيوبه فوجدته ينظر لي مبتسما فقلت من

بين أسناني " أكرهك "

اكتفى بالابتسام دون تعليق ودخلت حينها التي ما كنا لنراها لولا

دخوله هنا وقالت بصوت مصدوم " سدين تطبخ اليوم !! جميل جميل "

فنظرت لها مبتسمة بسخرية وهي تمر من جانبي متوجهة للموقد , صباح

الخير سيدة ناموسة الآن لاحظتِ أنها من يطبخ اليوم ؟ عدت بعدها بنظري

لإياس فكان لازال ينظر لي فأبعدت نظري عنه فتحرك حينها خارجا ومر

بجانبي ضاربا لكتفي بذراعه عمدا فشعرت بمعدتي ألتوت فجأة فعضضت

على شفتي بقوة ولا أعلم ما بي ؟ أما هوا فغادر من فوره والتفتت لنا تلك

الشاحبة فورا فنظرت لها نظرة متعالية وتوجهت للأطباق أرتبها لنسكب

الطعام فيها وقالت سدين " ترجمان ماذا كنتما تفعلان مغلقان

باب المطبخ عليكما ها "

ضحكت بصمت على التي كانت ستخرج ووقفت مكانها ثم قلت

مولية ظهري لهما " زوج وزوجته ما حشر أنفك أنتي بينهما "

قالت بصوت فيه ابتسامة مكتومة وهي تولي تلك الشاحبة ظهرها

أيضا " احترت فقط ما الذي تفعلانه صامتان والباب مغلق "

خرجت حينها تلك بخطوات ثقيلة والتفتنا نحن لبعضنا وضحكنا

ضحكة واحدة ثم قالت غامزة بعينها " قولي هيا "

ثم أشارت بكتفها ناحيتي وقالت بمكر " وما سر هذه الحركة "

رميتها برأس الجزرة وعدت لما أفعل قائلة " بسرعة قبل

أن يغضب منك زوجك المبجل "

ضحكت حينها وقالت " هل لاحظتِ أن زوجك المبجل

غادر ولم يقل ما كان قادما من أجله "

تابعت ما كنت أفعل ولم أعلق وقد شعرت بنشوة غامرة لا أعلم

ما سببها ؟ هل كسرنا أنف تلك الشاحبة أم أنه سبب آخر تماما ؟؟


*~~***~~*
خرجت من الحمام أربط حزام المنشفة حول خصري ثم بدأت بتجفيف

شعري بمنشفة أخرى أجمعه كله في جانب واحد لحظة ما طرق

أحدهم الباب فقلت " تفضل "

ظننتها الخادمة فكانت عمته وتراجعت قائلة " آسفة يا دُرر

سأعود فيما بعد "

وقفت ولحقتها وأمسكت يدها وأعدتها للغرفة قائلة

" لن تذهبي بعدما وصلتِ "

كانت ستعترض فأقسمت لها أن تدخل وأني لم أكن سألبس ثيابي الآن

فدخلت مرغمة وأغلقتُ الباب خلفها ثم توجهتُ سريعا لثيابنا ووضعتها

في السلة قائلة بإحراج " آسفة على الحال المزرية التي

وجدتِ فيها الغرفة "

جلست على الأريكة وقالت مبتسمة " لا عليك فالخطأ خطئي "

وضعت المنشفة جانبا والتفت لها أعدل روب الحمام على جسدي

جيدا فقالت بذات ابتسامتها " علمت الآن لما تحسن مزاجه

اليوم بعد تعكره لعدة أيام "

نظرت ليداي في حجري وقلت بإحراج " عمتييي "

فضحكت وقالت " لما تركته يخرج شعره مبلل هكذا ؟ هل

ينقصه زكام "

تنهدت بضيق وقلت " لم يكترث لي , حاولت كثيرا وبلا فائدة

وقال أنه لن يخرج من المنزل وسينزل لمكتبه "

هزت رأسها بنعم وقالت " مرني قبل أن يدخل له "

ثم نظرت لعيناي وقالت بهدوء " قال أنه سيطلّق وجد قريبا "

نظرت لها بجمود فقالت " يبدوا لديك علم مسبق "

نظرت للأرض بحزن وقلت " نعم رغم أن بقائها أفضل لها "

قالت باستغراب " من عقلك تقولين هذا يا دُرر !! "

رفعت رأسي ونظرت لها وقلت " وجد متآمرة مع رجال جدي "

شهقت بقوة وقالت " وجد !! "

ابتسمت بسخرية وقلت " ولا تستبعدي أن يكون جميع من

حوله معه أو رشوهم "

ثم تابعت بدمعة محبوسة " بث أخشى عليه حتى من العجوز الذي

يهتم بالحديقة فكيف بمن في الخارج "

هزت رأسها بأسى وضربت كفها بالآخر وقالت " لا أعلم متى

سترتاح في حياتك يا أواس متى ؟؟ "

مسحت عيناي بطرف كمي وقلت " احكي لي سبب كل هذا عمتي

أرجوك وأقسم لن أخبره شيئا "

تنهدت تنهيدة طويلة ثم غابت بنظرها في الفراغ وقالت بشرود

حزين " مأساة أواس بدأت منذ ولد من امرأة كانت حبيبة جدك

الذي كان يعشقها حد الجنون "

نظرت لها بصدمة وتابعت هي بذات النبرة الحزينة " عندما تزوج والد

أواس بوالدته كان جدك ليس كبيرا جدا في العمر فهوا تزوج صغيرا وتقابل

بوالدة أواس مصادفة من قبل زواجها وسعى خلفها كثيرا وكان رجلا ذوا

هيبة وسلطة وشخصية مسيطرة ومتملكة جدا فكيف إن عشق امرأة ذاك

القدر من العشق , رفض أهله وأهل زوجته وزوجته أيضا فأعلنها حربا

على الجميع وقال بأنه سينسف كل من سيقف في طريق زواجه بها وفي

رحلة سافر فيها ليومين فقط عاد ليجدها تزوجت فجأة ودون علمه ويبدوا

والله أعلم أن ثمة شيء أو تحدي بين والد أواس وبينه أو هكذا فهمت لَما

كان سعي لأن يتزوجها في تلك المدة وفي غيابه , ولم يترك جدك جهدا

ووسيلة ولم يفعلها وسعى لطلاقها بكل الطرق وبالفعل تطلقت منه بعد

عامين ونصف تقريبا وكان نتيجة ذاك الزواج أواس الذي تمسكت به

والدته بقوة ورفضت أن يأخذه والده منها وعاد على رضوان للسعي

ورائها وكانت زوجته التي هي جدتك قد توفيت ذاك العام وقد رفضت

والدة أواس بشدة أن تتزوج وقالت أنها تريد تكريس حياتها لابنها فقط

وعندما أصبح أواس في السادسة تزوجت والدته بجدك ولا أحد كان يعلم

سبب موافقتها بعد رفضها كل تلك السنوات وقد اشترطت عليه أن تأخذ

ابنها معها رغم أن والده كان معارضا ويريد أخذه لكن أواس تمسك بها

أيضا ورفض أن يكون إلا معها ووافق شقيقي سالم مكرها وكم حاول

جدك إقناع والدته أن تتركه لوالدتها رحمها الله أو لوالده أو حتى لي أنا

عمته لكنها رفضت وكلما تشبثت به أكثر كرهه هوا أكثر فهي كانت

تعامله معاملة لا يمكن وصفها , معاملة زوج وأب وأخ وابن وبعد سنوات

وحين أصبح أواس في العاشرة تعبت والدته وحين أخذوها للطبيب اكتشفوا

أنها مصابة بورم في رحمها سببه منذ ولادتها بأواس ولهذا لم تحمل بعد

زواجها بجدك حيث كان يصر أن لا تخضع للفحوصات وقال أنها وحدها

تكفيه وفي ذات ذاك العام مات والدك وجلبك جدك معه , جدك الذي كره

أواس أكثر وأضعافا مضاعفة والأسباب شتى لأنه ابن الرجل الذي سلبه

المرأة التي أراد ولأنه كان يحوز على كل حبها واهتمامها , وأكثر لأنه

رآه السبب في مرضها الذي بدأ يأخذها للموت , ولأن أواس شخصية

متمردة وعصبية كان لا يسكت له أبدا فكان يضربه ويسجنه في الملحق

ومنعه من رؤية والدته لعامين كاملين لا يحدثها ولا يسمع صوتها إلا

من خلال نافذة غرفتها "

مسحت دموعها التي ملئت خديها وتابعت " كان وحشا وليس بشريا أبدا

لقد تسبب له بانسداد في أوردة مفاصل قدميه عانى بسببها لسنوات

وسافر كثيرا من أجل العلاج بعدما تحسنت أحواله المادية فتصوري

أنه دخل الشرطة وتحمل مشقتها بكل تلك العاهات في أوردته فقط

ليصبح شرطيا ويأخذ بحقه من جدك ولولا مساعدة ذاك العقيد

له ما قبلوه "

مسحت دموعي وسددت على فمي وأنفي بكمي أمنع عبرتي من الخروج

وتابعت هي " تعلق أواس بك كثيرا وكان يهتم بك , بادئ الأمر لم يهتم

جدك لذلك لكنه ما أن لاحظ أن تعلقك به قد ازداد وأن حبه لك ليس حب

فتى لطفلة صغيرة بدأ يحولك لأداة لتعذيبه وقهره , وكلما طالبت والدته

برؤيته كلما سجنه وضربه أكثر , كان أواس يتصل بوالده ليخرجه من

هنا لكن شقيقي لم يأبه له لأنه اختار والدته عليه حتى توفيت والدته

وهرب أواس من هنا ولا أعلم أين ذهب ولا لمن فقد كان يأتيني يوما

واحدا في الأسبوع ولا يطلب شيئا سوا أن يأكل ولم يخبرني عنه شيء

مهما حاولت , وبعد عامين دخل لكلية الشرطة وبعدما تخرج أمسك أموال

والدته ودخل بها في تجارة نمت وكبرت كثيرا وكان حينها جدك قد سافر

وأنتي مخطوفة من آخر سنة عاش فيها أواس هنا وحتى والد أواس لم

يسْلم منه فضياع أبنائه من زوجته الأخرى كان بسببه ولهذا كان أواس

يخرجهم من السجن دائما فجدك ينتقم بشدة وانتقامه لا يكون بالقتل بل

بتعذيب نفس غريمه لأعوام وأعوام , حتى زوجته وجد كان والده من

طلب مني إقناعه بها وأنها ابنة شقيق رجل يعرفه ولم يخطر في بالي أن

تكون من طرف رجال جدك وأراد أن يتزوجها أواس ليقهره أكثر فلم يبقي

لأواس أحدا , تركه يعيش مقهورا وحيدا يتأذى من كل المحيطين به , حتى

أنا سعى أخي سالم بسبب صديقه الفاسد ذاك لأن يزوجني رجلا من شلتهم

لكني رفضت بطلب من أواس والنتيجة أن طردني من منزله ولم أدخله

لأعوام بعدها وكان أواس يقول لي بلسانه ( لم يترك لي أحد غيرك يا عمتي

فلا تتخلي عني لأعيش وحيدا ) لهذا كنت أصمت عن كل ما يدور حولك

يا دُرر ولم أكن أجب عن أسألتك وأخاف غضبه وأتجنب عصيانه كي لا

يخسرني أيضا ويبقى لوحده لا يثق بأحد ولا يلجأ بحزنه لأحد ولهذا كنت

ألح عليك أن تفهميه وأن تصبري عليه من أجله وكل غرضي كان أن يجد

من يرتاح بقربها من يرمي بهمومه في حضنها حتى إن لم يتحدث رغم

يقيني من أن جدك لن يتركك له فهوا لا يسعى إلا لتدميره "

أغلقت أذناي بقوة وقلت ببكاء " يكفي عمتي أرجوك يكفي "

فوقفت حينها وتوجهت نحوي وضمتني لها وهي واقفة فوقي تمسح

على شعري في صمت , هل هذا ما يفكر فيه جدي الآن ؟ هل سينتقم

من أواس انتقاما بطيئا يجعله به يتعذب لسنوات ؟ ألهذا لم يتحرك حتى

الآن ؟ لا هذا ظلم وليس عدلا أبدا ألا يكفيه ما رآه منه حتى الآن









*~~***~~*









أنهينا طعامنا وأوصلت الأطباق للباب لتدخلها الخادمات ثم دخلت

ولبست بذلة الشرطة مجددا لنعود للمركز فمررت بالمطبخ في طريقي

وكانت سدين تتفقد الأطباق وما أُكل منها وترجمان تضحك عليها

فضحكت وقلت " يبدوا طعامك حاز على رضاه "

التفتتا لي كليهما وقالت سدين " هل هوا أخبرك بذلك ؟ "

قلت مبتسما بمكر " لا لكنه أكل جيدا "

لوت حينها شفتيها وقالت ببرود " لا فائدة إذا , رجال

الشرطة كلكم جدران "

ضحكت حينها ترجمان تخفي فمها بيدها فنظرت لها بنصف

عين وقلت " تعجبك النكتة سيدة ترجمان "

تجاهلتني ونظرت لسدين وقالت " جهزي نفسك إذاً لحياة

يحسدك عليها الجميع "

تقدمت نحوها بخطوة واحدة واسعة وهي لا تعلم وأمسكت خصرها

ورفعتها بخفة ولففت بها مكاني لتصرخ من فورها ثم قبلت عنقها من

الخلف قبلة ستشعر بها هي ولن تراها سدين ثم أنزلتها وقلت مغادرا

جهة الباب " وهذا أحد أدلة السعادة "

ثم خرجت أمسح شفتي بطرف إبهامي مبتسما فيبدوا أني بث أعشق

ارتجافها من اقترابي ولمسها فهذا أمر لم أعرفه فيها سابقا , خرجت

برفقة أمين بعدها ورن هاتفي ونحن في الطريق فكان المتصل تاجر

الخيول نواس فأجبت عليه فورا فقال " مرحبا إياس أين أنت الآن ؟ "

نظرت لأمين ثم للطريق وقلت " متجه لمركز الشرطة هل من خطب ؟ "

قال بهدوء " شقيق الوزير هنا وقد تحدثت معه لكن على ما يبدوا لا

يمكنك المجيء الآن , كانت فرصة سانحة اليوم "

نظرت لأمين وأشرت له بيدي فهز رأسه بحسنا فقلت

" قادم لك مسافة الطريق فقط "

ثم وضعت أمين عند باب المركز وتوجهت للمدينة التي فيها مزرعته

بأقصى سرعة لدي فهذه فرصة قد لا نحظى بمثلها قريبا فحتى إن كان

شقيقه مع نواس سيكون الوزير مسافرا أو مشغولا , وصلت المزرعة

ونزلت ودخلت ووجدتهم كالعادة عند ساحة الخيول , اقتربت منهم

وصافحتهم واحدا واحدا وقال معاذ ضاحكا " لا تقل أنك

قادم للقبض علينا "

ضحكت وقلت " حتى إن فعلتها سيخرجكم شقيق الوزير طبعا

وسأخسر عملي "

ضحك معتصم وقال " لا كن مطمئنا فسيقول ليثه سجنك معهم "

وعدنا للضحك مجددا وقال نواس " لن نعطلك أكثر , هذا معتصم

هنا , إن لم يحصل لك على مرادك فلن يحصل عليه أحد "

قلت مبتسما " وكلي أمل فيه "

أخرج هاتفه وقال " سأحاول محاولة أتأمل أن لا تكون فاشلة بما أنه

اليوم من المعتاد يقضي جله مع عائلته فسأقبض عليه في القصر

وسنحصل لصديقك على بضع دقائق معه "

رفع بعدها هاتفه لأذنه لوقت ثم تأفف وقال " كالعادة لا يجيب "

قال معاذ " تحدث معه برقمه المخصص للعائلة "

قال وهوا يفتش في هاتفه " حذرنا من أن نحدثه منه إلا للضرورة

القصوى كي لا يجيب علينا دائما طبعا , وأن أتصل به الآن

سيكون فيها دق عنقي "

رفع هاتفه لأذنه مجددا وقال " مرحبا أمجد أين أنت ؟ "

قال بعدها بضيق " وأين تتسكع خارج القصر يا صعلوك "

ضحك بعدها وقال " نعم نسيت اليوم يوم حرية وداعا إذا "

جرب بعدها رقما آخر وقال محدثا له " مرحبا بيسوا أنتي في

القصر بالتأكيد "

ضحك بعدها وقال " وما به بيسوا أجمل من اسمك ؟ ومن هذا

الذي يسمي قطا هكذا "

ضحك مجددا ثم قال " حاضر يا أميرة بيسان هل والدك في

القصر أم هرب منكم اليوم أيضا "

سكت لوقت ثم قال " خذي هاتفك له إذا لأكلمه "

" لا بأس اطرقي باب جناحه وأعطيه له وأنا من سيُفهمه الأمر "

نظر بعدها لي وقال " أعطني اسمه الثلاثي "

قلت من فوري " أواس سالم مجدي "

هز رأسه بحسنا ثم قال " مرحبا جابر "

" نعم أعلم فكيف سأصطادك إن لم أطاردك , وبعد قليل كنت

سأوكل المهمة لمرام ولن تفشل فيها "

ضحك بعدها وقال " اسمع هناك أمر تقضيه لأحدهم يلزم أن .... "

سكت قليلا ثم قال بضيق " لا يتصرف فيه أحد غيرك فدعني أكمل "

ثم ابتعد عنا ولم نعد نسمعه وكنت واقفا على أعصابي أخاف أن يفشل

الأمر فأنا لست مطمئنا على أواس منذ أن حكا لي خالي رفعت تلك

الأمور , عاد بعد وقت جهتنا وقال وهوا يدس هاتفه في جيبه

" يعيش في العاصمة قلت لي ؟ "

هززت رأسي بنعم فقال " لو لم أخبره أنه ضابط شرطة وورائه

أمر مهم ما وافق أبدا وأتمنى أن لا يخذلنا صديقك "

قلت بجدية " كن واثقا فلن يطلب لقائه سدى "

تأفف وقال " صرعني يا رجل ( ليتحدث مع رئيسه ليأخذ

موعدا في مكتب الوزارة ) وكأنه لا وزير غيره "

ضحكنا عليه ثلاثتنا وقال معاذ " هل ستقارن وزير الثقافة أو الاتصالات

أو المواصلات وغيرهم بوزير الداخلية من يمسك الجيش والشرطة "

قال ناظرا لساعته " نصف ساعة ستكفيه ليصل القصر "

ثم نظر لي وقال " وافق بعد جهد أن يقابله هناك فأخبره

يتوجه للقصر فورا "

شكرته وغادرت من عندهم وما أن خرجت من هناك حتى اتصل

بي أمين فأجبت عليه وأنا أتحرك بالسيارة فقال من فوره " وجدنا

المزرعة يا إياس مفخخة جميعها وبدئوا بنقل ما فيها

ويملكون السلاح أيضا "

زدت من سرعة السيارة قائلا " قادم حالا لا تتحركوا حتى

أكون معكم "









*~~***~~*







رن هاتفي وكان إياس المتصل فوقفت وابتعدت عن العمال وأجبت

عليه وقلت من فوري " بشِّر يا إياس "

ضحك وقال " ومن قال أن لدي شيئا "

قلت بضيق " تكلم يا رجل فأنا أعلم أن اليوم عملك ولن

تتصل لتسأل عن الحال والأحوال "

قال من فوره " أمامك نصف ساعة فقط وتكون في قصر الوزير

وأعطي الحرس أسمك الثلاثي وسيدخلونك "

قلت بصدمة " بهذه السهولة وفي قصره أيضا !! "

قال بضيق " أي سهولة يا رجل ؟ لولا ألح عليه شقيقه ما تحصلنا

على دقيقة معه , المهم تحرك الآن فورا "

قلت خارجا من المعرض " سأكون هناك في أقل من نصف ساعة

وداعا يا إياس وشكرا لك يا صديقي "

قال من فوره " وداعا "

وأنهى المكالمة فركبت سيارتي وتوجهت للمنزل غير مصدق أني حظيت

بهذه الفرصة أخيرا وفي منزله وليس مكتبه وهذا أفضل سأبتعد عن الشبهة

ولن يكتشف ذاك الخنزير أني قابلته , أوقفت السيارة خارج المنزل ونزلت

ودخلت ركضا حتى وصلت مكتبي وأخرجت جميع الأوراق التي أخبئها

وخرجت من هناك لتوقفني وجد قائلة " أواس انتظر أريد التحدث معك "

قلت متوجها للباب " فيما بعد فأنا أيضا أريد التحدث معك "

ثم خرجت من المنزل وغادرت فورا للمدينة المجاورة التي يعيش

فيها الوزير وكان إياس منذ قليل في طرفها الآخر والأبعد










*~~***~~*











تنهد وقال " جيد نحن نسير في الطريق السليم سيد آسر ومنذ أطلعني

المحامي جواد على كل شيء قبل استلامي الأمور علمت أن الأمور

ستسير على ما يرام وتوقعت حين قال لي أنه لا خبرة كبيرة لك وأنك

لازلت في البداية أنه ستواجهنا بعض المتاعب لكني أخطأت فأنا

أراك تدير كل شيء بإتقان وأفكارك رائعة لو فقط ... "

سكت قليلا ولم يتابع فقلت " لو ماذا ؟؟ "

قال بجدية " شريكتك في لقاءاتي بها ورغم مفاجأتي من استفساراتها

الغير متوقعة عن أمور الحقول والمزرعة هنا إلا أني أراها

تبحث لنا عن الزلة "

تنهدت وقلت " هي درست تخصصا مشابها لهذا لذلك تفهم فيه كثيرا "

قال بذات جديته " عليك إذا أن تجد سبيلا للتفاهم معها قبل أن تخسرا

أكثر كما حدث في العلب والتصميم التي اضطررنا أن ندفع عمولة

لشركة أخرى لشرائه منا لنغيّره "

نظرت للأرض محركا حجرا بقدمي وقلت " ماذا عن استئجار

أرض للرعي ؟ أراها فكرة جيدة "

قال من فوره " فكرة رائعة وأعجبتني فأن تستأجر أرضا ترعى فيها الأبقار

والمواشي لموسم كامل سيكون أقل كلفة من شراء الأعلاف وأيضا ستتحرك

الحيوانات وهذا فيه فائدة أكبر وسنلتقي قريبا بمن يخدمنا في هذا لكن

عليك إطلاع شريكتك أولا كي لا تفسد الأمر في منتصفه "

نظرت جانبا وتنفست بضيق , عجزت عن إيجاد حل معك يا سراب وأرى

رأسك لا يزداد إلا عنادا ولا أعلم كيف تطلب مني أخذ المال كله ؟؟ وكلما

رفضت أكثر سببت لنا المشاكل في عملنا أكثر حتى أنها لم تجب على رسالتي

البارحة , لا أعلم كيف تتصرف بعشوائية وفوضى هكذا توزع مخبوزات

جاهزة وكعك من المصنع على أطفال المدارس واشترت كل ذاك الكم من

المضلات ووزعته عليهم أيضا ؟ أعلم أنها تفكر فيمن يمرون بما مرت به

سابقا لكن ليس بهذا الشكل وهذه الفوضى فلو عرضت علينا الأمر لتناقشنا
فيه وحددنا عددا من الطلبة يكونون محتاجين فعلا ووفرنا لهم كل هذا على

مدار العام الدراسي لكن ليس هكذا نعطي المحتاج وغير المحتاج , وحين

ناقشها المحامي قالت استقطعوه من أرباحي , مررت أصابعي في شعري

أحركه بعشوائية متأففا بضيق فقال الواقف مقابلا لي " ماذا قررت ؟ "

نظرت له وقلت " أنت من سيبلغها بكل هذا طبعا كالعادة "

هز رأسه بيأس وقال " وستتعبني معها كالعادة طبعا "

ثم تابع بجدية " ليس من حقي التدخل في أموركم الخاصة لكني أرى

أن تتحدث معها وتجدا حلا لخلافاتكم أو لن يسير كل شيء على ما يرام

وستخسرون ثقة زبائنكم خصوصا أن الطلبات على المنتجات في تزايد

ولا أراه من العدل أن كل تعبك ووقوفك طوال النهار تشرف على كل

شيء في المصنعين وفي الحقول والمزرعة يضيع باستهتار منها وهي

لا تفعل شيئا سوا المراقبة والانتقاد "

نظرت له بضيق وقلت " أن تكون محاميا ومشرفا على كل شيء لا

يعطيك الحق في التحدث عنها هكذا ولا تنسى أنك تعمل لديها

ونصف راتبك هي من تعطيه لك "

نظر للأسفل وقال " آسف سيدي لم يكن هذا قصدي لكني

أرحم تعـ.... "

قاطعته بضيق " لا نقاش في أمرها يا أحمد فهي شريكة بالنصف

وما ستقوله سنتناقش فيه معا ونرى كيف نفعله بأقل الخسائر "

هز رأسه بحسنا وإن كان ليس مقتنعا بكل هذا وتحركت أنا من عنده ووقفت

أعلى الثلة الصغيرة أراقب الفتيات وسراب معهم جهة الأبقار فهم طلبوا مرارا

زيارة المزرعة ولأنه اليوم إجازة من المدرسة جلبتهم وهي وافقت على مضض

أن تأتي معهم وأصروا على قدومي أيضا فرأيت أن أجلب المحامي ونتناقش في

بعض أمور المزرعة والمواشي بدلا من إضاعة النهار , سافرتْ عيناي لها

وشعرها تتلاعب به الريح تلبس معطفا شتويا طويلا لقرابة الركبتين وبنطلون

جينز ضيق وحداء مرتفع , كانت مختلفة تماما عن سراب التي عرفتها ثيابها

أكثر أناقة وترتيبا وحتى تحركاتها اكتسبت رزانة أكثر وكأن الحزن والوحدة

من يحركانها بكل هذا الثقل والبرود , تنهدت بضيق ونظرت للسماء الملبدة

بالغيوم , لم أتصور أن أفتقدك هكذا في ذاك المنزل الكئيب يا سراب ؟ أن

أفتقد حتى شجاراتنا وتذمرك وتشكيك الدائم بل وبكائك الذي أصبح عادتك

في المدة الأخيرة لك هناك فحتى غرفتك لم أدخلها حتى الآن

" لما لا تذهب للتحدث معها ؟ "

نظرت جانبا حيث كان العم صابر بجانبي بكرسيه فهوا مثلي لا يمكنه

التقدم هناك رغم اختلاف أسبابنا وسبب ما يعيق خطواتنا للوصل حيث

الضحك واللعب , نظرت للأسفل وقلت بهدوء " وفيما سيجدي

الحديث وما سنقوله "

قال من فوره " اشرح لها أسبابك ودوافعك خيرا من بقائك على

صمتك وبقائها على حزنها وعنادها "

تنهدت بقوة ورفعت نظري لها وقلت " لن يكون حلا يا

عمي لن يكون "

ما سأجنيه إن تكلمت سوا أن تزداد في عنادها , فيما تفكرين يا سراب

وكيف تتصرفين عكس ما توقعت فقد طال انتظاري لك وطال عنادك

فاركضي لحضني بسرعة وأدركي شوائب ما تمرين به الآن ككل مرة

تعالي وحطمي ضلوع صدري بقفزتك لهذا الحضن وأذيبي برود هذه

الشفاه بدفء قبلاتك , لماذا تأخرتِ لما ؟؟

أخرجني من أفكار وتأملي لها صوته قائلا " أخبرتني سابقا أنك ما أن

ستخبرها وحتى إن كانت ردة فعلها سلبية فستفهم الأمر ما أن تتخطى

صدمتها لكني لا أرى شيئا من ذلك حدث يا آسر وتقديرك للأمور

انقلب عليك "

هززت رأسي بقوة ونظرت للأعلى وقلت " ستأتي يا عمي وسأنتظرها "

تنهد بضيق وقال " أخشى أن يحدث ما أتوقع "

نظرت له وقلت باستغراب " تتوقع ماذا ؟؟ "

استدار بكرسيه وقال مغادرا " اذهب وتحدث معها وإن تتشاجرا

أفضل من هذا الصمت "

ثم ابتعد ونظري يتبعه لأعود به لها وقد جلست في مكان متطرف عنهم

على الأرض تراقبهم بصمت فنزلت بخطوات بطيئة للأرض المنبسطة

وتوجهت نحوها

المخرج : بقلم الغالية عبق حروفي

ااااه منكم..
قلوب من حديد.. و ألسنة قاسية تطلق سهام الوعيد..
فقط عندما نشعر بالأمان نتعلق بكم فنزيد..
ألما استفحل أرواحنا عمرا مديد..
سحقا وسحقا لقلب يتعطش للمزيد...
ويرتجف لنفس دافئ يلهب الوريد..
حقا ألا تعلمون ماتفعلون ؟؟ ..
تقبسون شرارة.. وتنفخون فيها..
وفجأة تشتعل لتلتهم كل جميل..
وتترك رمادا اسودا كليل كحيل..
فمال هذا القلب يهوى الحب العنيد ..
وكأنه ينتظر سهماً يُبيد للتأكيد..
اااااه واااه منكم ياقوما بليد..
لا تفهمون ولا تسمعون من ذاك النابض الشديد..
ليبقى محاطاً بالجليد..

سلمت يداك

نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الأربعاء إن شاء الله

Continue Reading

You'll Also Like

7K 672 36
خاتمة كل قصة حب هي : " ثم عاشوا بسلام إلى الأبد " و لكن الأمر يختلف مع بطلتنا هذه إنها قصة تروي حياة فتاة لم تعرف الحب مطلقاً ثم يظهر حب جال التوق...
16.4M 915K 60
واگف گدامي وعيونه يتطاير منهه شرار وكلهن حقد وغيض، گلب شعره الاسود الكثيف اليزيده جمال وجاذبيه وضحك بأستهزاء، گال بنبرة صوت ماكرة - انتي ياهو يگلبچ؟...
1.4M 114K 51
قصة حقيقة بقلمي الكاتبة زهراء امجد _شال ايدة من حلگي بعد مصاح مروان رجعت كملت جملتي اكرهك انت اناني متحب بس نفسك كأنما معيشنا بسجن مو محاضرة !!! مروا...
17.3M 892K 181
حينما يحاسبنا على الذنب أهل الذنب أنفسهم! قد كان يطمح في حياة هادئة، شاب اقتحم الحياة وفتح ذراعيه لها فلم يجد نفسه إلا شريد لا يعرف أين الطريق و أصب...