حرمتني النوم يا جمان

By rewaiati_soso

16.1K 833 148

كنت أعتقد طوال تلك السنوات أنك قد مت إلی أن رأيت العم خالد يدخل لغرفتك اليوم... دهشت حين رأيته...فقد غادر الح... More

الفصل الأول:قتلت طفلة!!
الفصل الثاني:عمرها ثمانية عشر
الفصل الثالث: جمان حية
الفصل الرابع: مجرد أوهام!
الفصل الخامس:معجزة طبية
الفصل السادس:هناك شرط
الفصل السابع:الخيار الصعب..
الفصل الثامن :سر مروان
الفصل التاسع:من أجل سارة
الفصل العاشر: لست مريضاً
الفصل الحادي عشر: هوازن..
الفصل الثاني عشر:هل أنا سيئة ماما؟؟
الفصل الثالث عشر:انني أتألم..
الفصل الرابع عشر:طعم الحرية
الفصل الخامس عشر:جمان هنا
تابع الفصل الخامس عشر:جمان هنا..
الفصل السادس عشر:قرار
الفصل السابع عشر:اختطاف!!
الفصل الثامن عشر:المواجهة..
الفصل التاسع عشر:انه يحبني!!
الفصل الحادي والعشرون:بداية النهاية
الفصل الثاني والعشرون:ظلام
الفصل الثالث والعشرون:قلب طفلة
الفصل الرابع والعشرون:الى الجحيم..
الفصل الأخير:قفزة عبر الزمن
بعد ثلاث سنوات

الفصل العشرون:مذكرات قيد النسيان

466 21 4
By rewaiati_soso


ابني مروان..قطعة من نفسي..ونبضة من نبضاتي

حملته جنينا ...ورعته يداي رضيعا...وسعدت بأولى خطواته ...

سعدت يوم ان حمل حقيبته على ظهره الرقيق ليخطو اولى خطواته في المدرسة..

سهرت معه في اصعب ايامه...

كان يطلب مني أن ادعو له دائماً..

ودعوت له بالتوفيق منذ ولدته الى ان اصبح رجلا ولا ازالت ادعو وادعو..

استقبلته بفرح لا يوصف وهو يمد الي يده بشهادته فرحا بتفوقه...

سجدت كثيرا في ليلي ونهاري ادعو الباري ان يحفظه ويسدده ويرعاه ..

صارت حياتي كلها تدور حوله وفي فلكه..حتى نفسي بت حريصة عليها لأجله..

حين خطبت له..كنت أريد له الأفضل كما أفعل دائماً..

بكيت وانا اتخيل يده بيد عروسته..

ليس حزنا.. ولكن فرحا وفخرا وزهوا..

هذا هو ابني الذي نما وترعرع على يدي...

بنيت أحلاماً كثيرة لأجله..

ولكنه حطم أحلامي بزواجه من سارة..

تمنيت أن أزفه..تمنيت أن أقيم له زفافاً يتحدث عنه الجميع..لأقول لهم ها هو ابني قد كبر..

ولكن من الواضح أن مروان لا يدرك تأثير فعلته علي..

لن أستطيع أجباره على الزواج بفتاة لا يريدها..

سارة فتاة محترمة أيضاً ولكنها لاتطابق أي من مواصفاتي التي كنت ارسمها لزوجة مروان..

ابني طبيب..وهي لم تكمل تعليمها حتى..

أردتها أن تكون خدومة له ..تسعده ويسعدها..

ولكن ما أراه بأن مروان هو من يخدمها فقط.

حين كنت أسأل مروان عن زوجة المستقبل التي يريدها كان يخبرني ان كل مايهمه بأن تكون زوجته طاهية بارعة..

وسارة لا تستطيع القيام بشؤونها لتقوم بشؤون المنزل..

لقد كان مروان مرحاً بشوشاً قبل زواجه بها ..لقد تغير كثيراً..

أنا أدرك جيداً أن مروان يعاقب نفسه بهذا الزواج...

انه يلوم نفسه على مرضها ولهذا يحاول افناع نفسه بأنه يحبها..

اريده أن يعود كما كان..أريده أن يكون سعيداً بحياته؟؟؟

هل هذا كثير لأطلبه؟؟

ولكن..إن كان إسعاده لسارة يشعره بالراحة..فلن أعترض بعد الآن..

لابد وأن يأتي يوم ويعود ابني لصوابه..وقتها سيطلب مني بنفسه أن يتزوج...

وحتى يأتي ذلك الحين..سأسأل الله أن يرزقه السعادة....
.
.
.
لم أصرخ بسبب رؤيتي لها..فخوفي مما رأيت قد أعمى بصري عنها..

كان بصري مثبتاً على تلك النافذة خلفها.....

لقد فتحت منذ قليل!!..

أنا متأكد بأنني رأيت من يراقبني منها..

قد يبدوا الأمر جنونياً ولكنني رأيت عادل..انه يلاحقني..

وقف والد أسيل بفزع حبن سمع صراخي..

أشرت الى النافذة بيد مرتجفة ثم بدأت أتحدث بخوف: انه يراقبني..لقد رأيته..انه يراقبني..

عقد حاجبيه باستغراب ثم اتجه الى النافذة ليقوم بفتحها..

لم أكن مخطئاً..كان هناك من يراقبنا حقاً..

نظر والد أسيل الي بغضب: هل تظن أن الوقت مناسب للمزاح؟؟

توترت من نظراته..شعرت بحرج شديد حين اتضح ان ذلك الشخص الذي يراقبني هو الأخ الأصغر لأسيل..

بدأ يضحك وهو يحمل الكاميرا بيده: لقد أردت أن أحتفظ بهذه اللحظات ولكني لم أكن أتوقع بأنه سيصرخ بهذه الطريقة.

التفت الى أسيل:هههه انها ذكرى جميلة حقاً..شاب يصرخ عند رؤيته لعروسه..

قالها ثم انفجر بالضحك..

صرخ والد أسيل بغضب: أصمت يا ولد..من الذي سمح لك بالتصوير هنا..

أراد حازم أن يرد ولكن أسيل قد خرجت من المجلس بسرعة وهي تبكي..

لقد شعرت بأنني أهنتها بالتأكيد...شعرت أن قلبي قد انفطر معها ولكن الأمر ليس بيدي..

لقد حدث رغماً عني ولكن من الذي سيتمكن من فهمي؟؟

التفت والدها الي بغضب..

حاولت تبرير موقفي ولكني كنت مرتبكاً..وبدون أن أشعر..بدأت بالبكاء.

مالذي دهاني..لماذا لا أستطيع التحكم بمشاعري..

بدأت أتحدث وسط دموعي: سامحني يا عمي..أرجوك سامحني.......

لم يرد علي..كان ينظر الي باستغراب فقط...

لقد صدم بشدة وحق له ذلك..

فهل هناك رجل يبكي في يوم خطبته؟؟

انه وبدون شك..أسوأ أيام حياتي...
.
.
.
جلست على طاولة المطبخ لأكل الساندويتشات التي اعددتها وأنا أصرخ بغضب..

-مـــتــبــلــــد الاحــــســــاس..

رجل انـــانـــي سخيــــــف..

غـــبـــي و مـــتـــمـــلـــق...

يراني أبكي بجانبه بدون أن يهتز شيئ من مشاعره!!!!!

أنا المخطئة لأنني اعطيته أكثر مما يستحق..كان عليه أن يعتذر على الأقل..

وضعت يدي على خدي وأنا أسترجع تأملاتي الحمقاء..اعتقدت أن يخرج معي لنأكل حين أخبره بأنني جائعة.

توقعت أن يعتذر ويخبرني بأنه لم يكن بوعيه حين أقفل الباب.

ولكن لا...يبدو أنه فعلها مع سبق الأصرار والترصد..

-اففففففف .....

قلتها وأنا القي الكوب بيدي على الأرض بكل قوتي لتتناثر شظاياه على الأرض..

نظرت الى الكوب المحطم وصدري يعلو ويهبط من شدة الغضب...

يبدو أنني سأقضي على الأواني في منزلنا بسبب ذلك المتبلد..

لا أعلم السبب..ولكنني أشعر بالراحة حين أكسر شيئاً..

فوجئت بماجد هو يقف على باب المطبخ مكتفاً يده على صدره..

نظرت اليه بحدة فرد علي ببرود:أود أن أفهم من أي مرض تعانين..ها؟؟

رفعت حاجبي: ماذا تقصد؟؟

زفر بغضب: الن تتوقفي عن تكسير الأكواب؟؟؟؟

صرخت فوراً : أقوم بتكسيرها كي لا أتهور وأحطم رأسك..كما أنك كنت نائماً..ما الذي تريده الأن..ها...

بدأت أحرك أصبعي بتهديد: اقسم يا ماجد ان لم تبتعد عن وجهي أنني سأضربك حالاً.

ابتسم ببرود:حقاً..تعالي واضربيني اذاً..

اعتراني غضب عارم حتى بدأت أشعر به على لساني و في عيني ... أردت الصراخ.. أردت أن أمزقه بأسناني .. و لكنني حاولت بكل ما أوتيت من قوة السيطرة على غضبي..أردت مجاراته ببروده فهو يحاول استفزازي الآن..

ابتسمت بصعوبة بالغة وأنا أتحدث: كلا..لن أضربك حتى لا أشوه وجهك المسكين..

وقفت من الطاولة وبدأت انفض ثيابي..

نظرت اليه من جديد ثم ابتسمت باستهزاء: على الأقل..أنا أقوم بتكسير الزجاج..ولكن غيري..قام بإفراغ القمامة والتفتيش بداخلها..كل ومقامه يا سيد ماجد..

تحولت ملامحه الى الغضب فجأة: مها..ان لم تتحدثي باحترام..

قاطعته بسرعة: ما الذي ستفعله..أخبرني؟؟

تابعت حديثي بصوت أعلى وبنبرة أكثر حزماً:لقد صمت على تصرفاتك كثيراً..ولكن أتعلم..لن أعطيك المزيد من الفرص..ان تجرأت على أذية شعرة مني فسأخبر والدك بكل تصرفاتك.

اتسعت عيناه بخوف:ما الذي تقصدينه..

ابتسمت بهدوء و أنا أرى الخوف في عينيه..لقد عرفت نقطة ضعفه:انك تعلم جيداً ما أقصده..سأعطيك فرصة أخرى ولكن ليس لأجلك..بل من أجل ابنتنا..وان لم تتغير..فسأفضحك ..هل فهمت؟؟

ضحك بارتباك:هه مها لن تفعليها..

ابتسمت ابتسامة جانبية بدون أن أرد..

خرجت من المطبخ فبدأ يلحق بي لمراضاتي: مها انتظري لنتحدث قليلاً..

شعرت بالانتصار وأنا أسمع نبرة صوته الخائفة..رفعت بصري اليه:لا يوجد أي حديث لي معك..

أمسكت بعباءتي وبدأت أرتديها..

نظر ماجد الي باستغراب: أين تذهبين...

تجاهلته وأنا أمشي باتجاه باب الشقة..

لحق ماجد بي ثم أمسك بيدي:مها الى أين تذهبين أنا أحدثك؟؟

نظرت اليه ببرود:سأذهب لسارة..هل لديك أي اعتراض؟؟

ترك يدي ببطء وهو يهمس:حسناً..لا بأس.

اجبته بصدمه:: هل أذهب!!

أومأ برأسه بدون أن يرد..

احباط ممزوج بالألم..أردته أن يرفض..قد أكون غريبة الأطوار ولكني أردته أن يحاول مراضاتي..

ولكنه متبلد ..لن يفهم الأمر بالتأكيد..اغروقت عيناي بالدموع فأبعدت نظري عنه فوراً كي لا يلحظها..

بدأت أخرج من الشقة وأنا أنتظر منه أن يمنعني ..

أنا أتألم منك يا ماجد..فهل ستشعر بي؟؟
.
.
.
دخلت الى غرفتي وأنا أبكي بحرقة..لم أستطع احتمال هذه الأهانة أبداً..ما الذي كان يقصده حين صرخ بتلك الطريقة!!

هل كان يعتقد أن الأمر ظريف ليفعله!!

لا ادري بالفعل هل استحقر نفسي .. أم ذوقك وفكرك وشخصك ؟؟

الاهانة..أعظم ألم و أكبر جرح يتعرض لهُ قلب الإنسان ..

وخاصة إذا كانت ممن يدعي محبته لك...

إنها جمرة ملتهبة..وسهماً فتاكاً..يخترق الفؤاد ....يكوي القلب...يغيبه في صميم الألم..

حاول أبي معي كثيراً كي أدخل مجدداً ولكنني رفضت ذلك..أردت البقاء وحدي في غرفتي فلا أحد يعلم مقدار الاهانة التي شعرت بها..

كيف يريدون مني الارتباط بشخص مثله؟؟

اهانة كهذه لا تصدر الا من فاقد الإحساس..

هذا الإنسان في الواقع لا يمتلك قلب... بل يمتلك صخرة ملتهبة من الكراهية والحقد....

إن مثل هذا الإنسان... في الحقيقة هو ليس أنساناً وإنما في صورة إنسان فقط...

كان بإمكانه الاعتذار بأي شيئ لأيقاف هذا الزواج بدلاً من اهانتي هكذا..

طرق باب الغرفة بهدوء فأجبته بصوت متهدج:اريد البقاء وحدي..

تجاهل أبي رغبتي وقام بفتح الباب ثم بدأ يرمقني بنظرات حانية..

جلس بجانبي وأخذ يمسح على شعر وهو يتحدث: أسيل يا ابنتي..الأمر لا يستحق كل هذا البكاء...

نظرت اليه بعينين دامعتين:ولكن يا أبي..لقد تعمد هذا..صدقني..منذ اللحظة الأولى حين تخلف عن موعده وأنا أشعر بالضيق..أعتقد أنه مرغم على هذا الزواج..أنا لا أريد أن أفرض على شخص لا يريدني..

أومأ أبي برأسه: أنا أتفهم رأيك يا عزيزتي..ولكن لا تتسرعي بحكمك..أن كان يتعمد اهانتك اذاً..لماذا يبكي؟؟

عقدت حاجبي: هل كان يبكي؟؟

زفر أبي بعمق: انه يعاني من ظروف صعبة في هذه الأيام..اخبرني أن ابن عمه قد هرب من المشفى وقد هدد بقتله..لهذا كان مضطرباً.لا أخفيك لقد شعرت بأنه مرتبك منذ دخوله..حين يعاني شخص من بعض الضغوط فتوقع أي شيء منه..
لو أنك رأيته في يوم الخطبة..وكأنه شخص مختلف..

مسحت دموعي بدون أن أرد..لازلت أشعر بأن هناك أمر مريب من تصرفه..

تابع أبي حديثه حين رأى سكوتي:أنت تعلمين جيداً أنني لن أجبرك على أمر تكرهينه أليس كذلك؟؟

رفعت بصري اليه: الن تعترض على رفضي؟؟

ابتسم بحنان: بالطبع لن أعترض..ولكني أريد منك أن تعطيه فرصة أخرى...لا تتعجلي بالحكم عليه..وان لم تتمكني من تقبله..فلن أجبرك أبداً..

شعرت بالراحة لهذا التصريح من أبي..لا أمانع في منحه فرصة أخرى..فرصة أخرى وحيدة يا سيد نادر..ليتني أستطيع معرفة ما يدور في عقلك..

هل هو مجبر على الزواج بي يا ترى؟؟
.
.
.
عدت الى النزل في منتصف الليل..لقد تأخرت في العمل اليوم بسبب عملي على صفقة مهمة..

حين فتحت الباب..نظرت الى غرفة مها بتردد..يا ترى..هل قاموا بإخراج جمان من الغرفة؟؟

لقد غاب أمرها عن ذهني...انشغلت كثيراً اليوم..

شعرت بالخوف حين فكرت بأنها لم تأكل شيئاً منذ الصباح..

كلا كلا..لابد أن سمر قد أطعمتها..لم تتركها وحيدة بالتأكيد..

أسرعت بخطواتي باتجاه الغرفة وبدأت أحاول فتح الباب..حصل ما كنت أخشاه..كان الباب موصداً..

بحثت عن المفتاح ولكنه لم يكن موجوداً..كلا كلا..

طرقت باب الغرفة لأطمئن عليها: جمان..جمان يا صغيرتي هل أنت بخير..

لم يصلني أي رد..

ركضت باتجاه غرفتي لأسأل سمر عن المفتاح..

لابد أنها قد قامت برفعه...حين فتحت باب الغرفة وجدت سمر قد استيقظت من نومها للتو..

سألتها فوراً:هل أكلت جمان شيئاً؟؟

ردت علي ببرود: وما شأني بها ..انها ابنتك أليس كذلك؟؟

زفرت بغضب:سمر..لست في مزاج جيد للشجار..جمان وحيدة في الغرفة منذ الأمس..لقد نسيت الأمر بسبب انشغالي..لقد أطعمتموها..صحيح؟؟

أومأت برأسها بالنفي: لم يقم أحد بفتح الغرفة..لا أحد يجرأ على مخالفة اوامرك..

اجبتها في عدم تصديق:سمر هل أت جادة؟؟

لم ترد..ولكن نظرات عينيها كنت في غاية الجدية..أنا أعرف سمر جيداً..

لا تحب المزاح..خصوصاً في أمور كهذه..

شددت شعري بغضب وأنا أصرخ:ستموت ابنتي .انها لا ترد..

ركضت نحو الأدراج وبدأت أفتحها لأفتش عن المفاتيح بخوف شديد..

التفت الى سمر وأنا أصرخ: أين المفتاح ..اخرجيه بسرعة...

وقفت سمر عن السرير بارتباك: لقد أعطيت المفتاح للخادمة.سأحضره حالاً...

قالتها ثم خرجت من الغرفة..عادت بعد لحظات وهي تحمل المفاتيح...

أخذت المفاتيح..ثم ركضت باتجاه الغرفة لفتحها..

فتحتها..وكانت الفاجعة...لقد اختفت ابنتي..
.
.
.
جئت لزيارة سارة ولكنني لم أتمكن من نسيان ألمي معها..

كانت سارة سعيدة جداً..اخبرتني أن مروان قد اعترف بحبه لها أخيراً...

كما أنها اخبرتني عن تصرفات والدته معها..

-مها..أنا أحب مروان كثيرا..ولكنني أتمنى أن أكسب محبة والدته..أنا لا أستطيع أن أفهم ..لماذا تكرهني بهذا الشكل..

زفرت بضجر: لا تهتمي لها..المهم الآن هو سعادتك وسعادة مروان..لا تسمحي لها بتعكير صفو حياتك أبداً..

اعتدلت بجلستي ثم بدأت أتحدث باهتمام:سارة اريد أن أخبرك بشيء ولكن أرجوك لا تغضبي.

اومأت برأسها: انا من المستحيل أن أغضب منك مها..

ابتسمت لها: انت تعلمين كم أحبك يا سارة ..انا أريد الافضل لك دائماً...لقد اخبرتني أن والدته تريد تزويجه..ان اردت مني أن أكون صريحة معك فأنا لا ألومها أبداً..

نظرت سارة الي بصدمة: ما الذي تقولينه مها..

تابعت حديثي: فكري معي يا سارة..انها ام ..وتريد لابنها زوجة تخدمه وتلبي احتياجاته..

ابتلعت ريقي قبل أن أكمل حديثي..كنت متوترة جداً.لا أريد أن أجرحها..ولكن من الضروري أن أواجهها بالحقيقة حتى تتمكن من مواصلة حياتهاا..

لاحظت أن الدموع قد تزاحمت في عينيها..أكملت حديثي فوراً: سارة يا حبيبتي..متى كانت آخر مرة قمت فيها بالطهو؟؟

اجابت بصوت متهدج:لم اطه شيءً منذ زواجي..أنت تعلمين..انا أعجز عن المشي..

امسكت بكتفها ثم نظرت الى عينيها: هذا ما اريد التوصل اليه سارة..لماذا استسلمت بهذه السهولة..لماذا سمحت لمرضك بالتغلب عليك..لا تسمحي لهذا الكرسي بإعاقة حركتك..واصلي حياتك بصورة طبيعية..لا تكوني اتكالية سارة...اثبتي لوالدة مروان أنك الزوجة الأفضل لابنها..هل فهمتني..

أومأت برأسها بدون أن ترد..

ابتسمت لها :أنا أثق بك سارة..انت قوية وتستطيعين تحدي مرضك..تستيعين الاستغناء عن هذا الكرسي قريبا..

نزت دمعة من عينها:أتمنى ذلك..

مسحت دموعها بسرعة ثم ابتسمت في محاولة منها لتخفيف حزنها..

نظرت الي:وأنت يا مها..ماهي أحوالك مع ماجد..انت لا تتحدثين عنه على الاطلاق..بالرغم من أنني اخبرتك بكل شيء عن حياتي

ضحكت باستهزاء:لقد تشاجرت معه قبل قدومي.

اتسعت عيناها بصدمة: مها هل أنت جادة..

بدأت أضحك بشكل هستيري...لا أدري مالسبب ..ولكن كما يقال .شر البلية مايضحك..

نظرت الى سارة فوجدتها تنظر الي بحزن..ابتسمت لها: لا تقلقي انا معتادة على الشجار معه...اصبح شجارنا جزء من حياتي اليومية..

زفرت بعمق:مها .انا لا أعلم حقاً ماهي المشكلة بينكما..ولكن سأعطيك نصيحة.. انا أعرفك جيداً مها..انك تمتلكين قلباً طيباً..ولكنك سريعة الغضب..

اخبرتني أمي قبل أن أتزوج أن الرجل يحب الزوجة المطيعة..

يجب أن تكوني زوجة مستسلمة له..وقتها سيطيعك هو ايضاً..

رفعت كتفيها:كما يقال .كوني له أمة..يكن لك عبداً...

ضحكت كثيراً حين قالت هذا..ولكن في أعماقي..كنت فكر بكلامها..

يا ترى..هل من الممكن أن يتغير ماجد ان كنت مستسلمة له كما تقول ...

لا أعتقد أن ماجد سيتغير يوماً..ولكنني أتمنى ذلك من كل قلبي.
.
.
.
منذ أن عدت الى المنزل وأنا أفكر بحياتي مع خالد..لقد تعرضت اليوم لأقسى صدمة في حياتي..

لم أتخيل يوماً أن يكون خالد هكذا..

كيف يتمكن من الكذب بكل ثقة..

فكرت كثيراً كيف انتقم لكرامتي..ولكنني حين فكرت ملياً..

حياتي معه مستقرة..

صحيح أنه أراد الزواج بهوازن..ولكنها متزوجة..وهي لا تفكر به أصلاً..

هذا يعني أن هوازن لا تشكل أي تهديد على حياتي..

ان كان الأمر كذلك لماذا أدمر استقرار أسرتنا بيدي..

ما الذي سأفعله؟؟

هل سأتطلق منه بعد كل هذه السنوات؟؟

مالذي سيحل بابنائي ان تطلقت؟؟

سأعيش معه من أجل ابنائي فقط..أما هو..فسيكون لي حساب آخر معه..

كل مايهمني الآن هو التفكير بطريقة تقنعه بإعادة جمان لوالدتها..

سأجعله يجن عن طريقها..وسأبدأ اليوم بأول خطوات تأديبي له..

بعد تناولنا للعشاء..تحدثت جمان مع أمها الى أن تمكنت من النوم..لقد تركتها تنام في الملحق اليوم..

أنوي اثارة جنون خالد ..اريده أن يجن من خوفه عليها..

لقد أخبرني من قبل أنه لا يريد مني التدخل بابنته..حسنا اذا..سأشعره بأنني لا اهتم بها على الاطلاق..

سأجعله يأخذها لأمها بنفسه..

بعد أن نامت جمان..قمت بفتح النافذة الموجودة في غرفة مها..ثم أقفلت الباب بالمفتاح...

ذهبت لغرفتي بعدها منتظرة قدوم خالد ..

انتظرت وانتظرت..ولكن انتظاري قد طال كثيراً..

لم أتصل به..فقد قررت تجاهله تماماً..

حين أصبحت الساعة الثانية عشرة.وصل خالد أخيراً..

ادعيت النوم وقتها..وحين صعد لغرفتي للسؤال عن جمان ..

أجبته ببرود: وما شأني بها ..انها ابنتك أليس كذلك؟؟

شعرت انه غضب كثيراً..وأنا سعدت كثيرا..

كم أنا متشوقة لرؤية الهلع على وجهك ياخالد..ستعاني الليلة كما عانيت..لن أكون الوحيدة التي تعاني هنا..

صدم كثيرا حين فتح الغرفة ولم يجد جمان بداخلها..

ادعيت الخوف وأنا انظر الى النافذة..شهقت ثم نظرت اليه: خالد..يبدو أنها هربت من النافذة..

أحمر وجهه من شدة الغضب..صرخ بانفعال: كلا هذا مستحيل..كيف ستهرب..

امسك ذراعي بكل قوته ثم نظر الي بحدة:لماذا لم تهتموا بها..لماذا تركتموها وحيدة طوال ذلك الوقت..

اجبته بثقة: انها ابنتك ..أي أنها مسؤليتك..أنا لن أحتمل مسؤليتها أبداً..

دفعني عنه ثم ركض الى الخارج..

ادعيت الخوف وانا اناديه: خالد الى أين تذهب..

نظر الي بعينين حمراوين..سأبحث عنها..لن تبتعد كثيراً..ابحثي عنها انت في داخل المنزل..

وان وجدتها اتصلي بي..

أومأت برأسي..

ركب خالد سيارته ثم انطلق مسرعاً أما أنا ..فقد جلست على التلفاز وأنا سعيدة بانتصاري..

لن أخبره انني وجدتها..انه متعب بسبب عمله..

أريده أن يتعب ويعاني أكثر..أريده أن يبكي كما أبكاني اليوم..

جمان هي نقطة ضعفه وسأجعله يعاني بسببها..

اتصل خالد بعد نصف ساعة تقريباً..

حين رأيت رقمه على هاتفي حاولت أن يبدو صوتي مرتبكاً..ولكن بداخلي..كنت في غاية السعادة: مالذي حصل..هل وجدتها؟؟

أجابني بصوت متهدج:سمر ..أنا لا أعلم أين أجدها..لقد ضاعت ابنتي..ضاعت بسببي..

قالها ثم صمت قليلاً..

وكأنني سمعت صوت بكاءه..هل يعقل أن خالد يبكي!!

في الحقيقة لقد حزنت قليلاً..ولكنني قسوت على قلبي..أريده أن يعاني أكثر:لا تقلق ستجدها بالتأكيد..

رد علي: سمر سأبلغ الشرطة باختفائها..

أجبته بارتباك: كلا..الوقت مبكر..لن يقبلوا ببلاغك قبل مرور اربع وعشرين ساعة على اختفائها..

-ولكن جمان حالة خاصة..انها ضعيفة يا سمر..ماذا لو تعرض لها أحدهم...الوقت متأخر..و الظلام حالك..لا بد أن جمان خائفة الآن..

اجبته بتردد:حسناً ابحث قليلاً بعد..وان لم تجدها أبلغهم..وأنا سأطلب من فارس أن يسأل الجيران..

صرخ فجأة: كلا ..لا تجعليه يخرج..ما الذي سيقوله الجيران عني..

صرخت بغضب: وهل تفكر بكلام الجيران الآن...ابنتك المسكينة لا احد يعلم أين هي..لا تكن أنانياً يا خالد..

همس بهدوء: حسناً..ان توصل لشيء فاتصلي بي..

أومأت برأسي ثم أقفلت الخط..نظرت الى الساعة..انها الواحدة..سأتصل عليه بعد ربع ساعة..اعتقد انه قد لقن درساً..

ذهبت الى الملحق لايقاظ جمان..اخذتها لغرفتها مع رغد وجعلتها تستلقي عل سريرها..

بقيت بجانبها ثم اتصلت على خالد..اجابني بلهفة: هل وجدتها؟؟

أومات برأسي:لقد وجدتها الخادمة تنام بالحديقة..المسكينة..لقد نامت وحدها في هذا البرد..لقد كانت خائفة من دخول المنزل..خائفة من أن تحبسها مجدداً..انها تريد العودة الى المشفى..ارحم ضعفها يا خالد..

-أنا قادم فوراً..

قالها ثم أغلق الخط..

ضحكت بهدوء:هه يبدو انه غاضب الآن ..تستحق هذا..

وصل خالد الى المنزل بعد لحظات..

بدأ ينادي في الصالة:جمان..سمر..أين أنتما..

ركضت باتجاه الصالة:خالد جمان في الأعلى..لقد ادخلتها لغرفتها..

بدأ خالد يصعد الدرجات بسرعة..نظرت اليه..التعب واضح على وجهه..وعيناه شديدتا الحمرة..لا أعلم حقا ان كان يبكي أم أنها احمرت من شدة الغضب..

دخل الى الغرفة ثم قام بفتح الباب بقوة.

جلست جمان على السرير بفزع..تزاحمت الدموع في عينيها..

ذهبت باتجاهه ثم امسكت كتفه: خالد اياك وأن تؤذيها..انها طفلة..وماحصل كان خطأك..

نظر الي بحدة ثم تجاهلني..

جلس على سرير جمان..شعرت بالخوف..خشيت أن يؤذيها...

أمسك بكتفيها ثم همس بصوت متهدج:لماذا أنت عنيدة هكذا يا ابنتي..هل تعلمين كم اخفتي بابا عليك..لا تفعلي هذا مجدداً ياحبيبتي..

قالها ثم احتضنها بشدة وبدأ بالبكاء..

أما جمان..فقد رفعت بصرها الي بتساؤل..

المسكينة..لا تدرك شيئاً مما يجري حولها...

لقد تفاجأت من بكاء خالد..انها المرة الأول التي أرى فيها دموعه..

منظر خالد وهو منكسر وحزين هكذا..اعتقد انني لن أنسى هذا المنظر ماحييت
.
.
.

بعد أسبوع..

استيقظت باكراً في هذا اليوم من أجل الذهاب لعملي..

لقد التأمت جراحي أخيراً..كم هو ممل البقاء على الفراش بدون أي عمل..

بت أشفق على سارة من هذا الفراغ الذي تعيش به...ليتني أستطيع أشغالها بأي شيء

لو أنني أتمكن من تسجيلها للدراسه..ولكن الآن بات الأمر صعباً..

فأنا لا أملك مايكفي من المال..ان كنت سأعالجها في الخارج سيتوجب علي توفير مصاريفنا قدر الأمكان..

لازال يتوجب علي دفع الايجار..بالاضافة لشراء الادوية..أدوية سارة باهضة الثمن..

بعد ارتدائي لمعطفي الطبي خرجت الى الصالة..كانت أمي تنتظرني مع جنى..سأعيدهم للمنزل ثم سأذهب لعملي..

ابتسمت: أرى أنكم قد جهزتم باكراً..

ضحكت جنى: لقد حرصت أمي على ايقاظي منذ الصبااح..لا نريد تأخيرك عن عملك..

نظرت الى أمي بضيق..لقد أصبحت أمي تتحدث معي بتحفظ منذ قمت بإهداء الأساور لسارة..

تمنيت أن تصرخ علي..ولكن الغريب بأنها لم تناقشني..

صمتها هذا يجعلني أشعر بالذنب..زفرت بضيق: احتاج لدعواتك أمي..

همست بدون أن تنظر الي: انا ادعو لك دائماً..

شعرت بالفرح لأنها اجابتني..ذهبت باتجاهها لأقبل رأسها,,

نزلت الى قدميها لتقبيلها ولكنها صرخت باستنكار: كلا يامروان..ارفع رأسك يابني..

نظرت اليها بعينين دامعتين: أحتاج لبركاتك أمي..لن أوفق بحياتي بدون رضاك عني..

تحسست وجهي لمسح دموعي: لا يوجد أم في الدنيا تغضب من ابناءها..أنا عاتبة عليك فقط..الحبيب يعاتب حبيبه أليس كذلك..

ابتسمت:أعذريني يا أمي..انا أكره كسر كلمتك..ولكن..

قاطعتني: لا تحتاج للتبرير..انت لم تخطئ بشيء..أتمنى لك التوفيق في حياتك..

ابتسمت بارتياح:سأعود حالاً..سأذهب لأطمئن على سارة..

أومأت برأسها بدون أن ترد,..

دخلت الى الغرفة فوجدت سارة تقرأ أذكارها..

التفتت الي بابتسامة:صباح الخير..ألم تذهب بعد؟؟

أومأت برأسي: أريد أن أعطيك الأدوية قبل ذهابي..

اجابت بتردد: ولكني أستطيع أخذها بنفسي..

غمزت لها: الا تدركين الأمر..أريد حجة لرؤيتك قبل ذهابي..

نظرت الى الأرض وهي تبتسم بخجل..

اتجهت نحو الدرج لأخرج الأدوية..ولكن..لفت انتباهي دفتر مذكرات سارة..

نظرت الى سارة بارتباك..هذا جيد لم تكن تنظر الي..

وضعت الدفتر بداخل معطفي ثم ذهبت اليها لأعطيها تلك الأدوية..

خرجت من الغرفة وأنا أدعو الله الا تلاحظ سارة اختفاء الدفتر..

أريد أن أعرف..مالذي قامت بكتابته في ذلك اليوم..

مالذي أزعجها لتفكر بالطلاق وقتها ياترى؟؟
.
.
.
مر أسبوع على رفعي لقضية الحضانة..

ستقوم هوازن اليوم بشرح قضيتها للمحامي عمار الذي قمت بتعيينه..أراد التحدث معها شخصياً..

كانت هوازن في غاية التوتر... لا ألومها.لابد أن تذكر تفاصيل طلاقها ليس هيناً..

انا أعلم أن المحامي سيطرح أسئلة قد تزعجها ..ولكني لم أعلم كيف اخفف عنها لذلك اكتفيت بالصمت..

حين قاموا بمناداة اسمها التفت الي ونظرات الخوف في عينيها...

امسكت يدها ثم همست لطمأنتها: سيكون كل شيئ على مايرام..

أومأت برأسها ثم وقفت لتدخل...اخذت نفساً عميقاً ثم التفتت الي:احمد..تعال وادخل معي..انا متوترة...

نظرت الى الشرطي الموجود على الباب: هل أستطيع الدخول معها؟

تلفت حوله ثم اجابني بتردد: اا..انتظر لحظة..

قالها ثم دخل الى الغرفة..خرج منها بعد عدة لحظات:لا بأس تستطيع الدخول..

زفرت هوازن بارتياح...

وقفت من كرسيي ثم أمسكت بيدها ودخلنا معاً لتلك الغرفة..

أشار المحامي الى الكراسي الموجودة أمام مكتبه: تفضلوا بالجلوس..

جلست على الكرسي ونظراتي مثبتة على هوازن ..لقد جلست على الكرسي المقابل لي..

كانت تنظر الأرض وهي وهي تشبك أصابعها..

نظر عمار الى الملف أمامه ثم رفع بصره الى هوازن: نعم يا سيدتي ..أنا اسمعك..

رفعت هوازن نظرها اليه ثم تحدثت بصوت ضعيف جدا:لا اعلم ..من أين أبدأ.

اتكأ عمار على الطاولة وهو ينظر الى هوازن باهتمام:مم اشرحي لي كيف كانت حياتك مع زوجك السابق..ماهو السبب في طلاقك..لماذا يصر على إخفاء ابنتك..والسؤال الأهم..لماذا لم تطالبي بالحضانة سوى الآن..

رفع كتفيه باستغراب: اعتقد أن الأمر غريب مطالبتك بحضانتها..اعني ان ابنتك في التاسعة عشرة من عمرها.

أبعدت هوازن بصرها عنه بدون أن ترد..هل كتفاها يرتجفان أم أنني أتوهم هذا..هل هي تبكي ياترى ؟؟

اردت التدخل حين طال صمتها..نظرت الى السيد عمار: صحيح انها في التاسعة عشرة..ولكن ابنتها مريضة..

التفت السيد عمار الي: اذا سمحت سيدي أريدها أن تتحدث هي..أن سألوها في المحكمة فلن يطلب أحد منك الحديث.اعذرني..

أومأت برأسي: لا بأس ..أنا اتفهم..

اعدت بصري الى هوازن بحزن...أرجوك يا هوازن..تشجعي قليلاً..

كانت تنظر الى النافذة الموجودة خلفي بشرود...شعرت انها في عالم مختلف..لاحظت تزاحم الدموع في عينيها..لابد أن تذكر الماضي صعب عليها..

تحركت شفتيها أخيراً لتنطق بصوت مرتجف:حياتي معه كانت أشبه بالجحيم..لا اذكر مرور يوم بدون شجار...كان يتفنن بتصيد الأخطاء لي..

بذلت كل جهدي لاسعاده...كنت استمع لانتقاداته بحرص..حاولت جاهدة تصحيح كل اخطائي لاسعاده ولكن دون فائدة..لم يشكرني يوماً على عمل قمت به..

وبالرغم من كل محاولاتي لاسعاده.لم يكن يبذل أي مجهود لاستقرار حياتنا..كان يريد كل شيئ..بدون أن يعطي أي شيئ..

وقبل أن أكمل الشهرين من زواجنا قام بضربي..وحجته بذلك بأن طهوي لم يعجبه..

خرجت شهقة منها ثم دخلت في نوبة بكاء مريرة..أردت التخفيف عنها .. شعرت بحقد شديد تجاه خالد..

قامت بأخذ المناديل الموجودة أمامها مسح دموعها..التفتت الى عمار : المعذرة..

أومأ عمار برأسه بتفهم..

أخذت نفساً عميقاً ثم تابعت حديثها:كنت مستعدة لتحمل أي شيئ سوى الضرب...أردت وقتها أن أخبر أبي بما يفعله ولكنني وقتها قد اكتشفت بأنني حملت بابنتي جمان..

قررت الصبر لأجلها.فقد فكرت بأنني في بداية حياتي الزوجية وأن حدوث مشاكل كهذه أمر طبيعي..

كنت أصحو كل يوم على أمل أن تتحسن أوضاعنا ولكن الوضع كان يسوء دائماً..أصبح خالد يكثر من السفر في الخارج..

لا يحب البقاء في المنزل وحين أطلب منه الاهتمام بي قيلا كان يخبرني بأنه يكره تدخلاتي بحياته..

صمت عن ذلك أيضا الى أن ولدت جمان..اصبحت جمان ضحكة حياتي ..

ترقرقت الدموع في عينيها:في المرة الأولى التي حملت بها جمان بحضني شعرت بأن كل مشاكلي تهون لأجلها

تلك البراءة في نظراتها.ابتسامتها وضحكاتها...جعلتني أنسى الدنيا..

كنت أحاول في البداية استجداء اهتمام خالد بي وبأبنتي ولكنني أصبحت أتجاهله فيما بعد....

لم يعد يهمني سوى ابنتي...

صمتت قليلاً ثم تابعت حديثها: بالرغم من أن خالد كان يهملها ولكني لا استطيع انكار محبته لها..لم يقم يوماً بإيذائها..فابنتي تستطيع امتلاك قلوب من حولها بتحركاتها..

كنت أحاول جاهدة تجنب المشاكل معه في وقت استيقاظها فقد قام بضربي يوما أمامها فباتت تخاف النوم وحدها..

تهدج صوتها:كان جحيمي معه يزداد يوماً بعد يوم ولم اكن اجد متنفساً سوى منزل جارتي أمل للتخفيف عن حزني..

وفي ذك اليوم..ذهبت لزيارة أمل..كانت جمان تلعب مع ابن جارتي يوسف في غرفته بينما اتحدث مع والدته..

كان كل شيئ يمر بشكل طبيعي الى أن طلبت من أمل أن تحضر جمان فقد جاء موعد عودة خالد من عمله..

انفجرت بالبكاء ثم تحدثت وسط شهقاتها: ولكن أمل ذهبت ولم تحضر جمان..

لم أستطع احتمال رؤية دموعها..امسكت بيدها ولكن بكاءها قد ازداد أكثر...قام عمار بإحظار قارورة ماء ثم قام بمدها الي..

شربت هوازن قليلا..ثم مسحت دموعها لمتابعة الحديث:حين أردت أخذ جمان كان يوسف يطرق باب الشقة بطريقة جنونية..قامت أمل بفتح الباب لأرى يوسف وهو يبكي وملابسه ملطخة بالدم..سألته عن جمان فأخبرني أنه وجدها ملقاة على الأرض مضرجة بدماءها..لا اعلم مالذي حصل لابنتي في ذلك اليوم..كان خالد قد نقلها للمشفى قبل أن أعلم بأمر الحادثة..

اتصلت عليه للاطمئنان عليها ولكنه قد صرخ علي واتهمني بالاهمال..

انتظرت عودته للمنزل لأطمئن على ابنتي ولكنه عاد الى المنزل بدونها...

وحين سألته عنها اخبرني أنه سيأخذني لرؤيتها..ركبت معه في السيارة ولكنه أوقفني عند منزل والدي....

وحين نزلت من السيارة..تحرك مسرعاً بدون أن يخبرني أي شيئ عن ابنتي..أرسل ورقة طلاقي..ذهبت لمنزله مراراً ولكنه لم يقابلني..

انتقل من المنطقة..اختفى تماماً..حاولت رفع قضية ضده ولكن بدون فائدة..كنت وحيدة.أبي رجل مريض ولم يستطع التصرف..بقيت بحسرتي لستة عشرة سنة..

علمت فيما بعد ان ابنتي في المشفى..

مسحت دمعة سقطت من عينها: لقد كانت ابنتي في غيبوبة طوال تلك السنوات..أصيبت في راسها لسبب اجهله..

رفعت بصرها الى المحامي: ابتي تبلغ التاسعة عشرة ولكنها تفكر كالأطفال..لازالت في الثانية من عمرها..ابنتي تحتاج الي..ولكن أبوها يبتزني لرؤيتها..

اشترط علي الزواج به من أجل رؤيتها..وقبل عدة أيام..حين ذهبت لمنزله تعرضت لطعنة لن انساها ماحييت..

عقدت حاجبي حين قالت هذا..عن أي طعنة تتحدث.
ن
ظرت هوزن الى عيني ثم تحدثت بصوت مرتجف:لقد اتهمني خالد في عرضي يا احمد..لقد اخبر والدته بأنني خرجت مع عشيقي تاركة جمان وحيدة في المنزل..لقد قام بتشويه سمعتي أمامهم.......

شعرت بالدم يفور بداخلي..صرخت بانفعال: لماذا لم تخبريني بهذا هوازن...كنت سأعلمه حدوده..

اجابت بصوت متهدج: لقد كنت مصدومة.لم أجرأ على أخبارك...أنا متعبة جداً يا أحمد......

قالتها ثم انفجرت بالبكاء...

وددت أن يكون خالد أمامي في ذلك الوقت..كيف يمكن لشخص أن يكون بهذه الدرجة من الحقارة..كيف يجرأ على اتهام ام ابنته بهذا الشكل.ان لم يكن أمرها يهمه.الم يفكر بابنته على الأقل؟؟

ألا يدرك أن سمعتها من سمعة أمها!!

نظر عمار الي: سيد أحمد..انه اتهام خطير..أن لم يكن يملك الاثبات فيحق لها رفع قضية شرف...

نظرت اليه بحدة:أنا أنوي هذا فعلاً..يجب أن يتعلم كيف يلتزم حدوده.

أومأ عمار برأسه:نعم ولكنها يجب أن تجد مايثبت كلامها أيضا.. يجب أن تجد من يشهد على هذه التهمة..

أومأت برأسي: أعلم هذا.

نظرت الى هوازن بحزن..الآن فقط ادركت سبب بكائها في ذلك اليوم..لولا انني أخشى من تأثر القضية..كنت سأحاسبك بنفسي يا سيد خالد..

سأنتشل جمان من بين يديك..فقد أثبت بجارة بأنك لا تستحقها.

نظرت الى عمار ثم قمت بتشغيل تهديده في ذلك اليوم..كما أنني قمت بتصوير الصفعة الموجودة على وجه جمان..سأبذل جهدي لأثبات حقارتك ياخالد..

ستعود جمان لأمها رغماً عنك..

بعد أن انتهى وقت الجلسة..ذهبت مع هوازن الى المشفى لرؤية ابننا ..اخبرني الطبيب أن وضعه أصبح مستقرا..فقد تجاوز مرحل الخطر..

بعد أن خرجنا من المشفى ذهبنا معاً الى المطعم الذي حضرنا اليه في يوم زفافنا..اردت تخفيف الحزن عن هوازن فقد كان يومها صعبا..

لم يهنأ لي بال حتى رأيت الابتسامة ترتسم على شفتيها..

أريدك أن تكوني قوية و سعيدة دوماً يا هوازن..لقد قطعت وعداً على نفسي بأنني لن أراها تبكي بسبب خالد ..

أبداً..
.
.
.
عادت أم مروان الى منزلها اليوم..فقد تعافى مروان أخيراً وعاد لعمله من جديد..استطيع القول بأن حياتنا ستعود كما كانت..

ولكنني فكرت بكلام مها جيداً..حقاً..يجب أن أتعلم الاعتماد على نفسي..لن أسمح لهذا الكرسي بإعاقتة حركتي..

سأثبت لعمتي بأنني زوجة صالحة لابنها..سأبذل جهدي لتعلم ممارسة حياتي بصورة طبيعية..

لن أسمح للأحباط بالسيطرة علي مجدداً..

بعد أنتهائي من صلاة المغرب..بدأت بترتيب المنزل..

لم يكن المنزل في حالة فوضى كبيرة فقد قامت والدته بالتنظيف قبل خروجها..

قررت طهو العشاء اليوم.. كنت معتادة على الطهو لأخوتي قبل مرضي..

هه في الحقيقة.لقد اعتدت على الدلال منذ زواجي..فأنا لم أفكر يوماً بدخول المطبخ..

ولكني منذ اليوم سأبدأ بتغيير نظامي.

دخلت الى المطبخ أبحث عن أي شيء لأطهوه ولكن لم أجد سوى بعض المكرونة.

يجب أن أخبر مروان بهذا..كيف سأطهو بدون توفر المقادير؟؟

بعد التفكير..قررت صنع المكرونة بالجبن..فهي الشيئ الوحيد الذي سأتمكن من طهوه بالمقادير المتوفرة..

بدأت الطهو فوراً..واجهت صعوبة كبيرة في الحقيقية ولكن الأمر كان ممتعاً....

شعرت بانجاز عظيم بعد انتهائي من الطهو..سمعت صوت المؤذن معلناً دخول وقت صلاة العشاء..فذهبت لأصلي..سيعود مروان بعد ساعة تقريباً..

بعد انتهائي من الصلاة..فكرت بالمكان المناسب للأكل..بالرغم من اننا نأكل بغرفتي عادة..ولكن في الفترة الأخيرة..حين مرض مروان كنا نأكل بغرفته..

أحترت كثيراً .. أين أضع العشاء.

فكرت بتفقد غرفة مروان..حين فتحتها...شعرت ببعض الارتباك..فأنا لست معتادة على دخول غرفته في غيابه..

لقد كانت الغرفة في حالة فوضى بعض الشيء..السرير مبعثر..وملابسه التي كان يرتديها ملقاة على الأرض..

قمت بفتح التكييف لتبريد الغرفة ثم حملت ثيابه الملقاة..

بعد ذلك ذهبت لترتيب السرير..واجهت بعض الصعوبة بذلك فسريره مرتفع قليلا..

صعدت على السرير لأثبت البطانية بشكل جيد...وقبل أن أنزل..

اغراني منظر الوسادة..تحسستها بيدي..وحين شعرت بنعومتها لم أستطع مقاومة وضع رأسي عليها..

لقد كنت مرهقة جداً من تنظيف لمنزل..واسترخاء جسدي على ذلك السرير المريح مع برودة التكييف..جعلتني وبدون أن أشعر..اغط في نوم عميق..
.
.
.
جلست مع أمي لتناول العشاء...أشعر بضيق شديد اليوم..

لقد اتصل خالي أحمد بأمي وأخبرها أن حالة الخالة هوازن النفسية قد تدهورت..

كانت أمي تتحدث معي بضيق وصدري يضيق معها أكثر فأكثر..

لقد عاد إلى صدري ألم قد تناسيته منذ زمن طويل..

شعور مؤلم بالذنب..لا أعلم كيف أتخلص من هذا الشعور المزعج..

زفرت أمي:أنا أشفق كثيراُ على المسكينة هوازن..أنا أيضاً أشعر بالضيق يوسف..أنا متأكدة أنها لم تبك بسبب طلاقها..

لقد بكت بسبب تذكرها لحالة جمان..لقد كانت جمان طفلة ذكية..كنت أخبر هوازن بأنها ستكون ذا شأن عندما تكبر أما الأن..

قاطعتها بضيق: وماهي حالتها الآن..أنها بحال جيدة..

مطت أمي شفتيها: أنت تعلم هذا أكثر مني يا يوسف..اعني..حالتها العقلية..

ألقيت الملعقة على الطبق وأنا أغمض عيني بكل قوتي في محاولة مني للسيطرة على دموعي..تحدثت بحدة: حالتها العقلية ممتازة..كل مافي الأمر أنها لم تواجه خبرات في حياتها..انها بريئة..هذا هو الأمر فقط..

فتت عيني ببطء لأنظر الى أمي مجدداً..كانت تنظر الي بصدمة:ما الذي حدث يوسف..هل أنت بخير؟؟

أومأت برأسي بالإيجاب: أنا بخير..

تابعت أمي حديثها بضيق: أنا أتفهمك..

رفعت نظري اليها..ليتك تتفهمين يا أمي..لا أحد يدرك الألم الذي أشعر به..لن يفهمني أحد أبداً..

حين رأت أمي صمتي أردفت بتردد:ان تذكر ذلك اليوم صعب علي أيضا يا بني..لقد كنت أيضاً شاهداً معي على الحادثة..ولكن ماذا نفعل..انه القدر...

وقفت من الطاولة: الحمد لله...

نظرت أمي الي باستغراب:الم يعجبك الطعام..لم تأكل جيداً..

قبلت رأسها: اعجبني كثيراً يا أمي..ولكني أكلت لأجلك فقط..أشعر بالنعاس..اعذريني..

قبلت يدها: تصبحين على خير..

ابتسمت أمي لي: تصبح على خير.ليحفظك الله يا بني..

آآخ يا أمي أحتاج لدعواتك كثيراً..

دخلت الى غرفتي محاولاً النوم..ولكن هيهات..لم أستطع ذلك..عاد منظر جمان وهي محاطة بدماءها الى ذاكرتي..

حاولت اقناع نفسي بأنه القدر ولكني لم أتمكن من الراحة..لا ينفك هذا الألم من ملازمتي..

الهي لقد تعبت..أريد أن أرتاح..

متى سأتخلص من هذا الألم..

متى سأتوقف عن التفكير بك يا جمان..
.
.
.
(مذكرات قيد النسيان..
هذا هو الاسم الذي اختاره الدكتور مروان لهذا الدفتر..
يقول ان كتابتي لألمي سيساعدني على نسيانه..ولكن ألمي أعظم من أن ينسى بشخبطة على الورق.
انه لا يدرك مقدار المي..
يوجد في الجزء الذي نعرفه من الكون الكثير من الظلم...
وغالباً ما يعاني الطيبون..وغالباً ما ينجح الأشرار..
في حين أنني فقدت قدرتي على المشي..يبقى نادر في تلك المشفى بدون أن يحاسب..
أنا هنا أعاني ليل نهار..اعاني من مرضي الذي يسوء..واعاني من كوابيس لا تنتهي..
عقلي يرفض نسيان ماعانيته في تلك المشفى..
أكره المستشفيات..واكره الأطباء ..انهم وحوش بشريه..فتكت بي حتى بت بحالة يرثى لها..
لقد تم تكذيبي.لقد اتهمت بالجنون لأنني حاولت المحافظة على شرفي فقط.
وفوق كل هذا تريديني أن أنسى يادكتور مروان؟..
أم يجب أن أقول زوجي..
كلا ..انه ليس زوجي.انه مجرد طبيب..طبيب يحاول القيام بعمل انساني عن طريق مساعدتي..
أي زواج هذا بدون احتفال؟؟
هل هناك فتاة تزف بدون أن ترتدي ذلك الثوب الأبيض؟؟
لقد ذهبت لمنزله وكأنني اذهب لمكان اعدامي..لقد اهدرت كرامتي..
اخبرتني والدته أنه يشفق علي....
منذ كنت طفلة وأنا احرص الا اثير شفقة أحد...
بالرغم من أنني كنت يتيمة الا انني لم أكن أشكي حالتي..
شعرت دوماً بأنني فتاة يعتمد عليها..ولكن الآن فقط شعرت بيتمي..
أنا احتاج اليك أبي..ابنتك ظلمت كثيراً..أريدك أن تكون معي..
لقد علمتني أن أبقى شامخة دائماً.ولكنهم كسروا شموخي يا ابي.
كنت أحافظ على كرامة بدون فائدة..
ها أنا ذا.أقابل الدكتور مروان ليل نهار وهو يشفق علي..أريد أن أموت لأرتاح..
أريد أن أموت..)

بقيت انظر الى الصفحة بذهول بعد أن قرأت كلماتها..لم أكن أعلم أن سارة تنزعج من اهتمامي بها.

لم أكن أعلم ان عدم احتفالي بزفافنا قد أثر بها لهذه الدرجة..

زفرت بعمق ثم قمت بفتح الصفحة التي تليها..

(أنا أحبه..أحبه حقاً..لماذا أحببته.انه لا يريدني..الا يكون حبي لزوجي أمراً طبيعياً؟؟
أصبحت أشتاق اليه عند غيابه..أسعد عند سماع صوته..انتظر عودته الى المنزل بفارغ الصبر..
ولكن..أنا لا يحق لي أن أفرح بهذا..فأنا بالنسبة له...مجرد مريضة يشفق عليها..
انه لا يتحدث معي حتى..يكون حديثه مقتصراً على أدويتي ..أو يتحدث عن أمر القضية..
لقد بت أختنق حين يخبرني عن القضية...لقد عاد بالأمس وهناك فج في رأسه.
أنا متأكدة أن نادر وراء هذا الأمر ولكنه اخبرني انه سقط من الدرج..
انه يكذب.انا اعلم هذا..
ليت قلبي الأحمق يدرك الأمر..
أنا ومروان..من المستحيل أن نعيش معاً بصورة طبيعية..
يقال بأن الحب شعور جميل..
ولكنني أعتقد أن الحب مؤلم..مؤلم لأقصى الحدود..
أريد أن أنسى مروان..أريد أن أنسى حبي له...
أنا مريضة ..وهو طبيبي..هذا ما يربطني به فقط..))

أطرقت لفترة بعد أن قرأت كلماتها هذه..صدمت كثيراً من تفكيرها..أنا فاشل في فهم النساء ..

في الحقيقة..أنا لا أعلم ماهو مفهوم سارة للحب..

ولكن بالنسبة لي...الاهتمام..الرحمة..المودة..هذا هو الحب..

الحب ليس كلمة تقال..

الحب اهتمام..قبل أن يكون كلام..

لقد كانت هناك الكثير من الحواجز بيننا بسبب ظروف زواجنا..لم ارد اجبار سارة على شيء تكرهه..

لقد كانت محبطة نفسياً..كما أنها كانت تدعوني بالدكتور مروان لفترة طويلة..

في كل مرة كنت أفكر بها بالتقرب اليها اكثر كانت تذكرني بها بأنني متزوج بها لمساعدتها على قضيتها فقط..

اعترف انني في بداية زواجي كنت أفكر بالافتراق عنها بعد انتهاء فترة علاجها..

ليس تقليلاً من شأنها..ولكن سارة صغيرة وجميلة..اعتقدت انها مجبرة على الزواج بي فقد بكت كثيراً في يوم زفافنا..

ولكن الآن الأمر مختلف..

لم أعد أتصور حياتي بدونها..

قمت بفتح الصفحة التالية لأرى جملة واحدة قد تكررت في عدة صفحات(مروان يجب أن يتزوج)

وقتها أدركت سبب غضبها..لقد أخبرتني أنني لم أكن مجبراً على اخبار أمي بأمر زواجي..

يبدو أن أمي قد أخبرتها أنها تنوي تزويجي بخلود.....

أغلقت الدفتر ثم زفرت بضيق. لم أرد أن أكون جزءاً سيئاً في ذاكرتها..لم ارغب يوماً في التسبب بإزعاجها..

يجب أن نتحاور معاً في هذا اليوم..

سنبدأ معاً..صفحة جديدة..بعيداً عن كل المشكلات التي واجهتنا..

بعد انتهاء وقت عملي.. ذهبت الى السوق لشراء هاتف من أجلها..لقد لقنت درساً مما حدث في ذلك اليوم..

عدت الى المنزل بعد أن قمت بتغليفها..

ان كانت سارة لا تستطيع ادراك حبي عن طريق الاهتمام..فليكن ما تريد..سأخبرها بمشاعري بكل وضوح..

ذهبت بهدوء باتجاه غرفتها ولكنني لم أجدها..تعجبت من ذلك كثيراً..

غريب..اين ذهبت يا ترى..

بدأت اتلفت حولي وانا اهتف باسمها: سارة..سارة..

فتحت باب غرفتي..فتوقفت عن مناداتها متعجباً مما أراه أمامي..لقد كانت سارة نائمة على فراشي!!

فتحت الباب أكثر فأصدر صوت صرير مزعج استيقظت سارة على اثره..

جلست على السرير مسرعة ثم بدأت تتلفت حولها بارتباك وهي تردد: مروان..انا..انا.. لم أقصد ..

انزلت قدميها عن السرير وهي تحاول الوصول الى كرسيها ولكنها سقطت أرضاً..

أسرعت بخطواتي باتجاهها...ثم امسكت بها لمساعدتها على الوقوف: هل أنت بخير.؟؟

رفعت بصرها الي..لارى تلك الدموع وهي متزاحمة في عينيها..

تألمت من رؤية دموعها..سألتها بخوف: هل تألمتي؟؟

اجابت بصوت متهدج:أنا..كنت أقوم بترتيب الغرفة فقط.

عقدت حاجبي:ماذا؟؟

تابعت حديثها بارتباك: لقد قمت بالطهو اليوم..ثم أتيت لترتيب غرفتكك..لهذا كنت مرهقة فغفوت بدون أن أشعر.

اسبلت أهدابها ثم اغمضت عينها بكل قوتها وهي تهمس بخجل:انا اسفة.

شعرت برغبة في الضحك حين ادركت سبب دموعها..ولكنني حاولت التماسك كي لا احرجها أكثر..همست بهدووء:لا يوجد أي داع للاعتذار انه منزلك ويمكنك النوم في أي مكان تريدينه..

رفعت بصرها الي سريعا: ولكنني لم أتعمد..أقسم بهذا.

حاولت تغيير الموضوع وأنا أضعها على كرسيها:تقولين انك قمت بالطهو اليوم.. انا متحمس جداً لتذوق أطباقك..

ابتسمت وهي تمسح دموعها: اردت الاعتماد على نفسي..ولكن المنزل ينقصه بعض الحاجيات..لقد طهوت المكرونة أتمنى أن تعجبك..

ابتسمت لها: ان كانت من صنع يدك فأنا واثق من أنها ستعجبني..

احمر وجهها خجلا فاتسعت ابتسامتي وانا اراها بهذا الشكل..

احب رؤية خجلها كثيراً.

هل هناك فتاة مثلها في هذا الزمن؟؟

لقد امتلكت سارة قلبي ببراءتها..

قمت اليوم بالبحث في أمر علاجها في المانيا..سأحاول السفر معها في أقرب فرصة ممكنة..

سأقيم لها حفلا بعد علاجها للتعويض عن حفل الزفاف الذي فاتنا الاحتفال به.

سأحرص على اسعادها ..لن أسمح لشعور النقص بالتسلل اليها من جديد..

كنت في ذاك اليوم قد اتخذت العديد من القرارات..

اردت أن يكون ذلك اليوم نقطة تحول في حياتنا...

أردت أن أعيش معها حياة أفضل..

اردت أن أعالجها...أردت رؤيتها وهي تمشي مجدداً...

أردت مساعدتها في نسيان الصعوبات التي واجهتها...

أردت أن أكون شيئاً جميلاً في حياتها..

أردت ذلك من كل قلبي..

ولكن..

أنت تريد.. وأنا أريد.. والله يفعل ما يريد..

لم أتمكن من تحقيق أي شيئ..

ففي تلك الليلة ..

استقرت طفلتنا في رحمها .. و انقلبت موازين حياتي ..

Continue Reading

You'll Also Like

11.6M 919K 70
صرت اهرول واباوع وراي شفت السيارة بدأت تستدير ناحيتي بمجرد ما يجي الضوء عليه انكشف أمامهم نجريت من ايدي وگعت على شخص ردت اصرخ سد حلگي حيل بعدها أجان...
24.9K 426 13
قصة فتاة اسمها وفاء .. مبنية على احداث قصة حقيقية .. تمت معالجتها ..
7.2M 355K 71
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...
84.2K 3.6K 27
«امات الحب عشاقا وحبك انتي احياني » جميعنا نعلم ان الصداقه علاقه عظيمه لكن هل توجد صداقه تصل لهذا الحد ؟؟ ان يضحي اخ بأخته !! من اجل صديق قصه تتداو...